في وقت لم يتبق فيه غير أيام معدودة لنهاية مهلة حددها مجلس الأمن الدولي لدولتي السودان لوضع حد لخلافاتهما وحسم كافة الملفات العالقة بحلول الثاني من أغسطس/آب المقبل، بدأ الأمل يكبر بإمكانية الحل بعد إعلان الطرفين تقدم الحوار بينهما. وبرغم تباعد المواقف المعلنة بين وفدي السودان وجنوب السودان وإصرار كليهما على مواقفه -وفق الخطوط الحمر التي يرسمها كل طرف- فإن قبولهما بخارطة طريق الوساطة الأفريقية قد وضع الخطوة الأولى في طريق الحسم قبل حلول الموعد. وكان وزير الدفاع السوداني الفريق عبد الرحيم محمد حسين أشار بُعيد نهاية الجولة الماضية إلى وجود تقدم بأهم الملفات العالقة بين البلدين، ويبدو أن المشكلات الاقتصادية التي تعانيها دولتا السودان قد تدفعهما هي الأخرى لاتخاذ مواقف تبدو أقرب إلى التنازل لتمهيد الطريق لحلول عاجلة لخلافاتهما. ويعتقد مراقبون ومحللون سياسيون أن توصل الطرفين لاتفاق بشأن أغلب القضايا الحساسة سيجنبهما عقوبات لا يقويان على مواجهتها، ولا يستبعد هؤلاء المراقبون أن يمثل لقاء الرئيس السوداني عمر البشير ونظيره الجنوبي سلفاكير ميارديت على هامش اجتماعات القمة الأفريقية بأديس أبابا أمس السبت مفتاحا لبعض العقد التي استعصت على ممثليهما في جولات التفاوض السابقة. إثبات الجدية ولم يستعبد أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين حسن الحاج علي توصل الطرفين لاتفاق "حول بعض القضايا مثل النفط والترتيبات الأمنية"، ويرى في تصريح للجزيرة نت أن اقتراب نهاية مهلة مجلس الأمن ربما تدفع الطرفين باتجاه التوصل لاتفاق لإثبات جديتهما للمجتمع الدولي، معتبرا أن إظهار جديتهما "يعني منحهما فرصة أخرى لحسم كافة الملفات العالقة". ويشير الأستاذ الجامعي إلى أن اقتراب انتهاء المهلة "يشكل مصدر الضغط الوحيد على الطرفين"، مستبعدا تمسك أي منهما بمواقف قد تعيق إنجاز ما طلبته المنظمة الدولية. ويرى الخبير الإستراتيجي حسن مكي أن الطرفين تعلما من دروس الماضي، ومنها "إنهما لن يستطيعا العيش دون تعاون وثيق بينهما"، واصفا خلافاتهما السابقة "بأنها تكتيكية"، ويعتقد مكي بأن الجانبين ربما يتوصلان لحلول مؤقتة قبل انقضاء المهلة المحددة لهما "بما يؤدي لوقف الحرب وتحسن الوضع الاقتصادي وعودة التجارة بين البلدين". تعجيل وتأجيل ولم يستبعد مكي أن تكون قضايا النفط والمنطقة العازلة بين البلدين على رأس ما يمكن أن يتفقا عليه "فيما سيؤجلان قضايا أبيي وجنوب كردفان والنيل الأزرق إلى مراحل لاحقة". ويشير المتحدث نفسه في حديث للجزيرة إلى أن مجلس الأمن حريص على بقاء دولة جنوب السودان، "لذلك سيضغط على الطرفين من أجل التوصل لحلول لقضية النفط التي تعتمد عليها جوبا بنسبة 98% من ميزانيتها"، وتابع "المجلس سيضغط على الطرفين من أجل الاتفاق لأن أميركا حريصة على عدم انهيار الجنوب". ومن جانب آخر يقول الخبير في مجال الدراسات الإنسانية عبد الرحيم بلال إن اتفاق الطرفين مرهون بحسن نيتيهما وتوفر الثقة بينهما، مضيفا أن البلدين فقدا الثقة في بعضهما البعض لفترة طويلة، "وبالتالي فإن من الحكمة تجاوز كافة المشكلات التي وقفت أمام تحقيق أي اتفاق سابق".