ها هي نظرية المؤامرة تطل برأسها من جديد من داخل قصر الحاكم (المنتصر بالله) ، وهذه المرة عن طريق نائب الرئيس طه ، وكأني به (سكت دهراً ونطق كفراً) ، في لقائه التنويري بأجهزة الإعلام بالقصر الجمهوري حينما قال (ان ما يحدث في كردفان هو الفصل الثاني من مخطط تقسيم السودان وإستهدافه ، ونوه إلى ان الفصل الأول بدأ بالعمل على فصل الجنوب) مما يفتح الباب واسعاً أمام سيل من التساؤلات ، بدأً وبالتركيز على الفصل الأول المذكور الذي إنتهى بفصل الجنوب والذي كان طه الطرف الآخر فيه ، هل ياترى كان يدري انها مؤامرة وراقت له موسيقاها فتربع على طولتها بإقامته عام من الزمان بنيفاشا إلى أن بلغ بها منتهاها ؟ ام هل ياترى كان يقيم هناك بغير وعي حول ما يجري من تفاوض إلى ان تأتت نهاية التفاوض ؟ خاصة ان نظرية المؤامرة في جزئيتها التعرفية الآخيرة وأظنها شاملة حسب ويكيبيديا هي قيام طرف ما معلوم أو غير معلوم بعمل منظم سواءً بوعي أو بدون وعي، سراً أو علناً، بالتخطيط للوصول لهدف ما مع طرف آخر ويتمثل الهدف غالباً في تحقيق مصلحةٍ ما أو السيطرة على تلك الجهة، ومن ثم تنفيذ خطوات تحقيق الهدف من خلال عناصر معروفة أو غير معروفة. ولكن ما يبدو ان في البلاد ان هذه النظرية حتى زمان قريب كانت تتخلل عقول العامة وتشعشع عليها ، إلا انها مؤخراً تكاد تنتفي وتموت لأن تكرارها وتطاول عهد القائلين بها أصاب هؤلاء العامة بالملل ، فضلاً عن ان إتساع رقعة الحروب التي تجلب الكوارث والموت الزؤام جعل لسان حالهم يقول مع هاشم صديق (لو أصلوا موت أدونا موت حق الكرام) ، منتهى اليأس في ديار لا تقدّر معنى انك إنسان ، إستخلفك الله على هذه الأرض لإعمارها لا دمارها ومن عليها الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ، والعامة تعاني الأمرين الجوع والخوف هذا إضافة إلى حجم النزوح والتشرد المتنامي قريبا من العاصمة في كردفان دارفور دعوها كان الله في عونها فضلاً عن ان معظم مدن البلاد يلفها الرعب ، هل ياترى بعد كل هذا يفكر الناس في أمر المؤامرة ليدفعوها عن البلاد؟ ونظرية المؤامرة التي يقول بها علي هي ليست جديدة على السودان وليست جديدة على تاريخ الإسلام ،إذ بدأت بالخليفة عثمان وعلي والخوارج (الفتنة الكبرى) ، والتي لا نحب الخوض فيها كما فعل المؤرخين من قبل ، وعليه يجب ان لا نلتفت إلى الوراء ، وإنما علينا ان ننتزع (نظرية المؤامرة) من الدواخل لأن من يبقى ويصلح أحوال الناس هو من ينفع الناس واما الزبد فيذهب جفاء . لا يستقيم ان ندمن الحروب والإقصاء والفشل ونتقازم أمام الحلول الممكنة و.... ونتحدث عن المؤامرة . لا يستقيم ان نشمع كل أخطاءنا على نظرية المؤامرة لأننا بهكذا طرق وسياسات خرقا نجعل البلاد نهباً للآخرين وحينها نكون والغين وضالعين لدى الأجيال اللاحقة في هذه النظرية والتاريخ لا يرحم .