لا يزال مئات السودانيون يقفون في حماية حواجز ترابية شيدوها في زمن قياسي لمنع النيل من الوصول إلى منازل أسر العديد من سكان الخرطوم القاطنين في مواقع قريب من مجراه، غير آبهين لخطر الموت غرقًا او بلدغات العقارب. وظل مئات المتطوعين، على مدار سنوات طويلة، يقدمون العون للسودانيين في أوقات الكوارث، في ظل عدم تدخل حكومة الرئيس المعزول عمر البشير السريع، وهذا البطء لازم الحكومة الانتقالية التي تعاني بشدة من نقص الإمكانيات. ويؤازر الشباب المتطوعين الذين يحرسون "التروس" خشية تسرب مياه النيل الذي وصل منسوب هذا العام لأعلى نسبة على مدى 100 عام؛ متطوعين آخرين يمدوهم بالاحتياجات الخاصة بالجولات التي يستخدموها في تشييد الحواجز التي سرعان ما تنهار في بعض المناطق بسبب شدة اندفاع المياه. وعمل المتطوعون على "تتريس" مساحات كبيرة في عدد من مناطق الخرطوم التي اجتاحها النيل مثل توتي والكلاكلة والعليفون والحلفايا، عبر جولات البلاستيك والخيش بعد ملئها بالتراب، تساعدهم في ذلك فرق من الدفاع المدني والجيش السوداني. وتوفي، الاثنين، الشاب عمر عثمان 14 عام، في منطقة الحلفايا غرقًا أثناء محاولة صد تسرب الفيضان، كما توفي الأحد، الحبر الدش، في منطقة الكلاكلة أثر انهيار منزل عليه بعد دخوله لنقل بعض مقتنيات سكان الدار الذي أجلوا منه بعد تدفق مياه النيل داخل المنزل. وقامت مبادرة (نفير)، وتعني الكلمة في العامية السودانية "مشاركة الجميع في المساعدة" ليل الاثنين، بإجلاء سكان جزيرتين في منطقة كرني بمحلية بربر التابعة لولاية نهر النيل، بعد أن غمرهما النيل بالكامل، ولم تعلن المبادرة أو الحكومة السودانية عن ضحايا من الجزيرتين اللتان يقطانهما نحو 600 أسرة. وقدمت المبادرة، التي تعتمد في ميزانيتها على الهبات من الأشخاص والمؤسسات، مئات من الجولات إلى أهالي مناطق الخرطوم لتُستخدم في حجز المياه، كما تعمل فرقها على المساعدة في التتريس، وفقًا لتقاريرها التي تنشرها على منصاتها في وسائل التواصل الاجتماعي. الخطر الى زوال وقالت لجنة الفيضانات بوزارة الري والموارد المائية، إن منسوب نهر النيل، الثلاثاء، سجل في الخرطوم عند 17.52 متر، متوقعًا استقراره في هذا المنسوب أيام الأربعاء والخميس والجمعة. وأشارت إلى أن منسوب نهر النيل في محطة شندي، شمالي السودان، وصل الثلاثاء إلى 18:17 متر، متخطيًا بذلك أعلى قمة سجلها حيث كانت عند 18:07 متر. وتوقعت اللجنة، في بيان، تلقته "سودان تربيون"، أن يرتفع وارد نهر النيل الأزرق، الذي يُعد الرافد الرئيسي لنهر النيل، في محطة الديم عند الحدود السودانية – الإثيوبية، غدًا الأربعاء؛ إلى 985 مليون متر مكعب. وحثت اللجنة الجهات المختصة والمواطنين لأخذ الحيطة والحذر من تدفق مياه النيل، للحفاظ على الأرواح والممتلكات. وقال رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، الأحد، إن مناسيب النيل للعام الحالي، أدَّت إلى خسائر مفجعة وموجعة في الأرواح والممتلكات، مطالبًا من مؤسسات الدولة العمل على التخفيف من حدته. ورغم جهود الفرق المتطوعة، التي تحرس الحواجز ليل نهار، فأن المخاوف من انهيارها، خاصة الترابية منها لا يزال قائمًا، الأمر الذي يقود إلى تدمير مزيد من المنازل أو قد يقود إلى وفيات وسط كبار السن والأطفال. وتقول وزارة الداخلية أن 89 شخصاً قُتلوا بسبب الفيضانات كما أُصيب 44 آخرين، بينما تضررت آلاف المباني، علاوة على نفوق الآلاف من الماشية.