هذه نغمة جديدة قديمة . قديماً كنت أستظرفها من بعض الأصدقآء ولا أقف على معناها , لعلمى أنها ما قيلت الا للتسلية . ولكنها بدأت بالتنآمى مؤخراً حتى فاقت حد الجد الذى لا بعده هزل . قد يكون السبب هو أعتقآد كثير من ( المثقفآتية ) الذين يحرضون على الكرآهية والتفريق بين قبآئل السودآن الممتدة المتصآهرة مع بعضها البعض , ذآك الأعتقآد الخآطئ بأن رئيسنا البشير ينتمى لقبيلة ( الجعليين ) , مع العلم أن وآلدته وفى أحدى البرآمج التلفزيونية ذكرت أنها ( جعلية ) من حوش بآنقا , وان زوجها حسن البشير من البديرية الدهمشية . لا علينا ان كان ينتمى البشير أو نآفع أو غيره لأي قبيلة من قبآئل السودآن , ما يهمنا فى هذآ الأمر هو ربط هذه القيادات السيآسية مع كل قبحها , بقبآئلها , وأن جميع القبيلة تسير فى فلك هذه القيادآت , وهذا بالطبع ليس بصحيح , حتى أنبرى الكثير من الكتآب وأنصآف الكتآب من الصحفيين فى الترويج لموآد أصبحت دسمة ويكثر الطلب عليها , الا وهو التقليل من مكآنة قيادآت بعض القبآئل وبالأخص قبيلة ( الجعليين ) وزعيمها التاريخى المك نمر . معروف عن قبيلة الجعليين أنها قبيلة ممتدة فى كل ربوع السودآن العظيم , وأنهم متى ما أرتحلوا , أخذوا معهم ذآدهم من ترآثهم وثقآفتهم التى يفخرون بها , ويروجون لها من حيث لا يدرون , حتى أصبح المزآج السودآنى العآم يصف ( الجعلى ) بأنه حار وشديد عند الغضب ودمو حآمى وزول قدآمى . فلا تستقيم النكتة السودآنية الا بوصف حماقة وانفعال الجعليين , وقد وجد هذا الوصف وهذا الانطباع من جميع السودآنيين كل ترحآب , اضف على ذلك المقولة التى تقول الفال تحت اللسان , فمن يصف نفسه بالشجاعة والنجدة , يجد أنه مرغم ليثبت للغير هذه الصفات التى أدعاها , لذلك تجد أن نزوحات الجعليين فى بقاع السودان وتعاشرهم مع الغير واتسآمهم بروح التسآمح قد ايد بعض هذه الصفات المحببة , فلو أنهم كانوا مكروهين لما قيل عنهم ولما أثبت لهم التراث ذلك الموروث الذى يدعونه . اذاً هذا النآتج ثمرة لغرس بعيد غرسه الأجدآد , وبدأ يحصد ثماره الأبنآء , حتى انك لو أثبت انك ( جعلي ) لكان ذلك جواز مرور للتصآهر مع ( اجعص ) قبيلة من قبآئل السودآن , وهذا فى حد ذآته ( محمدة ) وأستفتآء شعبى ان هذه القبيلة لها مكانتها وحسبها ونسبها المحفوظ . أعود الى انصآف الكُتآب , أولئك الذين يروجون للسوءآت , ويتعرضون لقبيلة الجعليين , أما حسداً أو جهلاً , أو غيرة , وأنا أعتقد أنها الأولى والثالثة . السؤآل الذى يطرح نفسه ما الدآفع لهذه الهجمة الشرسة التى تتعرض لها قبيلة الجعليين عند بعض الكتآب عن طريق التعرض لقيآدآتهم التاريخية أو تسفيه ترآثهم ؟ !!! . هل هو توآبع لمد تسونآمى الكراهية الذى فجرته حكومة الأنقآذ , أم هو محآولة لأعآدة صيآغة الشخصية السودآنية بما يتنآسب و طموحآت بعض الحركآت السيآسية الدآعية لأفريقآنية القطر السودآنى . أم أنها دسيسة ( خآرجية ) لتمزيق بقية النسيج الاجتمآعى المتمآسك الذى يتميز به أنسآن الوسط والشمآل والشرق وبث الفتنة القبلية التى ما أحلت بوآد ألا وأورثته دآر البوار . ولو قرأنا تآريخ السودآن بكل نزآهة لعلم الجميع أن قبيلة الجعليين تعرضت لأكبر عملية تطهير عرقى فى زمنيين متقاربين , أحدآها من المحتل وأعوانه من بنى جلدتنا واخرآها من بنى جلدتنا . لكن ثقآفة التسآمح الموروثة وفهم الاعمار الذى يتميز به أبنآء هذه القبيلة أخرجهم من ( ضيق ) التفكير بمآسآتهم الى رحآبة العقل والضرب فى بلاد الله رآجين سعته ونصرته , فأذدآدوا نسلاً وقوة , ولم يتاجروا بتاريخهم المأسآوى كما فعل اليهود ( الهولوكوست ) , بل جعلوا من مأسآتهم دآفعاً للبقآء , ونشروا ثقآفتهم التى يرتضون , وزرعوا الأرض حباً وعمارا , وأورثوا السودآن عزاً وفخآرا , وأصبحت قبيلة الجعليين ركناً شديداً يأوى كل مستضعف وكل لآجئ . أعود لمنكرى الفضل , ماذا فعلت لكم قبيلة الجعليين , وما هو ذنبهم الذى أرتكبوه , مع العلم أن هذه القبيلة مع عظم تعدآدها لا تأتمر بأمر قآئد أو عمدة اونآظر كما نسمع ونرى من كثير من القبآئل , فقد تشبع أبنآؤها بروح المدنية والسودآنية التى تتسع لألف قبيلة وقبيلة , وقذفوا بروح القبلية ورآء ظهورهم , فليس كل جعلي مناصر لنافع أو غيره من القيادات الحالية , بل العكس تجد أكبر المعارضين هم أبنآء عمومة , همهم الأوحد هو السودآن , يتقاتلون فيه ويتصالحون فيه , والقبيلة هي آخر أهتمآمآتهم , وذلك لأن منطقة شندى وضوآحيها اليوم لا تأوى الا قلة قليلة من تعدآد هذه القبيلة المنتشرة بكثافة فى كل بقاع السودآن , أم تقولون أننا نصف أنفسنا بصفآت وكانها حكر علينا !!! , الصفآت الجميلة كلنا يتمنى أن تكون فيه , ودونكم ترآث قبآئل السودآن المختلفة وأشعآرها وثقافاتها المتعددة والتى تفتخر كل قبيلة بما تراه هي أهل لها , وليس فى هذآ عيب , بل هو عين الصوآب , حتى تورث تلك الصفآت المنقولة تراثياً الى الأبنآء والأحفآد ليهتدوا بها وتكون لهم عزا وفخارا . أقول الى أولئك الفتانين الدساسين ( أرحموا أنفسكم رحمكم الله ) , فالسودآن مليئ حد التخمة بأوجآعه وترهلاته . ولننأى بأنفسنا من تلكم الصرآعآت التى لا تبقى ولا تذر , ولنجعلها للدردشة والنكات والتقارب والتآلف عندما نكون متسامرين حول أكوآب الشآي أو فى المنآسبآت لمذيد من المرح , أما أن ينبرى لها الكتاب بالبحث الدقيق والتلفيق وتأليف الكتب , لعمرى هذآ من اعظم الشرر , وأمثال هؤلآء يجب أن نحذرهم حتى لا يحولوا بساطة معتقداتنا الى تحارب وطعان . عوض الكريم الخواض / مدني