دكتور البرير .. من بعد التحية والتقدير أقول لكم بأنني قد شاهدتكم من خلال فضائية الشروق قبل عدة أيام فوجدتكم عكس ما تخيلتكم، هادئ النبرات، مرتب الأفكار، غير منزعجٍ لما وجه لكم من نقدٍ وبعضه (جائر) و(لاذع)، وبدا لي أن سيادتكم ملم بكل صغيرة وكبيرة لدمامل وتشوهات عاصمتنا مكسورة الخاطر، ولكن وحتى بعد طرحكم وتبريراتكم ما زال بالحلق غصة ... !!. وعلى كلٍ فقد أشفقت عليكم، وتخيلت (هول) ما يقع على عاتقكم .. فمشهد عاصمتنا البائس أمامكم يبدو واضحاً، والأقلام و(النقد) والمتطلبات و(الأولويات) و(الأوليات) مجتمعة لا شك أنها تفعل أفاعيلها على معنوياتكم وأحاسيسكم كإنسان شاءت الأقدار بأن تكون مهام مكتبه وطموحاته ليس فقط تحدهما الإمكانات بل إنسان الولاية والفقر والجهل والمرض والتشرد وهلم جرا !! ومع هذا وذاك سنظل ننقد ونكتب (نحن وغيرنا) عن مآسي عاصمتنا، كلٌ بأسلوبه، لعل الله يبدل من (عسر) عاصمتنا (يسرا) .. ولكن الذي نخشاه هو أن تتوه كتاباتنا التي سبق أن سطرناها نقداً وتوجيهاً للولاية في أضابير النسيان !!. وإن تاهت فهي متوفرة (مع الحسرة) في مواقعنا الاليكترونية ويمكن الرجوع لها إن توفرت للولاية أذن صاغية ومسؤولة .. عزيزنا المعتمد، وددت الاتصال المباشر بكم خلال ظهوركم بقناة الشروق لكي أنوه لمشكلتين سبق أن كتبت في إحداهما، ولكن محاولتي باءت بالفشل نسبة لتهافت المواطنين عبر الأثير لتفريغ شحنات غضبهم لكم .. فقلت لنفسي عليَّ بالكتابة حتى وإن سئم قلمي تناول (دمامل) عاصمتنا !!. القضية الأولى وهي خطيرة للغاية سبق أن تناولتها من قبل ولم يلتفت إليها أحد، وتتمثل في رمي القمامة والأنقاض ومخلفات المجازر و(جيف) النافق من الأبقار ومخلفات بعض مصانع بحري بمشروع السليت الزراعي الذي نأمل منه الكثير مستقبلاً (غذاءً، وترفيهاً، وطقساً طيباً) خاصة بعد انفصال الجنوب وغلاء أسعار المواد الغذائية .. هذا وأن هذه المخلفات الخطرة تأخذ طريقها للمشروع عبر (السامراب) أو (نبتة) أو (الحاج يوسف) .. ويبدو لي بأن الشاحنات المخصصة لنقل تلك السموم (عامة أو خاصة) توفر على نفسها مشقة نقل تلك النفايات إلى (مكباتها) بعيداً خارج العاصمة، فترمي بها في شوارع المشروع دون أي وازع من ضمير، أو شفقة على الأرض والإنسان والحيوان .. والمحصلة النهائية ينتج عنها أخطر أنواع السموم والأمراض التي تتقاذفها الرياح والأهوية فتعم العاصمة .. هناك أيضاً كما أسلفت من يقذف بجيف الأبقار الهالكة بالمشروع وقنواته ليلاً، ناسياً بأن هذه الجيف يجب أن تُحرق وتُدفن حتى لا تؤذي الإنسان والحيوان .. كل تلك الأفاعيل الشيطانية إنما تُفعل بليلٍ وفي الخفاء، ولا يوجد أي رادع لها إرشاديا كان أو قانونياً أو إعلامياً !!!. أما الأخطر الآن على مستقبل تربة المشروع وصحة بيئة عاصمتنا، فيتمثل في كب بعض (النفايات الخطرة) للمصانع بقلب المشروع وقرب قنواته، ومنها بقايا الزجاج وألواح (الجبس) ومخلفات بلاستيكية وكيميائية لا يمكن تحللها وستؤذي وتبقى !!. قبل أيام قمنا تطوعاً بحرق جيفة ثور (فريزيان) لدرء أخطار تحللها، ولكن فوجئت قبل يومين بمخلفاتِ مصنعٍ بيضاء اللون لا نعرف أو ندرك كنهها معبأة في أكياس انفرط عقدها، وكذلك حاول بعض المارة فضها للاستفادة من أكياسها، فما كان إلا أن غطت الرياح بتلك المادة شوارع المشروع إضافة لمياه الترعة الرئيسية، وذهبت الرياح بما تبقى نحو الحواشات والمزارع .. (أرجو أن أنوه بأني سبق أن أشرت إلى خطورة الأمر وقلت بأنني متبرع بسيارتي ووقتي لاطلاع أي مسؤول بهذه الظاهرة الخطيرة ميدانياً، وهذا يشمل حتى أصحاب الأقلام من أية صحيفة أو مجلة كانت) .. عموماً أقول بأنني أتخيل بأنه لو أدرك ولاة الأمر بحقيقة وهول الكارثة التي تحدق بعاصمتنا كنتاج لهذه التصرفات الشنيعة واللامسؤولة، إذن لرأيت وزير الزراعة والصحة والبيئة والسياحة على المستوى الاتحادي والولائي إضافة للوالي والمعتمد وغيرهم، لرأيتهم جميعاً يهرولون نحو المشروع ومِن خلفهم رئيس الجمهورية وبيده سوطاً، ولكن من الذي سيُجلد أولا ؟ لا أدري !!. الظاهرة الثانية المستجدة والخطيرة على شوارعنا تتمثل في (الموضة) الجديدة لأصحاب (المغالق) ببيع الطوب والخرسانة والبلوكات والرملة!. أما في الماضي القريب فإن تلك السلع كانت لها أماكن معلومة .. الآن إذا القينا نظرة على الشارع الرئيسي على سبيل المثال بالسامراب وهو شارع مسفلت وبه إشارة مرور ومزدحم طوال اليوم لأنه يربط عدة مناطق منها مشروع السليت ونبتة وشارع الإنقاذ والمصفاة والصناعية بحري والدروشاب والحلفاية وجسر الحتانة، نجد أن هذا الشارع الهام يعج بعشرات المغالق، وكل مغلق يسد جزءً هاماً من الطريق الرئيسي بمواده المعروضة والتي ما أن تنقص حتى يُضاف إليها المزيد، الأمر الذي أثّر في حركة السير وراحة المواطن وزاد لقُبح المشهد الذي تعبت الجهات المختصة في محاولة تجميله !!. وفي هذا الصدد وكخاتمة أقوووول للمعتمدية ... بأنه ومن خلال معتمدكم يبدو أن معارفكم ثرة، وعليه فإنكم تعلمون بان لكل دكانٍ أو جزارةٍ أو مغلقٍ شروط لا يمكن تجاوزها لأجل الانضباط والصالح العام، وعليه فإنكم لا شك تعلمون بان للجزارة مواصفات وشروط، وكذلك المطعم، والمغلق وما إلى ذلك .. فهل لديكم شروط لمغالق العاصمة ؟ فإن لم تكن هناك شروط فأوجدوها !! وإن كانت هناك شروط ففعّلوها .. ولكم ولمعتمدكم حبنا ودعواتنا بالتوفيق والسداد والجهاد لأجل عاصمتنا .. توفيق عبد الرحيم منصور (أبو مي) http://www.tewfikmansour.net