خرجت آلاف النساء السودانيات، في العاصمة الخرطوم، الخميس، لمطالبة الحكومة بالمصادقة على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو". وتوجه موكب السيدات السودانيات من حدائق الشهداء قبالة القصر الرئاسي، إلى مجلس الوزراء، وسلَّم مذكرة تطالب بالتوقيع على الاتفاقية. والسودان أحد دولتين إفريقيتين لم توقعا على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وهو أيضا من بين ثلاثة دول مسلمة على مستوى العالم لم توقع أو تصادق على "سيداو"، التي تكفل حقوق النساء والفتيات بإلزام الدول الموقعة عليها بالقضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء الفتيات وتضمن لهن ممارسة حقوقهن الأساسية. وحملت المتظاهرات الأعلام الوطنية، واللافتات، مكتوب على بعضها، "كل العالم إلا نحن. أخجلتمونا". وترى الواجهات النسوية الحقوقية أن إلغاء الحكومة لقانون النظام العام مؤخرا، خطوة في القضاء على التمييز ضد النساء السودانيات، غير أنها تؤكد أن الانتقال الحقيقي لا يحدث إلا بتغيير المرجعيات القانونية والمصادقة على كافة المواثيق الدولية والإقليمية لاستعادة وضعية السودان في المنابر الدولية والإقليمية، والاستفادة من فرص التعاون الاقتصادي والعلمي المقرونة بالالتزامات الدولية. ووقعت على المذكرة التي عنونت كذلك لوزارة العدل وزارة الشؤون الدينية 59 من الاجسام النسوية والحقوقية. وأكدت المذكرة، التي تلقتها "سودان تربيون"، أن المصادقة على هذه الاتفاقية يعيد للسودان مكانته ووضعه في المجتمع الإقليمي والدولي. وأوضحت أن "المظلة التشريعية ستمكن السودان من البدء في التصدي لعقود من القهر والعنف الممنهج والهيكلي الذي تعرضت له النساء السودانيات خلال فترات الحكم الوطني المتعاقبة، لا سيما خلال حقبة النظام البائد، والذي سعى عبر سياسة ممنهجة لتقزيم دور المرأة في الحياة العامة". وأشارت إلى أن "النظام البائد عمل على تعميق سياسات القهر ودونية النساء في القوانين والسياسات والبرامج". وشدَّدت على أن النظام السابق، "قام باستخدام النساء وأجسادهن كسلاح للحرب والاضطهاد السياسي، فقامت قواته باغتصاب وتعذيب وتشريد وملاحقة النساء والفتيات في الطرقات وأماكن العمل والبيوت". ونوَّهت إلى أن النظام البائد سعى إلى تقنين التمييز ضد الفتاة والمرأة في محاكم الأحوال الشخصية وتشريعات زواج الطفلات، وسلب النساء الحق في اتخاذ القرار بفرض قوانين وسياسات الولاية التي تتمدد وتتجذر في نظام الحاكمية السوداني بداية من قوانين الأحوال الشخصية، إلى العمل وحرية الحركة وقوانين وسياسات المواطنة وسجل المواليد والوفيات والسياسات الصحية والاقتصادية. كما نوهت الى سياسات التمييز في الدخول إلى مؤسسات التعليم والتدريب المختلفة إلى التمييز في الحقوق الاقتصادية والثقافية وغيرها من السياسات والقوانين التمييزية الكامنة في بنية الدولة السودانية، والتي لاتزال سارية حتى يومنا هذا. وفي أكتوبر الماضي، أعلن وزير العدل، نصر الدين عبد الباري، تصديق بلاده وانضمامها إلى جميع الاتفاقيات الدولية، وشدد على التزام الحكومة الانتقالية بإلغاء قانون النظام العام. ويعد السودان أحد تسع دول إفريقية وقعت، لكنها لم تصادق على الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، المعروف ببرتوكول "مابوتو". وهذا البرتوكول يضمن تحقيق حقوق المرأة وحمايتها، وتمتعها التام بكافة حقوقها الإنسانية مع مراعاة الخصوصية الثقافية والأوضاع الاقتصادية لشعوب إفريقيا. ويمثل برتوكول "مابوتو" منصة للأمم الإفريقية لتفاعل على مستوى القارة لتحقيق أهداف المساواة والعدالة. وفي وقت سابق من ديسمبر الماضي أوصت المبادرة الاستراتيجية لنساء القرن الأفريقي (شبكة صيحة) الحكومة الانتقالية بضرورة التزام الجدية ي مراعاة حقوق النساء والمصادقة الفورية على (سيداو). وقالت في بيان أن مصادقة السودان على اتفاقية (سيداو) وبرتوكول "مابوتو" للمجتمعات المتنوعة في السودان، يضمن مدى جدية الحكومة الانتقالية في تحقيق السلام، وإنهاء التشظي نتاج القوانين السودانية التمييزية الجائرة وبناء سودان يسع الجميع تتمتع فيه النساء والرجال على حد سواء بكل حقوق الإنسان.