ذهب البعض إلى أن الإرهاب هو نوع من الإعلام له لون وطعم ورائحة تختلف جداً عن الأعمال الإعلامية الأخرى إلا أن نقله من خلال قنوات الإعلام وبالذات المرئية يجعل منه إعلاماً مزدوجاً يتيح لصانع الرسالة الإخبارية مجالاً خصباً للتفنن عند بثها أو نشرها وذلك عن طريق الكلام المعلق عليه ولا يستدعي ذلك جهداً كبيراً عادة في صنع الإثارة وخلق الانتباه إلا من خلال اختلاف نوعية لقطات الصور وصياغات التعليق عليها وبهذا المفهوم تختلف وسائل الإعلام وذلك باختلاف مالكيها حكومات أو أحزابًا أو شركات في طرح رسائل الإرهاب ومعالجتها باختلاف انتماءاتها وأهدافها وهنا لا يمكن القول بأن الإرهاب في وسائط الإعلام ممقوت لدى كل الفئات كما لا يمكن القول بأنه محبب أيضاً ولكن الأمر يختلف باختلاف الجهات المرسلة والصانعة رسالة فئة من الفئات عن الرأي العام من قبل فئة أخرى يكون لها سيطرة على وسائل الإعلام قد تؤدي إلى خلل في التوازن ومسبب أساسي لخلق الإرهاب بقصد نقله إجباراً عن طريق وسائط الإعلام وقد تنعكس الحالة وتقوم الفئة التي تسيطر على الوسائط الإعلامية بنقل أحداث من الإرهاب وتكراره وإضافة مساحيق الإثارة له قاصدة بذلك تعاطف الرأي العام معه وزيادة إثارة النقمة على الفئة التي تسببت فيه وهذا الأمر رغم أنه من مسؤوليات الإعلام لحماية المجتمع من مضاره وتصوره في صور ممقوتة إلا أنه سلاح ذو حدين متى قل تأهيل صائغ الرسائل الإعلامية فقد تنقلب إستراتيجيات النقم إلى إثارة الانتباه والاستمالة لدى المتلقي باختلاف ثقافته وبيئته التي يعيش فيها لذا فإن صور الإرهاب في وسائط الإعلام معقدة وكل حالة لها مكونات تختلف عن الأخرى نظراً لاختلاف مفهوم الإرهاب وتقوم وسائط الإعلام بتغطية البعض من الأحداث دون الآخر وفقاً لما تراه ضمن سياستها العامة أما المتلقي فتختلف وجهة نظره وفقاً للنظام السياسي والاجتماعي الذي يعيش فيه والبيئة التي تربّى فيها وتظل وسائط الإعلام عناصر شر فيها التضخيم والتبجيل والتحقير وعناصر خير فيما تنقله وتلونه بالشرح والتوضيح بقصد الوقاية والحماية والعلاج وهنا يأتي الإرهاب في وسائط الإعلام المعاصر بتبجيل منسوبيه أو التقليل من شأنهم وبأساليب التكرار أو الترغيب أو الترهيب كما يختلف طرحه إعلامياً من فئة لأخرى فجهة ترى في القتل والدمار والعنف السياسي بشكل عام هو الإرهاب بعينه وجهة ترى في الرقابة والخنق الفكري والثقافي صيغة من صيغ الإرهاب وفئة ثالثة ترى في الكوارث الطبيعية رغم أنها من صنع الله سبحانه وتعالى إلا أنها تبرر أحياناً صور التسيب واللامبالاة البشرية كعناصر فيها إثارة وشد انتباه للمسؤولين ولمن هم وراء الأحداث وعند الحديث عن صور الإرهاب في وسائط الإعلام المعاصرة وهي كثيرة يجب التركيز على حالة معينة ودراستها وتحليلها ومن ثم استخراج النتائج سلباً أو إيجاباً حيث تختلف حالة عن الأخرى ومكان أو زمان عن الآخر ويبقى الحديث بشكل عام أسلم للوصول إلى بعض المنطق وبعض الحلول في هذا الشأن أول ما تركز عليه وسائل الإعلام في إبراز الإرهاب إعلامياً هم الأشخاص أو القيادات وبمعنى آخر الصائغ للحديث وتبرز مأسي الإرهاب وضحاياه من خلال هؤلاء وهنا تتسابق الجهة أو الجهات في إعلان المسؤولية واستخدام وسائل الإعلام في تبيان القوة وتضادها ويبدأ التكرار في نقل الحدث وذلك بصياغات ورؤى مختلفة وينتصر الضعيف ويضعف المنتصر وهكذا يكون هناك ضحيتان ضحية أولى من إصابة الإرهاب باختلاف أنواعه ومسبباته والضحية الثانية هو المشاهد الذي تختفي عنه الحقيقة باختلاف درجات التضليل وتقوم بعض وسائل الإعلام في العالم اليوم في بعض الأحيان بإدخال المؤثرات الصوتية والمرئية ووسائل التهييج والتأجيج كما تقوم بعض وسائط الإعلام الغربية وخاصة الصحافية أحياناً يخلق أحداث معينة والتسبب في صناعة التأزيم والمشاحنات اللغوية حتى تتمكن من تغطية إعلامية متميِّزة باختلاف وجهات نظر الصناع.