حديث المدينة كوع .. الشجرة..!! عثمان ميرغني أمس نقلت الصحف عن الدكتور نافع علي نافع قوله: (الداير يقلع النظام.. يلحس كوعو).. وهي عبارة تكررت كثيراً خلال السنوات الماضية.. ولم تعد ترفع حاجب الدهشة لدى غالبية قراء الصحف.. المثير فيها هذه المرة أنها تأتي في مفتتح (الجمهورية الثانية).. وكأني بها تقول للجميع (الثانية.. كالأولى).. ولا جديد. حكاية (لحس الكوع) ليست مشكلتها في كونها عبارة شعبية لا تصلح للمنابر العليا فحسب، بل لكونها تعني أن الوضع السياسي في البلاد لا زال في مربع حكومة تتربص معارضة.. ومعارضة تتصيد حكومة لتوقع بها.. رغم أن انتخابات عامة ورئاسية جرت العام الماضي شاركت فيها كل الأحزاب.. لترسم خطاً فاصلاً بين شرعية الحكم ب(لحس الكوع).. والشرعية الدستورية التي تعني استقرار سياسي وتداول سلمي للسلطة عبر صندوق الانتخابات. مثل هذه التصريحات ليست مجرد مؤشر سياسي على خلل.. بل هي مؤشر اقتصادي أيضاً.. ويضرب في عمق الاستقرار النفسي والمالي والمعيشي للمواطن بصورة مباشرة.. لأن الدولة التي تعيش في ظل المواجهة (لا المنافسة) السياسية.. دولة طاردة للاستثمار ومجففة للموارد.. الفترة التي مضت منذ خروج المستعمر من بلادنا وحتى اليوم.. تماثل الفترة التي قضاها المستعمر حاكماً ومسيطراً على بلادنا.. ومن المؤسف جداً أن نظل حتى الآن في مرحلة (البحث عن دستور دائم).. لكن مع هذا الأجدر ألاّ ننظر إلى الماضي.. بل نسدد النظر للمستقبل.. والمستقبل يتطلب الرشد من الجميع.. من المعارضة لتدرك أن تغيير الحكم باستخدام القانون والدستور والشرعية (مهما كان مختلفاً عليها) أفضل وأحكم من الحديث المستمر عن المواجهة والتهديد بالحرب ما ظهر منها وما بطن.. رئيس الجمهورية المشير عمر البشير أكد أن الأحزاب ستشارك في وضع الدستور.. وأنها تستطيع الانخراط في حكومة برنامج وطني.. لكن كل هذا يطيح به مانشيت صحيفة واحدة يتحدث عن (لحس الكوع).. د. نافع تعرض لتجربة مريرة حينما اتفاق أديس أبابا مع الفريق مالك عقار.. ثم وجد لجرأة والشجاعة أن يعتذر ويقول (أخطأت) بعدما اعترض المكتب القيادي على الاتفاقية.. فهل ننتظر نفس الممارسة أن يلفت المكتب القيادي نظره لمثل هذه التصريحات ويوضح له إلى أي مدى تدخل البلاد في أزمة بلا مبرر.. فيكرر د. نافع الاعتذار.. ويقبل أن يمسح من قاموسه السياسي مثل هذه العبارات التي تعكر (مثل عكورة مياه الخرطوم) مياه الوطن كله.. ولماذا نذهب بعيداً؟ القرآن نفسه يقول: (ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة.. أصلها ثابت وفرعها في السماء..) لماذا يأخذ المؤتمر الوطني من هذه الآية رسم شعارها في الانتخابات (الشجرة) ولا يأخذ المعنى الإنساني الراقي الذي تدعو إليه.. التيار نشر بتاريخ 25-07-2011