«تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    المريخ يكسب تجربة البوليس بثلاثية و يتعاقد مع الملغاشي نيكولاس    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    ((سانت لوبوبو وذكريات التمهيدي يامريخاب))    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجيش الليبي.. من الدفاع إلى الهجوم
نشر في السودان اليوم يوم 27 - 04 - 2015

تشتت الميليشيات على ساحات القتال.. والمتطرفون ينفذون عمليات انتقامية
القاهرة: عبد الستار حتيتة
رغم نقص السلاح والذخيرة فإن الجيش الليبي تمكن من أخذ زمام المبادرة في حربه ضد المتطرفين، وتحول من الدفاع إلى الهجوم، مما أدى إلى تشتت الميليشيات، وقيام المتطرفين بتنفيذ عمليات انتقامية. وبعيدا عن طاولة الحوار الذي تشرف عليه الأمم المتحدة، وما يكتنفه من غموض وعراقيل، يكثف الجيش الذي يقوده الفريق أول خليفة حفتر من عملياته على الأرض في سباق مع الزمن، وذلك في محاولة لإنقاذ البلاد من شبح التقسيم والانهيار.
وفي المقابل، بدا أن قوات المتطرفين، المنتشرة في عدة مدن، بدأت تفقد التحكم في زمام الأمور وتتجه إلى الضرب العشوائي، بعد أن تمكن الجيش من دخول مناطق كانت تسيطر عليها الميليشيات المسلحة، والسيطرة على خطوط إمداد وعدة طرق، والدخول إلى «ضواح ملغمة» في بنغازي وطرابلس.
حتى وقت قريب، كانت قوات المتطرفين تعمل تحت قيادة موحدة، ممثلة في شخصيات متشددة من جماعة الإخوان المسلمين التي يعود أصول أغلبها إلى مدينة مصراتة، الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر إلى الشرق من العاصمة طرابلس. وفي هذا الصدد يقول مصدر عسكري ليبي إن «الوضع تغير بشكل لافت بعد حملات الجيش التي بدأت ضد الميليشيات منذ الصيف الماضي حتى الآن.. وبشكل متزايد ومنضبط ومدروس. وهذا أدى إلى ظهور خلافات وانقسامات بين قادة المتشددين.. وهذه نقاط إيجابية لصالح القوات المسلحة».
ويسود اعتقاد بين عدد من القادة العسكريين الليبيين بأن تقدم الجيش على عدة جبهات أسفر عن إرباك المتطرفين، وذلك وفقا لأحد المستشارين المقربين من حفتر، والذي أضاف موضحا «التفجيرات والذبح وتسهيل الهجرة غير الشرعية، أعمال يقف وراءها المتطرفون لكي يبعثوا برسالة للعالم من أجل مساندتهم ضد قوات الجيش. إنهم يقدمون أنفسهم تحت مزاعم تقول إنهم قادرون على محاربة تنظيم داعش، ووقف الهجرة غير الشرعية. ونحن نعلم أن بعض هؤلاء القادة تحدثوا مع ممثلين للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وقالوا لهم أوقفوا عمليات الجيش ضدنا وساندونا لكي نحارب (داعش) ونؤمِّن السواحل».
ويبدو أنه كلما أحرزت القوات المسلحة تقدما على الأرض في حربها ضد المتشددين، ظهرت مشكلة كبرى مثيرة للاهتمام المحلي والدولي في هذا البلد الغارق في الفوضى. فبعد أيام من اقتراب الجيش من محاور مهمة في العاصمة طرابلس التي تسيطر عليها قوات ما يعرف باسم «فجر ليبيا»، والتي يقودها الإخوان، استيقظ العالم على حدثين مفجعين.. الأول إعلان «داعش ليبيا» عن ذبح 28 إثيوبيا مسيحيا، والثاني غرق نحو 800 مهاجر غير شرعي في البحر المتوسط بعد انطلاقهم من الساحل الليبي.
وفي هذا الصدد قال ضابط سابق في الجيش، يقدم في الوقت الراهن استشارات عسكرية للسلطات الجديدة، إن «من يقف وراء التفجير الذي وقع قبل يوم أمام مقر السفارة الإسبانية في طرابلس، هي تلك الجماعات التي تشعر بالخسارة، وهي قوات المتطرفين المدعومة من (فجر ليبيا)، والإخوان في الأساس. ومثل هذا الأمر حدث عدة مرات من قبل. وكلما سددت القوات المسلحة ضربات لمعاقل المتشددين، ردوا بذبح الناس وتفجير السيارات المفخخة، كما جرى في مدن القبة والبيضاء وبنغازي في الشهور الماضية. والآن بدأ العنف في طرابلس، وأيضا في الجنوب لأن الجيش يتقدم بقوة على هذين المحورين.. وهذه جرائم يتحمل مسؤوليتها قادة فجر ليبيا، وفقا للمستشار العسكري».
ومنذ أن بدأت الأمم المتحدة، عن طريق ممثلها في ليبيا برناردينو ليون، الحوار بين الليبيين أواخر العام الماضي، والجيش ينظر بتشكك لجدوى هذه اللقاءات التي جرت في جنيف والجزائر والصخيرات بالمغرب. ولذلك توجد علامات استفهام كبيرة بشأن إصرار ليون على ضم قيادات يعرف بأن لها تاريخا من الإرهاب والعنف، إلى طاولة الحوار.
ويشكو القادة العسكريون من تعسف المجتمع الدولي ضد الجيش بسبب الاستمرار في فرض الحظر المطبق من الأمم المتحدة على تسليحه، بينما المطلوب منه، من جانب، بناء قدراته التي تضررت بشدة أثناء الحرب ضد قوات معمر القذافي في 2011، ومن جانب آخر، العمل على بسط الأمن والاستقرار في عموم البلاد. وبهذا الخصوص يقول المستشار العسكري ذاته «يمر الجيش بمنعطف خطير يتعلق بنقص في الأسلحة والذخيرة. وأنا لا أقول إن هذا الأمر قد يؤدي إلى انتكاسة في العمليات العسكرية لكنه يقيد الجيش، ويؤخر الحسم ضد قوات الميليشيات، بينما نحن نستعد لمعركة طرابلس من أجل طرد المتطرفين منها».
وفيما يتعلق بتطور العمليات في بنغازي، تشير المصادر إلى أن مجموعات من المتطرفين ممن يسمون «مجلس شورى ثوار بنغازي» ما زالوا يتحصنون في بعض جيوب المدينة بمنطقتي الليثي والصابري، وأن الجيش مصمم على طردهم خارجها، ولهذا خاض خلال اليومين الماضيين معارك ضارية رغم نقص الذخيرة، أسفرت عن تصفية 5 من قادة الإرهابيين، بينما خسر الجيش 7 من جنوده.
ولم يسلم سكان العاصمة الليبية نفسها من هجمات المتطرفين، حيث أطلقوا الرصاص الحي على المتظاهرين المؤيدين للسلطات الشرعية في عدة مواجهات، جرت في ضواحي طرابلس خلال الأيام الماضية. وفي يوم الاثنين الماضي أعلنت مجموعات من الشبان في ضاحية فشلوم، وسط العاصمة، رفضها لحكم الميليشيات، وأعلنت تأييدها للجيش الوطني والبرلمان الشرعي الذي يدير جلساته من بلدة طبرق في شرق البلاد، فما كان من الميليشيات إلا أن أطلقت النار على هؤلاء المتظاهرين، مما أدى إلى مقتل أكثر من 20 شخصا وإصابة عشرات آخرين، واعتقال أعداد غير معروفة في ضواح مجاورة.
ويسيطر المتطرفون المدعومون من قوات «فجر ليبيا» على عدة مناطق في طرابلس، منها سوق الجمعة، وحي أبو سليم. وقد تكونت «فجر ليبيا» في بداية الأمر من مجموعات من المسلحين خلال النصف الأول من العام الماضي، بإيعاز من «ثوار مصراتة» الذين احتفظوا بأسلحتهم الخفيفة والثقيلة عقب مقتل القذافي، وقاموا منذ ذلك الوقت بالتمركز في المناطق الشرقية من العاصمة. وقد كان الهدف من تشكيل «فجر ليبيا» طرد منافسين لمقاتلي مصراتة وشركاء سابقين لهم في الثورة ضد القذافي من العاصمة، وهم «ثوار الزنتان»، الذين كانوا يحرسون الجانب الغربي من العاصمة. وقد بدأ القتال الشهير بين الجانبين، وجرى خلاله تدمير مطار طرابلس الدولي في مشهد مأساوي الصيف الماضي. لكن في ذلك الوقت لم تكن قوات الجيش قد دخلت على خط المعارك في المناطق الغربية بعد. وهنا استغل القادة المتطرفون من جماعة الإخوان و«الجماعة الليبية المقاتلة» ومتشددون آخرون هذا الانتصار، وبدأوا في تشكيل حكومة موازية في العاصمة، والإعلان عن رفض البرلمان الشرعي والحكومة المنبثقة عنه، والجيش الذي يقوده الفريق حفتر.
وهكذا تحولت «فجر ليبيا» من قوة تريد إعادة التوازن بين الميليشيات في العاصمة، إلى قوة تسعى للسيطرة على حكم ليبيا. وفي هذا الصدد يقول أحد نواب البرلمان الليبي إنه في هذا التوقيت، أي في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، بدأ مبعوث الأمم المتحدة الدعوة للحوار بين الليبيين، بينما كان ينبغي عليه الضغط من أجل رفع الحظر عن تسليح الجيش. وهذا الطريق ثبت أنه يصب في صالح خطط المتطرفين. ويمكن القول إن هؤلاء القادة المسؤولين عن الفوضى يحتمون بالأمم المتحدة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
ومن المقرر أن تستأنف اللقاءات بين أطراف الأزمة الليبية في الصخيرات برعاية السيد ليون خلال الأيام المقبلة، وفي هذا الشأن قال أحد القادة العسكريين إن «الحوار الذي كان يتجاهل مكونات رئيسة في ليبيا، وعلى رأسها الجيش والقبائل الكبرى، أصبح يتحدث في الفترة الأخيرة عن ضرورة إشراك هذه المكونات في الحوار، والتشاور معها عن مستقبل إدارة البلاد. وهذا تحول مهم يرجع الفضل فيه إلى تحالف أبناء القبائل مع الجيش، وهو تحالف بدا أنه يؤدي إلى إضعاف موقف المتطرفين التفاوضي».
ومعلوم أن البرلمان الشرعي يشارك في المفاوضات الأممية بشأن ليبيا، منذ البداية، عن طريق بعض النواب، وتمكن من إحراز تقدم أحرج الطرف الآخر الذي يمثل قوات الميليشيات. وقد رفض البرلمان التنازل عن صلاحياته كما كان يريد المتطرفون، وأصر على أن أي حكومة توافقية لا بد أن تحظى بمباركته أولا. وبينما يتمسك بشرعيته، باعتباره برلمانا منتخبا في انتخابات نزيهة من الشعب الليبي، ومعترف به دوليا، يقوم أيضا بالضغط من أجل حصول الجيش على السلاح.
لكن على الطرف الآخر، أي على جبهة ميليشيات المتطرفين، فإن الأمور أصبحت تسير بطريقة يشوبها الارتباك واختلاط الأوراق، و«الترنح» وفقا لما قاله ل«الشرق الأوسط»: «مستشار للجيش الليبي خلال زيارته للقاهرة أخيرا. فقد كان تحالف المتطرفين يضم كل أنواع المتشددين، بمن فيهم من أصبحوا فيما بعد قادة في تنظيم (داعش ليبيا) في مدن درنة وصبراتة وسرت. وقد أشرفت فجر ليبيا والميليشيات التابعة لها طوال الشهور الأخيرة من عام 2014 على تدريب عناصر خطرة، شكلت منها ما أصبح يعرف باسم مجالس شورى ثوار المدن».
وعلى سبيل المثال يواجه الجيش في مدينة بنغازي خليطا من المتطرفين، ممن يعملون تحت مظلة مجلس شورى ثوار المدينة، ومن بين هؤلاء قادة من يوالون تنظيم داعش، ويتلقون في نفس الوقت الدعم من «فجر ليبيا». وكذلك «مجلس ثوار درنة» معقل تنظيم داعش، ويحظى هو الآخر بدعم من قادة طرابلس. إلى جانب ما يعرف ب«القوة الثالثة»، التي تتمركز في سبها جنوب البلاد، وتحظى برعاية وحماية من قادة «فجر ليبيا» أيضا، وينخرط فيها أحمد الأنصاري، زعيم جماعة «أنصار الحق» المتطرفة، التي كانت تقاتل في شمال مالي. وكذا القيادي في تنظيم القاعدة مختار بلمختار وغيرهم.
ومع هذا تعلن «فجر ليبيا» والحكومة التي تساندها في طرابلس عن إدانتها لأعمال العنف، وفي الوقت نفسه تتعامل مع الجيش الوطني، باعتباره «عدوا» و«انقلابيا»، و«يسعى للسيطرة على الدولة لتكرار تجربة حكم القذافي».
وفي هذا السياق يكشف أحد أعضاء البرلمان، له صلة بالحوار الليبي الذي ترعاه الأمم المتحدة، على أن قادة من «فجر ليبيا» يقومون، رغم ذلك، باتصالات مع أطراف غربية، وبث مزاعم عن أنها تقف ضد تنظيم داعش في ليبيا، وهذا أمر مضحك.. كلما حقق الجيش انتصارات ظهرت عملية ل«داعش». مضيفا أنه «حينما وجه الجيش ضربات قوية لفجر ليبيا وأنصارها في بنغازي ودرنة مطلع العام الحالي، فوجئنا بعملية ذبح المصريين ال21 في سرت.. وحين اقترب الجيش من طرابلس، وبعد أن ضيق الخناق على المتطرفين في الجنوب قبل أيام، فوجئنا بعملية أخرى، وهي ذبح الإثيوبيين ال28». وقد أدت هذه الواقعة لإدانات واسعة، خاصة من الدول المعنية بالملف الليبي، ومنها الولايات المتحدة الأميركية ومصر. وتساند القاهرة السلطات الشرعية الليبية والجيش الوطني الليبي، وقد سبق أن وجهت ضربة عسكرية لقواعد تنظيم داعش قرب مدينة درنة، لكنها لم تتمكن حتى الآن من إقناع المجتمع الدولي برفع حظر السلاح عن الجيش الليبي، إلا أنه توجد ضغوط في اتجاه تشكيل حلف مساند لليبيا حتى لو كان يعمل بشكل غير ظاهر على السطح.
وتتعامل مصر مع ليبيا باعتبارها امتدادا لأمنها القومي، لكنها تنظر بتشكك إلى قادة الميليشيات في طرابلس، والحكومة الإخوانية المنبثقة عنها. وفي هذا الشأن قال مسؤول مصري بخصوص محاولات إشراك المتطرفين في حكومة توافق وطني ليبية، إن بلاده لن تضع يدها في أيدي «الإرهابيين». لكن مندوبين مصريين يراقبون الحوار الجاري في الصخيرات عن قرب.
وتؤكد الرئاسة المصرية على دعم القاهرة للجهود السياسية التي يقوم بها ليون، لكنها تقول إنه يتعين استكمال هذه الجهود بالتوازي مع تحقيق هدف استراتيجي واضح، يتمثل في عودة الدولة الليبية، ودعم الحكومة والجيش الوطني، وهو الأمر الذي سيساعد على عودة الاستقرار سريعًا لهذا البلد، جنبًا إلى جنب مع المضي قدمًا على المسار السياسي.
ويعتقد مسؤولون مصريون أن شبكة الإرهابيين في ليبيا تتعاون مع بعضها من «فجر ليبيا» إلى «داعش». وفي هذا الإطار كشف أحد المصادر الأمنية الليبية عن عملية تصفية ل9 جنود ليبيين، كانوا يرابطون في بوابة قرب بلدة أوباري في الجنوب، وأن عملية القتل رميا بالرصاص، مشابهة لما يقوم به تنظيم داعش ليبيا، رغم عدم تبنيه لهذه العملية. وقد جرت هذه الواقعة البشعة قبل شهرين على بعد خطوات من تمركز لما يعرف ب«القوة الثالثة» المدعومة من «فجر ليبيا». ورغم أنه لم يتم الكشف عمن يقف وراء تلك المذبحة، فإن السكان المحليين من أبناء القبائل يتهمون المتطرفين. كما جرى قتل الإثيوبيين قبل يومين في منطقة مجاورة.
وتقول معلومات أخرى إنه تم رصد رسائل متبادلة بين أمير درنة، المدعو سفيان بن جومة، وأحمد الأنصاري، قائد جماعة أنصار الحق الذي يعمل ضمن القوة الثالثة التابعة ل«فجر ليبيا». ويوضح يوسف غالي، الناشط الليبي في إقليم فزان، أن هذه الرسالة دليل قاطع من الإرهابيين أنفسهم، ولأول مرة، على وجود تنظيم أنصار الحق في مدينة أوباري، مشيرا إلى أن هذا التنظيم يحاول السيطرة على المدينة لما لها من أهمية، وموقع استراتيجي في الجنوب الليبي، وهو يعد اليوم من أكبر التنظيمات الإرهابية المدعومة من قبل قوات «فجر ليبيا» ماديا وعسكريا، وتحديدا من قبل القوة المتمركزة في قواعد تمنهنت وسبها، ومنطقة جرمة، وحقل الشرارة.
كما يعتقد غالي أن محاولة المتطرفين السيطرة على مدينة أوباري تأتي بسبب وجود مطار مدني في المدينة، وقال إن «السيطرة عليه تسهل للمتطرفين تعزيز نفوذهم أمام ضربات الجيش المتلاحقة.. فهم يسعون لإنشاء جسر جوي مع قوات فجر ليبيا وفي حقل الشرارة النفطي، الذي يبعد نحو 60 كيلومترا غرب أوباري».
وبالتزامن مع أعمال المتطرفين في الجنوب، تنشط العمليات الإرهابية في الشمال أيضا. لكن الأمر لا يقتصر على الذبح الذي يتبناه «داعش ليبيا»، بل يمتد إلى استهداف السفارات الأجنبية. ويقول أحد المستشارين العسكريين إن «هذه رسائل فجر ليبيا، وهي موجهة إلى الغرب. وهي تريد من المجتمع الدولي الضغط على الجيش.. وفي نفس الوقت تصدر البيانات المنددة بعمليات تنظيم داعش، وتقول إنها مستعدة للدخول في تحالف دولي لتوجيه ضربات ضد هذا التنظيم. إنها هي من صنعته، والآن تسعى لجلب قوات دولية لليبيا لتعقيد الموقف، وتحقيق مكاسب للخروج من أزمتها».
واستهدفت التفجيرات التي وقعت في طرابلس خلال الفترة الأخيرة، وتبناها تنظيم داعش، مقار عدة سفارات، منها إسبانيا وكوريا الجنوبية والمغرب وغيرها. وقد تسبب الرعب من تفجير السفارات، واستهداف البعثات الأجنبية في إغلاق الكثير من مقار هذه البعثات، بل خروجها من ليبيا. ورغم كل هذه التطورات يقول المبعوث ليون إنه سيواصل الحوار الليبي حتى نجاحه. لكن لغة هذا الرجل لا تبدو مرضية للكثير من الأطراف المنحازة للشرعية؛ لأنه في كثير من الأحيان يساوي في حديثه بين الميليشيات والجيش الوطني. فالميليشيات مجموعات إرهابية، بينما الجيش يحظى بتأييد البرلمان ويلتف حوله غالبية الليبيين، وليست له أهداف سياسية، ويسعى فقط لفرض الأمن في ليبيا، وهو أمر يفترض أن يكون على رأس أولويات المجتمع الدولي. ونجاح الجيش يعني حماية الدولة الليبية من السقوط وحماية المنطقة من الإرهاب.
وقد أثار ليون الكثير من اللغط في الأوساط الليبية حين وصف أطرافا بأنها «تعادي السلام.. وتمقت الحل السياسي»، وذلك في إشارة فسرها البعض على أنها معادية لعمليات الجيش، رغم أنه سبق وأدان هجوم الميليشيات في طرابلس على المتظاهرين الداعمين للبرلمان الشرعي في طبرق.
ويقول قائد عسكري ليبي إن «الجيش قادر على حسم المعارك في بنغازي وطرابلس لو حصل على الأسلحة والذخيرة المطلوبة»، مشيرا إلى أن اتفاقات التعاون ومذكرات التفاهم، التي جرى توقيعها مع مصر في الشهور الأخيرة لدعم وتدريب الجيش الليبي مفيدة، لكنها وحدها لا تكفي.. فنحن نضغط من أجل رفع الحظر الدولي عن شراء السلاح، لكن في نفس الوقت نعمل أيضا للحصول على الأسلحة من مصادرنا الخاصة. لن نقف مكتوفي الأيدي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.