سبقني الكثير من الزملاء الكتاب والمحلليين السياسيين والصحفيين المختصين في الشأن السياسي السوداني وعبروا عن بهجتهم بميلاد الدولة الجنوبية والتي كانت ولادتها عسيرة.وقد عبر الكثيرون منهم عن فرحتهم وابتهاجهم بالإستقلال المستحق. وقد راسلني الكثير منهم مفستفسرين عن عدم كتابتي في هذا الفرح الفريد و الغير محدود بالميلاد. وفي تلك اللحظات الإحتفالية الجميلة والرائعة كان الموتمر الوطني يحتل ثلاث مناطق جنوبية من مناطقنا العزيزة وهي أبيي وجبال النوبة والنيل الأزرق .وفي الوقت الذي كنا ننشد النشيد الوطني الجديد ونرفع علمنا عاليا في السماء كان قادةهم يرفعون اعلمهم فوق أراضينا الطاهرة . نحن نرقص ونهلل وجيش المؤتمر يغتصب النساء والفتيات ويقتل الشيوخ ويحرق المنازل في المناطق الثلاث أمام الكاميرات العالمية ورغم ذلك لم يصدر قرار يدين هذا العمل الشنيع ليواصل البشير رقصه في جوبا فرحة بالإحتلال ونحن نشاركه في ذلك اليوم فجرا جديدا. التاسع من يوليو أعتبره يوم الإحتلال و حزن وصراخ الأطفال والنساء،إنه فجر دفن الشيوخ ,ويوم إهانة الأبناء في وطنهم السودان . لم أجد شيء أحتفل به وأمتي تحتمي تحت الأشجار في جو مطير. لم أجد سببا للإحتفال والموتى لم يدفنوا في جبال النوبة وأبيي وربما ينتقل هذا الوضع إلى النيل الأزرق غدا .لن أجد شيئا يبهجني وأمهاتنا لم يفارقن خوف ضربات الطائرات . كيف أفرح والبشير الذي قتل أمي وأبي وإخواني يشاركني فرحة ميلاد دولة جمهورية جنوب السودان الحديث . التاسع من يوليو هو التاريخ الذي اختلطت فيه الأفراح بالأحزان، والماضي بالحاضر، والحرب بالسلام والوعود بالأكاذيب . يوليو كان يعتبر بداية كتابة التاريخ السوداني المتحضر وفجردفن الماضي الأليم، فإذا به مجرد سطر دموي جديد في كتاب التقتيل لكاتبه البشير.