.. [email protected] أيا كانت الطريقة التي قتل بها الدكتور خليل ابراهيم محمد ، والذي كان رقما صعبا في معادلة الصراع مع الحكومة على خلفية قضية دارفور المعقدة الجوانب والمترامية الأبعاد . وأيا كان مقدار النشوة التي أحس بها النظام وتوهم النصر في انجازه هذا العمل منفردا أو باسناد أوباختراق ، فان العملية برمتها لاتمثل علاجا لجرح ولن تكون خاتمة لأوجاع الوطن من جراء تلك المشكلة التي خرجت من بين ايدينا حكومة وشعبا وحركات ، فاضحت اضابيرها ضمن مضابط جهات أخرى ، منها البعد الاقليمي ومنها ما هو ابعد من ذلك المدي على النطاق الدولي بشقيه ..القوى الكبرى و الجانب الأممي! لذا نستطيع أن نقول ان ما كانت تنتهجه الحكومة ، من محاولات السلام الناقص الذي ينبني على تلبية الطموحات الذاتية قصيرة الأجل والنظر لدى قادة الحركات بعد عزلهم عن بعضهم وتفتيت حركاتهم لاضعافهاعلى مختلف مراحل ذلك السلام الهلامي الزمن والباهظ التكاليف ، فهو نهج لم يكن الا توزيعا للداء ، بتحويله من طرف واحد في جسد الوطن المعلول ، وتقسيمه على بقية الأطراف ،بما يسهل انتشار الداء وتفاقمه واستعصائه على المحاصرة ! مثلما سيكون أسلوب تصفية قادة تلك الحركات بالمواجهة أو بالملاحقة ، هو تماما محاولة يائسة لاخفاء الأعراض،بضمادات واهية ، مع الابقاء على الجروح متقيحة تحتها ، تنتشر فيها مايكروبات تنخر في ذلك الجسد لحما وعظما ! نعم الكل يعلم أن هنالك مظالم في كثير من أطراف السودان ، بل وحتي في مناطق اوسطه الحضرية ، قبل وبعد سقوط الجنوب عن جسده الكبير ، لكن تلك المشاكل على امتداد التاريخ لم تأخذ هذه الأبعاد الخطيرة ولم تتمدد بمثل هذا الاستعصاء والتعقيد، ولم تبلغ كل هذه المآلات التي يدفع السودان ثمنا غاليا لتداعياتها على كافة المستويات والأصعدة ، من مقدراته وجغرافيته واقتصاده وتاريخه وتماسكة الاجتماعي والأثني والديني ، بل ومن سمعة وكرامة وحياة واستقرار انسانه ، مثلما بلغت في هذا العهد المشئؤم لحكم الجماعات الاسلامية ، التي تتحمل على مستوي مراحل سلطتها متوحدة أو منقسمة ، كل الوزر الذي التف كحية سامة حول جسد هذا الوطن ، الذي كان بما فيه من تسامح بين نسيجة الديني والاجتماعي ، قاب قوسين أو أدني من الوصول على الأقل الى تصور مستقبلي ، يكون بمثابة خارطة زمنية لتلمس الحلول لمشاكله البينية وبذلك القدر من لغة الحوار الهادئة القادرة على احتواء الصراعات ولو بلغت درجة من رفع السلاح في مرحلة ما! فمشاكلنا لاتنتهي بتصفية أطور لصالح الجار الجديد ، أو رد التحية بقتل خليل ، ولا باتفاق السيسي بديلا لمناوي ، ولا بالاقامة الدائمة لوفد الحكومة في فنادق الدوحة ومطاولة الزمن لشفط بدل السفرية الراتب بالدولا ر، لاصطياد القاصية من شوارد الحركات بعد أن يضيع لها درب النضال في مياه العزلة ، بل تكمن مشكلتنا في بقاء النظام عقلية وسلوكا ، وهو ما افضي الى تكاثر تلك الحركات ، والتي خرجت عن نص العمل الوطني الخالص ،وبدأت تلعب وبتشجيع من النظام أو تعاطيه معها دورا مكشوفا نحو تحصيل المكاسب الخاصة على مسرح الهواء الطلق، ولعل مصلحة الشعوب التي تتلقفها منافي اللجؤ ومعسكرات النزوح ، قد باتت وبالدليل القاطع ، في آخر سلم اهتماماتها بل سقطت من أجندة تفاهماتها الناقصة ، ولم تعد طلقة توجه الى صدر الظلم والتهميش تنطلق من سلاحها ! نعم موت خليل لن يكون سهلا على حركته ، بل سيسبب ارباكا لن تفوت الانقاذ فرصته ، لا لتحقيق حل لمشاكل السودان التي صبت على نارها زيت الفتن الطائفية والعرقية والكراهية والعنصرية البغيضة والاستعلاء الأجوف ، ونثرت على جراحاتها التي كانت في طريقها لكي تبرأ ، ملحا أجج من اشتعالعا بهذا القدر المستشري ، وانما ستركب على متونه لبلوغ غايات خبيثة لشق صفوف الحركة من جديد التي يتوقع أن يشد قادتها في خناق بعضهم اقتتالا حول التركة ، ان هم لم يهتدوا بالله ويراعو مخافته في حق الوطن وأهلهم الذين يقتلهم البؤس والشقاء ،جراء وقوعهم بين سندان سلطة حمقاء لا تتعلم من دروس فشلها الا المزيد من الفشل ومطرقة حركات فقدت بوصلة مجرد التفكير في قضايا أهلها الذين حملت من أجلهم السلاح ، ولكنها باتت توجهه منكسا الى تراب كسب الوقت ، وهي تراوح بين سراب التفاوض ، و تناقص القدرات على الآستمرار ! وهو ما يضيف بعدا مأساويا في استمرار نظام لا يرى الا نفسه ، ولا يسمع الا صوته ، هي من أعطته الفرصة ، حينما صدقت أنه يجنح الى السلام ، فباتت كالغراب الذي حاول أن يقلد ( قدلة البلبل ) فلم ينجح ، ثم اراد أن يعود الى مشيته فنسيها ، فطفقت مثله تلك الحركات تقفز في مشية مسخ ، لا هي تحقيق السلام ، ولا الانتصار في الميدان ! وهكذا مع بقاء هذا النظام وعقليته ، وخطل قادة الحركات التي تدعي النضال / ولا تعرف الطريق الصحيح المؤدى له ولا البوابات التي تفضي للسلام الحقيقي، وفي ظل معارضة مدجنة ، وأخرى مغبونة ، وثالثة مطحونه ، وأخري تجمع مابين كل ذلك. وفي ظل التأرجح بين سلام الترضيات الناقص ، ودخولنا الى مرحلة التصفيات اليائسة ، فاننا نرفع صوتنا ونقول امان ياربي أمان ولطفا بهذا السودان ، وأهله . فانت المستعا ن . وتعلم القصد وانت من امامه وورائه ، سبحانك ، ولا حول ولاقوة الا بك .