الصحافة تحقيق: أمين أحمد: وقف تميم اوشيك ينظر الى البحر في لحظات المغيب وما بعدها، يتأمل قرص الشمس وهو يغيب تحت الامواج.. لكنه لن ينسى ذلك اليوم الذي شاهد فيه تلك الطائرات التي كسرت صمت المغيب وهي تتجه الى الساحل قبل أن تدوي الانفجارات من تجاه الطريق السريع قرب المطار.. كانت تلك الأمسية حافلة بالاحداث والاصوات والانفجارات ولم يعد بعدها ساحل البحر هادئاً كما كان، ولكن هناك سؤالا لايزال يطارد (تميم) في كل مرة يقف فيها لحظات المغيب هل لاتزال هناك طائرات ستأتي من البحر؟ أم ان تلك الاختراقات لن تتكرر.؟ لقد تكررت حوادث الاختراقات التي عبرت السواحل والشواطئ الى اليابسة معا، بعد حادث العربة (السوناتا) جاء حادث العربة (البرادو) وشكاوى أخرى لا يفتأ يذكرها الصيادون في ارخبيل سواكن وكان قبل ذلك الحادث الذي اصاب قافلة من السيارات بالقرب من جبل الشيخ صلاح في حدود ولاية البحر الاحمر مع ولاية نهر النيل. وكذلك الحوادث التي تعرضت لها مجموعة من سنابك المهربين بالقرب من حلايب.. وليس هنالك حصر كاف لعدد الحوادث التي تمت وتحدث على المياه والسواحل السودانية، ولكنها اشتركت جميعها في انها تحدث في مياه داخلية تقع تحت سيطرة الحكومة السودانية وان جميع الاعتداءات تأتي من قوى اجنبية أعلنت دولة العدو الاسرائيلي مسؤوليتها عن بعضها وحملها المراقبون مسؤوليات لأخريات.. فلماذا لم يتم التعامل مع هذه الخروقات على المياه الاقليمية بالشكل المناسب ولكن قبل ذلك أين هي حدود مياهنا الاقليمية وهل هي واضحة الترسيم؟. وينظر الكثير من المراقبين الى أن حدود السودان على البحر الأحمر او حدوده المائية بشكل أدق تواجه مشكلة عدم وضوح الترسيم على الخرائط وعلى سطح الماء مما يجعل من السهل اختراق تلك الحدود، والعمق من اليابسة، غير أن خبراء آخرين يرفضون هذا الاتجاه وفقا لواقع خبرتهم العملية كما قال اللواء معاش نصر الدين محمد فرح (للصحافة) وان هنالك قانونا بحريا واضحا للسودان يختص بالبحر،عرف بقانون المياه الاقليمية والجرف القاري لعام 1970م وقد حدد المياه الاقليمية بحدود 12 ميلا بحريا وهنالك خرائط موجودة لدى المساحة البحرية العسكرية توضح حدود المياه الاقليمية. وفي هذا القانون هنالك تحديد لنقاط الاساس القاعدية من اعلى الساحل والتي حسبت نقاطها من أعلى رؤوس الجزر.. ويجب ان نذكر بأن ما نص عليه القانون البحري السوداني للعام 1970م اتفق تماما مع معاهدة القانون الدولي للبحار، وكذلك هنالك اتفاق لاستغلال الجرف القاري بين السودان والمملكة العربية السعودية، وكل ذلك يوضح ان خطوط الاساس واضحة في تحديد الحدود على المياه والفرق بينها والمياه في أعالي البحار، وفي تقديري ان الاعتداءات الاسرائيلية ضمن طبيعة العلاقة والتي هي حالة الحرب فالسودان لم ينه حالة الحرب ضد اسرائيل منذ العام 1967م وهو يعتبرها دولة (عدو) وهذا الامر لم يتغير حتى الآن. ولم يسقط بالتقادم. وكنت اتصلت هاتفيا بالمستشار الاعلامي للسفارة السعودية بالخرطوم لتحديد ما إذا كان هنالك مستجد حول المصلحة الاقتصادية واستغلال الجرف القاري والذي كانت قد شكلت له هيئة مشتركة في عقود سابقة، عرفت باستغلال كنز البحر الاحمر في السودان والسعودية، ولكن المستشار الاعلامي للسفارة السعودية بالخرطوم اعتذر بأن ليست لديه معلومات جديدة اكثر مما هو منشور في هذا الامر. بيد ان تحديد المياه الاقليمية او المنطقة الاقتصادية ونقاط الاساس قد عرفها القانون الدولي للبحار حيث يذكر القانون الدولي للبحار في فرع الاحكام العامة في المادة الاولى والثانية والثالثة والتي حدد من خلالها حدود المياه الاقليمية بحوالى 12 ميلا بحريا، وعرفت البحر الاقليمي والمنطقة المتاخمة وحدود البحر الاقليمي،وخط الاساس العادي والمادة الرابعة الشعب المرجانية والمادة الخامسة خطوط الاساس المنتهية، وقد جعل القانون البحري الدولي للدول حق تحديد حدود مياهها الاقليمية وخطوط الاساس، وعلى الرغم من ان السودان كان قد أجاز قانون العام 1970م للمياه الاقليمية والجرف القاري الا ان هنالك الآن اعدادا لمسودة قانون جديد، يجري التداول حولها. وقد طرحت تساؤلات على الدكتور معاذ تنقو رئيس وحدة القانون الدولي في وزارة العدل عن جدوى اعداد قانون جديد للبحار، فرد قائلاً ان القانون الدولي في حالة تطور مستمر ولذلك فإن هنالك تطويرا للقانون السابق بما يتفق والقانون الدولي للبحار ولكن ذلك لا يعني ان هنالك مشكلة في تحديد نقاط ترسيم الحدود والتي كفلها القانون الدولي بان تختار نوع خطوط الترسيم وفقا لنوع الشواطئ، فالحدود البحرية هي نقاط على الخرائط تقوم الدول بتحديدها ويتم الاعتراف بها دوليا ولا توجد مشاكل حدود بحرية بين السودان والدول الاخرى كل ما هنالك ان سلطات المساحة السودانية لم تقم بتحديد نقاط الاساس ورسم الخرائط الجديدة، وهذه عملية لوجستية حكومية. اما في جانب القانون فإنه لازال في مرحلة التداول بين جهات الاختصاص والوزارات ذات الصلة، ولم يصل مرحلة العرض على مجلس الوزراء ثم البرلمان، ولا اعتقد ان ذلك سيؤثر على مسألة تحديد الاعتداء على الحدود الاقليمية المائية والتي حددها القانون الدولي بحوالى 12 ميلا تقع ضمن المسؤولية الكاملة للدولة وتعرف بالمياه الداخلية وهنالك 24 ميلا اضافية تكون بعد تلك الاميال بمعنى أن الدولة تبسط سيطرتها على حدود 36 ميلا هي مياهها الاقليمية، وهذه العملية الغرض منها تحديد حجم الاعتداء والتجاوز الذي يتم على مياهها الاقليمية فالتجاوز في داخل 12 ميلا هو اعتداء عميق، وما بعد 12 ميلا و36 ميلا هو اعتداء على المياه الاقليمية، وبعد ذلك تأتي أعالي البحار. غير ان المشهد على البحر الاحمر وان كان يتم وفقا لخطوط الاساس في قانون العام 1970م يؤكد ان التجاوزات كلها من نوع الاعتداء العميق والمتكرر، وهذا ما يبدو واضحا للعيان، ولكن ما هو غير معلن يفوق ذلك بكثير فالسودان هو ضمن القائمة السوداء للبحار وليس في مقدوره حتى اصدار شهادات القباطنة رغم تميز سواحله وموقعه الاستراتيجي.