(دينقديت ايوك – حريات) ضمن سلسلة فعالياته السياسية ، نظم مركز كوش للدرسات الأفريقية يوم الثلاثاء 22 يناير / كانون الثاني 2013م ، ندوة سياسية تحت عنوان : “جنوب السودان في مخيلة الإعلام العربي" بالمنتدى الثقافي المصري في مدينة غاردن سيتي وسط القاهرة ، بحضور المسؤولين الدبلوماسيين من سفارة جنوب السودان بالقاهرة . واستهل رئيس المركز ألور بيونق اروب الندوة بكلمة مقتضبة أوضح فيها بأن جنوب السودان يتمتع بعلاقات جيدة مع الدول العربية ، ضارباً المثل بالعلاقات الطيبة التي يتمتع بها مع دولة الكويت ، ثم قدم للحضور المفكرالسوداني ورئيس المركز السوداني للدراسات الأفريقية الدكتور حيدر إبراهيم . وفي حديثه ، قال د. حيدر إبراهيم إن الإعلام العربي أهمل قضية جنوب السودان في وقت الحرب ، مشيراً إلى أنه كان يركز فقط على تغطية القضايا العربية في فلسطين وغيرها من الدول العربية ، مستوضحاً بأن “الحرب التي دارت في جنوب السودان تكاد تكون منسية في وسائل الإعلام العربية ، ولكن حين تكون هناك حرب في فلسطين فإن الإعلام العربي يكون فعالاً في تغطيتها". وأضاف إبراهيم أن الإعلام العربي قدم معلومات وصورة غير حقيقية لا تمثل الواقع في جنوب السودان للمتلقي العربي . ووجه د. إبراهيم انتقادات واسعة للحركات الإسلامية والعالم العربي في حيثيات حديثه ، وقال إن الغرب “الكافر" على حد قول الاسلاميين ، لعب دوراً إنسانياً في جنوب السودان ، لافتاً إلى أن المنطقة العربية لم تقدم أي عمل إنساني إغاثي لجنوب السودان ، مشيراً إلى أن منظمات الدعوة الإسلامية التي عملت في جنوب السودان كانت تقدم أعمال إغاثة مشروطة بارتداء الفتيات للحجاب والإيمان بالعقيدة الإسلامية ، متهماً المنظمات الدعوية بربط العمل الإنساني بالأيديولوجية السياسية الإسلامية . وعلى صعيد علاقات الدولة الوليدة مع دول العالم ، أوضح إبراهيم بأن وسائل الإعلام العربية تلعب دوراً وصفه ب"الخبيث" في تشويه العلاقات التي تقيمها جنوب السودان مع دولة إسرائيل ، مضيفاً بأنها تصور جنوب السودان عدواً للمنطقة العربية ومهدداً لأمنها القومي . وزاد بقوله : “وهذا واحد من مواطن الخلل في الإعلام العربي" ، مفنداً ما تسميها وسائل الإعلام العربية بالمؤامرة الصهيونية الأمريكية ضد الوطن العربي ، وراى إبراهيم بأن جنوب السودان لا يمثل مهدداً أمنياً لحصة مصر في مياه النيل ، واصفاً تصوير البلاد في الإعلام العربي بأنه عدو العرب ب"الأوهام" ؛ مناشداً وسائل الإعلام العربية بالابتعاد عن إثارة الفتنة والنزول إلى أرض الواقع لنقل الصورة الحقيقية ، طارحاً ما أسماه ب"تبادل الثقافات" بين العالم العربي وجنوب السودان مناشداً الجنوبيين في ذات الوقت بتغيير الصورة النمطية السلبية في عقولهم عن العالم العربي . ومن جهتها ، اتفقت الصحفية المصرية بصحيفة الأهرام أسماء الحسيني مع د. حيدر إبراهيم ووصفت تناول وسائل الإعلام العربية جنوب السودان بصورة سلبية ب"أزمة دول عربية" مع جنوب السودان ، مشيرة إلى أن الدول العربية الآن غير مهتمة بجنوب السودان نسبة لمشاكلها السياسية الداخلية ، وقالت إن وسائل الإعلام العربية صورت الصراع السوداني السياسي بأنه صراع بين جنوب السودان وشمال السودان قبل الاستقلال وأن ذلك خطأ ، وأكدت بأنها قامت “بتشويه متعمد" ونقل “صورة زائفة" عن جنوب السودان للمتلقي العربي دون النزول إلى الميدان لنقل حقيقة الأمور . وأضافت الحسيني بأن الصراع السوداني ظل محتدماً رغم استقلال جنوب السودان وأن ذلك يشير بأن الصراع السياسي في السودان لم يكن صراعاً بين الشمال والجنوب في إطار السودان الموحد كما روجت له وسائل الإعلام العربية . وترى الحسيني بأن الكثير من الدول العربية مازالت تنظر لجنوب السودان بالتوجس والخوف والحذر بعد استقلاله ، مشيرة إلى أن وجود علم إسرائيل من بين أعلام الدول التي حضرت إعلان الاستقلال في العاصمة جوبا في يوليو عام 2011 ، أكد للعرب وجود علاقات بين جوبا وتل أبيب ، وقالت إن إسرائيل أصبحت قِبِلة للجنوبيين والسودانيين عامة أثناء الصراع وأنهم دخلوا إلى إسرائيل متحدين الأسلاك الشائكة والرصاص ، إلا أنها عادت وقالت بأن القيادة السياسية في جنوب السودان طمأنت الدول العربية بأن جنوب السودان ستكون دولة تعمل من أجل السلام بالمنطقة الأفريقية والعالم العربي . وقالت الحسيني إن الدول العربية لم تفِ بوعود التنمية التي وعدت بها الجنوبيين ، وأوضحت بأن صعود الأنظمة الإسلامية إلى السلطة عبر ما يعرف بالربيع العربي قد تعقد العلاقات العربية مع جنوب السودان . وفي ذات السياق ، وصف أتيم سايمون مستشار التحرير بصحيفة المصير الإعلام العربي ب"منكفي على ذاته" موضحاً بأنه يستمد تصوراته عن جنوب السودان من الانطباعات بعيداً عن الواقع . وقال سايمون إن معظم الأجهزة الإعلامية في الدول العربية أجهزة رسمية مملوكة للدول والأنظمة وأن تحليلاتها للأوضاع في جنوب السودان في وقت الحرب والوقت الراهن مبنية على أجندة حكومة الخرطوم ، مبيناً بأنها تُصور جنوب السودان للمتلقي العربي بعقلية حكومة الخرطوم . وطالب سايمون الأجهزة الإعلامية العربية بالتحرك لنقل واقع جنوب السودان من جنوب السودان نفسه . واقترح سايمون تبادل الزيارات بين الإعلاميين في الوطن العربي وإعلامي جنوب السودان وتبادل الكتابات الصحفية والأفلام الوثائقية واقامة لقاءات بين الإعلاميين العرب ونظرائهم بجنوب السودان للتعرف على الآخر واقامة التعاون الإعلامي ، وقال إن ذلك من شأنه أن يقدم صورة إعلامية جيدة للمتلقين في المنطقة العربية عن جنوب السودان والمتلقي الجنوبي عن الوطن العربي . وأاشاد القنصل العام بسفارة جنوب السودان بالقاهرة أشرف عكاشة بالندوة وشجع مركز كوش على إقامة الندوة والفعاليات السياسية لتعريف جنوب السودان للوطن العربي . وشهدت الندوة حضوراً ومداخلات للفيف من المثقفين من السودان وجنوب السودان ومصر وطلاب جنوب السودان بالجامعات المصرية .