من المنتظر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا نهاية الأسبوع الحالي، للنظر في الحالة بين دولتي السودان وجنوب السودان، على ضوء قراره الأخير 2046 وخارطة الطريق التي أعدها مجلس السلم والأمن الأفريقي للبلدين لتجاوز كافة خلافاتهما والقضايا العالقة بينهما بحلول الثاني من أغسطس المنصرم، ومع أن الطرفين لم يفلحا في حسم جميع خلافاتهما مع انقضاء الموعد المضروب، إلا أن الاتفاق بشأن الملف النفطي من شأنه أن يفتح آفاقا جديدة بين الدولتين، ومن شأنه أن يهيئ لصفحة جديدة بينهما- البلدان- والمجتمع الدولي، الذي عبر بصورة لافتة عن ترحيبه بتجاوز ملف النفط، ومن شأن اتفاق الخرطوموجوبا حول ملف النفط أيضا، أن يزيح الكثير من التوجس الذي كان يخامر العاصمتين من مخرجات اجتماع مجلس الأمن الدولي، نظرا لما اشتمله قرار مجلس الأمن من تهديدات صريحة وتلويح بسيف العقوبات على عنقي البلدين، لكن يبدو واضحا الآن، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي، الذي أنهى اجتماعات مؤخرا، تناولت تقييما لما توصلت إليه المفاوضات الجارية في أديس أبابا منذ أشهر، قد مهد الطريق أمام المجلس الأممي الذي ينتظر أن يتأتي قراره متوازنا بعد التقدم الذي أحرزته المفاوضات، لاسيما وأن مجلس الأمن سيبني موقفه بالأساس استنادا إلى تقرير سيقدمه الوسيط الأفريقي ثامبو أمبيكي أمام أعضاء المجلس، وبالنسبة للوسيط ثامبو أمبيكي فإن فشل الطرفان- السودان وجنوب السودان- في حسم الخلافات يشكل بوجه أو آخر فشلا للقارة السمراء وحكمائها في حل مشكلاتهم، وهو ما دفع بأمبيكي أن يبذل جهودا بدت أشبه بحالة سباق محموم مع المهلة التي حددها مجلس الأمن الدولي، وانخرط الرجل في اجتماعات مطولة مع طرفي التفاوض في اللحظات الأخيرة لانقضاء المهلة أثمرت في طي أحد أهم الملفات- النفط - وقد غير هذا الإنجاز من شكل ومضمون التقرير الذي قدمه- أمبيكي- إلى مجلس السلم والأمن الأفريقي، فقط حوى الخطاب الإعلان عن الاتفاق بشأن ملف النفط بصورة نهائية، وقد عبر الطرفان عن رضائهما بما توصلا إليه من اتفاق، فقد أعلن الوسيط الأفريقي عن مهلة إضافية للطرفين حتى الثاني والعشرين من سبتمبر المقبل لحل بقية الملفات محل الخلاف، كذلك كشف أمبيكي عن قمة ستجمع الرئيسين البشير وسلفاكير في ذات الشهر لحسم قضية أبيي. الاتفاق بشأن ملف النفط بين الخرطوموجوبا، حصد رضا وترحيب المجتمع الدولي، وفي مقدمته مجلس السلم والأمن الأفريقي، الذي أصدر في أبريل الماضي قراره بإحالة الخلافات بين دولتي السودان وجنوب السودان، إلى مجلس الأمن الدولي، متضمنا خارطة الطريق التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي في قراره الذي صدر في الثاني من مايو الماضي، فقد أشاد المجلس الأفريقي بالاتفاق، وأكد في بيان أصدره السبت، دعمه لقرار الطرفين بتكوين لجنة مشتركة بمساندة اللجنة رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي لحشد المساعدات المالية لمقابلة الاحتياجات الملحة للدولتين، وطالب برفع كل العقوبات المفروضة على السودان، وحث الدول المانحة بالإسراع في إعفاء ديونها عن السودان، وطالب الأطراف بالالتزام التام وغير المشروط بخارطة الطريق الأفريقية، بسحب الطرفين لقواتهم المسلحة إلى حدود كل منهما والامتناع عن إيواء ومساعدة المجموعات المتمردة ضد الآخر، وناشدهما- الطرفين- بالاتفاق على عملية سلمية لمعالجة المناطق المتنازع، وأكد المجلس أهمية الإسراع في معالجة القضايا الأمنية من أجل تعزيز الثقة بين الدولتين، ودعا لجنة إشراف أبيي للإسراع في تكوين شرطة أبيي لتولي مهمة حفظ الأمن بالمنطقة بما في ذلك حماية منشآت النفط في المنطقة وشجع المجلس الأطراف بالرجوع إلى رأى لجنة الخبراء متى ما كان ذلك ممكنا وأن تستمر اللجنة في ترسيم قطاعات الحدود التي تم الاتفاق عليها وناشد المجلس الطرفين بالاتفاق على عملية سلمية لمعالجة المناطق المتنازع عليها. ورحبت الولاياتالمتحدةالأمريكية باتفاق النفط، وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما ، في بيان أصدره البيت الأبيض "إن هذا الاتفاق يفتح الباب أمام ازدهار أكبر لشعبي البلدين"، وأضاف قائلا "إن رئيسي البلدين يستحقان التهنئة بهذا الاتفاق"، وفي بيان منفصل، أشادت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، بالاتفاق وشجاعة قادة السودان وجنوب السودان في اتخاذ هذا القرار، وقالت "بالنسبة إلى السودان أيضا، يوفر هذا الاتفاق سبيلا للخروج من التوتر الاقتصادي الراهن. وفي بروكسل، رحبت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، السبت، بالاتفاق النفطي بين الخرطوموجوبا، وقالت آشتون، في بيان "إن هذا الاتفاق سيساهم في الديمومة الاقتصادية لكلا البلدين وفي صالح رخاء شعبيهما"، وهنأت الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في بيانها حكومتي جوباوالخرطوم على "روح التوافق" التي تحلتا بها والتي بفضلها تم التوصل إلى الاتفاق، معربة عن أملها في "أن تتسع هذه الروح لتشمل مسائل مهمة أخر بينها مسائل الحدود وأبيي والترتيبات الأمنية". من جانبها، رحبت بريطانيا بالاتفاق، ودعا وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيج، البلدين إلى مضاعفة الجهود لحل الخلافات المتبقية بينهما، وقال هيج في تصريحات نشرها موقع وزارة الخارجية البريطانية على الإنترنت، "هذا الإنجاز سيشكل دفعة مهمة للاقتصاد في البلدين، وأشيد بروح التوافق بين الحكومتين". وبدورها، رحبت جامعة الدول العربية، بتوصل حكومتي السودان وجنوب السودان، إلى اتفاق بشأن إعادة تصدير النفط وتقسيم عائداته في خطوة لإنهاء الخلافات بين البلدين، وقال السفير أحمد بن حلي، نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، في تصريحات الأحد، إن الجامعة العربية كانت حاضرة في العاصمة أديس أبابا ومساهمة في الاتفاق الذي تم التوصل إليه بقيادة مبعوث الاتحاد الإفريقي ثامبو أمبيكي، وأعرب بن حلي عن أمله في أن يتمكن الجانبان من معالجة كل المشكلات العالقة مثل قضايا الأمن والحدود ومنطقة أبيي وغيرها من القضايا الأخر، وأكدت الجامعة العربية ضرورة معالجة هذه الملفات العالقة في إطار سلمي وأخوي وتم معالجة موضوع النفط، معتبرًا أن هذا مؤشرا جيدا وخطوة مهمة في اتجاه حل الملفات العالقة. وبرغم تكتم الطرفين على تفاصيل الاتفاق ذكرت تقارير أن وفدي السودان وجنوب السودان لمفاوضات أديس أبابا توصلا إلى اتفاق على مبلغ 25 دولاراً و80 سنتاً للبرميل رسوم عبور ومعالجة لنفط الجنوب الذي يمر عبر الأنبوب والأراضي السودانية وصولاً للتصدير، وجاء الاتفاق بحسب قناة الشروق، بينما أعلن كبير مفاوضي جنوب السودان باقان أموم، أنه تم الاتفاق على 11 دولاراً لمزيج النيل و9,10 دولارات لمزيج بترودار، وبحسب بيان أصدره الوفد الحكومي السبت، فإن جنوب السودان سيدفع مبلغ 3.028 بلايين دولار لحكومة السودان ترتيبات مالية انتقالية تدفع خلال ثلاث سنوات ونصف السنة عبر طرق بنكية شهرية في دفعيات لمدة 42 شهراً. نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 6/8/2012م