وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يعد المسلمون أنفسهم للمستقبل بفكر، أم بالأرهاب ورباط الخيل
نشر في سودانيات يوم 26 - 08 - 2012


[email protected]
مدخل لابد منه:
استمعت لرأى فى قناة (مسيحيه) أتابعها بأهتمام وقلب صاف وذهن مفتوح، قالت فيه مقدمة البرنامج، ومعها أحدى المتداخلات، بأن من يسمون (شيوخ) وفقهاء و(علماء)، هم وحدهم الذين يعرفون الأسلام جيدا، لذلك يقولون أن (الأسلام) ليس دين سلام، بينما يحاول المسلمون العاديون، الذين لا يعرفون الأسلام، التحدث عن أنه دين تسامح وسلام، ويسعون لتجميل صورته على غير الحقيقيه، اقول للأخت المذيعه ومن تداخلت معها، على العكس تماما مما تظنون فاؤلئك الشيوخ لا يعرفون (قشرة) الأسلام، ومن يعتمد عليهم لن يتعرف على حقيقة (الأسلام) لكنه يمكن أن يتعرف على (الشريعة).
ومن ثم اقول للمسلمين عامة والشباب خاصة - فالكبار عادة يحنون للقديم - أما الشباب وهم أكثر من نصف الحاضر وكل المستقبل وهم مواجهين بتحديات فكريه وحضاريه، فهل يستعدوا لها بفكر ثاقب مستنير ومتقدم أم (بالقوه) ورباط الخيل؟
و(القوه) قد تكن مطلوبه ومفهومه وقد تعنى الوحدة والتضامن أو قوة (الفكر) ورجاحته أو على الأقل هى شئ غير (العنف)، ومن الجيد جدا أن تكن (قويا) لكن من غير الجيد أن تكون (عنيفا).
تقول الآيه: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ).
ويتخذ الأخوان المسلمون هذه الآيه أوجزءا منها ((وأعدوا)) تحت سيفان متخالفان وكتاب قرآن من أعلى، شعارا لهم، وكما قلنا اعلاه لا توجد مشكلة فى أن يكن الأنسان قويا، ورباط الخيل يمكن "تأويله" الى معان أخرى تناسب العصر كسلاح الدفاع الجوى والصواريخ وغيرها من اسلحة الغرض منها ردع العدوان وصده لا المبادرة به، لكن (ترهبون) به عدوكم، فهذه الجزئيه يقول عنها اصحاب الديانات الأخرى بأنها دعوة صريحة (لأرهاب) الأخرين فهل نملك الرد عليهم بدون (لف) أو (دوران) ، طالما (شريعتنا) تدعو أوضح آياتها فاذا انسلخ الأشهر الحرم، قاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) ؟ وهل يوجد فى الأسلام والقرآن (منهج) غير (الشريعه) يمكن أن يقدم للعصر الحديث (فكر) تصالحى وتسامحى، لا يتبنى القتل والأرهاب - (المشروع) - عند كثير من المسلمين، من أجل التغيير، كما تفعل الشريعه؟
هذا هو دور شباب (الباحثين) والمثقفين المعاصرين الأذكياء، الذين نهلوا من العلوم الأنسانية ومن (الأديان) المختلفه أسلاميه ومسيحيه دون أن يتأثروا بما هو موجود فى كتب الفقه (الصفراء) وبالفكر القديم الذى ورثوه من الأباء والأجداد، وسبق أن اشرنا بأن اعظم كتاب يضم فى داخله (التفاسير) الشرعية وهو (ابن كثير)، مذكور فيه أن الكرة الأرضيه جالسه على قرن ثور!
وهذا المقال وسابقاته هو نوع من تحريك المياه الراكضه ومواصلة فى تناول القضايا الفكريه على قدر ما اعطانا الله من علم ومعرفه متواضعه، وأستمرارا فى الحديث عن المسكوت عنه فى (الدين) و(الشريعه) التى يخشى الكثيرون التعرض اليها ونقدها وتوضيح اوجه قصورها وعدم ملاءمتها لعصرنا الحديث، بسبب احجام المثقفين من القيام بهذا الدور وبناء على ثقافة القهر والكبت و (التخويف) التى ورثوها أو نشاوا عليها فى بئيات تتعامل مع (الدين) على انه وسيلة لدخول الجنه أو النأر، تماما مثل (التجاره) ربح وخساره لا كقيمه فى ذاته وحاجه مثل الطعام والشراب لا يستطيع أن يعيش الأنسان بدونها ولا تكتمل دنياه بغير ممارستها والنهل من معينها قدر الأستطاعه، ثم هو (الدين) وسيله لتحقيق السلام بين الأنسان ونفسه وبين الأنسان والكون كله وبذل (المحبة)، للأحياء والأشياء كما قال الساده الصوفيه عندنا ومنذ زمن بعيد: (الماعندو محبه ما عندو الحبه)، قيل فى بعض الروايات أن السيدة (المتصوفه) رابعة العدويه قالت: (أنها تعبد الله لا طمعا فى جنته أو خوفا من ناره، وأنما حبا فيه). والأخوه المسيحيين الذين لا يعرفون الدين الأسلامى الا من خلال شيوخ (الجهاد) والقتل والطلاق والنكاح والحيض والنفاس، الذين يدافعون عن(الشريعه) فى استماتة دون أن يبينوا للجمهور كيفية العمل بفقهها الذى نزل على العباد قبل أكثر من 1400 سنه مع استحالة تطبيقه والشعور بالحرج من ذلك، وهذا هو السبب فى لجوئهم الى التفاسير المختلفه والمتناقضة احيانا لأيجاد (مخرج) .. يقول (المسيحيون) أن (الأله) فى الأسلام لم يخلق الخلق (حبا) فيهم كما يقول الدين (المسيحى)، وهم لم يسمعوا بالحديث الذى يقول :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن مثلى ومثل الأنبياء من قبلى كمثل رجل بنى بيتا، فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة. قال: فأنا تلك اللبنة".
ومعنى الحديث الواضح، أن الرسول يقول أن العلاقه بينه وبين الأنبياء الذين سبقوه، كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وجمله، لا تنقصه الا (طوبة) ، يقول الرسول انه تلك (الطوبه) التى اكملت البناء.
فهل هناك سبب يجعل الأخوه المسيحيين يقولون أن (محمد) أخذ من الأنجيل ومن التوراة ومن المزامير، اذا اعترف بنفسه، الا فرق يمكن أن يذكر بينه وبين باقى الأنبياء؟ وهل هناك سبب يجعل (المتشددين) والمتطرفين الذين يصرون على (الشريعه) وهى مرجعهم فى ذلك التطرف، فى أن يعاملوا المسيحيين معامله متدنيه ولا يعترفوا بحقهم فى المواطنه، مرددين مبررات غير أمينه أو صادقه، بأن الدين الذى تنتمى له الأغلبيه يجب أن تحكم (شريعته)، وهل يقبل المسلمون فى بلد مثل مصر لو كان عددهم 40 مليون (مثلا) والمسيحيين عدهم 50 مليون، أن يحكموا (مصر) بالتعاليم المسيحيه؟
الشاهد فى الأمر وبأعتراف محمد (ص) عليه نفسه أن الناموس الذى جاء به لا يختلف كثيرا، عما جاء به (عيسى) من قبله وباقى الأنبياء ولا يوجد فرق شاسع بين هذه الديانة أو تلك كما يصور (علماء) الطلاق والنفاس، لشئ فى نفس يعقوب، فى غالب الظن هو استخدام ذلك الدين من أجل تحقيق مصالحهم الشخصيه فى تضامن واتفاق مع تيارات (الأسلام السياسى) على مختلف توجهاتها وأنتماءاتها الفكريه، بينما يقول رب العزة عن نفسه فى الحديث القدسى:
(كنت كنزا مخفيا، فأحببت أن أعرف، فخلقت الخلق لكي أعرف)، يعنى (بالحب) خلق رب العزة الخلق والكون، لكى يعرف.. و(المعرفة) أول سلم يؤدى للمحبة الحقيقيه.
وعلماء الحيض والنفاس والنكاح يقرأون الحديث الذى يؤكد حب الله لخلقه الذى يقول إن الله خلق آدم على صورته)، لكنهم يرجعون (الهاء) فى صورته الى آدم نفسه لا الى الله، وكأنهم يفرضون على (رب العزه) رؤاهم ووجهات نظرهم، لا كما اراد هو بنفسه أن يقول لخلقه.
والصوره ليست بالضرورة أن تكون (الشكل) ذا الأبعاد المعروفه والمحدده، ويمكن أن تكون (الأخلاق) التى لا يمكن أن تحد أو يحاط بها بل لها بدايات معروفه هو (القانون) وهو ادنى درجات الأخلاق التى تتمدد الى نهايات وصور مطلقه غير محدده، ولذلك قال النبى عن نفسه (جئت لأتمم مكارم الأخلاق)، وهذا يؤكد أن أهل (الجاهيله) كانت لديهم قيم اخلاقيه لكنها (ناقصه) فجاء لكى يكملها.
وللمزيد من التوضيح عن هذا الجانب (خلق آدم على صورته) جاء فى القرآن : ""كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ"
الشاهد فى الأمر يجب أن يعلم (المسلمون) اذا كانوا يحبون دينهم، بأن مطلق مسلم ليس افضل من مطلق مسيحى، وكل القضيه أن (الأسلام) الذى نؤمن به اذا كان (دينا) لا كما يرفضه بعض (المسيحيين)، جاء ليكمل ما سبقه وما نقص بسبب تطور الحياة وتدرجها كما اراد لها خالق الكون الذى اعطى مثلا بخلقه للكون فى ستة ايام، وكان بامكانه ان يخلقه فى ثانية أو أقل من ذلك.
والطبيعة البشرية لا تستطيع أن تفهم الأمور الا هكذا (بالأضداد) و(التدرج)، ومن يعترض على زواج الفتيات (القاصرات) صغار السن فى ذلك الزمن، بمفهوم اليوم الذى يمنع ذلك ونحن نؤيد هذا الأمر ونشعر بعدم تقبله من ناحية (انسانية )، لكن علينا جميعا مسلمين ومسيحيين أن نكن (موضوعيين) وأن نعيد الأمور الى وقتها فى ذلك العصر القديم، وأن نسترجع قيمه وأعرافه وقوانينه حينما كانت (المرأة) توأد حية، الا يعد تطورا كبيرا، اذا بقيت تلك (الفتاة) حية وزوجت فى سن ست سنوات أو تسع، حتى يتقدم الناس ويرفضوا زواجها الا بعد 16 سنه، كما تنص التشريعات الدولية الآن ، ومن يسعى لمحاكمة التاريخ مخطئ ومن يريد أن يعيد تلك السنه كما يقول بعض (الشيوخ) و(الفقهاء) أكثر خطأ، بل يرتكبون جرما كبيرا، فكل أمر يجب أن يؤخذ فى زمانه وظروفه وضرورات الحياة وقوانين المجتمع وقتها، على سبيل المثال فى بداية الخلق كان الأخ التوأم يتزوج من شقيقته التى تخرج معه من بطن واحده لأنه لا توجد امرأة أخرى يمكن أن يتزوج بها ويزيد من تعداد الناس ليصل الى ما نراه الآن ثم تطور الأمر الى منع تلك السنه وأن يتزوج الأخ من اخته التى لم تخرج معه، حتى وصل الناس الى منع زواج الشقيقات وكثير من الأقارب، يعنى ما كان (حقا) ومقبولا فى فترة من الفترات أصبح (باطلا) وجريمة تعاقب عليها كافة الشرائع الدينيه والقوانين الوضعية والأنسانية، فهل يجوز أن نعود للوراء ونحاكم سيدنا (آدم) على تزويجه لبناته فى بداية الخلق من (أخوانهم)؟
ومثلما حدث هذا التطور فى العلاقه بين (البشر) وفى عملية الزواج على ذلك النحو، كذلك تطور الأمر الى تقليل عدد الزوجات من (كم) بلا حدود الى اربعه فى (الشريعة) الأسلاميه وفى اضيق الحدود ولظروف تضطر الرجل لذلك، ومن يفهم تلك (الشريعه) جيدا، يدرك انها فى هذا الجانب كانت متقدمه جدا، ولم تبح (التعدد) لأى سبب، بل المحت بصورة لطيفة الى انه (مرفوض) اذا لم تكن له (ضرورة) قصوى، فيكفى أن يقول رب العزة (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فان خفتم الا تعدلوا فواحدة)، يعنى مجرد (الخشية) من عدم العدل "يبطل" التعدد، فمن يضمن أن يعدل ويعطى الله عهدا بذلك، فيتزوج مرتين وثلاثه وأربعه؟ يخرج (الفقهاء) اياهم فيقولون لك، بأن العدل المطلوب فى الأنفاق وفى المبيت وفى الملبس لا فى (ميل) القلب، فهل هناك اذى أكثر من أن تعلم امرأة أن زوجها يميل قلبه لأمرأة أخرى؟ لهذا نجد كل النسوة وفى اى عصر منذ زمن النبى وحتى اليوم، لا يقبلن أن يتزوج الرجل من زوجة ثانيه، حتى لو لم يعلن الرفض (جهرا)، والأمر لا يتوقف عند (ان خفتم الا تعدلوا فواحده) وانما يتعداه الى آية أكثر وضوحا تقول: (ولن تستطيعوا أن تعدلون بين النساء ولو حرصتم)، يعنى العدل لن يتوقف عند ميل (القلب) وحده، بل فى نوع الطعام والكساء وبذل الأموال، وكلما فى الأمر (شرع) ذلك التعدد للتغلب على الصعوبات والمشاكل التى ربما تفوق الأذى الذى يحدث للمرأة التى يتزوج زوجها من امراة أخرى، وعلى كل فأصحاب الحس المرهف و(الخيال) المحلق ومن يسبقون ازمانهم يدركون من خلال اشارات لطيفه وفهم عميق أن الأنسان يجب أن تكون له (زوجة) واحده كما فى التشريع المسيحى، فزوجك هى انبثاق نفسك خارجك، وزوجك هى المكتوبه لك فى اللوح المحفوظ من قبل أن تولد ومن قبل ان تولد زوجتك.
الشاهد فى الأمر اذا استخدم الناس عقولهم وتخلصوا من الخوف والكبت والأنانيه ، لوجدوا الا اختلاف يذكر بين الأديان، ولأرتضوا (بالديمقراطيه) والمواطنه واحترام القانون كاساس للحكم، لا التشريعات الدينيه، وحتى فى جانب (الطلاق) الذى يحرم عند المسيحيين الا (بالزنا) هو كذلك فى الأسلام شبه (محرم)، لأنه كما جاء فى (الحديث) ابغض الحلال، فمن هو ذلك الأنسان (الورع) الذى يبغض ربه، حتى اذا فعل (حلالا)؟ واذا كان الأنسان العادى يخشى من غضب (مديره) ورئيسه، فكيف يغضب ربه، بأيسر السبل؟
بعد كلما تقدم فهذه سانحة أجيب فيها على قارئ محترم طرح على سؤالا فى مقال سابق، قال فيه (هل انت مع الشريعة تلك التى نزلت قبل 1400 سنه)? اقول له بكل صراحة ، المشكلة ليست فى (البشير) أو (نافع) أو (على عثمان)، الذين نعارضهم ، وهؤلاء جهلاء ابتلى الله بهم أهل السودان ويريدون أن يعيشوا أهل هذا البلد فى عصر قوم خرجوا من (الجاهلية) لتوهم ، لذلك يجلدون النساء ولا يشعرون بالحرج فى انفسهم، والمشكله الحقيقيه فيما تحمله عقولهم من (فكر) بال، لا يصلح لهذا العصر ولا يحل مشاكله ويستحيل تطبيقه، وهم يعلمون ذلك، لكنهم (يكابرون) ويعاندون ويخادعون ويضللون، ويتخذون ذلك (الفكر) وسيلة للتشبث بالسلطه من خلال دغدغة مشاعر البسطاء والأميين وأنصاف المتعلمين والمثقفين، لذلك وبكل وضوح ودون تردد اقول للأخ المحترم، بأنى لست مع تلك (الشريعة) عن وعى ومعرفه بل اخجل منها ولا استطيع الدفاع عنها أمام اصحاب الديانات الأخرى، وأعتبرها من اسباب التخلف والقتال الذى يدور فى دول مثل الصومال وافغانستان والسعودية والسودان، وسوف تدخل فى ذلك النفق المظلم (مصر) وتونس وربما ليبيا واليمن، وماتدعو له تلك (الشريعة) هو السبب فى ما نراه من عنف وقتل انتشر فى العالم بواسطة الأسلاميين الذين قرأوا الايات المحرضه على ذلك مثل: " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم" .. وآية أخرى اشد منها عنفا:" قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ". وهذا هو السبب فى اظهار الدين الأسلامى كدين ديكتاتورى (شمولى) لا يعترف بالديمقراطيه والتنوع والتعدد والتداول السلمى للسلطه – فالحاكم أبدى بمقتضى البيعه التى تمنحها له الأمه - وفى (الشريعه) لا يعترف بشئ أسمه عداله أو مساواة بين الناس، اللهم الا (الأسقاطات) التى يأتى بها بعض دعاة (الشريعه) من مظان ليس لها علاقه (بالشريعه) مثل الآيه التى تقول: (أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنه وجادلهم بالتى هى احسن) أو آية أخرى مثل: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، هذه آيات من القرآن تتحدث عن (الأسلام) لا (الشريعه) ففى الشريعه ليس من حق الأنسان أن يكفر، فالكافر يقاتل حتى يسلم، وذكرنا الآيه التى تحرض على ذلك القتل فى أكثر من مرة، ومن يرجع عن دينه (المرتد) هناك احكام واحاديث تحرض على قتله، لكن بعض (دعاة) الشريعه حينما (يحاصرون) فى الحوار، يسعون للدفاع عنها بالباطل وبصورة غير مقنعة وباستدعاء (آيات) وأحاديث، لا يستدل بها فى تطبيق (الشريعه)، واين هى تلك المساواة، وهذه الآيه واضحه وتقول: " يا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاص فِي الْقَتْلَى الْحُرّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى".، يعنى اذا دار قتال بين (طائفتين) أو( دولتين) وقتل سيد من الطائفة الأولى (عبدا) من الطائفة الثانية - وهذا اقرار بالرق والعبوديه، قد يكون مبررا فى وقته - فيجب قتل (عبد) من الطائفة الثانيه لا (سيد)، لأن الحر بالحر والعبد بالعبد كما تقول (الشريعة) فى تلك الآيه، مراعاة لقوانين وأعراف ذلك الزمان، وكذلك الحال بالنسبة للنساء " الْأُنْثَى بِالْأُنْثَى" .. وأنا ولست وحدى فى ذلك (الرفض) – الواعى - لتحكيم الشريعة فى هذا العصر، التى كانت ملبية لحاجات أهل ذلك الزمان الذين كانوا حديثى عهد بالأسترقاق وكانت اعرافهم تقر (استعباد) الآخرين ولا حق فى مجتمعاتهم للنساء الا فى (الحياة) وعلى مضض، حتى أن ثانى الخلفاء الراشدين وهو من (زعماء) قومه الأشداء، وأد بنته قبل أن يدخل الأسلام، خشية (العار) اذا غارت عليهم قبيلة وأخذتها (سبية) واصبحت جارية.
وقد قال من هم أعلم منى، عن تلك الشريعه بأنها (لا تصلح لأنسانية القرن العشرين)، وبكل شجاعه، بالطبع لا تصلح لأنسانية هذا العصر والعصور التى تليه، البعض ومنهم دكتور/ الترابى يتحدث عن (دولة المدينة) التى يريد أن يطبقها فى شعب السودان مرة ثانية بعد أن فشل (المشروع الحضارى)، والشئ الوحيد الذى يراه فى تلك الدوله كنموذج للتعائش (السلمى) أنها كانت تضم مسيحييين ويهود، ولأنها قبلت بهم (كتبه) فى الدولة الأسلاميه وأن وقائع نقلت تقول انهم وجدوا عد لا فى القضاء حينما اختصموا ساده ووجهاء، لكن لم يذكر بأنهم كانوا (مواطنين) متساويين فى كآفة الحقوق والواجبات ومن حقهم أن يتبوأوا اى منصب يتبأوه (مسلم)، ولأنها وضعت أسس لشئ اسمه (دوله) مهما كانت (بدائيه) وتلك الأسس المبنيه على (المزاجيه) وعلى شخصية الحاكم أو الوالى، لا تصلح لقيام دول فى عصرنا الحالى، الذى لا يرتضى بغير (المؤسسية) واليهودى والمسيحى فى دولة (المدينة) كان يعيشان بين المسلمين منقوصى الحقوق السياسيه والأجتماعية، أى تحت ظل الحائط كما يقول المثل، وتلك (الشريعة) تميز بينهما وبين المسلم، وبين الرجل والمرأة ولا تعترف بالديمقراطيه، ووسيلتها للحكم هى (الشورى)، التى تجعل من الحاكم "الها" لا انسانا يخطئ ويصيب، لذلك لا يمكن أن تكون تلك (شريعة) الله وكلمته الأخيره لخلقه الذين يحبهم، وأنما هى (شريعة) مجتمع معين فى زمان ومكان وظروف معينه تناسبهم وتلبى حاجاتهم، لكنها لا تناسبنا ولا تلبى حاجاتنا ونحن كمسلمين نشعر بالحرج للدفاع عنها، فكاذب من يستطيع التحدث بكل شجاعه انه يؤمن بقتال اصحاب الديانات الأخرى حتى يسلموا أو يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وكاذب من يطالب بتلك (الشريعه) ويعلن على الملأ بأنه مع ابقاء (الرق) وعتقهم عند الكفاره، أو أن يقتلوا فى الحروب مقابل (العبيد) الذين يقتلون فى الجانب الآخر، وكاذب من يدافع عن (الشريعه) ويرفض علنا ولاية المرأة على الرجال أو المسيحى على المسلمين.
ودولة (الشريعة) تلك اذا اردنا أن نعيدها فى زمان الدوله الحديثه، فسوف يكون المشرع لعلماء الذرة والطب والهندسة والفيزياء العاديه والنوويه والرياضيات، والفلك ومن صعدوا للقمر والمريخ، ومن يأمرهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر هم نفسهم الذين يفتون عن جواز قتل (الناموس) أو عدم جواز قتل (النمل) كله، اذا عضت شخصا، وأنما عليه أن يبحث عن (النمله) التى عضته وسط ملايين النمل، كما سمعت وشاهدت على احدى القنوات الدينيه، وهم ذاتهم الذين يفتون بمشروعية (ارضاع الكبير) ويأتون بألأدله على ذلك دون مراعاة لظروف ذلك الزمان وثقافة امته، كالحديث الذى روته السيدة عائشه فى صحيح مسلم، والذى يقول أن صحابيه اشتكت للرسول من أن احد الصحابه يدخل عليهم، فقال لها (أرضعيه حتى يحرم عليك). فهذا امر (شرعى)، كان مقبولا فى ذلك الزمان ويناسب ثقافة ذلك العصر، فلماذا يشعر دعاة (الشريعه) – اليوم - بالحرج منه ولا يوافقون عليه، بل استهجنوا فتوى (الشيخ) الأزهرى الذى استخرجه من الكتب القديمه وأوقفوه من العمل، ونحن كذلك نشعر بالحرج مثلهم لكننا نختلف عنهم بأن ذلك الحرج نشعر به فى التمييز بين المسلم وغير المسلم فى دولة واحده، وبين الرجل والمرأة فى الشهادة والميراث وبين (العبد) والحر، بل بمجرد ذكر كلمة (عبد) وغير ذلك من جوانب، ونشعر بالحرج من مجرد (تشريع) يقنن للعبوديه واسترقاق الأخرين ويعترف بذلك.
اؤلئك العلماء والفقهاء الذين سوف يشرعون لمجتمع اليوم هم ذاتهم الذين يفتون عن مشروعية مضاجعة الزوجه المتوفاة خلال ست ساعات، وعن جواز (تقبيل) طالب الجامعه لزميلته، وهذه الفتوى تحديدا صدرت من الشيخ (التسعينى) جمال البنا شقيق (حسن البنا) مؤسس فكر (الأخوان المسلمين) ومرشدهم الأول، مع اعترافنا ببعض الجوانب المشرقه والمستنيره فى فكر (جمال البنا) والذى يخالف فكر الأخوان المسلمين.
وهم ذاتهم الذين يرتكبون الفاحشة على قارعة الطريق ويكذبون ويخادعون فقد قبض على شيخ مصرى (سلفى) فى وضع غير اخلاقى وفى منطقة معزوله مع فتاة يمارس معها الفاحشة، وقبض قبله على شيخ (سلفى) آخر أجرى عملية تجميل فى انفه ثم أدعى بأنه تعرض لأعتداء من مجموعة ضربته فى انفه وأخذت منه مبلغا من المال، كل ذلك حتى لا يظهر لرفاقه بأنه اجرى عملية تجميل (حرام) حسبما ينص الفقه الذى يتبعه، وحينما اكتشف أمره، وفضح، كذب مرة أخرى وأدعى بأنه قال ذلك تحت تأثير البنج، مع انه فى البداية حاول أن يتهم المستشفى، التى اجرت له العملية بالكذب والأفتراء عليه، وفى كلا الحالتين اكتفى الحزب (السلفى) الذى ينتميان له ودخلا البرلمان من خلاله، بفصلهما والتبروء منهما، مرددين كالعاده كلاما مثل التصرفات (الفرديه) لا يمكن أن تحسب على (الحزب) دون أن يعترفوا بأن (المنهج) لو كان سليما، لم خرج مثل هذين النائبين، ثم متى يدان (الفكر) ويراجع، ويقال عنه فكر لا يصلح؟
وهم ذاتهم الذين قتلوا شابا مصريا كان يتحدث مع خطيبته، دون ان يمارسا فعلا فاضحا كما فعل (السلفى) المؤيد (للشريعة) الأسلامية والداعى لها، والذى يمكن ان يقتل من يرفض تطبيقها والذى يمكن أن يشرع للآخرين بحكم أنه نائب فى البرلمان وعالم شريعة، وهم نفسهم الذين افتى احدهم بقتل المتظاهرين المصريين وسماهم (خوارج)، لأنهم سوف (يخرجون) حسب علمه، على (حاكم) مسلم ينتمى لجماعة الأخوان المسلمين، وحينما ضيقوا عليه الخناق، أنكر قوله وملأ الفضائيات ضجيجا وعنفا لفظيا وكذبا وقال بأنه يقصد (الخوارج) على الديمقراطية والمتظاهرين الذين سوف يحملون (السلاح) ... يا شيخ!
والشريعة لا تعترف (بالديمقراطية)، ومنذ متى كان المتظاهرون الذين يحملون السلاح يحتاجون الى فتوى، فهؤلاء تتعامل معهم الأجهزة الأمنيه فى كآفة دول العالم دون حاجة الى فتوى (دينيه) وتحدد طريقة التعامل معهم وفق درجة خطورتهم، ويبدأ الأمر بدعوتهم لتسليم السلاح وأن قاوموا تتخذ التدابير لنزع ذلك السلاح والقبض عليهم دون احداث أذى بهم، واذا صعب ذلك يتم تعطيلهم بالضرب على ارجلهم وفى اماكن لا تسبب الموت، أما القتل فهو آخر (حل) لنزع ذلك السلاح وحينما يشعر رجل الأمن بتهديد لحياته أو للمنشاءات العامه للدوله.
وللمزيد من الحديث عن مفاهيم (الشريعه) التى اصبحت غير صالحه لهذا العصر، بل (تحرج) الأذكياء من المسلمين وتقف بينهم وبين الأنطلاق والتقدم نحو الأمام وتمنعهم من تقديم صوره جميلة للأسلام، دون خداع ومراوغة والتفاف، تحدثت الأميرة (نسمة بنت سعود) الى قناة فضائيه، منتقده تصرفات وتركيبة (هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر) فى (السعودية) وهى هيئة (شرعية) وطالبت باعادة هيكلتها وأن تضم أدارتها شباب مثقف ومستنير من خريجى كليات الأجتماع وعلم النفس، اضافة الى معرفتهم (بالدين)، وهذا ما ظللنا نردده ونطالب به بأن يصبح التعليم (ليبرالى) كما هو الحال فى الدول المتقدمه، وأن تلغى كآفة المؤسسات التعليميه (الدينيه) المتخصصه من المراحل الأبتدائيه وحتى (الجامعية) لأنها تخرج جهلاء، ومحرضين على القتل من خلال علمهم المأخوذ من فقه مضى عليه 1400 سنه، وهؤلاء (العلماء) و(الفقهاء) لا يستطيعون التعامل مع ثقافة (العصر) و(عرف) المجتمعات، والعرف دين لمن يفهم، يعنى من اعرافنا السودانيه التى ورثناها من الأجداد ان ترتدى المرأة فى السودان ذلك (الثوب) المميز والذى يسترها بصوره أفضل من الزى الذى ترتديه المرأة السعوديه أو المصريه ، ففى هذه الحاله (العرف) السودانى دين ولا داعى لأرتداء الجلباب على الطريقه السعوديه أو المصريه، حتى لو كان هذا (شرعيا)، وذلك هو (الأمر بالمعروف) بعينه، أى ما تعارف عليه الناس.
الشاهد فى الأمر أن الأميره (نسمه) كانت تتحدث وهى لا ترتدى (نقابا)، بل حجاب عادى، ووالدها هو مؤسس (هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر) فى المملكه العربيه السعوديه، تلك الهئية التى شكى منها المجتمع السعودى وتسبب منتسبوها فى العديد من جرائم القتل، وانتهاك حقوق الأنسان والأخذ بالظنون، وأعترف بعض (الشيوخ) أن تلك الهيئه ضمت مجرمين ومدمنى مخدرات ومرتكبى جرائم سابقين بين (موظفيها)، أما أكبر خطئية ارتكبتها تلك (الهيئه)، فهى قيام بعض افرادها باعتقال امرأة عجوز تخطت السبعين سنه وتمت محاكمتها بالجلد ومعها شاب، بدعوى (الخلوة) غير الشرعية بين رجل وأمراة.
وخلال الثوره المصريه قامت مجموعه (أسلاميه) بقطع اذن شاب مصرى فى الصعيد بدعوى أنه يقوم بافعال مرفوضه شرعا، وكانت معاقبته من خلال فهم تدعو له (الشريعة السمحاء)! وهو (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر) وكذلك قامت مجموعه مكونه من ثلاثه افراد بقتل شاب، كما ذكرت اعلاه كان يقف مع خطيبته، (فظنوه) على خلاف ذلك وحينما تحدثوا اليه ورفض تدخلهم فى شوؤنه الخاصه طعنه احدهم (بمطواة) يحملها وارداه قتيلا، وكان القاتل ينفذ أمرا دينيا تقره الشريعه وهو (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر).
فى وقت حكمت فيه المحكمه على الشيخ (السلفى) الأزهرى وهو النائب البرلمانى الذى كان فى وضع مخل مع فتاة على الطريق الزراعى يمارس فعلا، فاضحا، بالسجن لمدة سنة واحده مع ايقاف التنفيذ، أى لم يقتل أو تقطع اذنه.
ومثل هذا الشيخ فى الغالب هم من يوكل اليهم امر (الدعوه بالمعروف والنهى عن المنكر).
ولقد ظللنا دائما نقول بأن المشكله ليست فى أن يحكم السودان من سموا انفسهم (حركه اسلاميه) وفعلوا به ما فعلوا، من فساد وتردى اخلاقى، ولا (وهابيه) حكموا السعوديه، وما نتج عن فكرهم من ارهاب أشد وتطرف وشذوذ وتعاطى مخدرات، ولا (الأخوان) المتحالفين مع (السلفيين) كما يحدث فى مصر الآن، وسوف يذهبوا بها الى حال اسوأ من ألصومال والسودان، خاصة وقد بدأوا عهدهم بقتل ذلك الشاب الذى كان يقف مع خطيبته، ومنعوا مجموعة من المسيحيين من الأقامه فى مدينتهم بسبب قميص لشاب مسلم حرقه (مكوجى) مسيحى ، فنشبت على اثره معركه.
المشكله الأساسيه هى هذا ا(لمنهج) وهذا (الفكر) المنغلق والمتخلف والظلامى الذى يحمله فى دماغه من يتبنى (الشريعه) اساسا للحكم، فى هذا العصر وهى لا تصلح له، وللأسف يشارك بعض الليبراليين والعلمانيين ودعاة الدوله المدنيه، والى جانبهم مسيحيين فى قبولهم (بالشريعة) ماده ثانيه فى دستورهم فى (مصر) اذا كانت احكاما او مبادئ، وهم اما خائفون أو منافقون أو لا يستشعرون (الخطر) فهذا يعنى تقنين (للدوله الدينيه) التى يصعب الخلاص منها، والدوله يجب أن تكون (مدنيه) وديمقراطيه اساسها (المواطنه) وأحترام القانون، وأن يكون الدين (مرجعية) الفرد ووسيلة لترقية اخلاق المجتمع دون تدخل الدوله، التى يجب أن تكون محائده مع الأديان وتقف منها مسافة واحده.
ومن ثم نقول بأن (المسلمين) وفى المستقبل (القريب) جدا، سوف يواجهون بتحدى حقيقى، لا يقبل الزيف والخداع والتهرب من الأجابة على الأسئله الصعبه، فهل يجهزوا انفسهم ويستعدوا (بفكر) قوى وثابت أم بالعنف والقتل والدمار وسيلة العاجز لتحقيق الأنتصارات ؟
وكيف يرد الأخوان المسلمون على من ينتقدون شعارهم المكون من (سيفين) متقاطعين، تحتهما كتاب والآيه التى تقول: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ،" وهذا يعنى أن (الله يعز بالسطان أى "بالسيف" ما لايعز بالقرآن).
وكيف يعرف (العدو)، هل هو العدو السياسى، أم العدو (الدينى) أم العدو الخارجى الذى يعتدى على حدود بلد ما؟
أم تفصل (الفتاوى) بحسب الظروف وكما فعل الشيخ الأزهرى، بفتواه التى وصف فيها (المتظاهرين) فى يوم 24/ 8 ، بالخوارج؟
وكيف يردون على منتقدوا (الأرهاب) الوارد فى الآيه (( ترهبون به عدو الله وعدوكم)) والتى سوف تجعل اصحاب الديانات الأخرى يتحدثون عن أن الدين الأسلامى بأنه دين ارهابى يقر الأرهاب وقتل معتنقى الديانات الأخرى، والمراجع موجوده ومتاحه، ففى الحديث الصحيح الذى رواه (ابو هريرة) تفسيرا للاية : (كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) قال (( أن تأتون بالكفار فى سلاسل فى اعناقهم ليدخلوا الأسلام)).
وقتها لن تنفع مراوغه ولن يجدى خداع، اما أن تكن مسلحا بفكر يدعو له (الدين) الأسلامى، وموجود فى قرآنة، يقبل الأخر ولا يقصيه أو يرهبه أو يدعو لقتله، وهذا غير موجود فى (الشريعه) أو أن يتمسك المسلمون (بالشريعه) فيصنف دينهم بأنهم (دين) ارهابى يدعو للقتل، ولن يكتفى العالم وقتها بتصنيف بعض (الحركات) أو الأحزاب كما نرى الآن بأنها ارهابيه، وهى تنفذ فى الحقيقة ما تدعو له (الشريعه) والأختلاف الوحيد بينها وبين جماعة (الأخوان المسلمين)، أن هؤلاء ينتظرون الوقت المناسب وتنامى قوتهم وحصولهم على اسلحة دمار شامل نوويه وكيمائيه وجرثوميه، حتى يطبقوا (شريعتهم) كما يريدون ويفرضون الأسلام على الكفار فى امريكا والدول الأوربيه أو يقتلونهم ويفرضون على من يبقونه حيا (الجزيه)، يدفعها وهو صاغر، ويسبون نساءهم فيعود مفهوم (ما ملكت ايمانهم) وعتق (الرقبه المؤمنه) من اجل (الكفاره)!!
ولذلك حينما يشعرون بالعجز وصعوبة تحقيق ذلك الهدف، خاصة حينما يستولون على السلطه، يتحولون الى فاسدين ولصوص يشبعون من (الدنيا) وملذاتها التى حرموها على انفسهم يوم ان كانوا يعملون من اجل الجهاد والأستشهاد.
وأخيرا .. هل يبقى المسلمون يجترون (التاريخ) ومواقف شخصيات اسلاميه كانت متقدمه على عصرها، وفق ظروف ذلك العصر، ولا يمكن مقارنة ما قدمته من اسهامات فى الأدارة والحكم مهما كان ناصعا بنظم الحكم الحديثه التى تبنى على (مؤسسات) وعلى الديمقراطيه والشفافيه، أم يواصلوا مسيرتهم الخاسره لأنجاح مشروعهم (الدينى) القائم على الكذب والخداع والتهرب من الأسئله الصعبه وعلى تخويف الآخرين وعلى المراوغة فى زمن (الشفافية) والوضوح، أما يعدوا انفسهم (فكريا) بصورة جيده ومقنعه للرد على العديد من الأسئله فى زمن الكمبيوتر والأنترنت حيث لا يمكن التعامل مع تلك الأسئلة كما كان فى زمن (ضعف) الأعلام وأحتكاره، ولابد أن يجاب على كل سؤال يطرح بكل الوضوح، والا فقد الأسلام والمسلمون العديد من الأذكياء وهم يحملون اسماء أسلاميه، فقد استمعت لشاب اسمه (أحمد) ترك الأسلام واصبح مسيحيا وغيره كثر، نتيجة لضعف (الفكر) المطروح وعدم قدرته عتلى اقناع (الأذكياء) اضافة الى ذلك (جهل) طبقة العلماء والفقهاء وعدم المامهم بثقافة العصر، ولذلك تجد اجاباتهم (سطحية) وساذجه وغير مقنعه ويشوبها التضليل والخداع وأحيانا العنف اللفظى، من أجل أن يقبل السائل بالأجابه غير المقنعه فى زمن لا يقبل فيه الشباب بذلك الأسلوب.
آخر كلام:-
رحم الله لشهيد الأستاذ (محمود محمد طه) الذى قال الأسلام دين الأذكياء، يتصدره الأغبياء).
الشيخ (الكارورى) أمام مسجد الشهيد وعضو البرلمان عن (المؤتمر الوطنى)، قال فى برنامج تلفزيونى يجب الا يفسر الحديث الذى يقول: " ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخيرلكم من تعاطي الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم غداً فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم " قالوا : بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله".
بأن الذكر أفضل من "الجهاد" وضرب مثلا (عجيبا) قال فيه هل أفضل (البشير) أم (حارسه)، اذا فالجهاد - أى القتال هو البشير والذكر هو الحارس!
هؤلاء القوم يحبون القتل واراقة الدماء على نحو عجيب، فكيف يقول ذلك الشيخ مثل هذا الكلام، والرسول (ص) يقول: " جينا من الجهاد الأصغر للجهاد الأكبر" .. يعنى الجهاد بالسيف اصغر من جهاد النفس وهو الأكبر.
والعارفون يقولون: (الحياة فى سبيل الله خير من الموت فى سبيل الله.
لو فهموا هذا المعنى لما انفصل السودان ولما تواصلت فيه الحروبات ولما قتل الملايين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.