[email protected] هناك فى أقصى الشمال فى تلك الولاية الوديعة الهادئة التى تهب فيها نسايم الشمال فى كل فصول السنة نجد مواطناً مسالماً جداً وواعياً جداً بما يدور من حوله ..لا يعشق السلطة لا يحب جبروت الحكومات يتملل سريعاً من وعود السراب والكذب المتكرر من المسؤوليين لا يخاف من إشهار معارضته للأنظمة جهاراً ولا يتردد فى قول الحق حتى على حساب مصالحه ..وقد يعتبر الكثيرين هذا السلوك خصماً على تنمية المنطقة فيتم وصفهم بالشيوعية من قبل كل الحكومات التى تعاقبت على البلاد نسبة لتلك الصفات التى يتمتع بها إنسان الشمال ..بدأ الكثيرين اليوم فى الترويج لتلك الحكاية التى تتحدث عن الوقوف مع مصالح المنطقة حتى لو كان ذلك على حساب تأييد نظام غير شرعى ..فالهتاف يجلب المال والتنمية والرخاء للمنطقة.. ولكن ..هيهات فهذه أفكار مردودة على أهلها فإنسان الشمال أصيل فى مبدئه كأصالة أرضه ومن هنا نبدأ ..الأرض ..هى أغلى ما يملك اهل الشمال فهم لا يستحقون كل هذا الذى يمارس ضدهم اليوم ...من تجاهل للتنمية فى المنطقة وتجاهل مد التيار الكهربائى كباقى مناطق السودان ..وأخيراً تشريدهم من وطنهم ..ببناء سدود مشبوهة الأهداف ..وسلب أراضيهم بالقوة ..وبيعها للأجانب..بل وقتلهم بالسلاح...وتهديدهم بالقوة ..هذا ما يحدث بالضبط هناك فى الشمال البعيد ..وإكتملت الدائرة بوالى كسول يغير ويهتم بحزبه أكثر من شئون ولايته ..ألا يرى والى الشمالية باقى الولايات التى تجلب الدعم عنوة وتحرك قوافل الأحتجاج لتلتقى برئيس الجمهورية ..ألا يرى تلك المليارات التى تدعم كهرباء ابوحمد وتلك الاعتمادات التى تفتح لإعمار دارفور ..وتلك الكرنفالات التى تهز وترز فى الشرق ..تحت رعاية رئيس الجمهورية والنائب الأول ..ألا يحرك فيه هذا ساكناً ..والمصيبة الأكبر أيضا وجود معتمدين لا يعرفون عن شئون محلياتهم شيئا ..ولم نسمع بهم يوماً يسعون لإنتزاع الحقوق من المركز كما يفعل باقى المعتمدين ...الغريب أنهم يتحدثون عن المؤتمر الوطنى أكثر من نافع ..وعلى عثمان ..والحشرات تفتك بالنخيل وتميت الزرع والضرع ..والغلاء فى الجاز والإسبيرات يمنع المواطنين من الزراعة بتلك الطلمبات الصغيرة التى لا تسمن ولا تغنى عن جوع ..فى الوقت الذى تتحدث فيه التقارير الصحية عن إنتشار السرطانات بشكل وبائى فى المنطقة ..وتفشى ظاهرة ختان النساء بأعلى نسبة فى الولاية ..ووجود أكبر حركة للهجرة الطوعيه خارج الولاية مقارنة بباقى السودان ..هجر السكان منازلهم هرباً من ذلك الواقع الطارد ..فبدلاً من ان تصبح الولاية الشمالية المصدر الأساسى للقمح والفاكهة أصبحت الآن المستورد الأكبر لها ..فالوالى موالى والمعتمدين مواليين ..والولاية تنهار ..فلا غيرة عليها كما يفعل والى البحر الأحمر الذى يقاوى ويقلع لتجميل ولايته ..ونهر النيل التى بها أكثر من خمسة مصانع للأسمنت وشبكة كهرباء قومية ضخمة ..لم لا ورئيس الجمهورية ونائبه منها..ألا يخجل الوالى من أهله وهو لا يستطيع حتى ان يحرك محكمة شهداء الأرض فى كجبار ...ولا يستطيع أن يدعم الجاز ..ولا يستطيع أن يعمر مستشفيات المنطقة بأبسط مقومات الأسعافات الاولية والاخصائيين ..حتى مياه النيل ..بعد بناء سد مروى أصبحت غير صالحة للشرب ..نسبة للتلوث الذى غير لون ورائحة المياه ..قرى الولاية الشمالية لا توجد بها أبسط مقومات الحياة ..فبغروب الشمس يخيم الظلام ..وبشروقها تطير الأحلام ..فكل بص قادم من هناك إلى الخرطوم يحمل مرضى السرطان ..والسل ..ومع كل هذا ..تريد الحكومة إغراق المنطقة بمياه سدى دال وكجبار ..بعد أن شردت المناصير ..فمن أين يجدها المواطن ..من شظف العيش أم من الوالى الموالى ومعتمديه القاعدين ساى..فعليهم بدل التسكع فى الخرطوم متفاخرين بسياراتهم الفاخرة وملابسهم البيضاء الجميلة..وتلك الفلل الجميلة فى أرقى أحياء العاصمة ..ويتنقلون من منزل إلى مناسبة وقلوبهم على مناصبهم أكثر من اهلهم...أن يلتفتوا إلى ولايتهم بقليل من الغيرة والضمير .. مع ودى.. نشر بتاريخ 14-11-2011