عماد عبدالله الهوا ضَكَر الخرطوم الغريقة .. أحبك .. ..... و كنا نكثر من إقتعاد النواصي . في حينا ثلاث نواصٍ صالحة للقعاد .. و الزمان وقتئذٍ أوائل الثمانينيات ، و نحب السينما و تدخين البرنجي و الشامبيون و الروثمان .. و نتبارى في استعراض فتوتنا المراهقة بأيما كان من صنوف ( الرجالة ) . أقول كانت النساء نساء في زماننا ذاك . تنقسمن لصنفين : نساء خالات ، و أخريات غير خالات ، صالحات للحب و العشق و الهوى .. و الليل الذي بهن يطول و يحلو . حسناً .. كان الهواء حينها " ضكراً " !!! تذكرت ذلك و الخرطوم تعصف منذ يومين و تمطر ، و خط الإستواء مستويٍ تماماً فوق أم يافوخنا . صعالبك الحي و رواد الناصيات الكواذب الجميلات ظلوا يتخذونها مقاعد للونس و المناجاة و بعض نزقٍ حييٍ مما يمارسه الفتية الذين اشتموا " صُناح " إباطاتهم . فما أن تهب نسيمة ترفع الغبار عن الأرض قليلاً إلا و يعد الصابئة أولئك للصيد عدته .. صيدٌ أدواته العيون و القلوب الصبية ، و الطريدة : فستان وسيع الحواف بطياتٍ و طياتٍ توجع القلب ، و تنورة هفهافة تسر الناظرين و ترفع صاحبتها مقام فينوس الإلهة . كانت النساء بنكهة البهار - قلت ذلك ؟ - حسناً .. الخالات كن بالتياب يتهادين و لا أجمل .. لا أوقر ، أوسمتهن الأمومة الجميلة حسناً فوقه حسن . ثيابهن بيض .. أشهرها أبوقجيجة .. علامة العاملات و المعلمات و و و .. و أخرى تياب مبرقشة بألوانٍ عجب . كنا نعرف طرفاً منها في ثقافتنا الشعبية المحدثة و ذلك لمجاورتنا - محظوظين - لأحياء الخرطوم اتنين و تلاتة .. بينما حيّنا تخذ من الأمور خيرها ، فتوسط الحيين أبان مصاريناً بُيُض . يسألنا من يسأل فنقول : نحنا الديم : ضواحي العمارات ، فنما إلينا من علوم الموضة : رسالة لندن ، و الشيفون ، و الزلاّق - و الأخير كنت أحبه لتواطئه الدائم معي - ذلك ثم تأتي الإسكيرتات الواسعات المكشكشات الخصيرات المنتصفات للساق .. ( لما تعب محمد سعد من ذكورة الهواء اليومية قال في إنهاك و قهر كبير : البنات ديل حقو الواحد يمسكهن يدقهن ، بعدين يجدعن في الهناي ) . أقول لكم جازماً أن تلك الاسكيرتات كانت تؤنث كل من ترتديها .. ثمة مسحة أنثوية ساحرة بديعة كانت في تلك التنانير الفضفاضة يعلوها قميص ما .. خصير هو الآخر .. قصير الأكمام يشق ظهر الباصريه .. و قد كنا بُصّرٌ راؤون الله يسألني . المدارس الثانويات كانت تحيط بحينا .. ما أن ينتصف النهار إلا و يندلق اللون الأزرق الفاااااااااتح على الطرقات ، على الطرقات يندلق ، و على الدروب البينية الحميمة ، فتعج الحافلات زرقة و شقشقة ، و عطور خفيفات و حقائب حدائق . مقتل كلنا كان فيمن تحتضن مجموع كتبها بين يديها . أي و الله . ذاك عُرفٌ بقي بيننا ، و ظل عالقاً بخاطري ( لا أعرف ماذا في الوضع ذلك يجعله مسماً و قاتلاً : أن تحتضن إحداهن بالفستان الأزرق كتبها أمام صدرها و بين يديها .. و تخطر خفيفة خجلة !! ) أظن كان بنا شوية عُتهٌ ما أو شيء من هذا القبيل .. يا كمان نحو ذلك . أعود للفحات الهواء حين يجن معنا و ندخله في زمرة الرفقة و الأصحاب .. قال سيد خليفة : أي سربٍ يتهادى ، و كن يسرن سرباً سربا .. جاهدات في لَمّ تلك التنورات عليهن خشية فحولة الهواء .. لكنه الملعون يغافلهن و يدور يدور ثم تنفخه الأرض علواً فيعلو .. و ترتفع الحواف الحشيدة أنوثة بطياتها و اتساعها و خيرها و خيرها ، و تصيح عوالم الأراضين الجالسه من شعوب النواصي مهللة : أمممممك .. الهوا ضكر . ربما عرف أهل هوليوود بذلك الكشف السوداني أيام حبيبتنا مارلين مونرو .. و صورتها الشهيرة تلك و هي تلم كتفيها المرمر عليها ، فينعجنان طوعا .. و ترفع نحرها فيضيق مجري العطر .. و تضيق بنا الوسيعة ، يرتفع ذاك الفستان الهوليوودي المجنون حتى بالكاد يغدو ورقة توت و .. تنهمر الأضواء . هوليوود عرفت بأمر ذاك ( الهوا الضكر ) بتاعنا .. فكسبت الملايين من أنفس الخلق المعلقات على السببية ، و مئات ملايين من العملة الخضراء بنت الذين . لا تبدو النساء الآن نساء !! .. ما ثمة أنوثة حقيقية هنا في طرقاتك يا خرطوم . رأيتها الإسكيرتات تضيق ، و تضيق الخطوات ، تضيق الطرقات بزرافات منهن ، ثم و ما ثمة فرق هنا بين واحدة و أخرى .. لا تشي تلك الملابس المكرضمة بشيء ، ليس من حس أنثوي يستوقفك .. ليس هنالك ما يشعل فتيل الأرض فتغدق و تسبغ علي واطئاتها ذاك السحر الأنثوي المتين . اليومين ديل الهوا ضكر .. .. على الفاضي . يا كمان نحنا خرتايتنا رقدت رُز . ..... حبيبتي الخرطوم .. ( صبحك الهوى بصبحه الجميل ) .