عصب السابع الكاكي ظلم "كاكي"..!! شمائل النور غريب أمرنا،وعاثر حظنا،، الناجحون بيننا لا يجدون المساحات المستحقة وأعني الذين يرفعون اسم السودان عالياً بين صفوف العالمين، ويقدمون السودان في أفضل صورة ويجاهدون بكل ما يملكون في سبيل رفع اسم السودان الذي لازمت سيرته الحروب والنزوح والجوع والهم وكل ماهو ملازم لدمار السودان، تلك الصورة التي عكست أسوأ وجه للسودان طيلة السنين الكارثية الأخيرة، وأصبح اسم السودان يتربع بشرف بائس كل القوائم الموبوءة والفاشلة، السودان الدولة الأسوأ في مجال الحريات، السودان يتصدر قائمة الدول التي ترعى الإرهاب، السودان الأقلّ صرفاً على التعليم. ثم أخيراً حكومة السودان تُعلن وتُقر بسلام "مضروب". العداء السوداني أبوبكر كاكي فاز في النسخة الثالثة عشرة من بطولة العالم لألعاب القوى.. كاكي الذي يحتفل به كل العالم بالفوز الكاسح الذي حققه للمنطقة العربية الأفريقية وللسودان على وجه خاص.. كثيرون في السودان لا علم لهم في الأساس مشاركة كاكي في هذا السباق العالمي، تفاجأوا فقط بالفوز والمفاجأة مصدرها احتفال الإعلام العربي.. تزامن فوز كاكي مع عيد الفطر، وتزامن عيد الفطر في السودان بانفجار منطقة النيل الأزرق، ليصبح العيد عيداً استثنائياً، إنه ليس تعثراً في حظ كاكي ذلك الذي جعل انتصاره يتزامن مع فشل سياسات حُكامنا، ليأكل انتصاره هذا الفشل، لكنه حظ هذا البلد الذي لا يعرف الفرح ولا أهله، ويوم أن يأتيه فرح يضيع في هذا البؤس. إن تشريفاً مثل الذي حققه كاكي للسودان ولشعبه وللمنطقة يستحق أن تُفرد له المساحات انحناءً وتجلة، لا سيما في هذه السنين الغبراء التعيسة، التي تشتعل فيها الحرب في كل أطراف السودان، بعد أن خُدع شعبه بسلام "مضروب".. إن الذي حققه كاكي للسودان عجز عن فعله جهابذة السياسة وفطاحلة الدبلوماسية الذين يلتّون ويعجنون دون فائدة غير الحروب والدمار والفتنة بين أبناء الوطن الواحد.. إنها حظوظ العالمين من السودانيين أن يأتي فرحهم يوم حزنهم، ليبقى الحزن أولى بالمعروف.. تزامن هذا النصر مع الفشل المريع في إدارة أزمات السودان، جعل الكاكي الحربي يتسيد القوائم ليذهب كاكي صاحب الحق وميدالياته إلى ذيل القائمة. ومن يكون كاكي في هذه الظروف البائسة.. لكن نرجع لنقول ليس هذا ظلماً وقع على كاكي في نفسه، ولم يكن كاكي عاثر الحظ حتى يأكل نجاحه فشل السياسة وغبن الحكام، لكنه الظلم التاريخي الذي وقع على هذا الشعب والبلد منذ سنين عدد، ليفارق الفرح فراق الجنوب للشمال ويلازم الأحزان والهموم ملازمة الحروب التي لا تنتهي،، بالله شوف،، أي مفارقات هذه.. بينما يركض كاكي ويسابق ويلهث من أجل رفع اسم السودان عالياً، يلهث ساستنا لتنكيس اسم السودان، وياعجبي يفوز هؤلاء ويخسر ذاك.. التحية لكاكي أينما حل، إذ أوجد لاسم السودان مكانة ذهبية لطالما اسودّ اسمه بأفاعيل السياسة والحروب المنهزمة وفشل ساستنا في تبييض وجهه.. فليبقَ كاكي وأمثاله مثالاً نادراً لحالات أكثر ندرة ليرفع اسم السودان لامعاً، ويحمل معه شرف كل المنطقة العربية الأفريقية. التيار نشر بتاريخ 08-09-2011