إليكم الطاهر ساتي [email protected] مسرح الرجل الجميل .. !! **ونطوي أيام العيد - بعيداً عن السياسة وقبح الساسة - بهذا الرجل الجميل..أبو آمنة حامد،عليه رحمة الله .. لم تمت روائعه..بجميل شعره يحتفي التلفاز والمذياع وبعض الحناجر .. وبطيب معشره تحتفي المجالس.. وتبتسم لا إراديا حين يمر بخاطرك طيف هذا الجميل.. سألته ذات يوم بصالة التحرير عن كيفية إختياره لشريكة حياته، وهل كان تقليديا في الاختيار بحيث اجمع عليها الأهل فالتزم بقانون الاجماع القهري أم كان اختيارا حرا نابعا من حق الفؤاد في تقرير مصيره؟..فاجاب العملاق سريعا (اخترتها براي،حبيت عيونها، لكن للأسف عرستها كلها )، وهزت الإجابة صالة التحرير بدوي الضحك..وقبل رحيل صدى الإجابة يتحدث عن ابنته سحر، إذ كان يرى فيها كل الحب و كل الخير وكل الجمال..يوم تخرجها في كلية الاعلام كتب لها بمنتهى السخرية مسكينة ابنتي سحر،هى لاتعلم أن والدها خريج كلية اعلام أيضا).. !! ** ظل يركل الدنيا بكل مغرياتها، ثم يمشي ساخرا منها حين تأتيه وهى تجرجر أكاديمياتها ومناصبها ..ويحكي كيف انه ركل السلك الدبلوماسي وجاء من سفارتنا بمصر بلا اقالة او استقالة أو حتى مجرد اذن سفر ، فيقابله وزير خارجية ذاك العهد مؤنبا ( يا ابو آمنة انت قايل السفارة دى بقالة تجى منها بدون استقالة او حتى اذن ؟) ، فيرد بلا تلعثم: ( هي لو ما بقالة تعيني فيها انت ؟)، ثم يمشي إلى حال سبيله ولا يبالي .. ويا لتلك الأيام، حيث كان فيها حرفي فى مهد المهنة صبيا يحبو بجوار (دبايوا).. يأتي سريعا ويكتب سريعا ثم يذهب سريعا .. ومابين الاياب والذهاب ساعة يكون فيها الجميل كتب ثلاثين زاوية تنشرها الصحيفة على مدار الشهر، ومع ذلك تخرج الزاوية الأخيرة للقارئ وكأنها كتبت ضحى اليوم..!! **وكان لماحا بحيث يسبق الحدث بالتحليل ، ويكره الحرب، وفي الأرشيف يرقد طازجا افصلوه، ان شاء الله من السجانة)، وكان الحديث تعليقا عن بذرة تقرير المصير التي نبتت في أرض السياسة السودانية حين ضاقت أخلاق الساسة ببلادنا وتماسك شعبنا، ولم يكن الإنفصال يومئذ شيئا مذكورا، ولكن أبو آمنة كان ذكيا لماحا يحدق في الغد والذي صار يومنا هذا .. وكان له في عشق الهلال وسامة وحضور ، وفي حوار ما حول قطب من أقطاب الهلال تحدث عنه العملاق حديث المحبين، فقاطعته مداعبا حبك للهلال - يا أبو آمنة - حب مادي جدا)، فانتفض ساخرا : (لا بالله، وانت دايرو يكون حب تصوف مثلاً؟)..!! **هجر الجندية وتنازل عن رتبها طوعاً، رفض الدبلوماسية وغادر سفارتها إختياراً، أتته وسائط الاعلام ومناصب الدولة فادار لها ظهر الرفض..فماذا تريد يا أبو أمنة ، أوهكذا يسأله عثمان شبونة ، فيرد بحزن ( تمنيت أن أكون راعيا في هيا )..هكذا كان محبا ووفيا لتلك الديار الطيبة..عاش بعيدا عن أريافها، بيد أنه كان غريبا في المدينة ، ولم لم يبارح حب تلك الديار وأريافها فؤاده .. وكثيرا ما كان يترنم بمقاطع من قصيدة شاعر الامبراطورية البريطانية رود يارد كبلنج ، ويصفها بأنها شهادة وثقت عظمة تلك الديار وشجاعة رجالها : شجاعة نظل في نسيجها نحار فحين نطلق النيران في ساحاته يداهم الدخان والشرار وقبل أن نرى سقوط ظله نلقاه في الوريد منا أنفذ الشفار **ويتوقف عن الشدو، ليرشف من فنجان قهوته ، ويطلق العنان لدخان سيجارته ، ثم يواصل هامسا : لذا نجزي إليك مدحا في بلادك السودان فأنت في الحياة معدم وجاهل ولكن في الحروب قمة الفخار ** كان - ولايزال - أبو آمنة حامد كتابا لكل جيل سوداني يعشق الحب والخير والجمال..فهل من معلم ثقافي يخلد ذكراه ويوثق روائعه؟..وبالمناسبة، أين المسرح الذي وعد به البعض قبل عقد ونيف؟..عذراً أبو سحر، ما كان هذا أول وعدهم الكذوب، ولن يكون الأخير.