* [email protected] أقر الرئيس السوداني عمر حسن احمد بوجود مشكلات إقتصادية كبرى تواجه بلاده، وقال في خطاب أمام البرلمان أمس ، إن اقتصاد البلاد تأثر جراء الأزمة المالية العالمية، إضافة إلى انفصال الجنوب وأشار البشير إلى أن البلاد تعاني مشاكل ماليه إثر تراجع الدخل من تصدير النفط, وكانت الموازنة العامة قد فقدت 36 في المئة من ايرادتها بسبب انفصال الجنوب, وذهاب 75 في المئة من مناطق انتاج النفط البالغ 480 الف برميل يوميا الى دولة جنوب السودان . وكانت جهود حكومة المؤتمر الوطني قد فشلت في الحصول على قرض مالي من جمهورية جنوب السودان في المحادثات التى جرت بين الرئيس سلفا كير ميارديت ونظيره عمر حسن احمد مؤخرا بالخرطوم . غير أن المفاجأة الكبرى جاءت أمس بعد اقرار البشير بالضائقة الاقتصادية في مفتتح جلسات البرلمان السوداني, حيث قال انه يأمل في الحصول على مساعدة من الدول الغربية, لسد فجوة عائدات النفط التي خسرها السودان بذهاب 75 في المئة من انتاج البترول, عندما ذكر لاعضاء البرلمان بأن " الجهود ستتواصل مع الدول الغربية وخاصة الولاياتالمتحدة وبريطانيا والنرويج حول المؤتمر الاقتصادي الذي سيعقد في تركيا العام القادم لمساعدة السودان على تجاوز الفجوة بسبب فقدان عائدات النفط ومساعدته في التنمية الاقتصادية" . الجدير بالذكر ان الخرطوم ظلت تلعن الولاياتالمتحدة والدول الاوربية سرا وعلانية طوال السنوات الماضية ,وتتهمها بانها تقف خلف كل المشكلات التى يتعرض لها السودان , ولكن يبدو ان الضائقة الاقتصادية التى تمسك بخناق حكومة حزب المؤتمر الوطني جعلتها تنسى اتهاماتها للدول الكبرى, وتعلن عن استجدائها لها لحل مشاكلها الماليه علنا , مع ان البشير كان الى وقت قريب يقول (امريكا وفرنسا وبريطانيا تحت جزمتي )!!!! . فرغم كل هذه المواقف السياسيه المتشدده ,كشفت وكالة الانباء السودانيه عن لقاء جمع وزير التعاون الدولي جلال يوسف الدقير مع السفير الفرنسي بالخرطوم باتريك نيكولوزو ونقلت عن الدقير قوله للسفير الفرنسي( نتطلع أن تكون فرنسا شريكاً استراتيجياً مهماً للسودان، داعياً إلى ضرورة مشاركة فرنسا في المؤتمر الاقتصادي لشمال السودان المقرر عقده في تركيا في ديسمبر المقبل، منادياً بأن تلعب فرنسا دوراً إيجابياً مع المجتمع الدولي والاستفادة من علاقاتها المتميزة في القرن الافريقي)!!!! . وكان الرئيس عمر حسن غادر الخرطوم على عجل , بعد انتهاء جلسة البرلمان , متجاهلا مواعيد زيارة امين عام الجامعه العربية محمد العربي الذي كان يفترض ان يزور الخرطوم أمس , وبما ان الرجل لايحمل اموالا , فان البشير فضل الطيران الى قطر للحاق بمستشاره للعلاقات الخارجية مصطفي عثمان الذي بذل جهدا كبيرا للحصول علي تسهيلات ماليه من الدول العربية , مع ان جهوده فشلت مع دولة الامارات العربية التى صدته بدبلوماسيه مشيرة الى زيارة الرئيس الايراني احمدى نجاد الاخيره للخرطوم , والتى كانت حكومة السودان تأمل من خلالها للحصول على مساعدات مالية من الجمهورية الايرانية , لكن الايرانيون بدورهم صدوا الوفد الذى ضم رئيس البرلمان احمد ابراهيم الطاهر وعدد من الوزراء الاقتصاديين, الذين زاروا طهران تحت ستار المشاركة في مؤتمر القدس , بعد يوم واحد من انتهاء زيارة احمدي نجاد للخرطوم !!. وغني عن القول أن الايرانين معروفون بوضع شروط سياسيه للاموال التي يقدومونها ,وربما كان من الصعب علي الخرطوم الالتزام بها . ووسط كل هذه المحاولات الفاشله جاءت البشاره , من مستشار الرئيس للشؤون الخارجية مصطفى عثمان ,الذي سبق و ان نعت السودانين ب(الشحاتين) لكنه اثبت بما لايدع مجال للشك انه خبير في هذا المجال , لذا فضل البشير اللحاق به من اجل استلام (الشيك) الذي قدمته دولة قطر , ويبدوا ان البشير الذي لم يعد يثق في مستشاريه , والوعود التى يقطعونها , فانه فضل استلام المبلغ بنفسه، وطار الي الدوحه دون ادنى اعتبار لبرنامجة الرئاسي . وقال مراقبون وثيقي الصلة بدوائر صنع القرار في قطر ,ان البشير يأمل كثيرا في الحصول على قليل من الاموال التى وعدت بها قطر لاعادة اعمار دارفور , خاصة بعد ان اوفت حكومة المؤتمر الوطني ببعض تعهداتها تجاه اتفاق سلام الدوحة, واستقبلت وفد حركة التحرير والعدالة واصدرت قرارا بتعين رئيس الحركة التجانى السيسي رئيسا للسلطة الانتقالية في دارفور, لكن في الوقت نفسه صرح لنا قيادى بواحدة من حركات دارفور التى شاركت في مفاوضات الدوحة من قبل (القطريين كان موقفهم على الدوام , رافض لتقديم اي من اموال اعادة الاعمار لدارفور التى التزموا بها في اتفاق الدوحة !,وانهم يفضلون ان تدفع الاموال من بنك دارفور الذي يزمعون اقامته في الاقليم , لمشاريع التنمية دون ان تكون للخرطوم صلة بوجوه صرف هذه الاموال ) . لكن مصدر وثيق الصلة بالقطريين يقول ان الشيك الدولاري الذي سيمنح للبشير إشترط موافقة البشير على ارسال وفد من حكومته للمشاركة في المفاوضات التى ستعقد في العاصمة الامريكية واشنطون وتضم حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد وحركة تحرير السودان بقيادة مناوى , خاصة وان البشير سبق له وان رفض عقد اى محادثات في الخارج بعد توقيع اتفاق الدوحة , فهل سيقبل البشير شيك(علوق الشدة الدولاري ) ام سيكابر! دعونا ننتظر , فان الايام ستكشف الكثير والمثير !!. فتاريخ البشير يشير الى انه دائما مايرفض الامر ويعود للقبول به , فهل ينجح (شيك) شيخ حمد لدفعه نحو مشاورات او (محادثات ) واشنطون, دعونا ننتظر ونرى, فان الايام حبلى بالكثير والمثير . ------------- كاتب وصحفي مقيم في بريطانيا نشر بتاريخ 11-10-2011