[email protected] ظل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل يمارس العمل السياسي منذ تاسيسه في عام 1944م على واحد من أمرين ، إما حاكماً بأمر الجماهير ديمقراطياً (منفرداً / مؤتلفاً) أو معارضاً وبأمر الجماهير أيضاً لكل الأنظمة الشمولية وهو نهج قوي وواضح إستمده حتى الإرتواء من مبادئه ودستوره وهو وبحق ديدن قياداته على مر التاريخ وهو وبكل صدق السمة الغالبة لدى جماهيره وما عرف به جيلاً بعد جيل. بعد انقلاب الإنقاذ المشؤوم في 30 يونيو 1989م أعلن الحزب معارضته لهذا الإنقلاب وهذا عهده وعمل على اسقاط النظام وبقوة بواسطة ذراعه العسكري (جيش الفتح) ، ثم سلماً - حقناً للدماء السودانية وحرصاً منه على وحدة السودان أرضاً وشعباً وفي سبيل استعادة الديمقراطية التي انقلب عليها أهل الانقاذ بليل- وقع اتفاقية القاهرة. ثم وافق وعلى مضض باتفاقية نيفاشا رغم تحفظاته الكثيرة عليها من أجل وقف نزيف الدم ، ثم جدد طرح مبادرته للوفاق الوطني عام 2007م بهدف خلق منطقة وسطى تجمع الأشقاء السودانيين تصالحاً لا تنافرا فتعود الطمأنينة للمجتمع الذي مزقته الحروب الأهلية التي أجج نيرانها نظام الانقاذ ليثبت أركان حكمه الهالك. ثم وافق على خوض الانتخابات بالرغم من تأكده من نوايا المؤتمر الوطني في تزويرها منذ التسجيل وتوزيع الدوائر الجغرافية وكان الهدف الأول من ذلك الوصول لجماهيره وليتأكد من إلتفافها حول الحزب فيضع اللبنات الأولى لبنيانه القاعدي وإقامة مؤتمره العام ،ولقد كان للحزب ما اراد في جانب وفاء الجماهير للحزب وإلتفافها حول قيادته رغم طول الإنقطاع وخير دليل استقبال الجماهير لرئيسه في زياراته التاريخية لعدد من ولايات الشمال ، وظهر ذلك كذلك إبان الحملة الانتخابية لمرشحي الحزب لكافة المناصب التنفيذية والتشريعية الاتحادية و الولائية ولقد كانت التجربة ناجحة بكل المقاييس بصرف النظر عن نتائج تلك الانتخابات المزورة. .. ومن ذات المنطلق الوطني المسئول أقدم الحزب مؤخراً على الحوار مع المؤتمر الوطني تأكيداً لذات أفكار ومبادئ مبادرة الوفاق الوطني وهي تقريباً تتطابق مع ما قدمته الأحزاب مجتمعة لأجل ايجاد خارطة طريق تؤدي إلى حل المشاكل القومية المزمنة وبرغم طول فترة الحوار ووضوح موقف الحزب من القضايا الوطنية وتعدد اللجان المتخصصة في الشأن الاقتصادي والسياسي كقضية دارفور والحروب الاهلية والدستور ورغم جدية وحسن نوايا بعض المتحاورين من الحزب لم يصل الحوار إلى أي نتائج جوهرية تمس لب القضايا الوطنية الملحة بل تمركز هذا الحوار حول مسائل شكلية لا تقترب حتى من جوهر القضايا الوطنية ومطالب الجماهير من أجل حياة كريمة ولقد أخذ هذا الحوار وقتاً أكثر مما ينبغي مما أدى إلى غموض في موقف الحزب حتى صار بلا مواقف واضحة ومثار للسخرية والتهكم لتهافت بعض المأجورين في قيادة الحزب على فتات موائد المؤتمر الوطني طلباً للإستوزار ورغبة في المناصب الوهمية. فهل كان إتجاه الحزب الشمولي الحاكم نحو الحوار عن قناعة تمليها عليه مسئوليته الوطنية وحرصه على وحدة السودان وإعادة الديمقراطية؟ أم أنها مؤامرة مكشوفة وكالعادة قصد بها كسب الوقت لإطالة نظام حكمه المنهار وإلهاء الشعب عن ضائقته المعيشية الخانقة وصرف الأنظار عن سفكه للدماء الزكية باشعال الحروب الأهلية وبحثة المحموم عن شريك ضعيف يحمل معه وزر إخفاقاته الكثيرة وعلى راسها فصل الجنوب. نعم لم يكن الحزب الحاكم حسن النية وهو يحاور بل قصد مع سبق الإصرار خلق بلبلة وسط قواعد الحزب العريق وهز قناعاتها الراسخة ومن ثم تفكيك الحزب وقتله سياسياً متواطئاً وبكل أسف مع بعض القيادات المعزولة جماهيرياً والمندسة في قمة قيادة الحزب والتي إستمرأت الإنفراد بقرارات فوقية وتزوير إرادة جماهير الحزب من أجل مصالح شخصية لا أكثر ولا أقل ، ضاربة بأشواق الجماهير الوفية الصابرة عرض الحائط وهي كانت ولا تزال برغم الضنك وعسف النظام وتضييقه لسبل الحياة متمسكة بالمبادئ وضد الحوار مع أو المشاركة في سلطة الانقاذ ليس لأن ذلك يخالف الدستور ومبادئه فحسب بل لأن ذلك يعني الإساءة لحاضر الحزب وتأريخه المجيد ولقياداته التاريخية التي عرفت بعفة اليد واللسان كما عرفت بالقوة والثبات على المواقف وبقدراتها الذكية على اسقاط الأنظمة الشمولية. فعلى سبيل المثال لا الحصر .. الشهيد الزعيم الرئيس الأزهري معلم الحرية والديمقراطية مات في سجون الدكتاتورية المايوية والشهيد الشريف حسين الهندي عاش ومات وهو يناضل بثبات من أجل الديمقراطية والسلام والعدالة الاجتماعية ورئيس الحزب مولانا الميرغني نفسه أول من أكتوى بنيران هذا الحكم الشمولي الظالم فقد صودرت ممتلكاته وحبس في داره وغادر السودان معارضاً لنظام الأنقاذ حرباً وسلماً فكيف نصدق قوله أن المشاركة أقتضتها المصلحة الوطنية العليا؟ أليس هو القائل عند إنسلاخ بعض القيادات وهرولتها طمعاً في الإستوزار : {الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ينفث خبثه} !! نائب رئيس الحزب المناضل علي محمود حسنين هُدِّد بالقتل أكثر من مرة وأجبر على الحياة خارج الوطن بسبب آرائه الحرة وأفكاره الجريئة المنادية بتفكيك نظام الحكم الشمولي واستعادة الديمقراطية فهل لانت قناته أو استكان؟ كلا . بل صار رمزاً للمناضلين ومثلهم الأعلى فشتان بين معاني الوطنيه وهرولة الضعفاء لأجل مصالح دنيوية!! إن الحراك الديمقراطي الحر الذي أحدثته الجماهير وما زال يقوده زعماء حزب الحركة الوطنية شيباً وشبابا بالداخل والخارج من أجل استعادة ديمقراطية الحزب والوطن هو حراك ايجابي بكل المقاييس رد للحزب هيبة افتقدها ردحاً طويلاً من الزمن فعلى قياداته الشابة المخلصة على كل المستويات وجماهيره الوفية الثبات على المبادئ والعض بالنواجز على مكتسبات الحزب فهي الترياق ضد الانقسام ، الذي سعى وما زال يسعى له المؤتمر الوطني وتشد أزر بعضها البعض في سعيها الدؤوب لتحقيق ديمقراطية الحزب والعمل مع القوى السياسية الوطنية الديمقراطية المعارضة بصبر وثبات لإستعادة دولة الديمقراطية. وعلى أدعياء الوطنية ورموز الفساد في الحزب الحاكم أن يتوقفوا عن الإدعاءات الوهمية و أن يعلموا أن الجريء واللهاث وراء مصالح دنيوية رخيصة وأوهام شيطانية مقيته تمزق العباد وتضعف البلاد لا الأحزاب وتريق مزيداً من الدماء الزكية وتشوه أكثر صورة السودان في جميع المحافل الدولية فهو وبخطل سياسة الإنقاذ ما زال يقبع في أسفل قائمة الدول الفاشلة بسبب استشراء الفساد وغياب الشفافية. فالسودان بتنوع أعراقه وثقافاته و أديانه وأفكاره وتماسك أحزابه الوطنية يظل موحدا قوياً في ظل دولة ديمقراطية مدنية حديثة أما غير ذلك فهو الهلاك .. ولآت ساعة مندم. زروق محجوب بسيوني/ الأمين السياسي للحزب الاتحادي الأصل / سنجة