قال رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، إن جرائم الحرب التي ارتكبها نظام الرئيس المعزول عمر البشير لا تسقط بالتقادم، وتعهد ببناء جيش وطني بعقيدة قتالية جديدة. وخاطب حمدوك، مساء الأربعاء الشعب السوداني بمناسبة الذكرى الأولى لبدء الثورة، من قاعة الصداقة بالخرطوم في حضور غالب طاقمه الوزاري وحشد من المواطنين، قاطعوه مرارا بالهتاف والتأييد. وتعهد رئيس الوزراء بإعمال مبادئ العدالة ووضع حد للمظالم قائلا "إننا على العهد باقون بأن يأخذ القانون مجراه على كل فاسد وقاتل، وسنلاحق المتورطين في جرائم الحرب والإبادة الجماعية، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم". وتابع "إننا لا نحمل حقداً ولن نُدخل الظلم في قاموسنا مرة أخرى". وتعهد بتحقيق شعار الثورة "حرية سلام وعدالة ونؤكد لشهدائنا وجرحانا ومفقودينا أن العهد باق وسيأخذ القانون مجراه في مواجهة كل قاتل وفاسد ونتعهد بملاحقة المُتورطين". وكشف عن خمسة محاور تستند عليها حكومته في سبيل إحلال السلام أجملها في: مخاطبة قضايا الهوية وشكل الحكم، وإزالة التهميش في مناطق التي تعاني منه، توصيل المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من الحرب دون قيد أو شرط، عقد مصالحات اجتماعية تُستمد من الإرث السوداني، علاوة على "بناء جيش وطني بعقيدة عسكرية جديدة يري فيها كل سوداني نفسه". وقال رئيس الوزراء إن السلام لا يكون مستدام دون جعله قضية الوطن الأولى، مع أخذ آراء أصحاب المصلحة بعين الاعتبار خلال المشاورات الاجتماعية، التي أشار إلى حكومته بصدد عقدها. وأفاد حمدوك بأن الثورة تُجابه تحديات كبيرة، بعد تحويل النظام المعزول الدولة إلى ضيعة خاصة لشبكات اقتصادية صغيرة. وقال إن الانتقال من دولة الحزب الواحد إلى دولة الوطن خطوة مهمة في بناء المؤسسات ليسود حكم القانون، وتعهد بعدم التهاون في اتخاذ القرارات الكفيلة بتفكيك التمكين دون ظلم أحد. وأقرت الحكومة الانتقالية بشقيها السيادي ومجلس الوزراء في 28 نوفمبر، قانون تفكيك الثلاثين من يونيو 1989، والذي يستهدف تفكيك البنية الاقتصادية والسياسية وعلاقات القوى التي كونها نظام البشير طوال فترة حكمه البالغة ثلاثين عامًا. وقال حمدوك إن حكومته ملتزمة بعقد حوار مجتمعي لإزالة التشوهات الاقتصادية، في إشارة إلى التخوفات التي أبداها السودانيين حيال تحرير أسعار المحروقات في مشروع موازنة العام المقبل، كما تعهد بحل مشاكل نقص الخبر والوقود. ورفضت قوى الحرية والتغيير – الائتلاف الحاكم، مشروع الموازنة وطالبت بإلغائه على أن تعد موازنة تسييريه للثلاث أشهر المقبلة أو تعديل الموازنة، وذلك في خطاب لجنتها الاقتصادية الذي أرسلته إلى رئيس الوزراء ووزير المالية، اليوم. وقال رئيس الوزراء إن مشروع الموازنة يعمل على محاربة الفقر وزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، إضافة إلى تحكم وزارة المالية على المال العام وإزالة التشوهات في رواتب الموظفين وخلق مناج جاذب للاستثمار الخارجي. وأكد حمدوك اهتمام حكومته بوضع حد للفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة، وأشار إلى اتخاذ حزمة إجراءات لمكافحته بينها العمل على تكوين مفوضية مستقلة لمكافحة الفساد ووضع لوائح محاسبة واسترداد الأموال التي أخذها قادة نظام البشير دون مسوغ قانوني. وأشار رئيس الوزراء إلى تحسن علاقات بلاده مع دول الجوار والمجتمع الدولي، من خلال زيارته التي قام بها خلال الفترة الفائتة، والتي قال إنها عززت العلاقات وحذفت اسم السودان من قائمة الدولة المنتهكة للحريات الدينية، وتطلع إلى إزالة اسم بلاده من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وقال حمدوك إن إرساء الديمقراطية يتطلب المحافظة على التوافق السياسي واستمرار الشراكة مع العسكر خلال الفترة الانتقالية. ويُحكم السودان من قبل حكومة انتقالية مشتركة بين قادة الجيش ومدنيين، توصل إليها بعد اتفاق سياسي بين قوى إعلان الحرية والتغيير وقادة الجيش، بناء عليه توافقوا على وثيقة دستورية شُكل بها مؤسسات الحُكم.