هجوم في جنوب السودان وإصابة ضباط    وَيَبقَى عَبقَ الوَطَن حَتّى في (جَدعَة التّمَاس)    السودان..أمطار غزيرة متوقّعة في 6 ولايات    رئيس الوزراء السوداني يطالب بإيقاف خطوة تّجاه ميليشيا الدعم السريع    استعدادًا لمواجهة جاموس الإفريقية .. الهلال يخضع لمران مكثف    السوكرتا يقاطع منافسات الاتحاد العام واتحاد بورتسودان حتى استرداد الحقوق    مقتل ضابط رفيع ب "الجيش السوداني"    مؤتمر دولي في بروكسل يناقش فرص إنهاء الصراع في السودان وتحقيق السلام الدائم    زوبعة في فنجان    شاهد بالفيديو.. الناشط والتيكتوكر "ود القضارف" يهاجم المودل آية أفرو ويسخر منها بسبب استعراضها لجسدها في مقطع مثير (انتي بتستخدمي منتجات أم فتفت للتفتيح والتشتيح)    شاهد بالصورة.. المشاكل تحاصر "الجبلية".. مجموعة محمود في القلب تفوض أبرز المحاميين لفتح بلاغ في مواجهة الفنانة عشة الجبل    شاهد بالفيديو.. (انتي وين يا عسل).. "حكامة" بالدعم السريع تتغزل في الضابطة الدعامية الحسناء "سمر" بقصيدة وسط جموع من الناس والجمهور يسخر    "مكافأة مبابي" تعقد مفاوضات ريال مدريد مع فينيسيوس    وزير الداخلية يزور ولاية النيل الأبيض ويطلع على الأوضاع الأمنية    "فيفا" تدرس شكوى ريال مدريد باتهام التحكيم ب"الفساد المنهجي"    مباراة برشلونة وباريس تصنف "عالية الخطورة" وسط تشديد أمني    "فيفا" يناقش زيادة عدد منتخبات مونديال 2030 "التاريخي"!    الرواية... الفن والدور السياسي    شرحبيل أحمد... ملك الجاز السوداني الذي حوّل الجيتار إلى جواز سفر موسيقي    تلاعب أوكراني بملف القمح.. وعود علنية بتوسيع تصديره لأفريقيا.. وقرارات سريّة بإيقاف التصدير    بعد تسجيل حالات..السلطات الصحية في الشمالية تطلق صافرة الإنذار    إغلاق مقر أمانة حكومة جنوب دارفور بنيالا بعد غارات جوية    حسين خوجلي يكتب: بعد جرح الدوحة أليس من حقنا أن نتسائل أين اليمين العربي؟    حفل الكرة الذهبية.. هل يحقق صلاح أو حكيمي "المفاجأة"؟    شاهد بالفيديو.. ظهر وهو يردد معها إحدى أغنياتها عندما كان طفل.. أحد اكتشافات الفنانة هدى عربي يبهر المتابعين بصوته الجميل بعد أن أصبح شاب والسلطانة تعلق    اللجنة المالية برئاسة د. جبريل إبراهيم تطمئن على سير تمويل مطلوبات العودة لولاية الخرطوم    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    إيد على إيد تجدع من النيل    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    جراهم:مشاركة السودان في اجتماعات مجلس وزراء الاعلام العرب ناجحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعض تفاصيل الشتاء ..!!
نشر في سودانيات يوم 29 - 11 - 2012


إليكم ...........الطاهر ساتي
[email protected]
بعض تفاصيل الشتاء ..!!
** كان يستقبله الفاروق عمر ويصفه بغنيمة العابدين، و كان إبن مسعود يشرح الوصف ويرحب بالغنيمة قائلاً : أهلاً بالشتاء، يطول فيه قيام الليل ويقصر فيه صيام النهار..هكذا كان يحتفي زمن الكرام بالشتاء، رضي الله عنهما، وعنهم جميعاً..ولكن تغيرت الأنفس والأهواء، وكذلك الأزمنة وما عليها من الأحوال، ولذا صار الشتاء قاهراً ، أوكما يصفه فاروق جويدة على لسان حال قائل
: ثيابك لم تعد تحميك من قهر الشتاء
وتمزقت أثوابنا..وهذي كلاب الحي تنهش لحمنا
ثوبي تمزق هل تراه ..؟؟
صرنا عرايا .. وفي عيون الناس يصرخ عرينا
البرد والليل الطويل..العري واليأس الطويل
القهر والخوف الطويل..ماذا تقول عن الرحيل ..؟؟
** وفي الخاطر تلك القرية والأهل وبعض تفاصيل الشتاء..فلنستعد، لقد أقبل، أو هكذا بيان العارفين بملامح الشتاء..فنستعد بتحويل البيان إلى عمل..نطحن ضعفاً من القمح، وكان مقدار طحين القمح قبل الشتاء نصف ما تطحن من الذرة، ولكن ما لايُسهل هضمه يصلح مضادا لبعض البرد، ولذا يتضاعف طحين القمح..ثم نستعد لمضاد البعض الآخر ..بفؤوس ذات رباط محكم على ظهور نحيلة، نتسلق أشجار النيم و ذؤابات النخيل، ونبحث من الفروع والأوراق أنضرها ونقطعها.. ورفاقاً يجمعون ما تنساب عليهم من تلك الذؤبات، ويحزمونها بحبال تستمد متانتها من صبر سيقان (نباتات الحلفا).. ويا لهذه السيقان ، تفرهد على الجداول والشواطئ، وكذلك تقاوم عطش الفيافي بلا وهن، أي كأنها على قسم بأن تعدل بين البسطاء حين تمدهم بحبال سيقانها، متكئاً على شاطئ النيل كان أو رفيقاً لنجيمات الفيافي..!!
** فنحمل ما جمعناها وحزمّانها، ونقصد الديار ونوزعها برص رصين يتكئ على الجدران ..ما بين الجدران والعرش تباعد ما بين حشرة الأرضة ومكونات العرش التي سخرتها الطبيعة لتكون ظلاً ظليلاً..وكم هي كريمة نخيلنا وأشجارنا - بل حتى أنعامنا التي لاتبخل علينا بروثها - وهي تهبنا العرش وظل العرش بتجرد صامت يتحدى رياء صخب مصانع الحديد والأسمنت.. ثم يأتي الكبار بسلالم الخشب، ليتسلقها أمهرهم ويقف محازيا لتلك المنافذ، ثم يتسلق أحدنا بحيث يقف تحته، ثم يتقاسم الجميع أجر المناولة، ويبدع الماهر في سد المنافذ بما جمعناها وحزمناها..يسدها لحد حشو بلغرف بالظلام حين تغلق أبوابها، أوهكذا معيار الإتقان..ويذهب أهل الفزع لبيت آخر، ولكن بعد أن يبروا قسم سيد - أو ربة – الدار، وقبول كرم يفيض بأكواب الشاي والقهوة وأطباق البركاوي والقنديلة ..!!
**ويأتي مساء الشتاء بلا برد..لقد تجانست أفرع النيم وسعف النخيل ومتانة الحلفا وهمة الصغار وعزيمة الكبار وإتحدت بالنهار على قهر برد المساء، وبتجانسهم وإتحادهم أرغموا أن يحل مساء الشتاء على أهل البيت ضيفاً رحيماً..العشاء وصلاة العشاء في المسيد، وبأمر الآباء والأمهات فرض عين علينا تجهيز ما يلزم من البرش والأبريق والصابون، ثم وضع الرتينة أو الفانوس على جدارعال، لعل الضوء يجذب عابر سبيل ..ثم نعود جرياً إلى الديار، فالبرد يلسع والأجساد النحيلة ترتجف والأسنان تحتك ببعضها.. وهناك، تشعل ست الحبايب نارها، لنتحلق حولها، بعضنا يمسك صبياناً أومريوداً أو كتابا مدرسياً بيسراه وكوب شاي ساخن باليمنى..وحين يرشف الفم لاتحدق العين في قاع الكوب، بل يتجه سوداها- بإنسانها - إلى جهة اليسرى تكمل جملة مفيدة في أسطر الإصدارة أو الكتاب.. قد يحترق الحطب ويحل الرماد والظلام قبل أن يكمل الفتى تلك الأسطر، ولذا يستغل كل ثواني الضوء والدفء في الأسطر ولايهدرها في النظر إلى أشياء أخرى ..هكذا ليالي الشتاء هناك، إذ ما بين دفء الأسرة وأسطر الإصدارة وتجانس الطبيعة، كنا ندفن البرد..!!
**وتمضي الحياة، ولاتزال أكواخاً فقيرة هي مأوى فقراء بلادنا في هذا الشتاء..في أطراف المدينة وأقاصي الريف، بعضهم يتدثر بالبرد والبعض الآخر يتزمل بالجوع، والسواد الأعظم يفترش الحرمان ويلتحف العدم، ويترقب شروق الشمس.. متى تشرق، بحيث تخرجهم، وكذلك الناس والبلد، من هذا الحال إلى آخر أفضل ؟..(متى؟؟؟؟، الله أعلم )..!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.