[email protected] * (شدّد)- بلغة الصحافة الخبرية- مجلس الوزراء على ضرورة محاربة ظاهرة (تبديد المال العام).. * وعبارة (تبديد المال العام) هذه تنطوي- بالضرورة- على مفردات (السرقة) و(الاختلاس) و(الفساد) و(النهب) في زماننا هذا.. * وقبل أن نستطرد في كلمتنا هذه دعونا نستعيد ذكرى ذات صلة أشبه بالتي يسميها خبراء الإخراج السينمائي والتلفزيوني (فلاش باك).. * إنها ذكرى (التطهير) الذي كان شعاراً اطلقته (مايو) فور أن تمكَّنت سلطوياً عبر الإنقلاب على (الشرعية).. * ومن الذكرى هذه نأخذ- تحديداً- واقعةً حقيقيةً صغيرة بحكم (المعايشة) التي لا تقبل (التشكيك).. * فقد كان والد كاتب هذه السطور مديراً لمصنعي البلح وتعليب الفاكهة والخضر بمدينة كريمة.. * وكان (الفائض) عن حاجة البلاد- من انتاج هذين المصنعين- يتم (تصديره) إلى الخارج.. * وما زال صاحب هذه الزاوية يذكر- رغم صغر سنه آنذاك- كيف أن خيرات الشمال الزراعية كانت (تنهال) على المصنعين حتى ليكادا يئنا من وطأة التخزين والتصنيع والتسويق.. * ثم جاءت (مايو) لتصرخ هي وإعلامها وصحفها و(ثوريّوها): (التطهير واجب وطني).. * ونال المصنعان هذان حظهما من (التطهير).. * وطغى ضجيج الهتافات الثورية على ضجيج الماكينات حتى عمّ (السكون)- أخيراً- أرجاء المصنعين.. * ولا أسعى من ذكر التجربة هذه إلى أن أقول إن نجاح المصنعين كان بفضل (عبقرية) الوالد وإنما لأدلل على مدى قوة (الخدمة المدنية) آنذاك.. * فبفضل (روح) الخدمة المدنية هذه كانت (تحيا) قطاعات السكة الحديد والنقل النهري وسفريات الشمس المشرقة ومشروع الجزيرة ومؤسسة حلفاالجديدة ومصانع التعليب. * ومصنع تعليب كريمة هذا- بالمناسبة- قفز إلى دائرة الأخبار قبل أيام بعد الإتفاق مع دولة خليجية على إعادة تشغيله بعد سنوات عدة من الصمت (المعيب).. * ثم حين جاءت الإنقاذ استبدلت مفردة (التطهير) بعبارة (الصالح العام).. * وشهدت البلاد موجة أخرى من الهجوم (الثوري) على الخدمة المدنية.. * بل إن الإنقاذ بالغت في عملية (الإحلال والابدال)- لدواعٍ سياسية- حتى قيل أن نصيبها (لوحدها) من جملة (التطهير) منذ الاستقلال بلغ (70%).. * (طيب)؛ نرجع الآن إلى الذي ابتدرنا به كلمتنا هذه ونسائل مجلس الوزراء الموقر: (من الذي بدّد المال العام؟؟؟).. * فالتطهير الذي سمته الإنقاذ (الصالح العام) لم يُبقِ من منسوبي الخدمة الوطنية إلا القليلين منهم بعد أن حلَّ (الأقوياء الأمناء) محل (المطرودين) الكُثر.. * فإلى من ننسب- إذاً- (الدمار) الذي أصاب سودانير ومشروع الجزيرة والسكة الحديد ومؤسسة حلفا الزراعية والنقل النهري والتلفزيون القومي و (الأخلاق السودانية)؟!.. * والأهم من ذلكم كله؛ إلى من ننسب ظاهرة (تبديد المال العام)؟!.. * اللهم إلا أن تكون هنالك (جيوباً) في الخدمة الوطنية- من معارضي «دولة الصحابة»- لم تصلها (أدوات التطهير).. * والبؤر (العفنة) هذه التي تحتاج إلى أن (تتطهر) نقترح أن تُخصَّص لها لجنة برئاسة (مهووس الطهارة) الشيخ دفع الله حسب الرسول.. * هذا إن كان صادقاً في مقت (العفانة) لأسباب (شرعية)!!!!!