كما عودنا منتدى الصحافة والسياسةالذي يعقد دوريا بمنزل الامام الصادق المهدي تحول أمس إلى مؤتمر دستوري قومي مصغر وهو يطرح مسألة دستور السودان القادم على الطاولة ويفتح حوله حواراً مهما من أجل صياغة دستور متفق عليه من أهل السودان. لم يغب حزب المؤتمر الوطني عن المنتدى حيث شاركت أمينة الشؤون القانونية والعدلية بالحزب بدرية سليمان بطرح رؤيتهم في الدستور وإن كانت قد هومت بنا في محاضرة قانونية أكاديمية لتخلص في نهاية الأمر إلى تبنيها آلية اللجنة القومية لوضع الدستور واللجنة الفنية قبل إجازته في صيغته النهائية عبر الجهاز التشريعي. لكن الاتجاه الغالب في المنتدى الذي ابتدره الإمام الصادق المهدي بورقة مختصرة هو ضرورة تنادي جميع المعنيين بخريطة الطريق لكتابة الدستور بهدف الاتفاق عليها وتكوين رأي عام حولها يبشر بكيفية تأسيس رؤية قومية ديمقراطية للدستور الدائم. كان هناك شبه اتفاق أيضاً على اعتماد الدولة المدنية التي تحقق المساواة بين المواطنين على أساس الحقوق الدستورية وأن الشعب مصدر السلطات مع استصحاب مواثيق حقوق الإنسان العالمية. دعا الإمام الصادق المهدي في ختام ورقته إلى ضرورة التوافق على مفردات وموجهات خريطة الطريق للدستور الجديد واعتماد مفوضية قومية للدستور وقيام حكومة صالحة لإجراء الانتخابات الحرة النزيهة وجدد دعوته للمؤتمر الجامع لرسم خريطة الطريق للدستور. من المداخلات المهمة_ رغم أهمية كل المداخلات التي قدمت حتى تلك التي لا نتفق مع طرحها لأننا لا نحجب الرأي الآخر بل نسعى إليه في إطار حرصنا على الاتفاق القومي -مداخلة الخبير القانوني نبيل أديب الذي أكد فيها أهمية تعزيز حرية غير المسلمين لأن في ذلك ضمانا لحرية المسلمين الأكثر تعرضاً لتقييد حرياتهم لاختلافهم عن الطرح السائد. وقال إنه لا توجد دولة في العالم قائمة على قومية واحدة وأن أساس الديمقراطية هو منع طغيان الفرد وطغيان الأغلبية وأنه لا يمكن الفصل بين الحرية والمساواة فكلاهما يكملان بعضهما البعض. الدكتور الطيب زين العابدين أكد أهمية توسيع قاعدة التشاور حول الدستور وعبر عن سعادته بالحراك القانوني والفكري الجاري حول الدستور، ودعا إلى إتاحة الفرصة للمواطنين في مختلف أنحاء البلاد للتشاور حول الدستور كما دعا لضرورة إعادة النظر في المحكمة الدستورية بعد خروج الأعضاء الجنوبيين فيها. المنتدى فتح الباب أمام الحراك القانوني والسياسي والفكري بتبنيه الدعوة للمؤتمر الجامع الذي ينبغي أن تشارك فيه منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وأصحاب المبادرات القائمة لمزيد من التشاور حول دستور المستقبل دون أن يعني ذلك إهمال توسيع قاعدة المشاركة الشعبية حوله.