الخرطوم 19 أبريل 2017 تأخر إعلان التشكيل الوزاري لحكومة "الوفاق الوطني" في السودان لأكثر من ثلاثة أشهر، وسط تضارب المعلومات بشأن دواعي الإرجاء، فبينما حملت قوى سياسية حزب المؤتمر الشعبي المسؤولية لرهنه المشاركة بإجازة الحريات، نأى الأخير بنفسه واعتبر القرار في يد الحزب الحاكم ويمكنه ب "جرة قلم" تمرير التعديلات الدستورية. وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة أحمد بلال عثمان وكان متوقعاً أن تعلن الحكومة الجديدة في فبراير الماضي، كتتويج لمخرجات الحوار الوطني الذي استمر لنحو ثلاث سنوات، حيث أوصت مخرجاته بتشكيل حكومة قوامها المشاركين في الحوار بعد ثلاثة شهور من إجازة المخرجات. وينتظر أكثر من أربعين حزباً سياسياً ونحو ثلاثين حركة مسلحة، شاركوا في الحوار الوطني، حصتهم من القسمة في السلطة، وسط وعود للمؤتمر الوطني الحاكم بتقديم تنازلات كبيرة في المناصب لصالح القوى السياسية. وقال الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي، كمال عمر، ل (سودان تربيون) الأربعاء، إن الشعبي لن يقدم قائمة للمشاركة في السلطة في ظل وجود عملية ممنهجة ضد الحريات، مضيفاً "نريد أن نسمع رأياً قاطعاً بشأن الحريات، هل ستمر من البرلمان أم لا". وأجازت الهيئة التشريعية القومية الأثنين بالأغلبية، تقرير اللجنة البرلمانية للتعديلات الدستورية المتعلقة بالحريات في مرحلة السمات العامة، وابقت صلاحيات جهاز الأمن، كقوة نظامية بدون تقليص كما أوصى ملحق التعديلات. وقالت تقارير صحافية في الخرطوم، إن التشكيل الوزاري أرجأ إلى أجل غير مسمى في أعقاب تعثر المفاوضات السياسية لتشكيل حكومة "الوفاق الوطني" بين الحزب الحاكم وبعض أحزاب الحوار، على رأسها المؤتمر الشعبي. وطبقاً لصحيفة "السوداني" الثلاثاء، فإن لجنة رباعية من المؤتمر الوطني الحاكم، ضمت إبراهيم محمود، وفيصل حسن ابراهيم، ومحمد بشارة دوسة، ونافع علي نافع، فشلت في تليين مواقف الأمين العام للمؤتمر الشعبي، د. علي الحاج، من المشاركة، حيث رهن تسليم اسماء وزراء الشعبي للحكومة، بمعرفة المعايير التي تم بموجبها تحديد أوزان المشاركة ومرجعيتها. وأوضح الأمين السياسي للشعبي، أن مشاركة حزبه في الحكومة المقبلة رهينة بإجازة مخرجات الحوار في شقها الدستوري، وزاد "تعطيل تشكيل الحكومة ليس من جانبنا، وانما من جانب الوطني الذي يرفض تنفيذ اتفاق التعديلات الدستورية". وأضاف "لسنا طلاب سلطة وما لم نتحصل على ضمانات كافية حول إنفاذ مخرجات الحوار، لا يمكن أن نشارك في الحكومة". وشدد كمال عمر على أن الشعبي لن يقدم قائمة باسماء مرشحيه وهو لا يعلم مستقبل إنفاذ مخرجات الحوار، مردفاً "نحن غير متهافتين على السلطة ولكننا حريصين على مخرجات الحوار". وكان وزير الإعلام السوداني، أحمد بلال عثمان، وصف موقف "الشعبي" المتمسك بالحريات مقابل المشاركة في الحكومة، بأنه غير سليم ومزايدة سياسية، قائلاً إنه لا يوجد أي حزب سياسي على الساحة باستطاعته التسبب في تأخير إعلان حكومة "الوفاق الوطني". وعزا المتحدث باسم الحكومة، تأخر إعلان الحكومة إلى أن الوفاق يقتضي التمهل، إضافة إلى دخول قوى سياسية جديدة في معادلة الحكومة المقبلة، "كتحالف قوى المستقبل". غير أن كمال عمر، أبدى استغرابه من حديث وزير الإعلام، متسائلاً "هل المبادئ مزايدة سياسية"، مشدداً على أن المبادئ لا تباع ولا تنتقص ولا تشترى بالمناصب، وأضاف "لذلك ما لم يتم الاستجابة لمطلبنا حول إجازة الحريات، فإن الزمن سيطول لتشكيل الحكومة". وذكر عمر أن زمن إجازة الحريات قصير جداً لجهة أنها اتفاق سياسي، "بجرة قلم" يمكن أن يجيزها اعضاء المؤتمر الوطني بالبرلمان لأنهم ملتزمين سياسياً بمواقف حزبهم، وتابع "إجازة مخرجات الحوار ليست صعبة ولا تستدعى كل هذا التأخير". إلى ذلك قال عضو اللجنة العليا لتنفيذ مخرجات الحوار، عثمان أبو المجد، ل (سودان تربيون) إن كل الأحزاب والحركات المسلحة المشاركة في الحوار، سلمت قوائم مشاركيها في الحكومة عدا المؤتمر الشعبي. واعتبر أبو المجد موقف الشعبي مساومة بالحريات من أجل تحقيق مكاسب في محاصصة السلطة، قائلا "الشعبي له مطالب تفوق مطالب المشاركين في الحوار ويسعى لنيلها باسم الحريات". وشدد على أن الشعبي لم ينصبه أحد وصياً على الحريات وانهم جزء من المشاركين في الحوار، مشيراً إلى أن الكل يسعى لتحقيق الحريات كواحدة من مخرجات الحوار.