تخوف الدكتور حسن الترابي، الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض من تغيير في السودان يؤدي إلى الفوضى، وحذر من وقوع «ثورة جياع» في السودان، وقال: «أنا خائف على السودان». واعتبر الترابي في لقاء مع مجموعة من الصحافيين أن التغيير في السودان يحتاج إلى «منظومة» و»قيادة» للانتقال من نظام لآخر، حتى لا تقع «فوضى»، ورأى أن الأزمة الاقتصادية في البلاد ستتفاقم بعد 9 يوليو المقبل (موعد انفصال الجنوب) بعد فقدان عائدات النفط المنتج من الإقليم، وستلقي بظلالها على الشعب وتقوده للمطالبة بالتغيير. وأكد الترابي في رده على سؤال من «العرب» إن كانت مخاوفه تعني عدم حماسه للتغيير أنه مع التغيير، لكنه يخشى من تغيير «غير منظم» قد يفضي إلى «فوضى» في ظل المظالم والمطالب في كل السودان. وقال الترابي: إن حل أزمة دارفور ممكن إذا ردت إليها حقوقها، وزاد: «إذا صلحت دارفور صلح السودان»، واعتبر الحلول الجزئية لن تنهي الأزمة. وقال إن حل «مسألة أبيي» يكمن في «بروتوكولها» وفي هذا الصدد كشف عن مبادرة للحل قبل التصعيد الأخير في المنطقة، وذلك من خلال «ورقة» قدمتها مجموعة من القادة تقترح جعلها منطقة تمازج، لكن الحكومة رفضتها، لأنها خرجت من «بيته». وأكد الدكتور الترابي أن السودان بلد لا مركزي وهش تحفظ وحدته أسس قبلية، وليس هنالك دستور دائم منذ استقلاله، وفيه مظالم ومطالب في كل الأقاليم مع غياب الحريات، وأشار إلى وجود نزاعات مسلحة وقوة طاردة وطوائف وأحزاب شرق وغرب، وقال إن السودانيين يحتاجون لحرية حقيقية وانتخابات وانتقال سلمي للسلطة، وحاليا لا توجد حريات ولا قضاء مستقل، ولا فصل بين السلطات، وأضاف: يتحدثون (الحكومة) عن حرية الصحافة والتعبير وفي الواقع تواجه التعطيل وتكميم الأفواه، ورأى أن الحرية الصحافية معناها أن تكتب ما تشاء، وتصدر صحيفتك دون ترخيص، وأن حرية التعبير أن تقول ما تشاء وما تؤمن به، وأن تكون لك حرية التنظيم وحرية التجمع والسير في الشارع دون قيود أو اعتقالات، ومن يتضرر فعليه اللجوء إلى القانون ولكنهم يتحدثون عن استقلال القضاء وهو ليس كذلك وهذا الحديث لا يسنده الواقع، وتابع: كنت وراء فكرة المحكمة الدستورية لتفصل بين سلطات المركز والأقاليم، ولكنها باتت اليوم فكرة بلا مضمون ولا استقلالية، وقال: هذه كلها أسباب تدفع للتوجه نحو التغيير. وذهب الترابي إلى أن الثورات العربية وشعارها «الشعب يريد إسقاط النظام» فجرها الشباب، ولم تفجرها الأحزاب، والثورات عندنا في السودان كانت مركزية وصفوية، وتخرج من جامعة الخرطوم، كما حدث في ثورتي أكتوبر 1964 وأبريل 1985، وقال إن السودان لن يسلم مما يجري في المنطقة العربية، فالسودان بلد متباين الأقاليم والأقوام، ولم يقم على إطار سليم منذ الاستقلال، بل ظل يقوم على حكومة واحدة بل «فرد» واحد. وأكد الأمين العام للمؤتمر الشعبي الذي خرج مؤخرا من السجن أن السودان لا يمكن حكمه إلا بالحريات وبسطها على كل الناس للتحرر من العصبية، ويمكن أن يحدث تغيير، ليس على غرار ما حدث في المنطقة، وأكد على ضرورة وجود عوامل جديدة و»منظومة» و»قيادة» للانتقال من نظام لآخر، حتى لا تحدث فوضى. ورأى الترابي أن الأزمة الاقتصادية في السودان ستكون خانقة بعد 9 يوليو بفقدان عائدات النفط المنتج من الجنوب، وضنك العيش، ونحن لا نيأس من التغيير، لكن لا بد أن نتحسب ل «المخاطر»، وأضاف : لابد من عوامل جديدة، لأن ثروات وقدرات السودان معطلة، حتى يكون التغيير قوميا، والوضع الراهن أن النظام لا يدرك مخاطر سياساته التي مزقت البلاد، وانفصال الجنوب على الأبواب، ولا نريد أن يتجه النموذج شرقا وغربا، واستطرد: أهل الحكم يتلاومون، فحتى»المشروع» سيرته ضالة، والضعف باد عليه، والقوى السياسية ليست لها قواعد بل باتت اتجاهات، وليس هناك «مد» من القواعد، فبعض القوى «تراضي» و»تلاطف»، ولذا فإن أي تغيير نتوقع أن تكون له تكاليف في مواجهة الجبروت، والقلق من الانزلاق إلى فوضى، لأن السودان في حاجة إلى «انتقال منظم» للسلطة. وقطع الترابي بأن التغيير القادم، خلافا لأكتوبر وأبريل سيكون صعبا وعاما، وأضاف: «إذا لم نتدبر الأمر، فالسودان سيكون مهددا بمشاكل كثيرة، وإنه من الصعب التنبؤ بالثورات، لأنها تتداعى (وتقوم فجأة)، والشعب يخرج، والخطوة تحتاج لمنظومة متكاملة للانتقال من نظام إلى آخر، وأضاف أن التغيير باتت قضية عامة، وتهم القوى السياسية، كما أنها قضية شعب وبلد، والتغيير لن يكون في الخرطوم وحدها، بل في السودان كله. وفي سياق آخر، قال الترابي إن انفصال الجنوب بات واقعا، حيث وقعت القطيعة، ولا يزال يحدونا الأمل في الحفاظ على «البلد الكبير»، وإن كان الأمر «إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، ولكن سنفقد جزءا منه، وهذا الأمر ستكون له تداعياته، ونعول على التعايش السلمي، وألا تكون الحدود سببا للقطيعة، ولفت إلى أن هناك حراك مصالح لملايين من البشر على طول الشريط الفاصل بين الجنوب والشمال وتربطهم مصالح ومصاهرة، وقال: «لا نريد أن يحدث ذلك «شرقا» و»غربا» وتابع: أزمة «أبيي» ردتنا إلى القوى الدولية، والجنوب أشرف أن يكون دولة، والمسألة أصبحت أشد «عسرة»، ولم يقتصر الخلاف على المداولات، فوقع بين الأطراف خطايا، استفزت «السلطة»، وهي جنحت إلى «القوة»، والحل موجود بين أيدينا في «برتوكول أبيي» وقرار محكمة لاهاي التي لجأنا إليها، وسبق أن تم إعداد «ورقة» لحل المسألة قبل التداعيات الأخيرة، وذهب بها نفر إلى أهل السلطة، ولكهنا رفضت بعد أن علموا بأنها خرجت من «بيتي»، وكنت فردا من بين أولئك النفر الكريم، ولو أنهم درسوا لكان الحل بين يديهم، وهو حل يسير يجعل التعايش بين أهلها مستداما، وهم من يحددون مستقبلها، ونريدها منطقة تمازج تربط الشمال بالجنوب، وتكون نموذجا للتعايش السلمي، وهناك ملايين من البشر يتحركون على حدود طويلة. ورأى الترابي أن السلطة لم تعتبر مما حدث في الجنوب في معالجتها لأزمة دارفور، وقال إن القوة ليست مجدية، والكره لا يجمع بل يفرق، وتأزمت بسبب سياسة فرق تسد، فإن تفرق أهلها فإن الجنوبيين كانوا يدا واحدة، وأشار إلى أن في دارفور قوتين مقاتلتين حركة تحرير السودان والعدل والمساواة. وقال: الحل ينبغي أن يكون جذريا لأسباب النزاع، ومعالجة المظالم والاستجابة إلى المطالب، ورد الحقوق لأهلها، وتابع: لن يجدي الحل الجزئي، والتجارب ماثلة أمامنا، وأكد على ضرورة بسط الحريات، ومعالجة أوجه القصور، ولا مركزية الحكم، وقال إن دارفور قوة تمثل ربع سكان السودان (8 ملايين) وبها قوى بشرية منتجة وقوام قواتنا المسلحة على مر التاريخ، وأضاف: إذا صلحت دارفور صلح السودان، وشدد على ضرورة حل شامل لسلام دائم ينهي الأزمة الإنسانية، ويحفظ الحقوق ويرفع المظالم ويستجيب للمطالب.