تحولت مدينة أجدابيا إلى جبهة قتال مفتوحة بين قوات الجيش الليبي والميليشيات الإسلامية المتشددة التي تسعى إلى السيطرة عليها نظرا إلى موقعها الاستراتيجي وقربها من حقول النفط. العرب [نُشر في 23/12/2015، العدد: 10136، ص(4)] بنغازي أمامنا والعدو وراءنا طرابلس – تمكّن الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر من محاصرة التنظيمات الجهادية في مدينة أجدابيا (غرب بنغازي) التي تعدّ معقلا لتنظيمي أنصار الشريعة وداعش. وتشير المعطيات الميدانية إلى إمكانية تحوّل أجدابيا إلى بنغازي ثانية خاصة وأن المعارك بين المعسكرين على أشدّها منذ إعلان حفتر دكّ معاقل داعش في المدينة. وقال ناصر الحاسي الناطق الرسمي باسم القوات الجوية الليبية، في تصريحات صحفية، إن قوات الجيش الليبي تقوم بصد العناصر الإرهابية، وتهاجم معاقل داعش، التي كانت تسعى للتمدد نحو مدينة أجدابيا ومنطقة الهلال النفطي، موضحا أن القوات الجوية والبرية الليبية تقاتل وتقارع المجرمين في مدن درنة وبنغازي، والآن في أجدابيا. وأكد الحاسي، في تصريحه لوكالة "سبوتنك" للأنباء، أن الجيش الليبي، منذ أسبوع، يحقق تقدما جيدا، لا يعلن عنه حتى يتم تمشيط المناطق التي تم السيطرة عليها من قبل الجيش، مشيرا إلى أن الكفة تميل للجيش الليبي. ويحاول تنظيم داعش منذ فترة السيطرة على مدينة أجدابيا نظرا إلى موقعها الاستراتيجي وباعتبارها مصدرا لإمدادات الأسلحة إلى مقاتلي التنظيم ببنغازي ودرنة إلى جانب الإمدادات التي تصلهم عبر المنافذ البحرية غير المراقبة. وقد حذّر خبراء أمنيون من استغلال الميليشيات الإسلامية المتشددة والتنظيمات الجهادية للمنافذ البحرية من أجل نقل الأسلحة، مؤكدين أن أغلب إمدادات الأسلحة التي تصل إلى الجماعات المتطرفة يتم نقلها عن طريق البحر نظرا إلى غياب الرقابة عن السواحل. وسبق أن أكد ضابط ليبي أن عمليات تحرير مدينة بنغازي الليبية من قبضة التنظيمات المسلحة متعلقة بالسيطرة على أجدابيا (شرق ليبيا) ووقف الدعم الذي يصلهم عبر هذه المدينة. وقام سلاح الجو الليبي منذ أيام بشنّ ثلاث غارات جوية على المنطقة الصناعية بمدينة أجدابيا التي يتحصن بها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية ويتخذونها معقلا لهم ومخزنا لذخيرتهم. عملية تحرير مدينة بنغازي من المتشددين متعلقة بالسيطرة على أجدابيا ووقف الدعم الذي يصلهم عبر هذه المدينة وأوضح بيان سابق نشرته الصفحة الرسمية للجيش الليبي على "فيسبوك"، أن العمليات الجوية سوف تستهدف جميع الآليات والمعسكرات والتجمعات التابعة للتنظيمات الجهادية، وستكون هدفا شرعيا لسلاح الجو. وتحدثت تقارير إخبارية عن مقتل العديد من قادة مجلس شورى ثوّار أجدابيا المنضوي تحت لواء أنصار الشريعة، ويتعلّق الأمر بكل من القيادي أحمد مازق الزوي الشهير ب"مصرية" أخ مسؤول أبريك المصرية آمر مجلس الشوري بأجدابيا، والقيادي المدعو منير حمد سلامة الساحلي، فضلا عن مقتل كل من رابح صالح إجبيل، وصلاح العقوري الشهير ب"كلوبة"، وخليل الصالحين القرقعي، وخميس القابسي. ومن جهته طالب المبعوث الأممي لدى ليبيا، مارتن كوبلر، بحماية المدنيين في أجدابيا، معربا عن قلقه مما يدور داخل المدينة من اشتباكات. وقال كوبلر في تغريدة له عبر حسابه على موقع "تويتر"، أمس الثلاثاء، إنه يتابع عن كثب الأحداث في أجدابيا، رافضا تعريض حياة المدنيين للخطر. ويشدد المبعوث الأممي على ضرورة دعم حكومة الوفاق المنبثقة عن اتفاق الصخيرات الذي وقع عليه الفرقاء في مدينة الصخيرات المغربية وسط تحفظات كبرى، ويعتبر الانضمام إلى الاتفاق وتشكيل الحكومة شرطا أساسيا لدعم ليبيا في حربها ضد الإرهاب. هذا وأكد ناصر الحاسي الناطق باسم القوات الجوية الليبية أن توقيع اتفاق الصخيرات "لن يقف ولن يؤثر في مجريات عمليات القتال ضد الإرهابيين"، معربا عن أمله في أن يتوازى العمل السياسي مع العملية العسكرية بدعم الجيش ورفع الحظر عن قوات الجيش الليبي، لإنهاء المعركة مع الإرهابيين سريعا. وتشهد ليبيا منذ عام ونصف العام نزاعا على الحكم تسبب في انقسام البلاد بين سلطتين، حكومة وبرلمان يعترف بهما المجتمع الدولي في الشرق، وحكومة وبرلمان لا يحظيان بالاعتراف الدولي يديران العاصمة طرابلس ومعظم مناطق الغرب. وأسهمت الفوضى الأمنية الناتجة عن هذا النزاع في توفير موطئ قدم لجماعات متطرفة وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) ويسعى للتمدد في المناطق المحيطة بها والتي تضم حقولا نفطية وموانئ تصدير رئيسية. ويخوض الجيش الليبي بقيادة الفريق أول ركن خليفة حفتر معارك ضد تنظيمات متطرفة في عدة مناطق أهمها بنغازي (ألف كلم شرق طرابلس)، لكنه يعاني، بحسب حفتر، من حظر توريد السلاح المفروض عليه. وتطالب الحكومة المؤقتة برئاسة عبدالله الثني الأممالمتحدة برفع حظر السلاح عن الجيش حتى يتمكن من دحر المتشددين والحد من الانفلات الأمني الذي ساهم بشكل مباشر في انهيار مؤسسات الدولة في ليبيا. ومعلوم أن مجلس الأمن أصدر قرارا سنة 2011 (قرار رقم 1970) بحظر الأسلحة عن ليبيا، ولكن هذا القرار تضمّن استثناءات تبيح تزويد وبيع ونقل الأسلحة والمواد ذات العلاقة، بما في ذلك ذخائرها وقطع غيارها، إلى ليبيا بعد الموافقة عليها مسبقا من قبل لجنة العقوبات.