والي الخرطوم يدشن أعمال إعادة تأهيل مقار واجهزة الإدارة العامة للدفاع المدني    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    مصطفى بركات: 3 ساعات على تيك توك تعادل مرتب أستاذ جامعي في 6 سنوات    تكية الفاشر تواصل تقديم خدماتها الإنسانية للنازحين بمراكز الايواء    مصالح الشعب السوداني.. يا لشقاء المصطلحات!    تايسون يصنف أعظم 5 ملاكمين في التاريخ    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب    ريال مدريد لفينيسيوس: سنتخلى عنك مثل راموس.. والبرازيلي يرضخ    نقل طلاب الشهادة السودانية إلى ولاية الجزيرة يثير استنكار الأهالي    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    السودان..إحباط محاولة خطيرة والقبض على 3 متهمين    توّترات في إثيوبيا..ماذا يحدث؟    اللواء الركن (م(أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: موته وحياته سواء فلا تنشغلوا (بالتوافه)    دبابيس ودالشريف    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    دقلو أبو بريص    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    حملة في السودان على تجار العملة    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يروى لأول مرة قصة الغضب الإثيوبي والحصار الكوبي على الحزب الشيوعي ..نقد: نرفض الدستور الإسلامي والعلماني..قلت لكاسترو : نحن ما قاعدين اليوم كلو نسبح بحمد الماركسية .
نشر في سودانيات يوم 27 - 06 - 2011

يروى لأول مرة قصة الغضب الإثيوبي والحصار الكوبي على الحزب الشيوعي ..نقد: نرفض الدستور الإسلامي والعلماني قلت لكاسترو : نحن ما قاعدين اليوم كلو نسبح بحمد الماركسية .
السكرتير العام للحزب الشيوعي الأستاذ محمد إبراهيم نقد:
لهذا السبب نحن ضد الدستور الإسلامي والدستور العلماني !
دارفور في حاجة لمائدة مستديرة
لا تصدقوا كمال عمر !
حاوره: عادل حسون- عبد الرحمن فاروق/شارك في الحوار: محمد لطيف
حين فكرنا في أن يكون الأستاذ محمد إبراهيم نقد هو ضيفنا في هذا الباب الجديد (في ضيافة الأخبار) اتصلنا به وشرحنا له الفكرة ثم أبلغناه أننا قررنا (استثناء) أن نكون نحن الزائرون، فوجئنا برفض نقد، وقال وسط ضحكة مجلجلة (عشان ما تقولوا نقد خرب الرصة) ..وبالفعل وفي الموعد المحدد كان السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني الأستاذ محمد إبراهيم نقد يدلف إلى مقر (الأخبار) يسبقه تواضعه الجم وهدوؤه الآسر .. يطلق القفشات والملاحظات .. وكانت أسرة (الأخبار) سعيدة وهي تستقبل سياسياً في قامة نقد ..وكانت أكثر سعادة وهي تستمع لنقد وهو يعلي من قيمة الصحافة السودانية ومن أدوارها من ما سيجده القارئ في ثنايا حلقات هذا الحوار .. مرحبا نقد .. ومرحبا قارئنا العزيز وإلى تفاصيل ما قاله نقد (في ضيافة الأخبار)
* المعارضة ترتب لمؤتمر جديد على غرار مؤتمر جوبا السابق وذلك للاتفاق على حلول لمشاكل البلاد المتعلقة بالتحول الديمقراطي والدستور والأزمة الاقتصادية والجديد في هذا المؤتمر هو قضايا ما بعد الانفصال .ماذا حققتم من أجندة المؤتمر السابق ولماذا ترتبون ؟
- من حق الرأي العام وهو رأي عام واع وناقد أن يعرف الإنجازات التي تحققت لأن الرأي العام السوداني ليس رأي إشارة تدعوه فيستجيب وأنا أدعو مناديب الأحزاب بأن يضعوا تلك الحقيقة في الاعتبار. ومن واجب المعارضة أن تكشف حسابها للرأي العام بالتفصيل .أما الجديد فإننا نرتب الآن لزيارة جوبا بدعوة من الحركة للنظر في ترتيب العلاقة بين الشمال والجنوب، وأعتقد أن السيد سالفا كير إذا أتيحت له الفرصة كان بإمكانه ولا يزال أن يلعب دورا إيجابيا في العلاقة بين شطري البلاد، وهذا ما سنطرحه في جوبا ، وأنا شخصيا كنت أفضل أن يكون اللقاء في الخرطوم لأنه من المهم أولاًَ أن نناقش الحركة في سلبياتها ( يضيف نقد ضاحكا ) وقلت لهم ذلك صراحة وقلت لهم ( لا نريد أن نتجاوز حدود الضيافة وننتقدكم في داركم ) وهم أصروا ونحن وافقنا وعلى كل حال سنذهب إلى جوبا وننظر في ما يمكن أن نفعله .
* كان لافتا للنظر مشاركتك في مؤتمر أصحاب المصلحة لإقليم دارفور لأن الحكومة كانت تدير الحوار مع الحركات المسلحة بشكل منفرد ومستقل فمشاركة المعارضة برموز بهذا الحجم ،تجسدت في حضورك وحضور د.حسن الترابي أثارت كثيرا من التساؤلات، فما هي الحيثيات التي دعتكم للمشاركة في هذا المؤتمر وما جدوى هذه المشاركة ؟
- المشاركة كانت بالنسبة لنا فرصة لأن نلتقي بأصحاب المصلحة الحقيقيين، وأهم ما في هذا المؤتمر أنه شمل كل القوى السياسية والحركات المسلحة وهذه خطوة جيدة نحو الحل السلمي وحتى وإن لم نصل للحل بعد، لكن تهيأت الظروف للوصول إليه .
* رؤيتك لاستكمال الحل؟
- عقب ثورة أكتوبر استطاعت الأحزاب أن تلزم الجيش بمنح ضمانات لقادة التمرد في الجنوب ليدخلوا الخرطوم ويشاركوا في مؤتمر المائدة المستديرة وقد نجح الأمر،يجب أن نستفيد من تلك التجارب ونعقد مؤتمرا مماثلا يحقق المخرج المطلوب.هذه رؤيتنا على كل حال ولكن سنطرح الفكرة أولاً على شركائنا فلكي يتحقق ذلك يجب أن نستفيد من إمكانيات الترابي والصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني.
* ما هي إمكانات الترابي؟
- حزب المؤتمر الشعبي له علاقات مع بعض هذه الحركات، كما أنه يملك الإمكانيات التي يمكن أن يساهم بها .
* قبل أسبوع كان يجلس في مقعدك هذا الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي وقال لنا إن حزبه فقير ؟
- يجيب نقد ضاحكا بسؤال (وأوعى تكونوا صدقتوه)؟
* والصادق المهدي؟
- الصادق المهدي لديه نفوذ لا زال موجودا في غرب السودان، وفي رأيي أنه كلما ابتعد حزب الأمة عن تلك الساحة فليس من مصلحته لذا نستفيد من ذلك بأن نجعل الصادق يبادر.
وعن الميرغني؟
- الاتحادي غير متواجد معنا في قوى الإجماع لكن علاقتنا معه لم تنقطع فنحن حريصون على التوصل مع كل الأطراف لتفادي أية حساسيات
* أين المؤتمر الوطني من ذلك؟
- نذهب له بكل احترام ونقول له أنت أخونا الكبير وصاحب الإمكانيات وعليك أن تشترك معنا وتساهم بالدعم المادي لأننا لا نملك مالا.
* هل طرحت هذه المبادرة في مؤتمر الدوحة أو لممثلي الحركات ؟
- لم أطرح هذه المبادرة في الدوحة لأنني إلتقيتهم لأول مرة ولا أعرف موقفهم التاريخي من الشيوعيين .
* عادة الحزب الشيوعي اتخاذ مواقف مثالية ومبدئية فهل ستكتفون بالتنظير في الحوار الوطني الذي دعوتم إليه الآن؟
- الحزب الشيوعي لن يكون أسير شكل واحد من أشكال العمل ففي السابق عملنا داخل التجمع ولم نقفل بابنا،وعملنا مع جهات كثيرة في ذلك الوقت، هذا هو شكل الواقع السياسي في السودان، (أحنا ما عندنا قشة مرة) وأي عمل يدفع الحراك الجماهيري للأمام سنساهم فيه.
* توقع البعض أن تشاركوا الحركة الشعبية في السلطة على خلفية الربط بينكم وكان ذلك من شأنه أن يدعم الوحدة؟
- قبل الحركة الشعبية ساهمنا في السلطة في أكتوبر مثلا. وليس من المهم أن نكون على رأس السلطة.
* هل يمكن اعتباركم المنظرين السياسيين للحركة الشعبية؟
- هذا الكلام غير صحيح و فيه تقليل من قيمة الحركة الشعبية، وأنا التقيت جون قرنق بعد الانتفاضة وجلسنا مع بعضنا في أديس أبابا وفي كوبا واعتقد أن قرنق كان له من القدرات والإمكانات ما أهله لقيادة تنظيمه دون الحاجة لمنظر خارجي.
* كوبا ؟، ما الذي دعاك للذهاب هناك؟
- ضحك،(كوبا حقتنا وحاكمنها الشيوعيين) ونحن ذهبنا لحضور مؤتمر الحزب الشيوعي الكوبي، وكوبا عندها علاقة كبيرة بالحركة الشعبية وساعدتها كثيرا ومجموعة كبيرة من أبناء الحركة تعلمت وتدربت هناك مثل مجموعة باقان أموم
* إذن هذه العلاقة المشتركة مع كوبا ربما تكون سر ربط البعض بين الشيوعي والحركة ؟
- العلاقة لم تكن أبعد من أننا أول حزب سياسي جلس مع الحركة الشعبية بعد انتفاضة أبريل 85.جلسنا مع جون قرنق في أديس أبابا وكان الرئيس الأثيوبي السابق (منجستو) مستاء من تأييدنا لحق الإرتريين في تقرير مصيرهم كان يعتقد بأن ذلك خيانة للثورة الأثيوبية، كانت فترة صعبة في الحقيقة حيث كانت اتهامات الإسلاميين بالداخل تلاحقنا وقتها بأننا طابور خامس. ومن الخارج حاربنا الإثيوبيون. وحاصرنا الكوبيون حتى نتعامل مع قرنق في إطار النظرية رفضت ذلك، وقلت لهم أنا بالنسبة لي لا أتعامل مع جون قرنق كماركسي أوغير ذلك كما تعامل معه الأثيوبيون والكوبيون إنما أتعامل معه كجنوبي يدافع عن حقوق عادلة ..
* وكيف تجاوزتم هذا الحصار الخارجي ؟
- بمبادرة من الإخوة في اليمن الجنوبي ووقتها كان الشيوعيون في قيادة السلطة في عدن تم ترتيب اجتماع لي مع منغستو هايلي ماريام في أديس أبابا وقبل وصولي إلى أديس حذرني الأخ علي سالم بأن منغستو غاضب جداً، ولا بد من الوصول إلى حل معه، والذي حصل أنني اجتمعت مع منغستو لمدة ثلاثين ساعة كل اجتماع عشرة ساعات وكان كل جهدي منصبا في أمر واحد وهو إقناع منغستو بأن الشعب الأريتري مختلف عن الشعب الإثيوبي وأن من حقه أن يحصل على فرصته في تقرير مصيره .. منغستو لم يقتنع لكنه على الأقل اقتنع بأن من حق الحزب الشيوعي السوداني أن يتخذ موقفه المستقل .. وبعدها تم ترتيب لقائي مع الراحل قرنق .
* على ذكر تقرير حق تقرير المصير فقد انتقل المصطلح إلى الأجندة السياسية السودانية في فترة التسعينات وأمنت عليه القوى السياسية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي خلال مؤتمر القضايا المصيرية في أسمرة عام 1995م وكأنما كان استمرارا لموقفكم من اريتريا،هل كان من الممكن أن تجدوا حلولاً أخرى لقضية الجنوب بدلا عن تقرير المصير؟
- أولاً موضوع تقرير المصير للجنوب قديم وليس جديدا وهو موضوع أجمعت عليه كل القوى السياسية السودانية، وهو لم يكن الحل الوحيد، بل كان الحل هو التوافق على برنامج ديمقراطي يحقق وحدة السودان، وإذا فشل ذلك يكون الخيار ممارسة الجنوبيين حقهم في تقرير مصيرهم ولم تكن هناك حلول أخرى.
* نستطيع أن نقول أنكم تتحملون جزءا من مسؤولية الانفصال؟
- في استنكار: نعم نتحمل المسؤولية ،فقط لأننا اعترفنا بحرية بعض القوميات في تقرير مصيرها ؟ .
* نعود إلى موضوع الحصار الخارجي فما هو طبيعة خلافكم مع كوبا ؟
الكوبيين (مكنكشين في النظرية شديد) وبدأ الخلاف في رؤيتهم للعلاقة بيننا والحركة الشعبية .. كانوا يعتقدون أن قرنق ماركسي، ونحن كذلك، عليه يجب أن تتأسس العلاقة على هذا الفهم، وكان في رأينا أن الأمر ليس كذلك وأن قرنق مواطن سوداني جنوبي له مظالم ومطالب عادلة ولا علاقة للماركسية بذلك، وكانوا يرددون كل مرة (إن الماركسية تفرض عليكم ذلك) فقلت لكاسترو أمام إصرارهم (نحن ما قاعدين اليوم كلو نسبح بحمد الماركسية) نحن لنا رؤيتنا الوطنية التي نتعامل بها مع قضايانا الوطنية دون الانغلاق في إطار النظرية .
* على ذكر القضايا الوطنية يبدو أن موضوع الدستور سيكون هو المسيطر على المشهد السياسي في المرحلة المقبلة فما رأيكم في دستور تكون مرجعيته الشريعة الإسلامية ؟
- نحن ضد الدستور الإسلامي وضد الدستور العلماني كذلك، فجل الأنظمة الاستبدادية كانت تحكم بدساتير علمانية، هتلر مثلا كان يحكم ألمانيا بدستور علماني فماذا فعل؟، إذن فمن الممكن أن يكون الدستور العلماني أكثر رجعية من الدستور الإسلامي. لذا فنحن نطالب بدستور ديمقراطي .
* ماذا تعني بالدستور الديمقراطي؟
- أقصد به الدستور الذي يحفظ الحقوق الأساسية والحريات العامة ويحترم التعددية ويحدد الواجبات بين الدولة والمواطن بوضوح .
* من الممكن أن يضمن الدستور الإسلامي كل ذلك؟
- الدستور الإسلامي لن يضمن ذلك لأنه سيقول لنا يوجد أهل كتاب وغيرهم وسيتم تصنيف المواطنين على أساس ديني ونحن نريد دستورا تكون المواطنة فيه هي أساس الحقوق والواجبات.
* الآن توجد مأساة إنسانية في جنوب كردفان وهناك أحزاب أرسلت قوافل إغاثة لماذا الحزب الشيوعي لم يشارك في العمل الاجتماعي هناك؟
- نرسل، لا أعرف ماذا فعلت مجموعة صديق يوسف بالتحديد لكن لا اعتقد بأن الشيوعيين سيتأخرون عن ذلك.
* على ذكر جنوب كردفان؛ الأزمة مازالت ماثلة وهناك توتر في المناطق الثلاث جنوب كردفان وآبيي وجنوب النيل الأزرق وهذه المناطق إما أن يكون الوضع فيها قد انفجر أو مرشحا للانفجار، والمؤتمر الوطني صرح بأنه سيستمر في القتال في جنوب كردفان حتى يتم انجاز اتفاقية نيفاشا فما رأيك في هذا الاتجاه؟
- كان في بالي ألا نترك المؤتمر الوطني لشيطانه وللأسف هذا ما حدث.
* الحركة الإسلامية والحزب الشيوعي يعتمدان في خطابهما السياسي والأيديولوجي على وجود بعضهما البعض؛ كأن كلاً من التيارين يستمدان وجودهما كردة فعل على وجود الآخر؟
- ده حصر للموضوع في جانب واحد؛ لأن الحركة الإسلامية لم تأت كردة فعل على وجود الشيوعيين في السودان، عندما أتوا كانوا مسلمين حقيقة، فحركة الإخوان المسلمين في مصر جاءت للسودان أيام الاستعمار وعملوا ندوات وفعاليات، وفي ذلك الوقت لم يكن بيننا عداء، فالاتجاهان كانوا في مصر والسودان أساسا للحركة الوطنية رغم التمايز والاختلاف وكل الحركة الطلابية في نهاية الأربعينات كانت من الاتجاهين، وكان هناك تنافس فيما يتعلق باتحادات الطلبة، لكن حدث استقطاب حاد بين الجانبين كأنشط معسكرين للطلاب؛ مما أدى إلى أن يتحول التنافس لصراع حاد جدا.
* هل نستطيع أن نقول بأن الحزب الشيوعي استطاع خلال تاريخه الطويل أن يخلق تيارا جماهيريا يتبنى شعاراته؟
- أنت عندما تقول الحزب الشيوعي؛ فإنك تخاطب حزبا وليس مفكرا، لكن على العموم الحزب اشتغل في الماركسية من خلال معالجة قضايا المجتمع السوداني فعندما نأتي في كل مؤتمر نعمل جرد للمتغيرات الاجتماعية كي نحدد البرنامج من خلال المنهج الماركسي هذا هو إسهام الحزب.
وحدث ذلك من خلال الحركة النقابية، وأيضا هناك فرق موسيقية ودرامية محسوبة على الحزب الشيوعي، الحزب استطاع أن يخلق هذا التيار، أكثر من تثبيت خط سياسي واضح، وأكثر من اشتغاله على الماركسية نفسها من ناحية فكرية؟
- على المستوى الفردي فهناك إسهامات كثيرة؛ فأنا مثلا أسهمت بعدة دراسات منها، علاقات الأرض والرق، والآن أعمل في دور الطرق الصوفية في السودان.
* كيف تنظر لدور الصحافة السودانية، خصوصا في هذه الفترة؟
- أتمنى أن يدرك الصحفيون الشباب بأن الحركة السياسية والصحف قد قدمت تجارب كبيرة جدا، فالصحفيون لعبوا دورا لا يقل عن دور الأحزاب والكيانات السياسية وقدموا في سبيل ذلك تضحيات كبيرة. ذلك كله قد تم لأن الصحف لم تنشأ لملء الفراغ الثقافي، وإنما نشأت كمنابر للنضال السياسي والسؤال هو: ما هي الضمانات التي يقدمها المجتمع السوداني للصحفيين؟، وهنا أنا أدعو لوثيقة شرف تضمن حياة الصحفيين وفي هذه الفترة لامست عشرات الصحفيين لديهم إمكانات واعدة.
* هل نجحت الصحافة الحزبية ؟
- الصحافة الحزبية في السودان مستقرة وتمارس دورها لكن لا تحتاج إليها كل الأحزاب مثلا الأمة والاتحادي ممكن يستغنوا عنها لأن هذه الأحزاب ممكن أن تعمل حتى في صلاة الجمعة؛ لكن الشيوعيين والإخوان المسلمين بدون صحيفة سيعاق عملهم.
* تتحدثون دائما في الحزب عن ضعف التمويل والحزب يصدر صحيفة يضع فيها كل إمكاناته! هل ترى أن الدور الذي تؤديه (الميدان) يستحق الإنفاق عليها على حساب العمل الجماهيري الآخر خصوصا وأنكم أصبحتم تقيمون ندوة بمعدل مرة في السنة؟
- ليس على حساب العمل الجماهيري إطلاقا والندوات مستمرة في كل السودان ليس فقط في الخرطوم؛ لأن الصحيفة لا يمكن أن تكون بديلا للندوة، فالجماهير مثلا يجب أن تلتقي مباشرة مع القيادات. وكل هذه الآليات تكمل بعضها.
* هناك رياح تغيير في المنطقة العربية واضحة المعالم، وقبل فترة كانت القوى المعارضة حددت برنامج عمل سياسي يتمثل في عقد مؤتمر دستوري، وإيجاد حكومة قومية، ولوحت المعارضة بشكل واضح بأنه في حالة لم يتم الاستجابة لمطالبها فإنها ستعمل على إسقاط النظام بالوسائل السلمية والمدنية المتاحة. الآن الشكل اختلف فقد بدأتم تتحدثون عن مؤتمر مائدة مستديرة وحوار وخلافه، فهل تعتبر بأن عملية إسقاط النظام عبر الانتفاضة أمر صعب؟، أم أن الأحزاب ليست لديها المقدرة على قيادة هذا العمل وكأنها تماطل من خلال خيارات أخرى؟؟
- العمل السياسي يسير في اتجاه الضغط السياسي والجماهيري، والجماهير نفسها غير موحدة تحت رؤية الأحزاب ولا تجد بديلا سياسيا تلتف حوله ولا يوجد حزب سياسي الآن يرفع شعار إسقاط النظام، ومشكلة الأحزاب أنها تضغط عليها بعض القضايا كمشكلة الانفصال وقضية دارفور التي لم تجد الحد الأدنى من الحل. وفيما يتعلق بإسقاط أي نظام لا يكفي أن يتبنى حزب سياسي واحد هذا الشعار؛ لأن هذا الشعار لن يكون لديه فعالية إلا إذا أصبح برنامجا مشتركا بين الأحزاب، وهذا لم يحدث. فمشكلة العمل السياسي في السودان أنه في الوقت الذي يسير فيه باتجاه وحدة شاملة ومؤثرة؛ وتأتي أحزاب من الحركة السياسية وتدخل في اتفاقيات ومساومات تبعدنا من العمل الصدامي المباشر. والمشكلة أن الأحزاب أعاقها انشغالها ببقائها لما تعرضت له من مصادرة لممتلكاتها واعتقالات لقيادييها وغير ذلك. مع العلم أن ذلك ليس بمبرر لكي تتقاعس الأحزاب عن أداء دورها، وما ننسى المجتمع الدولي وضغوطاته، فالمجتمع الدولي ضغط النظام- ومازال- من أجل الحريات وحل قضية دارفور وحقوق الإنسان.
* على سيرة المجتمع الدولي كيف تقرأ دوره وتأثيره على السياسة السودانية؟
- المجتمع الدولي لديه تأثيران، الأول هو التأثير الإستراتيجي المرتبط بمصالحه، والثاني في تأثير الرأي العام لدى المجتمع الدولي؛ الذي لعب دورا كبيرا جدا في تحجيم هذا النظام، من خلال المظاهرات والمساعدات المادية التي قدمت للمعارضة وفتح الباب للهجرة في كل أوروبا الغربية.
* هل هناك فشل في العقل السياسي السوداني أم أن الفشل تتحمل مسؤوليته بعض النخب؟
- أنصحك بألا تستعجل في الحكم؛ لأن الأنظمة الديكتاتورية التي سبقت نظام الإنقاذ جميعها قد انهارت والأحزاب الآن متواجدة، وهذا دليل على قوة الحركة السياسية وحتى مع حل النقابات، إلا أن النقابات الفئوية في الوقت الراهن تنفذ، والمشكلة أن الانقلابات والمظاهرات والإضرابات لن تنتهي.
* هذا دليل على وجود فشل، فتنبؤك هذا يعني عدم وجود استقرار سياسي وعدم وجود مشروع واضح؟
- اختلف معك لأن الفعل السياسي قائم ولن ينتهي.
* كيف تنظر للجيل الحالي؛ وهل ترى أن الأحزاب السياسية الآن تعمل على تأهيل قيادات جديدة؟
- يجب علينا أن نعترف بإسهامات الأجيال الجديدة ولا نتحدث معهم من موقع الوصاية، وأن نحترم رأيها وتوجهها لأن الشباب هو قوة الدفع اليومي لحركة الإبداع، والشباب الحالي لديه مساهمات إبداعية كبيرة، وأنا أحرص على زيارة معارض الفنون الجميلة التي يقيمها الشباب، وخاصة معرض مشاريع التخرج في كلية الفنون الجميلة، وبالنسبة لقيادات الأحزاب أرى بأنها تعمل على تأهيل كوادر لكي تأتي وراءها.
* كيف تنظر لتاريخك وتاريخ جيلك؟
- ما أفاد جيلنا عدم ثنائه المتواصل لنفسه لم يكن من دعاة التباهي وترسخت فينا ثقافة الاستعداد لمزيد من العمل والتضحية وجيلنا لديه انجازات كبيرة في الحركة السياسية السودانية، كمثال أكتوبر وأبريل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.