الصادق المهدي الشريف [email protected] عندما قرأتُ قصة (ضب سنار).. اعتقدتُ أنّها مزحة.. أو خبراً تلطيفياً.. تحاول به بعض الصحف تقليل وقع أخبار الحروب.. وآلام الثورات في تونس واليمن.. و(مجازر الجرذان) في ليبيا. أوتحاول الصحف الحكومية أن تلهي بهِ الأبصار عن مشهد الدكتوره سوزان رايس مندوبة الولاياتالمتحدة في مجلس الأمن التي تسنُّ سكينتها.. وتطلب من المجلس أن يضجع لها جنوب كردفان على جنبها الأيسر. ولكنّ الخبر مضى في طريق الجدية لا يلوي على شيئ (حبس تسلل ضب كبير داخل المفتاح الرئيس لكهرباء مدينة سنار أنفاس سكان المدينة لثلاثة أيام بعد أن عاشت ظلاماً دامساً مصحوباً بموجة من العطش نجمت عن انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة. وقال معتمد محلية سنار فخر الدين يعقوب إن التيار الكهربائي عاد إلى المدينة أمس الأول بعد محاولات من فريقين قدما من ود مدنيوالخرطوم لجهة إعادة التيار الكهربائي الذي تسبب في قطعه السيد الضب).. والسيد هذه من عندي. والخبر مصحوب بصورة كبيرة للسيد احمد عباس والي ولاية سنار.. وهو يرتدي بذلة كاملة.. ومقطب الجبين.. لعلّه غاضبٌ من الضب. ثلاثة ايام بلياليها.. عطشٌ بالنهار.. وظلامٌ بالليل.. ومواطنو سنار يسالون عن السبب.. ولعلّ بعض الشيوخ هناك يردون عليهم (دا كلو من عمايلكم.. توبوا الى الله يا أحفاد رواق السنارية). وحكومة الولاية تستعين بخبراء أجانب من مدني والخرطوم.. فإذا به الضب.. (خصيم الرب). حقيقةً.. بهذا المقال لا أشككُ إطلاقاً في مقدرات الضب ولا في مقدرات أمته جمعاء.. أمة (الضببه).. فهي أمة كبقية الأمم.. ونعلم ذلك من كتاب اللهِ بالضرورة. وبما أنّهم أممٌ أمثالنا.. فقد يكون من بينهم الضب الصالح.. والضب المؤذي.. وذاك الذي يحب (الشمار).. والضب ال(قلبو حار). كما أنّه من المرجح أن تكون لهم تنظيماتهم السياسية.. ضب شيوعي.. ضب مؤتمر وطني.. وضب حركة شعبية. وما حدث في سنار من إظلام ثلاثي (قد) يكون بسبب ضب حركة شعبية.. فهم كما نسمع في الإعلام.. لا يريدون استقرار الشمال. كل هذه الخواطر إزدحمتْ عند مدخل الدماغ (وهو مدخل مشغولٌ هذه الايام بمتطبات العيد).. إزدحمتْ والكهرباء تغادر - أمس الأول - الأسلاك المهترئة التي تجاور المنازل منذ عشرات السنين. مددتُ بصري الي الأفق.. لا ضوء في الأفق.. ولا في نهاية النفق.. لا بُدّ أنّه ذلك الحدث الذي يسمونه (إطفاء كهربائي عام).. الخرطوم والمدن الأخرى. ومع إستدعاء الذاكرة للسناجب التي تسببت في تدفق فيضان القاش على كسلا.. والفئران التي عطلت الرادار بمطار الخرطوم.. والضب الذي أغرق سنار في الظلام والعطش.. ومع هذا التاريخ الطويل من الحقد (الحيواني) علينا.. لم يرد الى ذهني أيّ سببٍ فني لما حدث في ليلة أمس الأول.. سوى انّه (ورل).. قد يكون تابعاً لواشنطن.. أو هو مبعوثٌ جديدٌ من أمة مختلفة. وليكن (ورلاً).. فقط لا يخرج علينا من أهل الحكم أو علمائهم.. في رمضان التوبة والرحمة والعتق هذا.. من يقول لنا أنّ ذلك (الإطفاء العام) هو بلاء نتيجة (عمايلنا). صحيفة التيار نشر بتاريخ 25-08-2011