وزارة الخارجية، واحدة من المؤسسات التي أشفق عليها بكل صدق، هذا الوجه القبيح للسودان والذي تزيده سياسات الحكومة قبحاً صباح كل يوم، الوزارة مطالبة بتقديمه في أبهى ما يكون، جد أنا أشفق على هذه المؤسسة وعلى المعنيين بها، فهم مجبرون على العيش في حالة كربة ما بين تقديم السودان مثله مثل دول العالم، وبين إرضاء حكومة متزمّتة يتبعون لها. بكائية على كرتي الأخيرة حول الانهيار الاقتصادي، تجعلك تُجزم تمام الجزم أنّ هذه الحكومة وقعت في فخ التفكك والانهيار كما ينهار الاقتصاد الذين تولوا أمره إلى أن "جابو خبره"، دون اجتهاد فإنّ علي كرتي نظر إلى الواقع الاقتصادي من خارج الدائرة البائسة، واقتنع تماماً كما اقتنع الكثيرون أنّ الوضع سوف يسير إلى أسوأ إن استمر هذا العبث، ولو خرج الرئيس ونظر إلى الوضع من الخارج سوف يُصدر قراراً فورياً بوقف الحرب والاحتكام إلى حل يضمن لك دعم الدول، هذا من ناحية الدعم الدولي بعد الانفصال، ثمّ تأكّد كرتي ألا دعم يُرتجى والحرب تستعر، فليس من المعقول أن تنتظر دعماً خارجياً ولم تف بسلام وطنك وشعبه، رغم أنّ بكائية كرتي رفعت سعر الدولار وصُنفت باعتبارها غير دبلوماسية، إلا أنّ كرتي ربما أراد متعمّداً إرسال رسالة إلى حكومته في الخرطوم، على أقل تقدير أن يتوقف هذا العبث المُسمى جزافاً تطهير، لكن كرتي تحكمه حكومة ترى ما لا يرى كرتي وما لا يرى الشعب. الانهيار الاقتصادي لا يحتاج كثير تحليل ودراسات، اللهم إلا إذا كان هناك تلاعب متعمد في مفردات اللغة، كل المعطيات أمامنا تُنبيء بكارثة قد يضيع معها كل السودان إن لم يتم تداركها، والمعادلة لا تحتاج إلى تفكيك أو تحليل، نحن فقدنا ثلث الموارد وبالتالي هناك فجوة خلّفها ذهاب البترول جنوباً.. الحكومة لم تعمل على سد الفجوة بوقت كاف، ما المتوقع.. بالتأكيد أن يقع الجميع في هذه الحفرة.. كل هذه الحقائق ووزير المالية ينفي أن يكون هناك انهيار اقتصادي، حسناً إنّه ليس انهيارا بل هو ارتفاع موسمي للأسعار، هكذا قال الوزير، في حياتنا، لم يكن هناك موسم لارتفاع الأسعار إلا باستثناء سوق الخضر والفاكهة التي ترتبط بمواسم زراعية، الغلاء وصل حتى سوق الملبوسات التي لم تشهد وإن ذهبنا جميعاً إلى ما ذهب إليه الوزير، إن الذي يحدث ما هو إلا "كلام فارغ" ودلل الوزير على حديثه بأن سأل الصحفيين هل منكم من لم يفطر اليوم، وكان الأجدر وحتى يكون الوزير أميناً أكثر أن يسألهم كم دفعتم لوجبة الفطور؟ ثم إن سلّمنا أنّه لا انهيار اقتصادي.. بماذا يُفسر الوزير انهيار الجنيه، وبماذا يُفسر الوزير خروج نحو 80 مقاول من سوق العمل كما جاء في أخبار أول من أمس وهذا أول الغيث، وبماذا فسّر الوزير إغلاق 80 مصنعاً بسبب الجبايات، أيّ انهيار أكثر من الذي يحدث الآن، ونحن نرى أسواق العمل تطرد المستثمرين فيها، إن كان بسبب ارتفاع الجبايات، أو بسبب احتكام هذه الأسواق إلى سعر الصرف، فإن لم يكن هذا انهيارا فماذا نسميه.. كلام فارغ..؟؟ التيار