أعلنت السلطات السودانية، الخميس، إغلاق جميع الجسور الرابطة بين مدن العاصمة الخرطوم اعتبار من مساء الاربعاء وحتى نهاية نهار يوم الجمعة، تحسبا لتظاهرات مليونية دعت لها تيارات إسلامية، احتجاجا على تعديلات قانونية مثيرة للجدل. وذكر بيان صادر عن إعلام ولاية الخرطوم، تلقته "سودان تربيون"، "تعلن لجنة أمن ولاية الخرطوم عن قفل الكباري بالولاية اعتبارا من الساعة السادسة مساء اليوم الخميس، وحتى نهاية نهار يوم غد الجمعة". وأهابت بالمواطنين التعاون مع السلطات بإنهاء تحركاتهم عبر الكباري عند الساعة السادسة مساء اليوم. والأسبوع الماضي، اعتمدت الحكومة الانتقالية بالسودان، تعديلات على بعض مواد القانون الجنائي، ألغت بموجبها مادة الردة، المثيرة للجدل والتي يُحكم بموجبها على المتخلي عن الدين الإسلامي بالإعدام، واستبدلتها بمادة جديدة تجرم التكفير وتعاقب مرتكبه بالسجن 10 سنوات. وشملت التعديلات منح غير المسلمين حرية صنع وشراب الخمر، كما سمحت للنساء باصطحاب أطفالهن إلى خارج البلاد دون مشاورة الزوج، وهو ما لم يكن متاحا في السابق. وبحسب الجريدة الرسمية لوزارة العدل السودانية، فإن التعديلات على القانون الجنائي، حرمت على المسلمين شُرب الخمر فيما أباحتها لغير المسلمين. وألغت المادة الخاصة بالردة، و استعاضت عنها بأن من يكفر شخص يُعاقب بالسجن لمدة 10 سنوات. وانتشرت دعوات كثيفة على مواقع التواصل الاجتماعي، تبنتها قوى سياسية وتيارات إسلامية، للتظاهر الجمعة، تحت شعار "مواكب الغضب"، للاحتجاج على التعديلات القانونية، باعتبارها مخالفة للشريعة الإسلامية. وسبق أن قال حزب المؤتمر الشعبي، إن "التعديلات في القانون الجنائي الخاصة بإباحة الخمر لغير المسلمين وتعريف الدعارة حيث اقتصرت على تجريم ممارسيها في الأماكن المُعدة خصيصا لها، تُعد سقطة أخلاقية، قبل أن تكون مفارقة للشرع الإسلامي". كما هدد حزب دولة القانون والتنمية، بقيادة محمد علي الجزولي، بإسقاط الحكومة الانتقالية وحرض القوات العسكرية والشرطية على عدم تنفيذ الأوامر الصادرة منها. وقال الجزولي في رسالة مصورة إلى جنود وضباط الجيش وقوات الدعم السريع وقوات الشرطة وجهاز المخابرات العامة، "كيف تحمي نظاما يحارب دينك ويعلن الحرب على قيم شعبك، يتخابر مع عدوك، ويهدد أمن بلادك القومي، ويمزق نسيج مجتمعك، كيف تحمي نظاما أنت تعلم عنه أكثر مما نعلم، هل لأجل نجوم ترصع بها كتفك وراتب سحت تغذي به لحمك". وافاد حزب دولة القانون في بيان الاربعاء ان الاستخبارات العسكرية اعتقلت الجزولي. بدورها قالت جماعة الإخوان المسلمين إن "المساس بالمواد المتعلقة بالحدود الشرعية، والتصرف بالإلغاء لحد من حدود الله كان مثبتا في القانون الجنائي السوداني الساري، لهو عمل خطير يتعلق بقضايا تتصل بعقيدة المسلمين وثوابت دينهم قبل أن يتعلق بمسائل قانونية يختلف الناس عليها أو يتفقوا، وعلى الحكومة أن تتراجع فورا عن هذا السبيل". في الأثناء أعلن رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، حرص الحكومة الانتقالية على المحافظة على إرث وقيم الإسلام، واحترام المبادئ والشعائر الإسلامية دون المساس بأي من حدود وكليات وأهداف الدين. وأكد حمدوك لدى لقائه رئيس الجماعة، عبد الكريم محمد عبد الكريم، ونائبه محمد الأمين إسماعيل، وأمين عام الجماعة، عبد المنعم صالح، "حرص حكومته على معالجة قضايا السلام والاهتمام بمعاش الناس، وأشاد بمساهمة الجماعة ورؤيتها في الإصلاح الوطني الشامل". من جانبه، أكد وفد جماعة أنصار السنة المحمدية، "وقوفه مع الحكومة الانتقالية، وإتباع منهج المناصحة للإصلاح متى ما لزم الأمر، فضلا عن العمل على رتق النسيج الاجتماعي، وإحلال السلام وتعظيم حرمة الدماء".