بيان من الجالية السودانية بأيرلندا    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    شاهد بالفيديو.. السيدة المصرية التي عانقت جارتها السودانية لحظة وداعها تنهار بالبكاء بعد فراقها وتصرح: (السودانيين ناس بتوع دين وعوضتني فقد أمي وسوف أسافر الخرطوم وألحق بها قريباً)    شاهد بالصورة.. بعد أن أعلنت في وقت سابق رفضها فكرة الزواج والإرتباط بأي رجل.. الناشطة السودانية وئام شوقي تفاجئ الجميع وتحتفل بخطبتها    البرهان : لن نضع السلاح إلا باستئصال التمرد والعدوان الغاشم    وفد عسكري أوغندي قرب جوبا    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    مجاعة تهدد آلاف السودانيين في الفاشر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    لدى مخاطبته حفل تكريم رجل الاعمال شكينيبة بادي يشيد بجامعة النيل الازرق في دعم الاستقرار    شغل مؤسس    عثمان ميرغني يكتب: لا وقت للدموع..    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    تيك توك يحذف 16.5 مليون فيديو في 5 دول عربية خلال 3 أشهر    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    الشان لا ترحم الأخطاء    صقور الجديان في الشان مشوار صعب وأمل كبير    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم نفير – غدا تغيير – بعده تعمير: ( نحو حملة شبابية واسعة كونفدرالية للتغيير)
نشر في سودانيات يوم 14 - 08 - 2013

سؤال البديل لم يكن في أي لحظة مجرد سؤال اعتباطي ومجرد شكل من أشكال التعجيز للثورة ، ولكنه تعبير عميق عن احتياج حقيقي للمجتمع للتغيير، والبديل ليس المقصود به بديل للنظام وحسب، بل بديل للدولة ذاتها، بديل للأجيال الحاكمة الحالية والنخبة الحالية،
بديل للتاريخ الفاشل لتلك النخبة، بديل للقيم والأفكار الفاشلة التي لم تقدم للسودان طوال أكثر من نصف قرن أي تقدم أو حتى أن تفتح الباب لذلك، ولكنه فشل مستمر حتى أن الصورة الطيبة والتقليدية لهذا الشعب وهذا الإنسان السوداني التي طبعت في وجدان سكان جميع العالم ضاعت وحلت بدلا منها صورة بشعة لايشرف أي منا الإتصاف بها، أنه فشل مستمر للنخبة السياسية والثقافية والإجتماعية منذ الإستقلال وحتى الآن ولكن نستثني الإنقاذيين من هذا ليس لأنهم نخبة ناجحة، بل لأنها ناجحة فعلا في خلق التدمير وتحقيق أهداف التسلط والطغيان ، أنا لا أعتبر الإنقاذيين جزءا من النخبة السودانية الفاشلة لأن الفشل يتمثل في عدم القدرة على مواجهة الطغيان والتخلف وتخليق البديل وتحقيقه وهذه لم تكن ابدا مهمة هؤلاء الإنقاذيين بل هم الذين مثلوا هذا الطغيان والتخلف وكانوا تتويجا منطقيا لتاريخ من التخلف والإنهيار ، النخبة السودانية فشلت في إيقاف هذا التدهور بل إنجرفت في تياره حتى سقطت في وحل سيول هذا العام .. إننا نعيش لحظة تاريخية حقا لأن الفشل لابد له أن يفشل حتى في الإستمرار، فهو لا يستطيع أن يصنع مزيدا من الفشل كما قال وزير الدفاع اللمبي ولكن لابد من أن تأتي لحظة يتوقف فيها الفشل ويبدأ النجاح .. لابد من القول أن هذا التاريخ من الفشل كان تاريخا سطحيا يغطي نجاحا كامنا لايستطيع أن يظهر إلا إذا انكسرت السلطة القابضة سياسيا واجتماعيا وثقافيا، هاهنا يظهر الشباب كقوة حقيقية بديلا عن كل هذا التاريخ لتمثل النجاح في أعلى نماذجه، ولتخلق البديل السياسي والإجتماعي والثقافي وحتى القيمي بديل سيمثل قيما شبابية جديدة مثل قيمة العمل الجماعي والتفكير الموضوعي والديمقراطية والمؤسسية واحترام الآخر واحترام الزمن ،كل القيم الإنسانية الحديثة والنبيلة ، إن الشباب قوة ليست عاطلة ولكنها قوة حاملة لقيم جديدة مؤهلة لتسود الآن بعد أن تصبح القيم القديمة أثرا بعد عين ..
سؤال البديل لن يجد إجابة شافية كافية وشاملة حتى يحقق الشباب نموذجا حقيقيا كقوة منظمة وفاعلة في أرض الواقع إيجابا، لتفرض نفسها بديلا حقيقيا لدولة آفلة، ليس ذلك فحسب لكن نموذجا منجزا أي ليس نظريا فحسب ولكن عمليا أيضا وله إنجازاته الحقيقية .. إن المشكلة التي تواجه الشباب الآن أنه لا تتوفر بين أيديهم تجربة حقيقية متراكمة ذات خبرة تتأسس عليها تجربتهم، وربما ذلك نتيجة لذلك التاريخ الفاشل نفسه، فلابد أن يقبلوا التحدي وأن يخلقوا تجربتهم بأنفسهم ومن الفراغ العريض فليس لهم سوى ما يمكن أن ترفدهم به تجارب الشعوب الأخرى ، لقد بدأ الشباب بناء تجربتهم منذ عامين أو ثلاثة مندفعين وراء حلم الثورة الذي خلقه الربيع وبما توفر لديهم من أدوات تقنية، ولكنهم وقعوا في ذات الفخ الذي وقع فيه سلفهم من المناضلين، وهو فخ بناء التنظيم السياسي ليكون وسيلة للتغيير الإجتماعي، فبنوا تنظيمات حزبية وإن لم تتسم أحزابا وإن تسمت حركات ولكنها تقوم على ذات الأساس الذي يقوم عليه التنظيم السياسي: أي أهداف سياسية، وطريقة بناء يقوم على التجنيد الفردي، وتكوين هياكل تنظيمية مركزية تكون فيها القبضة التنظيمية للقيادة، وهذا ما أدى لفشلها ايضا لأنهم لم يستطيعوا أن يقدموا نموذجا جديدا للبناء التنظيمي والحركي، ولم يقدموا في الواقع حركة تغيير جديدة، وإنما أضافوا للتنظيمات السياسية تنظيمات جديدة .. - وهذا يصح بالنسبة لكل التنظيمات الجديدة في الواقع – مشكلة التنظيم السياسي أنه تلقائيا يبدأ عملية التغيير الإجتماعي من سقفها وليس من قاعدتها أي من السياسة وليس من الإجتماع، فكل مبادر للتغير سيسرع مباشرة لبناء تنظيم سياسي فقط لأن همه سيتركز في تغيير السلطة الحاكمة، ويظن أن هذا هو مفتاح التغيير، في حين أنه لايمتلك أية تجربة سياسية أو إجتماعية، وليس له أية جماهير ولانفوذ سياسي، لذلك سيقع فعلا في ذلك الفخ، وسيجد نفسه عبارة عن شرنقة ضعيفة في تيار من الفشل، وسيادة أسماك قرش وتماسيح التخلف التي تسبح للوراء وهو يريد أن يكون مثلها .
إن أردنا التغيير لابد أن نبدأ التغيير وأن نكون نحن التغيير، هذا هو المنطق الذي يفرضه الواقع، والتغيير ليس مجرد نوايانا وأحلامنا، ولكن نموذجنا التنظيمي وأفكارنا وسلوكنا وحركتنا أيضا يجب أن تكون غيرا .. إن ما نحتاجه الآن لإنجاز التغيير ليس تنظيمات سياسية، ولكن مجموعات عمل تستلهم القيم الإيجابية عند الشعب وتستلهم القيم الإيجابية للحداثة والديمقراطية وتمزج بينها، و نعتقد أن هذا هو الكامن فعلا داخل ضمير الشباب اليوم، وهذا ما يؤهلهم كقوى حقيقية لإنجاز التغيير، و من هنا يجب أن نحتفل بنماذج نتوقع لها نجاحا كبيرا ومميزا، لأنها مميزة فعلا وتعبر عن بداية صحيحة لتجربة شبابية جديدة، وهذه النماذج مثل جماعة نفير – شارع الحوادث – صدقات – جماعة عمل الثقافية – وغيرها ، ورغم أن هذه تمثل منظمات عمل مدني إلا أنها تختلف حتى عن المنظمات الكلاسيكية فهي تبتدر شكلا جديدا وهو المشاركة الجماعية غير المحدودة في العمل، وتحيي قيمة العمل الجماعي والنفير، وتبدأ في خلق أشكال جديدة غير تقليدية للمؤسسية واللامركزية، وهذا بالضبط ماتحتاجه المرحلة، وأتوقع لها النجاح الذي لم تبلغ شأوه حركات شبابية اخرى مثل قرفنا وشرارة ناهيك عن التنظيمات السياسية في المعارضة أو القوى الجديدة، ولكن هذا لن يلغي بالتأكيد الأدوار التي يمكن أن تلعبها هذه التنظيمات والحركات كلها، فيمكنها أن تشكل جدارا سياسيا داعما وقويا لهذه التحركات الإجتماعية فقط بعيدأ عن اي شكل من أشكال الهيمنة أو الإستقطاب، وهذا مايتطلب أمرا مهما وهو الإصلاح التنظيمي، ومن هنا فإن ضرورة مراجعة القيم والهياكل واللوائح التنظيمية المتبعة تصبح ملحة جدا لتبني مفاهيم التعدد واللا مركزية والكونفدرالية من أجل خلق حركة إجتماعية سياسية منظمة وموحدة ليست هرمية وليست مركزية، بل حركة تفاعل حر بين مكوناتها تقوم على التبادل والتنسيق والدعم والربط المعلوماتي والتنظيمي، وبحيث تكون لكل مجموعة إستقلاليتها التنظيمية الكاملة في البناء واتخاذ القرار..
اليوم نفير – وغدا تغيير – وبعد غد تعمير
إن ماظل المجتمع يحتاجه طوال المراحل السابقة ويفتقده هو وجود تنظيم يلم شعث هذ الشعب ويوحده ويخلق منه قوة ضاربة بعيدا عن القيادة والتسلط والنخبوية الشاذة، وقد بدأ الكثيرمن أصحاب الضمائر والأحلام من الشباب والقادة الوطنيين محاولات لبناء مثل هذا التنظيم، ولكن كما قدمت فقد وقعوا جميعا في فخ الفشل لأنهم تخيلوا ظنا أن مابدأوه هو مايحتاجه الشعب، فبدأوا بأوعيتهم قبل وعاء إخوانهم، وبدأوا بالتجنيد، فكان الفخ الذي وقعوا فيه هو البناء من أعلى وعدم الثقة في الآخرين الذين ساروا في نفس الطريق، فكانت نسخ كثيرة ومشوهة من نفس المسخ .. إن التغيير لايبدأ من أعلى ياهؤلاء بل من أسفل، من مبادرات صغيرة وذات أهداف إجتماعية محددة، ثم تتجمع وتتسق وتخلق وحدة بينها ثم تصعد فيفرض التغيير السياسي نفسه عليها وحينها ستكون الأقدر عليه ..
الواقع الآن يفرض علينا مسار لابد أن نسير فيه هو التشارك من القواعد والتصدي للمهام الإجتماعية غير ذات الغرض السياسي، وهذا ماسيمنحنا ثقة الشعب فيتفاعل معها بصدق وتكون قد تحققت القاعدة الإجتماعية العريضة للتفاعل التنظيمي بين مكونات الشعب، إننا نحتاج حاليا للكثير الكثير من مبادرات مثل نفير بل نحتاج لنفير كبير يشترك فيه كل الناس للتصدي لمهام الكارثة الإجتماعية التي ستقودنا للتصدي لمهام الكارثة الإقتصادية التي ستقودنا فعلا للتصدي للكارثة السياسية الماثلة ..
هذا هو المسار وهذه هي الإستراتيجية وهذا هو سياق التغيير .. اليوم نفير – وغدا تغيير – وبعد غد تعمير.....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.