قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    النصر الشعديناب يعيد قيد أبرز نجومه ويدعم صفوفه استعداداً للموسم الجديد بالدامر    المريخ يواجه البوليس الرواندي وديا    ريجي كامب وتهئية العوامل النفسية والمعنوية لمعركة الجاموس…    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    فاجعة في السودان    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخارجية: رئيس الوزراء يعود للبلاد بعد تجاوز وعكة صحية خلال زيارته للسعودية    الأمر لا يتعلق بالإسلاميين أو الشيوعيين أو غيرهم    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يستقبل رئيس وزراء السودان في الرياض    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تنفجر غضباً من تحسس النساء لرأسها أثناء إحيائها حفل غنائي: (دي باروكة دا ما شعري)    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترياق عنصرية بعضنا لبعض ..
نشر في سودانيات يوم 29 - 08 - 2012


[email protected]
مشكلة العنصرية التي تقعد خالفة رجل علي رجل في ظهر مجتمعنا المستلقي من أخطر المشاكل تفاقما و التي حتما ستتفجر يوما ما في المستقبل إذا لم تردع وتوأد قبل إنفجارها. ففي كل يوم يتصاعد زفير العنصرية بسبب ما يستنشق من زفارات تقبع وراءها صحف صفراء وأيادي حمراء وقلوب سوداء. وإن كانت لهذه العلة جذور ماضية إلا أن للإنقاذ المشئوم يد عليا في إستفحال هذا المرض حيث تعمل كنافخ الكير فيها لتشعيلها ولغرض التفرقة للإستفراد بكرسي السلطة.
من واجب كل واحد منا أن يبدي حلا. وهنا لا أريد سرد لهذه المعضلة كما خط الأستاذ عاطف نواي في مقاله الأكثر من رائع عن هذه المشكلة: عُنصرية العرب تجاه السودانين وعُنصرية السودانيين تجاه بعضهم البعض.
إن هذا الفعل البغيض الذي يعني إحتقار الإنسان لأخيه الإنسان والتكبر عليه وإذلاله و الحط من قدره لإستصغاره وإهانته، شهدته البشرية من قديم الزمان وجاءت الأديان وآخرها الإسلام لتضع إطار الخلق والمفهوم الذي يمكن أن يخلص البشر جميعامن هذه الفتنة مع ترقيهم وتطورهم.
وكما المعلوم، الشعوب الأفريقية عموما هي الأكثر معاناة من غيرها في العالم إكتواءا بهذه النار وبتسليط الهجمات علي مجتمعاتها صارت أو إنتقلت العنصرية إلي ان تكون وقود قابل للإشتعال فيما بينهم حتي قال أحدهم Black community is full of envy أو مجتمع السود مليئ بالحسد، بالرغم من الحنية والعطف التي تتمتع بها مجتمعاتهم عن غيرهم مقارنة بالبيض. فنجد الغرب المادي والجادي الذي ليس لديه كثير من المشاعر والعواطف بذل خطوات حثيثة في تجاوز عقبة العنصرية. فبعد أن جلبوا قديما الأفارقة عبيدا صارت لهم الآن حقوقهم وشاركوهم في بناء الدولة بدون تمييز في كل المرافق. ولعلهم أدركوا سر التنوع والإختلاف وأنه قوة فعمدوا إلي إستقطاب مختلف البشر من شتى أنحاء العالم بنظام الهجرة Lottery وبذلك أصبحت دولهم عالم و شعوبا وقبائل تتعارف ومتعايشة بمفهوم الحرية والمساواة في دولة، ومن يخرج من هذا السياق ويحتقر أخيه الإنسان فإن القانون يعاقبه ويجرمه. وقد كانت هناك محاكمات كثيرة ولعل أخرها كان محاكمة لاعب فريق شيلسي الإنجليزي لكرة القدم جون تيري بتهمة إساءته العنصرية الى انطون فرديناند لاعب كوينز بارك رينجرز. وفي إطار دولة القانون هذه وضعوا أرجلهم في أول سلم التقدم والرقي.
أؤيدك بأن الحل هو ذهاب طغمة الانقاذ ودولة تعاقب التعدي عل خلق الله وفي دولة الحرية والديمقراطية والقانون التي ستشكل الماعون الذي يمكن ان ينصهر فيه الجميع رغما عن أنف العنصريين المتكبرين. ولكن في هذه المظلة ستظل فيها منابر داعية إلي هذا الفكر البغيض النتن. لذا يجب أن تكون هنالك جهود مكثفة لتوعية الناس. ففي أوربا مثلا كانت لدي حركات الاصلاح الديني والاجتماعي والسياسي دور النضال ضد طغيان الكنيسة والحكم الاقطاعي وأنظمة الحكم المطلق وبالتالي تطورت القيم وبدأت تبرز مفاهيم إنسانية جديدة تحتل مكانتها ويعظم شأنها مثل الحكم علي أساس مبدأ الدستور والحكم الديمقراطي ومبدأ المساواة بين المواطنين وسيادة القانون ومفهوم المواطنة. وبالتالي تتلاشى كل الأفكار الفاسدة.
والحل الجذري لهذه المشكلة في تقديري يجب أن يكون متكامل بحيث يكون ديني، وأخلاقي، ومجتمعي، وسياسي.
ولكن في المقام الاول تأتي المسئولية الفردية لأخلاق الشخص والتي تدريجيا تنعكس بأن تكون مسئولية المجتمع ككل. ولا أيخفى علينا أن ظواهر البوبار والقبلية والعصبية و اللامبالاة بالفقراء ونصرة الضعفاء هي كلها من ثمرات العنصرية.
والسؤوال الذي يجب أن نطرحه هنا عن الطريقة التي يمكن أن يرقى بها الفرد ومن ثم المجتمع للفهم الذي يحلحل هذه المشكلة جذريا وتنطفئ به هذه النار.
في رأيي ان إلتزام كل فرد منا بالدين هو أول الخطوات. الدين ينهى عن السخرية وإزدراء الغير وتحقير خلق الله في الأفعال. ((ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ..)) [الحجرات: 11]. فهذه السخرية والإحتقار للآخر في أفعاله فما بالك أن تحتقر إنسانا علي لونه أو شعره أو هيئته التي خلقه الله عز وجل بها في أحسن تقويم. أليس هذا والعياذ بالله يؤدي للإستهتار بخلقة أحسن الخالقين.
ولقد حثنا رب العزة بأن نتعارف ونتزاوج؛ ((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..)) [الحجرات: 13]. والرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا فرق بين عربي و لا أعجمي و لا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى، وكلكم لآدم وآدم من تراب). والتقوى في القلب لا يعلمها إلا الله وذلك كي لا يخرج كل منافق ومتنطع بأنه تقي ويميز نفسه عن بقية الخلق.
وهنا ورد بخاطري هنا القول الشائع في مجتمعنا وهو: تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس!. فهل تعلم أن هذا حديث ليس له سند أو صحة كما عرفت أنا أيضا مؤخرا. كانت لدي تساؤلات في مخيلتي، كيف يمكن أن يتناقض حديث لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع آية. لهذا احذروا من تناول أحاديث عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم ليست صحيحة.
وإن كان لهذا الكلام جزء من الصحة فبالتأكيد معنى العرق هو الخُلق والدين والأخلاق وليست خلقة الله سبحانه وتعالى، كما ورد عن حديثه صلى الله عليه وآله وسلم في حديث فأظفر بذات الدين.
للأسف تتفشى كثير من المقولات بإسم الدين والتى لا نتحرى عنها ولو أمعن فيها الواحد فإنها تهتك بمجتمعنا وتمزق نسيجنا وتهدم أخلاقنا وتضيع تديننا من دون أن نشعر.
وفي تقديري أن خلق التواضع هو لب ثمرة الحل. فعلي كل واحد يرى نفسه أحسن من أخيه الإنسان أن ينظر إلى نفسه أولا وضعفها ويضع نفسه مكان الآخر ويوجه إحتقاره أو طريقة التعامل إلي نفسه، فهل يقبلها.
أما المقام الثاني لتعطيل مفعول هذه القنبلة هو الحل السياسي. وهو قيام دولة القانون التي تحفظ حقوق المواطنة. وهنا أود أن ألفت نظر المعارضين عن مفهوم دولة القانون أو المواطنة، بأن الشريعة الإسلامية لم تجرم وتضع حدا لتجارة الرق والعبودية، وإنما الإنسان بإرتقاءه وضع القانون الذي يكفل لأخيه الإنسان كرامته. القانون الوضعى فى أصله وجذره قلب الشريعة الإسلامية وهو يعمل بالمصلحة للأمة. فالحقيقة ان الشريعة الإسلامية مثلا لا تمنع تجارة العبيد والنخاسة وشراء الجوارى وما ملكت اليمين، لكن القانون الوضعى هو الذى أوقف تجارة العبيد. فهل سنطبق الشريعة ونعيد تجارة العبيد والجوارى كما تنادى بها الكويتية المطيرى ونرجع زواج ملكة اليمين كما فعل ذاك الأفاك المصري، أم نسلم بأن القانون الوضعى طبق مقاصد الإسلام فى الحرية حين جرم العبودية بالقانون؟!.
فالدين وضع القيمة الثابته وهي النهي عن العنصرية وإحتقار الإنسان لأخيه الإنسان ومن خلال وحي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لا فرق لعربي علي أعجمي ولا أبيض علي أسود إلا بالتقوي، وكلكم لآدم وآدم من تراب، إرتقى البني آدم.
إذا عرفنا معني أن نكون متدينين بالعقل أولا ثم سلوكا وأخلاقا لصرنا من أرقى الأمم. ولكن للأسف مجتمعنا لا يعرف من التدين إلا مظاهره. ومظاهر التدين والإمساك بالقشور تأتى دائما كغطاء للفساد والاخلاق المفسدة وكل أنواع الموبقات و الهلاك.
فعن نفسي ما أزال أؤؤمن بطرح د. جون قرنق وهو بأن سر التمكن في مزج السودانيين بشتي إختلافهم في بلد يسعهم هو سودانيتنا. ولذلك إذا أردنا يجب أن نعبئ أنفسنا حول فكرة السودان الجديد بغض النظر عن انتماءاتنا الجهوية والدينية والعرقية لكي يكون لنا مستقبل نستطيع فيه أن نعيش في وطن.
لن تنتهي هذه المعضلة بين ليلة وضحاها، ولكن أكرر لك أن خيط الحل يقع كمسئولية علي عاتقك الفردي أنت أولا. وأذكر نفسي دائما بأننا إذا تدبرنا وتفكرنا فيما نقرأه من سورة الكهف كل يوم جمعة لعرفنا قيمة العلاج الناجع القيم الذي يمكن أن ننجو به من هذه الفتنة. وهذا ما سأسرده لك في المقال القادم إنشاء الله.
[email protected]
مشكلة العنصرية التي تقعد خالفة رجل علي رجل في ظهر مجتمعنا المستلقي من أخطر المشاكل تفاقما و التي حتما ستتفجر يوما ما في المستقبل إذا لم تردع وتوأد قبل إنفجارها. ففي كل يوم يتصاعد زفير العنصرية بسبب ما يستنشق من زفارات تقبع وراءها صحف صفراء وأيادي حمراء وقلوب سوداء. وإن كانت لهذه العلة جذور ماضية إلا أن للإنقاذ المشئوم يد عليا في إستفحال هذا المرض حيث تعمل كنافخ الكير فيها لتشعيلها ولغرض التفرقة للإستفراد بكرسي السلطة.
من واجب كل واحد منا أن يبدي حلا. وهنا لا أريد سرد لهذه المعضلة كما خط الأستاذ عاطف نواي في مقاله الأكثر من رائع عن هذه المشكلة: عُنصرية العرب تجاه السودانين وعُنصرية السودانيين تجاه بعضهم البعض.
إن هذا الفعل البغيض الذي يعني إحتقار الإنسان لأخيه الإنسان والتكبر عليه وإذلاله و الحط من قدره لإستصغاره وإهانته، شهدته البشرية من قديم الزمان وجاءت الأديان وآخرها الإسلام لتضع إطار الخلق والمفهوم الذي يمكن أن يخلص البشر جميعامن هذه الفتنة مع ترقيهم وتطورهم.
وكما المعلوم، الشعوب الأفريقية عموما هي الأكثر معاناة من غيرها في العالم إكتواءا بهذه النار وبتسليط الهجمات علي مجتمعاتها صارت أو إنتقلت العنصرية إلي ان تكون وقود قابل للإشتعال فيما بينهم حتي قال أحدهم Black community is full of envy أو مجتمع السود مليئ بالحسد، بالرغم من الحنية والعطف التي تتمتع بها مجتمعاتهم عن غيرهم مقارنة بالبيض. فنجد الغرب المادي والجادي الذي ليس لديه كثير من المشاعر والعواطف بذل خطوات حثيثة في تجاوز عقبة العنصرية. فبعد أن جلبوا قديما الأفارقة عبيدا صارت لهم الآن حقوقهم وشاركوهم في بناء الدولة بدون تمييز في كل المرافق. ولعلهم أدركوا سر التنوع والإختلاف وأنه قوة فعمدوا إلي إستقطاب مختلف البشر من شتى أنحاء العالم بنظام الهجرة Lottery وبذلك أصبحت دولهم عالم و شعوبا وقبائل تتعارف ومتعايشة بمفهوم الحرية والمساواة في دولة، ومن يخرج من هذا السياق ويحتقر أخيه الإنسان فإن القانون يعاقبه ويجرمه. وقد كانت هناك محاكمات كثيرة ولعل أخرها كان محاكمة لاعب فريق شيلسي الإنجليزي لكرة القدم جون تيري بتهمة إساءته العنصرية الى انطون فرديناند لاعب كوينز بارك رينجرز. وفي إطار دولة القانون هذه وضعوا أرجلهم في أول سلم التقدم والرقي.
أؤيدك بأن الحل هو ذهاب طغمة الانقاذ ودولة تعاقب التعدي عل خلق الله وفي دولة الحرية والديمقراطية والقانون التي ستشكل الماعون الذي يمكن ان ينصهر فيه الجميع رغما عن أنف العنصريين المتكبرين. ولكن في هذه المظلة ستظل فيها منابر داعية إلي هذا الفكر البغيض النتن. لذا يجب أن تكون هنالك جهود مكثفة لتوعية الناس. ففي أوربا مثلا كانت لدي حركات الاصلاح الديني والاجتماعي والسياسي دور النضال ضد طغيان الكنيسة والحكم الاقطاعي وأنظمة الحكم المطلق وبالتالي تطورت القيم وبدأت تبرز مفاهيم إنسانية جديدة تحتل مكانتها ويعظم شأنها مثل الحكم علي أساس مبدأ الدستور والحكم الديمقراطي ومبدأ المساواة بين المواطنين وسيادة القانون ومفهوم المواطنة. وبالتالي تتلاشى كل الأفكار الفاسدة.
والحل الجذري لهذه المشكلة في تقديري يجب أن يكون متكامل بحيث يكون ديني، وأخلاقي، ومجتمعي، وسياسي.
ولكن في المقام الاول تأتي المسئولية الفردية لأخلاق الشخص والتي تدريجيا تنعكس بأن تكون مسئولية المجتمع ككل. ولا أيخفى علينا أن ظواهر البوبار والقبلية والعصبية و اللامبالاة بالفقراء ونصرة الضعفاء هي كلها من ثمرات العنصرية.
والسؤوال الذي يجب أن نطرحه هنا عن الطريقة التي يمكن أن يرقى بها الفرد ومن ثم المجتمع للفهم الذي يحلحل هذه المشكلة جذريا وتنطفئ به هذه النار.
في رأيي ان إلتزام كل فرد منا بالدين هو أول الخطوات. الدين ينهى عن السخرية وإزدراء الغير وتحقير خلق الله في الأفعال. ((ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ..)) [الحجرات: 11]. فهذه السخرية والإحتقار للآخر في أفعاله فما بالك أن تحتقر إنسانا علي لونه أو شعره أو هيئته التي خلقه الله عز وجل بها في أحسن تقويم. أليس هذا والعياذ بالله يؤدي للإستهتار بخلقة أحسن الخالقين.
ولقد حثنا رب العزة بأن نتعارف ونتزاوج؛ ((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..)) [الحجرات: 13]. والرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا فرق بين عربي و لا أعجمي و لا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى، وكلكم لآدم وآدم من تراب). والتقوى في القلب لا يعلمها إلا الله وذلك كي لا يخرج كل منافق ومتنطع بأنه تقي ويميز نفسه عن بقية الخلق.
وهنا ورد بخاطري هنا القول الشائع في مجتمعنا وهو: تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس!. فهل تعلم أن هذا حديث ليس له سند أو صحة كما عرفت أنا أيضا مؤخرا. كانت لدي تساؤلات في مخيلتي، كيف يمكن أن يتناقض حديث لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع آية. لهذا احذروا من تناول أحاديث عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم ليست صحيحة.
وإن كان لهذا الكلام جزء من الصحة فبالتأكيد معنى العرق هو الخُلق والدين والأخلاق وليست خلقة الله سبحانه وتعالى، كما ورد عن حديثه صلى الله عليه وآله وسلم في حديث فأظفر بذات الدين.
للأسف تتفشى كثير من المقولات بإسم الدين والتى لا نتحرى عنها ولو أمعن فيها الواحد فإنها تهتك بمجتمعنا وتمزق نسيجنا وتهدم أخلاقنا وتضيع تديننا من دون أن نشعر.
وفي تقديري أن خلق التواضع هو لب ثمرة الحل. فعلي كل واحد يرى نفسه أحسن من أخيه الإنسان أن ينظر إلى نفسه أولا وضعفها ويضع نفسه مكان الآخر ويوجه إحتقاره أو طريقة التعامل إلي نفسه، فهل يقبلها.
أما المقام الثاني لتعطيل مفعول هذه القنبلة هو الحل السياسي. وهو قيام دولة القانون التي تحفظ حقوق المواطنة. وهنا أود أن ألفت نظر المعارضين عن مفهوم دولة القانون أو المواطنة، بأن الشريعة الإسلامية لم تجرم وتضع حدا لتجارة الرق والعبودية، وإنما الإنسان بإرتقاءه وضع القانون الذي يكفل لأخيه الإنسان كرامته. القانون الوضعى فى أصله وجذره قلب الشريعة الإسلامية وهو يعمل بالمصلحة للأمة. فالحقيقة ان الشريعة الإسلامية مثلا لا تمنع تجارة العبيد والنخاسة وشراء الجوارى وما ملكت اليمين، لكن القانون الوضعى هو الذى أوقف تجارة العبيد. فهل سنطبق الشريعة ونعيد تجارة العبيد والجوارى كما تنادى بها الكويتية المطيرى ونرجع زواج ملكة اليمين كما فعل ذاك الأفاك المصري، أم نسلم بأن القانون الوضعى طبق مقاصد الإسلام فى الحرية حين جرم العبودية بالقانون؟!.
فالدين وضع القيمة الثابته وهي النهي عن العنصرية وإحتقار الإنسان لأخيه الإنسان ومن خلال وحي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لا فرق لعربي علي أعجمي ولا أبيض علي أسود إلا بالتقوي، وكلكم لآدم وآدم من تراب، إرتقى البني آدم.
إذا عرفنا معني أن نكون متدينين بالعقل أولا ثم سلوكا وأخلاقا لصرنا من أرقى الأمم. ولكن للأسف مجتمعنا لا يعرف من التدين إلا مظاهره. ومظاهر التدين والإمساك بالقشور تأتى دائما كغطاء للفساد والاخلاق المفسدة وكل أنواع الموبقات و الهلاك.
فعن نفسي ما أزال أؤؤمن بطرح د. جون قرنق وهو بأن سر التمكن في مزج السودانيين بشتي إختلافهم في بلد يسعهم هو سودانيتنا. ولذلك إذا أردنا يجب أن نعبئ أنفسنا حول فكرة السودان الجديد بغض النظر عن انتماءاتنا الجهوية والدينية والعرقية لكي يكون لنا مستقبل نستطيع فيه أن نعيش في وطن.
لن تنتهي هذه المعضلة بين ليلة وضحاها، ولكن أكرر لك أن خيط الحل يقع كمسئولية علي عاتقك الفردي أنت أولا. وأذكر نفسي دائما بأننا إذا تدبرنا وتفكرنا فيما نقرأه من سورة الكهف كل يوم جمعة لعرفنا قيمة العلاج الناجع القيم الذي يمكن أن ننجو به من هذه الفتنة. وهذا ما سأسرده لك في المقال القادم إنشاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.