الموت يغيب الإعلامي الشاب محمد محمود حسكا    قبل النوم بلحظات.. "ثمرة ذهبية" تهدئ جسدك وعقلك    بيان حول أحداث مباراة نهضة تونس والوداد بالقضارف    وفاة إعلامي سوداني    مدير شرطة ولاية الجزيرة يزور الرومان    هذه الكائنات الإسفيرية تجدها حاضرة عند كل حدث بالتعليق والتحليل وبث طائر الشؤم وراء كل خبر !!    انقطاع التيار الكهربائي في عموم ولايات السودان    بعد انسحاب الجيش.. مليشيا الدعم السريع تسيطر على حقل هجليج النفطي    سيدة الأعمال السودانية نانسي ملاح تدافع عن "ميادة" بعد شائعة الإعتداء على خادماتها: (ما شفنا منها غير الطيبة والأدب وأخلاق البنات المربّيات وحكموا عليها قبل ما تُعرض الأدلة وقبل ما القانون يقول كلمته)    شاهد بالصور.. "صباحكم عافية".. الفنانة هدى عربي تتجاهل هجوم "أفراح" وتبهر الجمهور بإطلالة أنيقة ومميزة    شاهد بالفيديو.. أحد أفراد الدعم السريع يهاجم شيخهم "بدران": (رأسك زي بوخ الحلة.. بتجيب في كلمات ما معروف من أي ديانة وتشريعك دا المغطس حجرنا)    "كسروا الشاشات وهاجموا بعضهم".. غضب هستيري في غرفة ملابس ريال مدريد    سيدة الأعمال السودانية نانسي ملاح تدافع عن "ميادة" بعد شائعة الإعتداء على خادماتها: (ما شفنا منها غير الطيبة والأدب وأخلاق البنات المربّيات وحكموا عليها قبل ما تُعرض الأدلة وقبل ما القانون يقول كلمته)    شاهد بالصورة والفيديو.. مشجعة سودانية تتمنى مواجهة العراق مرة أخرى: (العراقيين هم اللي يخافون مننا وسودانا فوق)    شاهد بالصورة والفيديو.. مشجعة سودانية تتمنى مواجهة العراق مرة أخرى: (العراقيين هم اللي يخافون مننا وسودانا فوق)    شاهد بالفيديو.. خبير التحكيم المصري ونجوم الأستوديو التحليلي يجمعون على تقاضي الحكم عن ركلة الجزاء واضحة لصقور الجديان أمام العراق والجمهور: (الظلم التحكيمي لمنتخبنا في البطولة أصبح متكرر)    قائد بفرقة عسكرية للجيش يصل دولة مجاورة    السوكرتا يجري مرانه الصباحي بملعب المرغني استعداداً لمواجهة القوز كوستي    الغضب يترك أثراً أعمق مما نظن    الصادق الرزيقي يكتب: الكيان الصهيوني ومشروع تقسيم السودان    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    شاهد بالصور.. الشاعرة والإعلامية نضال الحاج تخطف الأضواء وتسحب البساط من الجميع في حفل زفاف "ريماز" بأناقتها بالحجاب    شاهد بالفيديو.. اليوتيوبر الشهيرة مها جعفر تعود للظهور بمقطع فيديو كوميدي من مباراة صقور الجديان وأسود الرافدين وتؤكد تشجيعها للمنتخبين لأن والدها سوداني ووالدتها عراقية: (ماما أمسكي المنتخب بتاعك دا)    وزير خارجية بنين يعلن فشل محاولة الانقلاب في البلاد    الكويت تسحب جنسية الداعية طارق السويدان    شركة CNPC الصينية تُخطر وزارة الطاقة بنيتها إنهاء اتفاقيات البلوك 6 بسبب تدهور الأوضاع الأمنية    إحباط تهريب (29) ألف رأس بنقو و(46) ألف حبة ترامادول بشندي    صلاح يفتح النار: شخص يريد رحيلي.. وليفربول تخلى عني    تحذير علمي: السمنة تُسرّع تراكم علامات الزهايمر في الدم بنسبة 95%    هيئة مياه الخرطوم تعلن عودة محطة كبيرة للعمل    بيل غيتس يحذر : ملايين الأطفال قد يموتون بنهاية هذا العام    شاهد بالفيديو.. العروس "ريماز ميرغني" تنصف الفنانة هدى عربي بعد الهجوم الذي تعرضت له من صديقتها المقربة الفنانة أفراح عصام    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    تكريم الفنان النور الجيلاني بمنطقة الكدرو    رئيس مَوالِيد مُدَرّجَات الهِلال    بالصورة.. الفنانة أفراح عصام تفتح النار على مطربة شهيرة عقب نهاية حفل زفاف ريماز ميرغني: من عرفتك نحنا بنسجل في البرنامج وانتي في محاكم الآداب وقبلها المخدرات مع (….) وتبقي فنانه شيك كيف وانتي مكفتة ومطرودة!!    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا ينتحر السعوديّون؟
نشر في سودانيات يوم 21 - 04 - 2012

تشير الأرقام والإحصائيات المتداولة إلى تحوّل الانتحار إلى ظاهرة مقلقة، وخاصة بين فئة الشباب في السعودية. وتقدم حالات انتحار عديدة حصلت في الفترة الماضية دعماً لهذه الفكرة، كما تؤكد ارتباط التزايد المستمر في حالات الانتحار مع تزايد معدلات الفقر والبطالة، وغياب الفرص المتاحة للشباب السعودي. وقد تم تسليط الضوء أخيراً على قصص عدد من الشباب المنتحرين التي تمحورت في معظمها حول البطالة والفقر.
في 2010، أفادت إحصائية رسمية صادرة عن وزارة الداخلية بأنّ عام 2009 شهد 787 حالة انتحار في السعودية، بمعدل حالتين يومياً، وأنّ عدد الحالات زاد عن عام 2008 بتسع وثلاثين حالة. كما أنّ المقارنة بالسنوات العشر الماضية تؤكد زيادة عدد الحالات بالأضعاف. فبين 1994 و2006 زادت الحالات بنسبة 185 بالمئة.
وأوضحت دراسة لثلاثة أكاديميين سعوديين أنّ 84% من محاولي الانتحار هم شباب لم يتجاوزوا سن الخامسة والثلاثين، وأنّ 58% من المنتحرين هم من الذكور، مقابل 42% من الإناث. يضاف إلى تلك الأرقام حقيقة مفادها أنّ محاولات الانتحار الفاشلة لم ترصد بالأرقام. كما أنّ حالات الانتحار المسجلة أقل من تلك التي تحدث على أرض الواقع. ويعود ذلك إلى حساسية اجتماعية تجعل الأهل يرفضون إرسال جثة المنتحر إلى الطب الشرعي، كما أنّ الجهات المعنية تفضل إحالة الوفاة إلى «سبب غير محدد» دون عرضها على الطب الشرعي، ما يجعل الإحصاءات المذكورة غير دقيقة بما فيه الكفاية. تبعث ظاهرة الانتحار الشبابي تلك على القلق، ففي مجتمع كالمجتمع السعودي يفترض ألا يتحوّل الانتحار إلى ظاهرة، لأنّه مجتمع محافظ دينياً، بما يجعل الانتحار سلوكاً مشيناً في الوعي الجمعي، إذ إن قتل النفس من المحرمات الدينية. كما أنّ المجتمع غني بالموارد الطبيعية التي «يفترض» بها أن تقدم فرصاً كبيرة للشباب، على المستوى العلمي والعملي. لذلك يبدو السؤال هنا ملحاً: ماذا يعني انتحار شباب ينتمون إلى مجتمع محافظ وبلد نفطي غني؟
أول المعاني المتبادرة إلى الذهن هو سوء الواقع الذي يعايشه هؤلاء الشباب، ما يدفعهم إلى تخطي الحاجز الديني والإقدام على الانتحار. وبعيداً عن محاولة بعض وسائل الإعلام إحالة الظاهرة إلى الأمراض النفسية، فإنّ كثيراً من حالات الانتحار ارتبطت ارتباطاً مباشراً بقضايا الفقر والبطالة وانسداد الأفق أمام الشباب، وهو ما يعني أنّ أحد أهم الدوافع إلى الانتحار يتمثل في الحياة السيئة التي يعيشها قسم لا بأس به من المواطنين السعوديين، وخاصة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية. ومن لا ينتحر منهم يُنحر يومياً بأعباء الحياة التي لا يقدر على تحملها.
تعيد هذه الظاهرة المقلقة النقاش حول الفشل التنموي الذي أحدثه غياب التخطيط الواعي وتغوّل الفساد مع غيابٍ كامل للشفافية والمحاسبة، إذ إنّ ارتباط الفساد الإداري بالفساد المالي والنهب المستمر للمال العام أدى إلى فشل ذريع في التأسيس لبنية تحتية سليمة جعل السعوديين يتذمرون يومياً من حال الخدمات في بلدهم الغني، وخاصة في قطاعي التعليم والصحة. ويجتمع الفشل التنموي، وسوء التخطيط المنتج للبطالة، وسوء توزيع الثروات، وازدياد معدلات الفقر مع الكبت، وغياب الحريات الذي يشعر به المواطن السعودي حتى في أبسط الأمور الحياتية لينتج حالة معيشية سيئة للغاية.
المعنى الثاني المكمل للأول هو عدم قدرة الشباب على التأقلم والقبول بالواقع السيئ. والانتحار هنا هو أحد مظاهر الاحتجاج الشبابي على سوء الواقع والتعبير عن رفضه بالكامل. ولعل الانتحار هو الشكل الاحتجاجي المعبر عن اليأس من تغيير الأمر الواقع، بعكس أشكال احتجاجية أخرى أكثر استيعاباً لمجموعات شبابية واسعة وأكثر إيجابية وتأثيراً، من الكتابة ونشر مقاطع الفيديو في الإعلام الجديد، إلى المسيرات المطالبة بتغييرات واسعة في الجامعات، إلى المبادرات المدنية الراغبة في خلق ثقافة وواقع جديدين في السعودية.
كلما زاد سوء الواقع المعيش اندفع الشباب للتعبير عن احتجاجهم بصورة أكبر بكلّ الطرق الممكنة، وهنا يمكن تفسير زيادة حالات الانتحار سنوياً مع زيادة المشاكل التي تواجه الشباب مع مرور الوقت وعدم وجود حلول عملية، ما يسبب للكثير منهم إحباطاً شديداً، دون أن يعني ذلك أنّ غير المنتحرين ليسوا محبطين بشدة أيضاً، وبعضهم يعبر عن سخطه بصور سلبية أخرى، كالاتجاه إلى الجريمة والقيام بمجموعة من السلوكيات العبثية التي تضر بهم وبالآخرين.
لم يعد من الممكن إقناع الشباب بالدعاية الإعلامية التي تتحدث عن النهضة الشاملة والتميّز السعودي في المجالات المختلفة بلغة خشبية لا تشبه الشباب ولغتهم. كما أنّ الحديث عن كون السعوديين أفضل حالاً من غيرهم لم يعد ينطلي على الشباب الذين يشاهدون عبر وسائل الاتصال الحديثة كيف تفوقت دول مجاورة على بلدهم في أبسط القضايا تنظيمياً وتنموياً، وكيف يعيشون هم مع وجود النفط في حالة تتفوّق فقط على الدول الفقيرة المعدمة المثخنة بالحروب الأهلية والمجاعات.
يبحث الشباب عن تغيير حقيقي ينعكس على حياتهم ومعيشتهم إيجابياً، ويقدم لهم فرصة الانطلاق والتعبير عن الذات، والاستفادة من ثروات بلادهم بشكل يجعل حياتهم سهلة ميسورة، ويوجد حلاً واضحاً لمشاكل السكن والبطالة والفقر ويقضي على الفساد. وهم في ذلك يبحثون عن تفهم تطلعاتهم وتلبية مطلبهم في التغيير، وفهم اللغة التي يعبرون من خلالها عن أنفسهم ومطالبهم.
إنّ المعنى الثالث لانتحار الشباب يتمثل في عدم قدرة المسؤولين على تقليص الفجوة التي تستمر في التمدد بينهم وبين الشباب. إذ لا يفهم هؤلاء لغة الشباب ومتطلباتهم، ولا يزالون يصرون على استخدام اللغة والمفردات الخشبية التي لا تلائم الواقع ولا تقنع الشباب الذي يتكلم بلغة أخرى ويرغب في تغييرات تواكب العصر، ويرفض الكذب على الذات وادعاء المثالية والتطور، في ظل واقع يزداد سوءاً.
إنّ إلغاء ملتقيات شبابية مثل «تيدكس نجد» ومؤتمر «تحديد التخصص» يدخل في سياق غياب اللغة المشتركة بين الشباب والمسؤولين، ومحاولة التعاطي مع المبادرات الشبابية بأدوات قديمة لم يعد لها قدرة على التأثير إلا بخلق المزيد من الإحباط والغضب عند الشباب. ولعل رد بعض الشباب بمحاولة إقامة مؤتمر «تحديد التخصص» في «تويتر» يؤكد اختلاف اللغة والأدوات وقدرة الشباب على تجاوز آليات المنع القديمة.
استخدام آليات الحجب والمنع في التعاطي مع الشباب يساهم في نحرهم معنوياً وتعطيل طاقاتهم بما يضر بالبلاد ومستقبلها. ولا يبدو أنّ المسؤولين يدركون حجم المشكلة الناجمة عن محاربة الشباب وتطلعاتهم، إذ إنّ العقلية التي لا تعرف إلا العمل وفق المناهج القديمة في التعاطي مع كل الأمور، تصل إلى هذه النتيجة. تزداد معدلات الانتحار إذاً، ومعها يزيد غضب الشباب ورفضهم للواقع وتتوالى تعبيراتهم الأخرى عنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.