يعتقد دونالد ترامب أن الفوز بالرئاسة الأميركية في 8 نوفمبر لا يزال ممكنا، مواصلا جولاته في مناطق تعتبر تاريخيا معقلا للديمقراطيين، مستغلا الزخم الذي صاحب إعادة تحريك مسألة رسائل البريد الإلكتروني لمنافسته هيلاري كلينتون، وإن كان الخبراء قللوا من تأثير هذه الأزمة على القرار النهائي لاختيار الرئيس القادم للولايات المتحدة، وهو أمر ستحسمه في مرحلة أولى الولايات العشر الكبرى، فهذا الاستحقاق بالانتخاب العام غير المباشر يجري وفق آلية خاصة، لا على المستوى الوطني، بل على مستوى الولايات ال50. العرب جفري أندرسون [نُشر في 2016/11/03، العدد: 10444، ص(7)] هل سيضمن الحصن الأسطوري ولاية ثالثة للديمقراطيين واشنطن – ما تروّج له البعض من الأساطير الانتخابية الأكثر انتشارا في السياسة الأميركية هو وجود "جدار أزرق كبير" يحمي المرشحين الديمقراطيين للرئاسة، وربما حتى أولائك الذين يخسرون التصويت الشعبي. في الحقيقة هذا الجدار الأزرق الانتخابي هو أشبه بمجموعة من الحصون المنفصلة (بعضها عال، وبعضها الآخر ليس كذلك) وخسارة أي واحد منها قد تحكم على المرشح الديمقراطي بالفشل. يرمز الجدار الأزرق (الأزرق هو لون الحزب الديمقراطي) إلى الولايات التي فاز فيها الديمقراطيون بكل الانتخابات الرئاسية منذ سنة 1992، وتشمل الشمال الشرقي برمته باستثناء ولاية نيوهامبشير، وولايات البحيرات الكبرى الواقعة في منطقة الغرب الأوسط ما عدا أوهايو وانديانا، والولايات الثلاث الواقعة على ساحل المحيط الهادي وهواي. وحتى عند الحفاظ على هذا الجدار فإن الفوز غير مضمون، فمثلا فاز جون كيري بالجدار الأزرق كله في سنة 2004 إضافة إلى نيوهامبشير، لكنه مع ذلك خسر السباق لفائدة جورج بوش الابن بفارق 35 صوتا انتخابيا. وكذلك ربح آل غور كامل الجدار الأزرق في سنة 2000 (في زمن كانت قيمته تزيد ب13 صوتا انتخابيا) إضافة إلى أيوا ونيومكسيكو، لكنه مع ذلك خسر لفائدة بوش بفارق خمسة أصوات انتخابية. وبالنسبة إلى الديمقراطيين فإن الحفاظ على الجدار الأزرق أمر ضروري لكنه غير كاف. الضربة القاضية كثيرا ما يدعي بعضهم أن دونالد ترامب لديه عدة ولايات يجب عليه الفوز بها، وهذا صحيح (بالرغم من أن الولايات المذكورة عادة ما تكون خاطئة). وإضافة إلى ال23 ولاية التي فاز بها ميت رومني بفارق لا يقل عن 7 نقاط مئوية، وهي ولايات لن يخسرها ترامب، لدى المرشح الجمهوري ثلاث ولايات يتوجب عليه الفوز بها، وهي أوهايو وفلوريدا وكارولينا الشمالية. وإذا فازت هيلاري كلينتون بأي واحدة من هذه الولايات فسيكون ذلك بمثابة الضربة القاضية. الجدار الأزرق يرمز إلى الولايات التي فاز فيها الديمقراطيون بكل الانتخابات الرئاسية منذ سنة 1992 هذا إضافة إلى أن الولايات الخمس عشرة التي فاز بها الرئيس باراك أوباما ضد ميت رومني بفارق لا يقل عن 10 نقاط، هي ولايات لن تخسرها كلينتون التي لديها خمس ولايات يتوجب عليها الفوز بها، وهي بنسيلفانيا وميشيغان وويسكونسون ومينسوتا وفرجينيا، (وجدت عمليات سبر الآراء أنها تتقدم في الولايات الخمس). والولايات الأربع الأولى هي جزء من الجدار الأزرق، في حين أن "الميدان القديم" ليس كذلك. إذا فاز ترامب بأي واحدة من هذه الولايات فسيكون في طريقه مباشرة إلى البيت الأبيض. إذن هناك ثماني ولايات محتملة لتسديد الضربة القاضية في هذه الانتخابات، وخمس منها تدافع عنها هيلاري كلينتون. وإذا فاز كل من المترشحين بالولايات التي يجب عليه الفوز بها (ويتقاسمان الدائرتين البرلمانيتين المتنافستين في نبراسكا وماين) ستكون نتيجة الانتخابات 260 صوتا انتخابيا لكلينتون و253 صوتا لترامب، مع بقاء كلورادو ونيفادا وايوا ونيوهامشير (25 صوتا انتخابيا مجتمعا) في السباق. وستكون مهمة كلينتون الفوز باثنتين من الولايات الأربع المتبقية، وستكون مهمة ترامب الفوز بثلاث. وإذا فازت كلينتون بكلورادو وفاز ترامب بالولايات الثلاث الأخرى ستكون النتيجة التعادل في مستوى 269 صوتا انتخابيا، وذلك سينقل الانتخابات إلى مجلس النواب. الدروب الخمسة ◄ درب كلينتون إلى كسب 270 صوتا سهل نسبيا: (أ) سرقة أوهايو أو فلوريدا، أو شمال كارولينا، (ب) الفوز بالولايات الخمس التي يتوجب عليها الفوز بها ومنع ترامب من الحصول على 16 صوتا انتخابيا من بين 25 صوتا متبقيّا، (إذا ربحت كلينتون إحدى الولايات ذات الميول اليمينية من بين أوهايو وفلوريدا وشمال كارولينا، فليس هناك إمكانية لعدم فوزها بالعدد المطلوب من الولايات ذات الميول اليسارية). تتمثل مهمة ترامب في الفوز بالولايات الثلاث التي يتوجب عليه الفوز بها (زيادة على 23 ولاية مسلّمة) ثم اتباع أحد الدروب الخمسة للفوز بالأصوات الانتخابية السبعة عشر المتبقية التي يحتاجها لتحقيق الانتصار: ◄درب فرجينيا: سارع الكثير من المعلقين إلى شطب فرجينيا من إمكانية فوز ترامب بها. وهذا يعكس استطلاعات الرأي المبكرة السلبية إضافة إلى هبوط معنويات الجمهوريين بسبب تحول فرجينيا إلى اليسار. بيد أن الأرقام التي تبينها الاستطلاعات بخصوص ترامب تحسنت كثيرا في الفترة الأخيرة، كما أن الجمهوريين بالغوا في ردة الفعل على التحول نحو اليسار لهذه المقاطعة القديمة. زيادة على ذلك، من المؤكد أن الاستطلاعات المبكرة في فرجينيا تأثرت بقيام كلينتون بإعلانات على الهواء هناك في حين أن ترامب لم يفعل ذلك. حسب تقديرات الأسوشيتد براس، صرفت كلينتون إلى أواخر شهر أغسطس أكثر من خمسة ملايين دولار على الإعلانات في فرجينيا، مقابل 0 دولار بالنسبة إلى ترامب. من كل الولايات ذات الميول اليسارية نجد فرجينيا الولاية الأكثر وسطية. وإذا فاز ترامب بولاية فرجينيا فمن المؤكد تقريبا أنه لن يخسر فلوريدا أو شمال كارولينا (كلاهما على يمين فرجينيا بشكل ملحوظ)، ومن المؤكد تقريبا أنه لن يخسر أيوا الشعبوية (حيث تفيد الاستطلاعات بأنه يحقق نتيجة أحسن بنسبة 5 نقاط من النتائج التي حققها على المستوى الوطني)، وليس من المرجح أن يخسر أوهايو (التي توجد على يمين فرجينيا بقليل). هذه الولايات مجتمعة من المتوقع أن تمنحه 272 صوتا انتخابيا. ◄ درب الغرب الأوسط: عادة ما تكون ميشيغان مصعدا ثقيلا لمرشح جمهوري في سباق محموم. بيد أن رسالة ترامب وطريقته تبدوان معدتين على مقاس ميشيغان ومن المحتمل أن يتمكن من تحويل اتجاه الولاية، مثلما فعل أوباما لولاية فرجينيا في سنة 2008. والإمكانية البديلة هي أنه يمكنه أن يحدث إزعاجا في ويسكونسي أو مينوسوتا. وإذا فاز مرشح الجمهوريين بالولايات التي يتوجب عليه الفوز بها، إضافة إلى ميشيغان وأيوا، سيتحصل على 275 صوتا. ◄ درب كلورادو: بين 12 يونيو و16 يوليو صرفت كلينتون 4 مليارات دولار دون معارضة في كلورادو، بينما تتقدم بأكثر من عشر نقاط هناك حسب استطلاعات الرأي. لكن حملة ترامب لم تشطب الولاية. إذا احتفظ ترامب بالولايات التي يتوجب عليه الفوز بها وربح أيوا، يمكنه الفوز بالرئاسة عبر تدعيم الفوز في كلورادو بفوز آخر في نيفادا أو نيوهامبشير. ويمكنه أيضا الوصول إلى 269 صوتا (ومن ثم التوجه إلى مجلس النواب للحسم) من خلال الفوز بالولايات التي يتوجب عليه الفوز بها وأيوا وكلورادو والدائرة البرلمانية الثانية في ولاية ماين (التي تساوي صوتا انتخابيا واحدا) حيث وجدت عمليات سبر الآراء أنه سجل تحسنا بخمس نقاط. ◄ درب نيوهامبشير: في حين كانت كلينتون تبذر الأموال في أريزونا وجورجيا، فاقت مصاريف ترامب مصاريفها في نيوهامبشير، التي تعرف بأنها شعبوية ومستقلة، وتضم غالبية السكان البيض المتقدمين في السن. وقد حقق ترامب نتائج جيدة جدا هناك في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري. وإذا حافظ ترامب على ولاياته التي يجب أن يفوز بها، فإن تحقيق نصر في نيوهامبشير مع انتصارات في أيوا ونيفادا والمقاطعة البرلمانية الثانية في ماين (أو في أيوا وكلورادو) سيمنحه 270 صوتا (أو 272 صوتا في سيناريو الفوز في كلورادو) دون الحاجة إلى الفوز بولاية ذات توجه يساري واحدة تملك أصواتا انتخابية من عشرة فما فوق. ◄ درب بنسيلفانيا: الدرب الذي تمت مناقشته الكثير من المرات نحو فوز ترامب هو درب بنسيلفانيا؛ فإضافة إلى تحقيق انتصارات في الولايات التي يتوجب عليه الفوز بها، يعطي الفوز في بنسيلفانيا ترامب 273 صوتا انتخابيا. ويبدو برنامج ترامب الانتخابي وشخصيته مناسبين جيدا لهذه الولاية، لكن من الصعب التنبؤ بكيفية سير الأمور هناك. ربما ستواصل بنسيلفانيا الخط الذي سارت عليه على مدى 16 انتخابا رئاسيا (منذ سنة 1952) المتمثل في اختيار الجمهوريين فقط. لكن ترامب يمكنه الفوز دون بنسيلفانيا، وبالفعل قد يسجل انتصارا أفضل عبر دروب فرجينيا وميشيغان وكلورادو ونيوهامبشير. ويبدو أن الإستراتيجية الأفضل على هذا المستوى هي جعل كلينتون تدافع عن الدروب الخمسة. وقد يسلط ذلك جهدا على الجدار الأزرق لا يحتمله ذلك الحصن الأسطوري. باحث بمركز هاندسون كيف ينتخب الأميركيون رئيسهم العرب أثير كاكان [نُشر في 2016/11/03، العدد: 10444، ص(7)] الموعد الحاسم أقل من أسبوع يفصل عن انتخابات الرئاسة الأميركية، التي يترقبها العالم، والتي يصحبها عادة الكثير من اللغط والغموض، جراء النظام الانتخابي "المعقد". ◄ يتم اختيار الرئيس الأميركي مرة واحدة كل أربع سنوات، بينما يتم اختيار أعضاء مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) مرة كل سنتين، وأعضاء مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، مرة كل ست سنوات (تجرى الانتخابات كل سنتين لتجديد ثلث الأعضاء). ◄ يوم الثامن من نوفمبر، لا يتوجه الأميركيون لاختيار رئيس بلادهم فحسب، وإنما أيضا لاختيار 435 عضوا في مجلس النواب، و34 عضوا في مجلس الشيوخ، بينهم 10 ديمقراطيين و24 جمهوريا (انتهت ولايتهم)، بالإضافة إلى أعضاء عدد من المجالس المحلية تبعا للولاية والمقاطعة والمدينة والمنطقة الانتخابية. وتجرى انتخابات مجلس الشيوخ على 3 مراحل يتم انتخاب 33 من أعضائه في المرحلتين الأولى والثانية، بينما يتم انتخاب 34 عضوا في الثالثة، وهي الانتخابات التي ستتم يوم 8 نوفمبر الجاري. ◄ المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين، لن يكون بالضرورة الرئيس القادم للبلاد، بل سيظل مصيره رهنا بيد مجموعة تسمى المجمع الانتخابي أو الكلية الانتخابية. ◄ المجمع الانتخابي هو مجموعة من الأشخاص الذين ترشحهم كل ولاية، ليصبحوا ممثلين لها في فترة الانتخابات الرئاسية. ◄ يختلف عدد أعضاء المجمع الانتخابي تبعا لمجموع سكان الولاية، ولكن يمكن اختصار الأمر بالقول إن مندوبي الولاية في المجمع الانتخابي هم مجموع عدد ممثليها في مجلس النواب + 2 وهو العدد المخصص لتمثيل كل ولاية في مجلس الشيوخ. ◄ رغم كون العاصمة واشنطن، بحسب الدستور، غير ممثلة في الكونغرس (البرلمان بغرفتيه)، فإن سكانها يمتلكون حق التصويت في الانتخابات الرئاسية، وقد تم تخصيص 3 مندوبين لهم لتمثيلهم في المجمع الانتخابي. وبذلك يصبح عدد مندوبي الولايات في الانتخابات لعام 2016 هو عدد أعضاء مجلس النواب + عدد أعضاء مجلس الشيوخ + مندوبي واشنطن 435+ 100+ 3= 538. ◄ من أجل أن يفوز المرشح في الانتخابات عليه أن يحصل على (نصف العدد الكلي للمندوبين +1) أي في هذه الحالة 270 صوتا. ◄ في معظم الولايات عندما يفوز المرشح بالتصويت الشعبي يحصل على أصوات جميع مندوبي تلك الولاية، فعلى سبيل المثال إذا منح الناخبون في إحدى الولايات 750 ألفا من أصواتهم لصالح المرشح (س)، فيما حصل المرشح (ص) على 500 ألف صوت فقط، فإن جميع مندوبي الولاية سيمنحون أصواتهم إلى المرشح (س). وتثير تلك النقطة جدلا واسعا حول جدوى التصويت الشعبي، طالما يلعب المجمع الانتخابي الدور الأهم في اختيار الرئيس، غير أن التقاليد الأميركية الموروثة تتمسك بتلك الآلية. ◄ يستثنى من القاعدة السابقة سكان ولايتي ماين (4 مندوبين) ونبراسكا (5) اللتين توزعان أصوات مندوبيهما، وفق القوانين المحلية للولايتين. ◄ رغم أن المندوبين غير مجبرين على التصويت لصالح المرشح الفائز بالتصويت الشعبي داخل الولاية، التي يمثلونها، فإنهم في الغالب يتبعون القاعدة "الفائز يحصل على كل شيء"، لكن قوانين 25 ولاية تفرض على مندوبيها التصويت للفائز، بينما تترك بقية الولايات لممثليها حرية الاختيار. ◄ في حال عدم حصول أي من المرشحين للرئاسة على (نسبة النصف + 1)، تتم إحالة أسماء المرشحين الثلاثة الأوفر حظا في تصويت المجمع الانتخابي إلى مجلس النواب للتصويت عليهم. وبواقع صوت واحد لكل ولاية من الخمسين، التي تشكل الخارطة الأميركية، وطبقا لهذا التصويت الذي يستند للمادة 12 من الدستور، لا يكون للعاصمة واشنطن أي صوت لأنها غير ممثلة في الكونغرس، بحسب الدستور. ◄ في حال عدم حصول نائب الرئيس على (نسبة النصف +1) يحال أمر اختياره إلى مجلس الشيوخ، حيث يمنح لكل ولاية صوتا واحدا من أجل اختيار النائب. أما إذا لم يستطع مجلس النواب اختيار رئيس للولايات المتحدة، قبل حلول موعد التنصيب وهو 20 يناير، فيقوم نائب الرئيس بتصريف شؤون البلاد حتى تمام الأمر. وفي حال عدم الاستقرار كذلك على اسم نائب الرئيس، توكل مهام الرئيس لرئيس مجلس النواب، لحين حسم منصبي الرئيس ونائبه من جانب الكونغرس. ◄ تنظيم الانتخابات ليس مركزيا ولا تموله السلطات الفيدرالية للبلاد، إلا بقدر ضئيل. وترعى كل ولاية تنظيم وتمويل العملية الانتخابية فيها، وهي التي تختار المسؤولين عن فرز الأصوات، فيما تقوم الدوائر الانتخابية بتنظيم عملية الانتخاب وضوابط التصويت وتحديد مراحله ومواعيده. ◄ من أجل منح حرية التصويت لأكبر عدد ممكن من الناخبين، زود النظام الانتخابي الأميركي الراغبين في الاقتراع بفرص عدة لفعل ذلك، منها التصويت الغيابي، وهو أن يقوم المقترع بتقديم طلب رسمي لتزويده ببطاقة الاقتراع الغيابي، والتي سيتم إرسالها له ليقوم بملئها وإرسالها إلى المجلس الانتخابي لمنطقة سكناه، عن طريق البريد أو الرسائل الإلكترونية أو الفاكس، بحسب ما تسمح به قوانين ولايته.