من يتأمل في الإحداث الجارية و يحاول إجراء مقارنة بسيطة بين دور الإعلام في القرن الماضي و دورة في بداية الألفية الثالثة خاصة في ظل التغطية الإعلامية للإحداث السياسية الحالية ، يجد ان هناك اختلاف كبير و تطور هائل و تنوع ملحوظ اثر بالإيجاب في اطرق ومراحل الرسالة الإعلامية ، سواء من حيث مرسل الرسالة أو الرسالة المرسلة أو القنوات التي تنقل الرسالة أو حتى متلقي الرسالة وهذا التطور الملحوظ انعكس بالإيجاب على مصدقيه الرسالة الإعلامية و خاصة إن الرسالة الإعلامية تعددت وسائل رقابها وتنوعت ، مما أضفى المصداقية على مضمون ومحتوى الرسالة الإعلامية وباتت الشفافية هي الشغل الشاغل لكافة أطرف الرسالة و إن حدث خلل في ميزان الشفافية من قبل اى طرف بات مكشوف و واضح للجميع سواء ارتبط الخلل هذا بإعلام رسمي او حزبي و حتى هيئات مدنية تحاول تدعم رؤية مخالفة عن التوجه العام للمجتمع و أدرك الجميع أن السيطرة على الراى العام بات شئ صعب المنال. ففي السابق و خاصة في الخمسينات و الستينات و حتى في السبعينات نجد أن المتحكم في صياغة و إرسال الرسالة الإعلامية كان الإعلام الرسمي و الحكومي فقط و كانت القنوات الأخرى ضعيفة و غير مؤثرة في الرآى العام ، إلى جانب أن الرسالة الإعلامية كثيرا ما كان يشوبها العور و النقص بل و التضليل أحيانا أخرى و خاصة في وقت الحروب والأزمات سواء السياسية و الاقتصادية أو حتى الصحية و الاجتماعية ، فإعلام القرن الماضي كان إعلام في مجملة يتسم بالإعلام الموجهة الذي يخدم هدف رئيسي ومطوع من أجلة و هو تعظيم وتمجيد الحكام و أداء السلطة التنفيذية تحت اى ظرف و في اى موقف فنجد الرسالة الإعلامية رسالة خبيثة تطعن دائما في ضمير ألامه و شرفاءها و كانوا دائما من يخالفها في الراى فأنهم ضمن قوى الشر مخربين و متعتدين على الأمن القومي للبلاد أو بمعنى آخر معادين لفاسدي ودكتاتورين السلطة التنفيذية ، والحق يقال أن هذه السمة لم تقتصر فقط على دول بعينها أو منطقة بعينها بل كانت هي السمة السائدة في الشرق والغرب وفى كل الدول بلا استثناء سواء المتقدمة أو حتى النامية أو المتنامية ، إلا أن التوقيت و الحجم و الطريقة كانت تختلف من بلد لأخر و يرجع ذلك لمستوى الوعي و التقدم العلمي داخل المجتمع . وعلى النقيض نجد ، أن ما حدث في الألفية الثالثة وهو تغير واضح في الرسالة الإعلامية من حيث ألمصدقيه والدقة وتنوع معدي الرسالة ومرسلها والقنوات المستخدمة و الوسائل المستخدمة وحتى صياغة الرسالة نفسها تغير مما صب في صالح متلقي الرسالة ( الشعوب ) على عكس السابق كان يصب في صالح مرسل الرسالة( الحكام ) و يخدم أهدافه، وفى الواقع أرى أن معدل الرقابة القومية والمدنية تزايد جدا على الرسالة الإعلامية وبتي من الصعب الكذب على ( الشعوب ) متلقي الرسالة الإعلامية وأصبحت الرسالة الإعلامية الرسمية رسالة فقط تأكيدية و ليست رسالة حتى تعريفية او هي المصدر الوحيد لمصدقيه الرسالة بل فئ كثير من الأحيان بات كذبها الواضح و المكشوف مؤثر بالسلب فئ استقرار السلطة التنفيذية و ديمومتها . ويرجع ذلك لعدد من الأسباب التي أرها من وجهة نظري أثرت بالإيجاب فئ مستوى جودة و مصدقيه الرسالة الإعلامية : زيادة المهتمين بالعمل العام و الناشطين سواء الحقوقيين أو السياسيين أو المدنين دخول المجتمع المدني بقوة فئ كونه مصدر رئيسي للرقابة على مضمون الرسالة بل و تخطى إلى دور مرسل أيضا للرسالة الإعلامية التأكيدية لصدق السلطة التنفيذية البطئ و الضعف الواضح فئ ترسانات الإعلام الرسمية الناتج من البيروقراطية المتعفنة تنوع وسائل وقنوات نقل الرسالة الإعلامية سواء المسموعة أو المقروءة أو المرئية و سهولتها قلة تكلفة نقل الرسالة و تنوع معديها وبات من السهل جدا أن تصيغ الشعوب بنفسها رسالتها . سهل التقدم التكنولوجي الحالي فئ سرعة رصد اثر الرسالة الإعلامية المرسلة على متلقي الرسالة ( الشعوب) اهتمام العامة والمثقفين بوسائل التكنولوجيا الحديثة وذلك لسهولة استخدمها فزاد ذلك من وصول الرسالة لأكبر عدد ممكن من المستمعين والمشاهدين . دخول القطاع الخاص بقوة قطاع الإعلام مما اجتذب عدد كبير من متلقي الرسالة الإعلامية نظرا لأنه اتفق مع رغبات و متطلبات الجمهور تنامي الاهتمام من قبل المدونين برصد الراى العام و استعراض ردود فعلة على الرسالة الإعلامية الحكومية تنوع مصادر الرسالة الإعلامية سواء أن كان ذلك من الداخل أو الخارج فأصبح العالم كله قرية صغيرة لا يستطيع احد إخفاء شئ فيه وفى الأخير اى أن هذا النجاح انعكس جليلا خلال الإحداث الأخير التي مرت بها منطقة الوطن العربي و تبلورت قدرته على التأثير فئ الراى العام الداخلي والخارجي بشكل كبير و فجاءت الترسانات الإعلامية الرسمية بقوة و قدرة هذا التطور الهائل على التأثير و سحب البساط من تحت إقدامها ، وان كنت أرى من خلال ما يدور حولنا انه لازالت تلك الترسانات مصدومة و غير مستوعبه لما حدث مما انعكس ذلك على الترهل و التخبط الحادث فئ معالجتها لكثير من الإحداث محاولة أن تكسب بعض الأرضية من حب الجماهير دون تخطيط أو علم أو إدراك لحجم التغيرات الحادثة من حولها . ناشط حقوقي و باحث اقتصادي [email protected] المصدر: مجلة الجالية