(تاركو) تعلن استعدادها لخدمات المناولة الأرضية بمطار دنقلا والمشاركة في برنامج الإغاثة الإنسانية للبلاد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    "الآلاف يفرون من السودان يومياً".. الأمم المتحدة تؤكد    انتفاضة الجامعات الأمريكية .. انتصار للإنسان أم معاداة للسامية؟    بوتين يحضر قداس عيد القيامة بموسكو    أول اعتراف إسرائيلي بشن "هجوم أصفهان"    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    وداعاً «مهندس الكلمة»    النائب الأول لرئيس الاتحاد ورئيس لجنة المنتخبات يدلي بالمثيرأسامة عطا المنان: سنكون على قدر التحديات التي تنتظر جميع المنتخبات    السعودية أكثر الدول حرصا على استقرار السودان    الفاشر.. هل تعبد الطريق الى جدة؟!!    الخارجيةترد على انكار وزير خارجية تشاد دعم بلاده للمليشيا الارهابية    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد بالفيديو.. محامي مصري يقدم نصيحة وطريقة سهلة للسودانيين في مصر للحصول على إقامة متعددة (خروج وعودة) بمبلغ بسيط ومسترد دون الحوجة لشهادة مدرسية وشراء عقار    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    غوارديولا يكشف عن "مرشحه" للفوز ببطولة أوروبا 2024    ريال مدريد ثالثا في تصنيف يويفا.. وبرشلونة خارج ال10 الأوائل    تمندل المليشيا بطلبة العلم    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    ((كل تأخيرة فيها خير))    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    وصف ب"الخطير"..معارضة في السودان للقرار المثير    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.على الحاج في حوار كشف الاسرار
نشر في سودانيات يوم 09 - 03 - 2013

الجلوس الى الدكتور علي الحاج محمد مساعد الامين العام للمؤتمر الشعبي يعني أن تسأل نفسك من أين ستبدأ ولايهم الى أين ستنتهي فالحوارات معه كالبحار بلاضفاف ترتفع النبرات وتنخفض وتستقر على وتيرة واحدة لبعض من الوقت وشيئا فشيئا تتقلب وفقا لنوع الاسئلة المطروحه، لكنك تخرج (محقبا) منه وأحيانا يبادلك سؤالا بسؤال وتتوالد الاسئلة وكلما أجاب شعرت أنك تحتاج لتطرح عليه المزيد منها، خاصة وأن الرجل صاحب تجربة طويله في مجال العمل السياسي منذ أن كان طالبا في المرحلة الثانوية، وفوق هذا وذاك فهو أحد مصادر القرار في حزب المؤتمر الشعبي وسادس سته رجال اختارهم الامين العام للجبهة الاسلامية القومية الدكتور حسن الترابي ليساعدوه في التخطيط والتدبير لانقلاب الانقاذ 30 يونيو 1989، الانقلاب الذي أصبح (مقلبا) ليس عليهم فقط وانما على السواد الاعظم من الشعب السوداني.
الاسئلة التي طرحتها على وان اختلف طابعها عن حوارات أخرى أجاب عليها الرجل بأريحية كاملة بعيدا عن دبلوماسية الساسة في بعض الاحيان.
وهناك حلقات قادمات الحديث فيها متشعب وشائك ولارتباطات الدكتور علي الحاج الكثيرة أجلت بعضها، وقبل هذا وذاك لابد لي من شكره لاقتطاعه وقتا ليس بالقصير للاجابة على اسئلتي واستفسارتي المزعجه والتي يقابلها باحترام كامل رغم اختلاف وجهات النظر، فله ولأفراد أسرته شكرا يستحقونه.
حوار عبدالوهاب همت
وقد جاء سؤالي الاول أن الانقاذ وخلال مسيرتها المتعرجه تخلصت من الكثيرين من ساهم بالتخطيط للانقلاب كحالتكم في المؤتمر الشعبي الان، وهناك من حمل السلاح وتحرك ليلة الانقلاب من عسكريين ومدنيين وفقا للقرار الحزبي حينها، وهناك من ساهم في تسويق الانقاذ خارجيا، وهناك من قدم مساهمة ماليه من جيبه الخاص، لكن الانقاذ عضت تلك الايدي بل وطعنتها من الخلف في بعض الحالات.
ومن ثم تعرج مسار الاسئلة الى العلاقة مع الحزب الشيوعي السوداني وكيف ينظر اليها؟ وكيف وقعت هذه الخصومة بين الطرفين ؟ وهل ستستمر.
وأثناء حديث هاتفي دار بيني والدكتور علي الحاج كان قد ذكر لي أنه التقى بصحافي من اليمن حدثه عن مشاهده من داخل الطائرة التي أقلت الابطال بابكر النور وفاروق حمدالله وأصر الدكتور علي الحاج على أهمية الكتابة عن هذه الموقف وكذلك الموقف البطولي أو اللوحة الباهرة كما اسماها باللفظ عن عبدالخالق محجوب أثناء محاكمته وثباته وشدد على أن حديثه هذه يقوله للتأريخ بعيدا عن رأيه في الحزب الشيوعي أو الشيوعيين، وقال هؤلاء الرجال قد مضوا الان لكن ماسمعته عنهم يحملني مسئولية أن اتحدث عنهم وفقا لرواية شاهد العيان الذي نقل لي الحديث بل وأعلن عن استعداده لتوصيل أسر هؤلاء الابطال بالصحافي الاستاذ سالم الذي يقيم في مدينة بون.
فالي مضابط الحوار
أبدأ كلامي أن عبد الرحمن عبد القادر يمثل عدد من الاسلاميين الذين تربوا على الروح والافكار الاسلامية وشعاراتها في نهايات خمسينيات القرن الماضي وبداية الستينيات فكانت هذه الدعوات الاخوانية جاذبة وفي المقابل الدعوات اليسارية وعلى رأسها الشيوعية كانت غير مستحبة ولا مقبولة وتوصف بأوصاف كثيرة. ودون شك فان عبد الرحمن عبد القادر وبما وصل الية الآن في المرحلة الاخيرة في الانقاذ وليست له شخصياً وان كانت هذه المهمة لكن مشاكل البلاد والمألات التي حدثت بلا شك فعلت فعلتها فيه لذلك فبد الرحمن يريد استرجاع شريط قديم وينظر إلى الاخرين في الاتجاه المعاكس وهذا الاسترجاع لايقتصر على عبدالرحمن لوحده، وانما أمثاله كثر. ومما لا شك فيه فان الحديث الذي سطره عن الراحل المقيم عبد اللطيف كمرات وشاكر مرسال واخرين فيه إطراء بالنسبة للشيوعيين ولعدد من الناس ومواقفهم وهذا اتجاه سليم ومقارنه حميدة وهذا أمر يحمد له لأن علم المقارنة علم يدرس ويستحق التوقف عنده، وأنا عندما أتحدث عن الاسلاميين فهناك الاسلامي المنظم وأنا لا اتحدث عن الاسلامي المنظم لأن هناك اسلاميين غير منظمين والوصف الاخير ينطبق على حالة الاستاذ عبد الرحمن عبد القادر ومع ذلك فهو مع الشعار الاسلامي والاتجاه الاسلامي عامة هذه مقدمة وددت قولها في حق الاستاذ عبد الرحمن عبد القادر الذي تعرفت عليه في خمسينيات القرن الماضي وحينها كنت قادماً من دارفور إلى مدرسة خور طقت الثانوية وتعرفت على عبد الرحمن عبد القادر ومن ثم تمددت علاقتي بافراد اسرته جميعهم
وكلنا كنا في الاتجاه الاسلامي وبعد أن تم فصلنا من خور طقت إلتقينا في الخرطوم وهو درس المحاسبة في المعهد الفني ومن ثم جامعة القاهرة فرع الخرطوم وكنا على تواصل في العمل العام وعلى تواصل مع أفراد أسرته وهو امتداد لشخص والده ووالدته الحاجة اسيا بت سعيد وجده الحاج سعيد وقد كان شيخ وقارئ ممتاز للقرآن في جامع فاروق في الخرطوم وهناك شقيقه البروفسر عبد الجليل الذي يقيم في أمريكا وعبد الجليل هذا درسنا في فصل واحد في كلية الطب إلى تخرجنا وهناك أخاه عمر وقد كان يقيم في كاليفورنياوالاسرة معروفة ومشهورة جداً وهنا أنا أود أن اسلط أضواء مبهرة عن تجربة الاستاذ عبد الرحمن عبد القادر في مجال العمل الإسلامي وكذلك دعمه للانقاذ في أيامه الأولى في تلك السنوات العجاف وأنا أود أن اقول انه أراد بدعمه أن يعبر عن وقوفه خلف المشروه الإسلامي الكبير ومعظم الناس الذين تربوا حول امكانية مشروع إسلامي بمثل عليا كانوا يريدون الاستخلاف في الأرض (الذين إن مكناهم في الارض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور)
أذكر في سنوات الانقاذ الاولى وقد كانت سنوات عجاف من 91-92 أذكر أن الاستاذ عبد الرحمن بادر بتقديم دعم مالي كبير بالعملة الصعبة وأنا أعرف انه لن يقبل اذا سمع هذا الكلام، وهو اتاني بهذا المبلغ الكبير في المنزل وطلب مني أن أوصله إلى الشيخ الترابي أو أو لنائبه علي عثمان وقد أوصلت المبلغ إلى علي عثمان وربما يكون حينها الترابي في المعتقل أو في الاقامة الجبرية وقد قصدت واصريت أن يذهب معي بنفسه لتسليم المبلغ إلى نائب الأمين العام وقد ذهبنا إليه سويا وهو لم يكن راغبا في الذهاب وسلمناه المبلغ وفي ذلك الوقت فان الاخ عبد الرحمن لم يكن يعرف الاخ علي عثمان محمد طه وعلي عثمان لم يكن يعرفه وقد عرفتهم على بعضهما وقد كان علي عثمان مندهشاً كيف لشخص غير معروف أصلاً يأتي متبرعاً بمبلغ كهذا في ذلك الوقت ودون أن يعرفه الناس. هذه كانت من الأعمال الكبيرة في ذلك الوقت ربما يكون هناك اخرين ساهموا بأكثر وأنا أتحدث عن تجربة خاصة وهذا عمل كبير وجدير في الاحتفاء به. وأنا متأكد أن عبدالرحمن لايرغب في ذكر هذا العمل، لكني لابد أن أقولها لك، ولان الحديث بالحديث خاصة وقد كتب عبدالرحمن كلمات طيبات في حق بعض الشيوعيين.
ومرة أخرى يسجل عبد الرحمن عبد القادر موقفا أكثر وطنية وتميزا وذلك عندما أتينا لموضوع استخراج البترول وقد كنت حينها مسؤلا داخليا في القطاع الاقتصادي ومعي مجموعة من الاخوة الاقتصاديين وكلهم وزرا، وزير المالية ... والاستثمار وكنت مسؤلا عن الاستثمار لفترة من الفترات. وكان عبد الرحمن أول الذين طرقوا باب البترول وقد استطاع احضار شركة بريطانية معروفة جدا وهي شركة (آرثر ديجتال ) ويشهد على ذلك الدكتور عثمان عبد الوهاب والذي كان وزيرا للبترول وهو يشهد أيضا على مساهمة هذا الشخص وقد أتى في معية مجموعة من الفنيين وعلى نفقته الخاصة ولم يطلب شيئا في نفس الوقت كان هناك آخرون يطالبون بنسبة تعود لهم شخصيا وقد ذهب ومعه آخرون الى مناطق التنقيب عن البترول في بانتيو والمجلد الخ.. هذه المناطق ذهب اليها مع آخرين وقد كانت مناطق مهجورة ذهب عبد الرحمن ومن معه من الفنيين الاجانب وأتوا بتقاريرهم كل هذا العمل قام به بتجرد تام. لكن بكل أسف وفي لحظة من اللحظات تم استبعادة من موضوع البترول نهائيا ودون ذكر أي شيء.
ذلك الموقف لم يجعل هذا الشخص أن يمتعض أو يتوقف لكنه فاجأ الناس بموقف آخر عندما بدأ مستثمرا في المجال الزراعي في مشروع كبير في منطقة القضارف وهو مشروع ابوسبيكة وهذا المشروع اكبر بكثير جدا من مشروع (سمسم) المشروع الكندي وكان عبد الرحمن وبعصاميته الفذة أن يجمع ثروة محترمة أثناء عمله في الخليج أبان فترة نميري، وقد أتى في مشروعه الزراعي بشركات كندية مصحوبة بتقنيات عالية وكندا كما نعلم متقدمة جدا في المجال الزراعي، وقد كان عبد الرحمن مصرا في تقديم الدعوة للرئيس عمر البشير والذي كان مترددا في الذهاب لزيارة المشروع ومن جانبي اقنعت الرئيس باهمية زيارة المشروع في وقت كان فيه للآخرين معترضين بحجة كيف للرئيس ان يزور منطقة زراعية. وعندما ذهب الرئيس ووقف على الأمر شاهد المشروع والمباني والآليات الزراعية المتقدمة وقد كان قي معية الرئيس عبد الرحيم محمد حسين والدكتور عوض الجاز ووالي القضارف الشريف بدر والذين راق لهم الأمر. لكن وفي الاخير حدث ما لم يكن في الحسبان وحدثت للرجل مشاكل كثيرة ووجه بكم هائل من العراقيل مما اضطره للجؤ للقضاء السوداني وفي بادى الأمر فقد انصفه القضاء وحكم بتعويضه بملائين من الدولارات لكن تدخلت جهات عليا مرة أخرى وجاء القرار في غير صالحه تحت دعاوي ان الحكم الذي صدر بتعويضه لا يتماشى واحكام الشريعة الاسلامية. وهو كان قد قبل بهذا المشروع على مضض وبعد ذلك مرض وتعافى في بريطانيا وهو الان في المملكة العربية السعوديه، وبالنسبة له فانه يعتبر أن الله أكرمه وهو يتواجد في مكه.
بلا شك هذه الأشياء قد تركت أثرها في نفسه اضافة الى المشاكل العامة مثل انفصال جنوب السودان والمشاكل الأخرى والتي تحيط بالبلاد مثل التدهور الاقتصادي والفساد الذي استشرى في جسد البلاد. واعتقد ذلك مما جعل الأخ عبد الرحمن يقارن بما كان مؤملا حدوثه وما هو معاش الآن وهو يقارن بين مواقفه ونظرته إلى اليسار في ذلك الوقت لذلك كتب ما كتب عن عبد اللطيف كمرات وشاكر مرسال.
الأسماء التي أوردتها الرئيس عمر البشير والأستاذ علي عثمان محمد طه والدكتور عثمان عبد الوهاب وما عدا الأخير فالاثنين الأوائل هم قمة السلطة وقد حاول عبد الرحمن الاتصال بهم وكتب لهم وقرأوا كلامه لكنهم لم يفعلوا شيئا.
نواصل في الحلقة القادمة
د.على الحاج في حوار كشف الاسرار "2 "[/size]
[/color]
الجلوس الى الدكتور علي الحاج محمد مساعد الامين العام للمؤتمر الشعبي يعني أن تسأل نفسك من أين ستبدأ ولايهم الى أين ستنتهي فالحوارات معه كالبحار بلاضفاف ترتفع النبرات وتنخفض وتستقر على وتيرة واحدة لبعض من الوقت وشيئا فشيئا تتقلب وفقا لنوع الاسئلة المطروحه، لكنك تخرج (محقبا) منه وأحيانا يبادلك سؤالا بسؤال وتتوالد الاسئلة وكلما أجاب شعرت أنك تحتاج لتطرح عليه المزيد منها، خاصة وأن الرجل صاحب تجربة طويله في مجال العمل السياسي منذ أن كان طالبا في المرحلة الثانوية، وفوق هذا وذاك فهو أحد مصادر القرار في حزب المؤتمر الشعبي وسادس سته رجال اختارهم الامين العام للجبهة الاسلامية القومية الدكتور حسن الترابي ليساعدوه في التخطيط والتدبير لانقلاب الانقاذ 30 يونيو 1989، الانقلاب الذي أصبح (مقلبا) ليس عليهم فقط وانما على السواد الاعظم من الشعب السوداني.
الاسئلة التي طرحتها على وان اختلف طابعها عن حوارات أخرى أجاب عليها الرجل بأريحية كاملة بعيدا عن دبلوماسية الساسة في بعض الاحيان.
وهناك حلقات قادمات الحديث فيها متشعب وشائك ولارتباطات الدكتور علي الحاج الكثيرة أجلت بعضها، وقبل هذا وذاك لابد لي من شكره لاقتطاعه وقتا ليس بالقصير للاجابة على اسئلتي واستفسارتي المزعجه والتي يقابلها باحترام كامل رغم اختلاف وجهات النظر، فله ولأفراد أسرته شكرا يستحقونه.
حوار عبدالوهاب همت
وقد جاء سؤالي الاول أن الانقاذ وخلال مسيرتها المتعرجه تخلصت من الكثيرين من ساهم بالتخطيط للانقلاب كحالتكم في المؤتمر الشعبي الان، وهناك من حمل السلاح وتحرك ليلة الانقلاب من عسكريين ومدنيين وفقا للقرار الحزبي حينها، وهناك من ساهم في تسويق الانقاذ خارجيا، وهناك من قدم مساهمة ماليه من جيبه الخاص، لكن الانقاذ عضت تلك الايدي بل وطعنتها من الخلف في بعض الحالات.
ومن ثم تعرج مسار الاسئلة الى العلاقة مع الحزب الشيوعي السوداني وكيف ينظر اليها؟ وكيف وقعت هذه الخصومة بين الطرفين ؟ وهل ستستمر.
وأثناء حديث هاتفي دار بيني والدكتور علي الحاج كان قد ذكر لي أنه التقى بصحافي من اليمن حدثه عن مشاهده من داخل الطائرة التي أقلت الابطال بابكر النور وفاروق حمدالله وأصر الدكتور علي الحاج على أهمية الكتابة عن هذه الموقف وكذلك الموقف البطولي أو اللوحة الباهرة كما اسماها باللفظ عن عبدالخالق محجوب أثناء محاكمته وثباته وشدد على أن حديثه هذه يقوله للتأريخ بعيدا عن رأيه في الحزب الشيوعي أو الشيوعيين، وقال هؤلاء الرجال قد مضوا الان لكن ماسمعته عنهم يحملني مسئولية أن اتحدث عنهم وفقا لرواية شاهد العيان الذي نقل لي الحديث بل وأعلن عن استعداده لتوصيل أسر هؤلاء الابطال بالصحافي الاستاذ سالم الذي يقيم في مدينة بون.
فالي مضابط الحوار في الجزء الثاني :
- ألم ينبهكم السيد عبدالرحمن عبدالقادر لبعض الممارسات التي تمت في ذلك الحين وماهي ردة فعلكم تجاه ماسمعتم؟
من خلال الحوارات الطويلة والنقاشات المستمرة بيني وبين الرجل لا بد لي أن أذكر أنه كان قد نبهني في وقت مبكر جدا لممارسات حدثت من هؤلاء الناس لكنني لم أنتبه لحديثه، وقد أخذ علىً في ذلك كثيرا جدا (وهو محق في ذلك) وأن تنبيهه وآخرين كان في مكانه إلا أننا لم نأخذ بالأمر مأخذ الجد وهذا ما حدث.
- على ذكر الشيوعيين يلاحظ أنكم كنتم قد أخذتم مواقف متطرفة جدا منهم رغم أنكم عملتم مع بعضهم في السابق في اتحادات طلابية أو ربما في نقابات وبلا شك ومن الشيوعيين من أبلى بلاءً حسنا في أداء عمله أينما كان بل ومنهم من استشهد وكان استشهاده اسطوريا تتحدث به الركبان، ما ذا تقول؟
على ذكر الشيوعيين نحن تعاملنا معهم على مستوى الاتحادات الطلابية واذكر انه في العام 1957 في مدرسة خور طقت الثانوية فأن لجنة الاتحاد والتي فصلت بسبب الاضراب السياسي الذي نظمناه كانت مكونة بالتمثيل النسبي فيها أربعة شيوعيين وأربعة مستقلين واثنين من الأخوان المسلمين وما جمعنا في ذلك الوقت هو مناهضتنا لقانون الطوارئ الذي أعلنه المرحوم عبد الله خليل وكان قانون الطواريء قد فرض أثناء الاعتداء الثلاثي على مصر وعبدالله خليل في الحقيقة استمر على القانون وهو كان رئيس الوزراء في ذلك الوقت. اللجنة الأولى في خور طقت كان رئيسها المهندس علي خليفة وهو الان عضو في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني وكان معه الأخ يوسف حسين عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي حاليا، وكان معنا أسضا البروفيسور محمد سليمان وهو عضو ايضا في اللجنة المركزيه للحزب الشيوعي ويقيم الان في لندن. أنا ذهبت لمدرسة المؤتمر في أمدرمان والبقية ذهبوا لمدارس أخرى. والتعاون بين الشيوعيين والأخوان المسلمين وارد منذ ذلك الوقت. تكرر نفس الموقف في العام 1963 في جامعة الخرطوم وفي لجنة الاتحاد كان هناك تمثيل نسبي أربعة من الشيوعيين وأربعة من الاتجاه الاسلامي واثنين من المستقلين كذلك ولأننا كنا في لجنة الاتحاد تم فصلنا واللجنة كانت برئاسة المرحوم بروفيسور مجذوب سالم البر وآخرين من الاتجاه الاسلامي منهم الأخ منير الحكيم مد الله في عمره وكذلك المرحوم حافظ الشيخ الذاكي وفي الجانب المقابل كان هناك الدكتور عبد الله علي إبراهيم أطال الله عمره وكان يمثل اليسار، وكان هناك الأخ حسن عابدين الدبلوماسي المعروف. ما أود أن أقوله أنه كانت هناك علاقة فكرية فيها خلافات فكرية لكن كنا نعمل سويا ومن جانبي أعتقد أن العمل المشترك بين اليمين واليسار أو بين الأخوان والشيوعيين قد أثمر دون شك في حدوث ثورة أكتوبر. هناك أجبال أتت ولم تجد هذا النوع من التسامح بل وجدت تطرفا. وأعتقد أن حديث الأخ عبد الرحمن عبد القادر جعلني أفكر كثيرا في هذا الأمر ومنذ الخمسينات أنا أتحدث على المستوى الشخصي وليس التنظيمي لأنه هناك بدون شك أناس أسبق مني ولديهم علاقات قوية جدا. وأذكر بعد فصلنا من مدرسة خورطقت الثانوية في العام 1957 أتينا الى جامعة الخرطوم كلجنة اتحاد طلاب مدرسة خورطقت وقابلنا اتحاد طلاب جامعة الخرطوم و كان المرحوم البروفيسر عون الشريف في قيادة الاتحاد بالتمثيل النسبي. بهذه الخلفية يمكن أن أقول ان هناك علاقة بين الأخوان والشيوعيين من حيث الممارسة في مجال العمل والتعاون في العمل السياسي. وأنا لااشعر بغرابة في الامر.
- الى ماذا ترجع حدة العداء بينكم والشيوعيين؟
لقد أتت أجيال جديدة وهي لاتدرك ذلك العمل المشترك الذي كان بيننا وقد حدث كذلك استقطاب حاد جدا في كلا المعسكرين في اوقات مختلفة لكن في زماننا اثناء الدراسة فواقع الامر كما ذكرته لك.
- هل حاولتم الاستفادة من كل هذه التجارب مثلا في مارس 1989 أعلنتم أنكم لن تشاركون في أي حكومة يشارك فيها الحزب الشيوعي كان ذلك قبل ثلاثة أشهر من وقوع انقلاب 30 يونيو 1989؟
نحن حينها كنا نتحدث عن موضوع الشريعة ونحن شعرنا أن الشيوعيين لم يكونوا يريدون موضوع الشريعة أصلا ونحن من جانبنا كنا نريد تطبيق الشريعة الاسلامية , وأنا في هذه اللحظة أتحدث اليك بمنطق ذلك اليوم ولذلك كنا نعتقد أنهم اذا كانوا سيشاركون ونحن سوف نشارك بلاشك لن نصل الى اتفاق حول الشريعه؟
- وماذا يعني ذلك؟
ذلك كان منطقنا في ذلك الوقت كما ذكرت لك وليس الامر ان هؤلاء شيوعييون (وكده).
سبق لكم وأن ساهمتم مساهمة كبيرة في موضوع حل الحزب الشيوعي السوداني وطرد نوابه من البرلمان الى ماذا تعزو ذلك؟
طبعا حينها الصراع كان حادا جدا بيننا والشيوعيين والصراع كما تعلم كان فكريا ولم يكن شخصيا ولكن كما ذكرت لك احيانا ورغم خلافاتنا الفكرية نا نعمل والشيوعيين في اتحاد طلاب واحد وحل الحزب الشيوعي لم يحدث من طلاب الجامعة أي لم يقم الطلاب بذلك, انما حدث ذلك في الاطار الحزبي الكبير.
- الان اذا وقع حدث مشابه هل يمكن ان تكرروا نفس الموقف؟
لا..لا.. أنا أشك في أن تتكرر مثل هذه المواقف الان.
- ولماذا؟
لأن الوضع الان اختلف والشيوعيه التي كانت مدعومة من موسكو تلاشت تماما, والشيوعيه حتى في منبعها لم تعد تلك الشيوعيه. والصين هي شيوعيه الان لكنها اقرب الى الرأسمالية أكثر من الشيوعيه . أنا لاأعتقد ان هذه الامور يمكن أن تتكرر مرة أخرى لكنها تجارب للناس دخلوا فيها.
- هل هي مراجعه سياسية؟
والله من المحمود المراجعة السياسية وهذا تأريخ يجب على الناس التوقف عنده ومراجعة مواقفهم واذا حدثت أخطاء يجب التحدث عنها.
- الاتعتقد أن حل الحزب الشيوعي السوداني كانت نتائجه قيام انقلاب مايو 1969؟
نعم بلاشك وانا حاسي بالامر .
- ولذلك دبرتم انقلاب 30 يونيو 1989؟
نعم مواقف القوى السياسية ضدنا ساهمت في أن نأتي بالانقاذ وكذلك كان هناك تحالف القصر قبل الانقلاب. هذه المواقف بلاشك لها أثر . مثلا اذا أخذنا عبدالله خليل وأن أول انقلاب حدث من حزب الامة والانقلاب وقع لان ناس حزب الامة كانوا خائفين جدا من عودة اسماعيل الازهري الى الحكم أو عودة الحزب الاتحادي الى الحكم, لانه حال عودة الحزب الاتحادي الى الحكم هذا يعني عودة المصريين الى السودان مرة أخرى وهذه شكلت هاجسا ضخما لحزب الامه في ذلك الوقت. وأنا لااعتقد أن تصرف عبدالله خليل كان تصرفا شخصيا بدون شك هو تصرف لان هذا الموضوع تم النقاش حوله مع السيد عبدالرحمن المهدي ومع السيد الصديق المهدي ومع كل الجماعة. وبعد ثورة اكتوبر وموضوع حل الحزب الشيوعي والمناخ الذي ساد حينها قاد الى ان يدخل الحزب الشيوعي في تحالف ادى الى قيام انقلاب 25 مايو 1969 نفس المشهد تكرر مع الجبهة الاسلامية القومية عندما تم تحالف القصر للاطاحة بالجبهه الاسلامية هذه كلها كانت من الحيثيات والتي أدت الى قيام انقلاب 30 يونيو89 ولكل هذه الانقلابات ظروفها ولكن الشيء المشترك ان من يتحركون في مثل هذه الاسباب يتحركون بدوافع سياسية ربما خافية وربما ظاهرة.
انتم الان أعضاء في تحالف قوى الاجماع الوطني مع الحزب الشيوعي السوداني, مستقبلا هل يمكن ان تطوروا الامر؟
يمكن ان نطور الامر مع الجميع لان كل الناس تعلمت نحن تعلمنا والكل تعلم من اخطاء الماضي.
- باعتبار انكم عملتم مع الشيوعيين في اتحادات طلابيه الخ.. هل ستكون هناك خصوصية علاقة معهم؟
انا اعتقد اليوم وانا اتحدث اليك اذا اخذت التحالف المعارض اوالتجمع الموجود أعتقد أن العلاقه بين الشيوعيين والمؤتمر الشعبي قد تكون أقوى بكثير من العلاقة مع القوى الاخرى هذا ما أراه وهذا أمر طبيعي.
- هل تقصد غير طبيعي؟
لا أقصد طبيعي.
- هل مرد ذلك للعلاقات القديمة ام الى ماذا تعزو ذلك؟
والله العلاقات القديمة موجودة وكذلك بحكم الواقع المعاش الان, كما ذكرت لك على أيام عبود عملنا مع بعضنا البعض وكذلك ايام عبدالله خليل. هناك واقع سياسي يفرض على الناس أن يعملوا سويا للهدف الذي نعمل في سبيله. قد يكون عدد الشوعيين ضعيف لكن بدون شك هم الاكثر حرصا على المقاومة وأكثر ثباتا من الاخرين. في هذه المرحلة ورغم الخلافات الموجودة .
د.على الحاج في حوار كشف الاسرار "2 "
الجلوس الى الدكتور علي الحاج محمد مساعد الامين العام للمؤتمر الشعبي يعني أن تسأل نفسك من أين ستبدأ ولايهم الى أين ستنتهي فالحوارات معه كالبحار بلاضفاف ترتفع النبرات وتنخفض وتستقر على وتيرة واحدة لبعض من الوقت وشيئا فشيئا تتقلب وفقا لنوع الاسئلة المطروحه، لكنك تخرج (محقبا) منه وأحيانا يبادلك سؤالا بسؤال وتتوالد الاسئلة وكلما أجاب شعرت أنك تحتاج لتطرح عليه المزيد منها، خاصة وأن الرجل صاحب تجربة طويله في مجال العمل السياسي منذ أن كان طالبا في المرحلة الثانوية، وفوق هذا وذاك فهو أحد مصادر القرار في حزب المؤتمر الشعبي وسادس سته رجال اختارهم الامين العام للجبهة الاسلامية القومية الدكتور حسن الترابي ليساعدوه في التخطيط والتدبير لانقلاب الانقاذ 30 يونيو 1989، الانقلاب الذي أصبح (مقلبا) ليس عليهم فقط وانما على السواد الاعظم من الشعب السوداني.
الاسئلة التي طرحتها على وان اختلف طابعها عن حوارات أخرى أجاب عليها الرجل بأريحية كاملة بعيدا عن دبلوماسية الساسة في بعض الاحيان.
وهناك حلقات قادمات الحديث فيها متشعب وشائك ولارتباطات الدكتور علي الحاج الكثيرة أجلت بعضها، وقبل هذا وذاك لابد لي من شكره لاقتطاعه وقتا ليس بالقصير للاجابة على اسئلتي واستفسارتي المزعجه والتي يقابلها باحترام كامل رغم اختلاف وجهات النظر، فله ولأفراد أسرته شكرا يستحقونه.
حوار عبدالوهاب همت
وقد جاء سؤالي الاول أن الانقاذ وخلال مسيرتها المتعرجه تخلصت من الكثيرين من ساهم بالتخطيط للانقلاب كحالتكم في المؤتمر الشعبي الان، وهناك من حمل السلاح وتحرك ليلة الانقلاب من عسكريين ومدنيين وفقا للقرار الحزبي حينها، وهناك من ساهم في تسويق الانقاذ خارجيا، وهناك من قدم مساهمة ماليه من جيبه الخاص، لكن الانقاذ عضت تلك الايدي بل وطعنتها من الخلف في بعض الحالات.
ومن ثم تعرج مسار الاسئلة الى العلاقة مع الحزب الشيوعي السوداني وكيف ينظر اليها؟ وكيف وقعت هذه الخصومة بين الطرفين ؟ وهل ستستمر.
وأثناء حديث هاتفي دار بيني والدكتور علي الحاج كان قد ذكر لي أنه التقى بصحافي من اليمن حدثه عن مشاهده من داخل الطائرة التي أقلت الابطال بابكر النور وفاروق حمدالله وأصر الدكتور علي الحاج على أهمية الكتابة عن هذه الموقف وكذلك الموقف البطولي أو اللوحة الباهرة كما اسماها باللفظ عن عبدالخالق محجوب أثناء محاكمته وثباته وشدد على أن حديثه هذه يقوله للتأريخ بعيدا عن رأيه في الحزب الشيوعي أو الشيوعيين، وقال هؤلاء الرجال قد مضوا الان لكن ماسمعته عنهم يحملني مسئولية أن اتحدث عنهم وفقا لرواية شاهد العيان الذي نقل لي الحديث بل وأعلن عن استعداده لتوصيل أسر هؤلاء الابطال بالصحافي الاستاذ سالم الذي يقيم في مدينة بون.
فالي مضابط الحوار في الجزء الثاني :
- ألم ينبهكم السيد عبدالرحمن عبدالقادر لبعض الممارسات التي تمت في ذلك الحين وماهي ردة فعلكم تجاه ماسمعتم؟
من خلال الحوارات الطويلة والنقاشات المستمرة بيني وبين الرجل لا بد لي أن أذكر أنه كان قد نبهني في وقت مبكر جدا لممارسات حدثت من هؤلاء الناس لكنني لم أنتبه لحديثه، وقد أخذ علىً في ذلك كثيرا جدا (وهو محق في ذلك) وأن تنبيهه وآخرين كان في مكانه إلا أننا لم نأخذ بالأمر مأخذ الجد وهذا ما حدث.
- على ذكر الشيوعيين يلاحظ أنكم كنتم قد أخذتم مواقف متطرفة جدا منهم رغم أنكم عملتم مع بعضهم في السابق في اتحادات طلابية أو ربما في نقابات وبلا شك ومن الشيوعيين من أبلى بلاءً حسنا في أداء عمله أينما كان بل ومنهم من استشهد وكان استشهاده اسطوريا تتحدث به الركبان، ما ذا تقول؟
على ذكر الشيوعيين نحن تعاملنا معهم على مستوى الاتحادات الطلابية واذكر انه في العام 1957 في مدرسة خور طقت الثانوية فأن لجنة الاتحاد والتي فصلت بسبب الاضراب السياسي الذي نظمناه كانت مكونة بالتمثيل النسبي فيها أربعة شيوعيين وأربعة مستقلين واثنين من الأخوان المسلمين وما جمعنا في ذلك الوقت هو مناهضتنا لقانون الطوارئ الذي أعلنه المرحوم عبد الله خليل وكان قانون الطواريء قد فرض أثناء الاعتداء الثلاثي على مصر وعبدالله خليل في الحقيقة استمر على القانون وهو كان رئيس الوزراء في ذلك الوقت. اللجنة الأولى في خور طقت كان رئيسها المهندس علي خليفة وهو الان عضو في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني وكان معه الأخ يوسف حسين عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي حاليا، وكان معنا أسضا البروفيسور محمد سليمان وهو عضو ايضا في اللجنة المركزيه للحزب الشيوعي ويقيم الان في لندن. أنا ذهبت لمدرسة المؤتمر في أمدرمان والبقية ذهبوا لمدارس أخرى. والتعاون بين الشيوعيين والأخوان المسلمين وارد منذ ذلك الوقت. تكرر نفس الموقف في العام 1963 في جامعة الخرطوم وفي لجنة الاتحاد كان هناك تمثيل نسبي أربعة من الشيوعيين وأربعة من الاتجاه الاسلامي واثنين من المستقلين كذلك ولأننا كنا في لجنة الاتحاد تم فصلنا واللجنة كانت برئاسة المرحوم بروفيسور مجذوب سالم البر وآخرين من الاتجاه الاسلامي منهم الأخ منير الحكيم مد الله في عمره وكذلك المرحوم حافظ الشيخ الذاكي وفي الجانب المقابل كان هناك الدكتور عبد الله علي إبراهيم أطال الله عمره وكان يمثل اليسار، وكان هناك الأخ حسن عابدين الدبلوماسي المعروف. ما أود أن أقوله أنه كانت هناك علاقة فكرية فيها خلافات فكرية لكن كنا نعمل سويا ومن جانبي أعتقد أن العمل المشترك بين اليمين واليسار أو بين الأخوان والشيوعيين قد أثمر دون شك في حدوث ثورة أكتوبر. هناك أجبال أتت ولم تجد هذا النوع من التسامح بل وجدت تطرفا. وأعتقد أن حديث الأخ عبد الرحمن عبد القادر جعلني أفكر كثيرا في هذا الأمر ومنذ الخمسينات أنا أتحدث على المستوى الشخصي وليس التنظيمي لأنه هناك بدون شك أناس أسبق مني ولديهم علاقات قوية جدا. وأذكر بعد فصلنا من مدرسة خورطقت الثانوية في العام 1957 أتينا الى جامعة الخرطوم كلجنة اتحاد طلاب مدرسة خورطقت وقابلنا اتحاد طلاب جامعة الخرطوم و كان المرحوم البروفيسر عون الشريف في قيادة الاتحاد بالتمثيل النسبي. بهذه الخلفية يمكن أن أقول ان هناك علاقة بين الأخوان والشيوعيين من حيث الممارسة في مجال العمل والتعاون في العمل السياسي. وأنا لااشعر بغرابة في الامر.
- الى ماذا ترجع حدة العداء بينكم والشيوعيين؟
لقد أتت أجيال جديدة وهي لاتدرك ذلك العمل المشترك الذي كان بيننا وقد حدث كذلك استقطاب حاد جدا في كلا المعسكرين في اوقات مختلفة لكن في زماننا اثناء الدراسة فواقع الامر كما ذكرته لك.
- هل حاولتم الاستفادة من كل هذه التجارب مثلا في مارس 1989 أعلنتم أنكم لن تشاركون في أي حكومة يشارك فيها الحزب الشيوعي كان ذلك قبل ثلاثة أشهر من وقوع انقلاب 30 يونيو 1989؟
نحن حينها كنا نتحدث عن موضوع الشريعة ونحن شعرنا أن الشيوعيين لم يكونوا يريدون موضوع الشريعة أصلا ونحن من جانبنا كنا نريد تطبيق الشريعة الاسلامية , وأنا في هذه اللحظة أتحدث اليك بمنطق ذلك اليوم ولذلك كنا نعتقد أنهم اذا كانوا سيشاركون ونحن سوف نشارك بلاشك لن نصل الى اتفاق حول الشريعه؟
- وماذا يعني ذلك؟
ذلك كان منطقنا في ذلك الوقت كما ذكرت لك وليس الامر ان هؤلاء شيوعييون (وكده).
سبق لكم وأن ساهمتم مساهمة كبيرة في موضوع حل الحزب الشيوعي السوداني وطرد نوابه من البرلمان الى ماذا تعزو ذلك؟
طبعا حينها الصراع كان حادا جدا بيننا والشيوعيين والصراع كما تعلم كان فكريا ولم يكن شخصيا ولكن كما ذكرت لك احيانا ورغم خلافاتنا الفكرية نا نعمل والشيوعيين في اتحاد طلاب واحد وحل الحزب الشيوعي لم يحدث من طلاب الجامعة أي لم يقم الطلاب بذلك, انما حدث ذلك في الاطار الحزبي الكبير.
- الان اذا وقع حدث مشابه هل يمكن ان تكرروا نفس الموقف؟
لا..لا.. أنا أشك في أن تتكرر مثل هذه المواقف الان.
- ولماذا؟
لأن الوضع الان اختلف والشيوعيه التي كانت مدعومة من موسكو تلاشت تماما, والشيوعيه حتى في منبعها لم تعد تلك الشيوعيه. والصين هي شيوعيه الان لكنها اقرب الى الرأسمالية أكثر من الشيوعيه . أنا لاأعتقد ان هذه الامور يمكن أن تتكرر مرة أخرى لكنها تجارب للناس دخلوا فيها.
- هل هي مراجعه سياسية؟
والله من المحمود المراجعة السياسية وهذا تأريخ يجب على الناس التوقف عنده ومراجعة مواقفهم واذا حدثت أخطاء يجب التحدث عنها.
- الاتعتقد أن حل الحزب الشيوعي السوداني كانت نتائجه قيام انقلاب مايو 1969؟
نعم بلاشك وانا حاسي بالامر .
- ولذلك دبرتم انقلاب 30 يونيو 1989؟
نعم مواقف القوى السياسية ضدنا ساهمت في أن نأتي بالانقاذ وكذلك كان هناك تحالف القصر قبل الانقلاب. هذه المواقف بلاشك لها أثر . مثلا اذا أخذنا عبدالله خليل وأن أول انقلاب حدث من حزب الامة والانقلاب وقع لان ناس حزب الامة كانوا خائفين جدا من عودة اسماعيل الازهري الى الحكم أو عودة الحزب الاتحادي الى الحكم, لانه حال عودة الحزب الاتحادي الى الحكم هذا يعني عودة المصريين الى السودان مرة أخرى وهذه شكلت هاجسا ضخما لحزب الامه في ذلك الوقت. وأنا لااعتقد أن تصرف عبدالله خليل كان تصرفا شخصيا بدون شك هو تصرف لان هذا الموضوع تم النقاش حوله مع السيد عبدالرحمن المهدي ومع السيد الصديق المهدي ومع كل الجماعة. وبعد ثورة اكتوبر وموضوع حل الحزب الشيوعي والمناخ الذي ساد حينها قاد الى ان يدخل الحزب الشيوعي في تحالف ادى الى قيام انقلاب 25 مايو 1969 نفس المشهد تكرر مع الجبهة الاسلامية القومية عندما تم تحالف القصر للاطاحة بالجبهه الاسلامية هذه كلها كانت من الحيثيات والتي أدت الى قيام انقلاب 30 يونيو89 ولكل هذه الانقلابات ظروفها ولكن الشيء المشترك ان من يتحركون في مثل هذه الاسباب يتحركون بدوافع سياسية ربما خافية وربما ظاهرة.
انتم الان أعضاء في تحالف قوى الاجماع الوطني مع الحزب الشيوعي السوداني, مستقبلا هل يمكن ان تطوروا الامر؟
يمكن ان نطور الامر مع الجميع لان كل الناس تعلمت نحن تعلمنا والكل تعلم من اخطاء الماضي.
- باعتبار انكم عملتم مع الشيوعيين في اتحادات طلابيه الخ.. هل ستكون هناك خصوصية علاقة معهم؟
انا اعتقد اليوم وانا اتحدث اليك اذا اخذت التحالف المعارض اوالتجمع الموجود أعتقد أن العلاقه بين الشيوعيين والمؤتمر الشعبي قد تكون أقوى بكثير من العلاقة مع القوى الاخرى هذا ما أراه وهذا أمر طبيعي.
- هل تقصد غير طبيعي؟
لا أقصد طبيعي.
- هل مرد ذلك للعلاقات القديمة ام الى ماذا تعزو ذلك؟
والله العلاقات القديمة موجودة وكذلك بحكم الواقع المعاش الان, كما ذكرت لك على أيام عبود عملنا مع بعضنا البعض وكذلك ايام عبدالله خليل. هناك واقع سياسي يفرض على الناس أن يعملوا سويا للهدف الذي نعمل في سبيله. قد يكون عدد الشوعيين ضعيف لكن بدون شك هم الاكثر حرصا على المقاومة وأكثر ثباتا من الاخرين. في هذه المرحلة ورغم الخلافات الموجودة .
والى الحلقة الاخيرة
د.على الحاج في حوار كشف الاسرار " الأخيرة "
الجلوس الى الدكتور علي الحاج محمد مساعد الامين العام للمؤتمر الشعبي يعني أن تسأل نفسك من أين ستبدأ ولايهم الى أين ستنتهي فالحوارات معه كالبحار بلاضفاف ترتفع النبرات وتنخفض وتستقر على وتيرة واحدة لبعض من الوقت وشيئا فشيئا تتقلب وفقا لنوع الاسئلة المطروحه، لكنك تخرج (محقبا) منه وأحيانا يبادلك سؤالا بسؤال وتتوالد الاسئلة وكلما أجاب شعرت أنك تحتاج لتطرح عليه المزيد منها، خاصة وأن الرجل صاحب تجربة طويله في مجال العمل السياسي منذ أن كان طالبا في المرحلة الثانوية، وفوق هذا وذاك فهو أحد مصادر القرار في حزب المؤتمر الشعبي وسادس سته رجال اختارهم الامين العام للجبهة الاسلامية القومية الدكتور حسن الترابي ليساعدوه في التخطيط والتدبير لانقلاب الانقاذ 30 يونيو 1989، الانقلاب الذي أصبح (مقلبا) ليس عليهم فقط وانما على السواد الاعظم من الشعب السوداني.
الاسئلة التي طرحتها على وان اختلف طابعها عن حوارات أخرى أجاب عليها الرجل بأريحية كاملة بعيدا عن دبلوماسية الساسة في بعض الاحيان.
وهناك حلقات قادمات الحديث فيها متشعب وشائك ولارتباطات الدكتور علي الحاج الكثيرة أجلت بعضها، وقبل هذا وذاك لابد لي من شكره لاقتطاعه وقتا ليس بالقصير للاجابة على اسئلتي واستفسارتي المزعجه والتي يقابلها باحترام كامل رغم اختلاف وجهات النظر، فله ولأفراد أسرته شكرا يستحقونه.
حوار عبدالوهاب همت
وقد جاء سؤالي الاول أن الانقاذ وخلال مسيرتها المتعرجه تخلصت من الكثيرين من ساهم بالتخطيط للانقلاب كحالتكم في المؤتمر الشعبي الان، وهناك من حمل السلاح وتحرك ليلة الانقلاب من عسكريين ومدنيين وفقا للقرار الحزبي حينها، وهناك من ساهم في تسويق الانقاذ خارجيا، وهناك من قدم مساهمة ماليه من جيبه الخاص، لكن الانقاذ عضت تلك الايدي بل وطعنتها من الخلف في بعض الحالات.
ومن ثم تعرج مسار الاسئلة الى العلاقة مع الحزب الشيوعي السوداني وكيف ينظر اليها؟ وكيف وقعت هذه الخصومة بين الطرفين ؟ وهل ستستمر.
وأثناء حديث هاتفي دار بيني والدكتور علي الحاج كان قد ذكر لي أنه التقى بصحافي من اليمن حدثه عن مشاهده من داخل الطائرة التي أقلت الابطال بابكر النور وفاروق حمدالله وأصر الدكتور علي الحاج على أهمية الكتابة عن هذه الموقف وكذلك الموقف البطولي أو اللوحة الباهرة كما اسماها باللفظ عن عبدالخالق محجوب أثناء محاكمته وثباته وشدد على أن حديثه هذه يقوله للتأريخ بعيدا عن رأيه في الحزب الشيوعي أو الشيوعيين، وقال هؤلاء الرجال قد مضوا الان لكن ماسمعته عنهم يحملني مسئولية أن اتحدث عنهم وفقا لرواية شاهد العيان الذي نقل لي الحديث بل وأعلن عن استعداده لتوصيل أسر هؤلاء الابطال بالصحافي الاستاذ سالم الذي يقيم في مدينة بون.
فالي مضابط الحوار في الجزء الثالث والأخير :
أنت الان قيادي في المؤتمر الشعبي اذا طرح عليك أن تتعاون مع الشيوعيين أكثر من غيرهم من بقية الاحزاب ماذا سيكون موقفك؟
اغلب الظن وبموضوعيه نعم اليوم مثلا الاجتماعات والمواقف التي جرت خلال العام الماضي في اطار تحالف قوى الاجماع الوطني افتكر اقرب ناس الى المواقف الصحيحه هم اليسار عامة وليس الشيوعيين فقط, كذلك البعثيين أقرب الينا. والشعارات التي كانت مطروحه بشكل حاد مثل علمانية الدوله لم تعد كما كانت في السابق واعتقد أن هذا تغيير ايجابي كما أرى .
من جانبكم أم من جانب الحزب الشيوعي؟
من جانب الطرفين. واعتقد ان اليسار عموما اصيب بخيبة أمل في التجمع الوطني الديمقراطي ورهانهم على الحركة الشعبيه لان الرهان على الحركة الشعبية خاصة بعد انفصال الجنوب والعديد من المواقف جعلت الكثير من القيادات السياسية وهنا لااعني الاحزاب التقليدية, هذه الاحزاب شعرت بأن موقف الحركة الشعبيه خاصة بعد انفصال الجنوب لان اليسار كان من اكثر الداعمين الى الحركة الشعبيه وللتجمع الوطني الديمقراطي وهذه نتيجة جعلتهم يعيدون النظر في الكثير من الاشياء منها العلاقة مع المؤتمر الشعبي.
على ذكر الشيوعيين كنت قد حدثتني أثناء التحضير لهذا اللقاء عن معلومات تحصلت عليها من صحافي يمني حول حادث القرصنة التي تعرضت لها طائرة الشهداء بابكر النور وفاروق حمدالله من قبل معمر القذافي ومشاهدات ذلك الصحافي من داخل الطائرة وما الذي دار بين حمدالله وبابكر النور وكيف كانا في حالة ثبات اسطوري يتناقشان حول قضايا السودان وهما يعلمان بالمصير الذي يواجههما في الخرطوم ساعة عودتهما , أرجو أن تذكر لي تفاصيل كلما سمعت وبتفاصيل؟
وفي الحديث عن الشيوعيين شدني في الأيام الماضية حديث وقع بالصدفة هنا في ألمانيا حيث تعرفت على أخ من جنوب اليمن أسمه سالم أحمد عبد الله سعيد. هذا الشخص في الأساس اعلامي درس الصحافة في جامعة القاهرة وتخرج منها في العام 1968 وعمل في الاهرام وقد عرفت منه أنه قومي عربي وكان في أيام معمر القذافي في ليبيا وبعد أن أصدر القذافي كتابه الأخضر غادر ليبيا إلى السعودية واستقر به المقام الآن في ألمانيا ومن ضمن أحاديثنا تطرق إلى موضوع هام وقد ذكر لي أنه عند وقوع انقلاب الشيوعيين في العام 1971، وعندما أرغم معمر القذافي الطائرة التي كانت تقل بابكر النور وفاروق حمد الله على الهبوط في مطار طرابلس. ذكر لي الرجل أنه وبينما كان يقيم في أحد الفنادق أرسل له القذافي مجموعة من الرجال وفي حراسة مشددة طالبين منه الذهاب معهم إلى أمر هام وعندما ذهب معهم طلبوا منه أن يسافر إلى الخرطوم لتغطية أحداث هامة وركب في نفس الطائرة والتي كانت تقل فاروق حمد الله وبابكر النور وهو كان الصحفي الوحيد في الطائرة وكان شعوره مزدوجا أو مختلطا كما ذكر لي فمن ناحية، الشخصين أي بابكر النور وفاروق حمد الله كانوا مصفدي الأيدي لكنهم كانوا في قمة الشجاعة وظلوا طوال الرحلة يتكلمون ويتناقشون بشكل عادي وبهدوء شديد ولم يظهر عليهم أي نوع من الاضطراب ولا يشعرونك أنهم يواجهون أي نوع من الخطر رغم أنهم يعلمون علم اليقين إلى أنهم ماضون في الطريق إلى الهلاك. وعندما علموا أنه من اليمن الجنوبي كانوا يتحدثون اليه ويمازحانه من جانبه قال لي الرجل أنه يعرف أن مهمته هي تغطية الأحداث وأن هؤلاء الناس مصيرهم الموت. تحدث الرجل بأعجاب بالغ عن جسارتهم وثباتهم الاسطوري.
لكن الشهادة الأكبر والأرفع شأنا من هذه هي حديثه عن عبدالخالق محجوب وقال لي أتضح له انه، أي عبدالخالق وحتى لحظة احضاره إلى المحكمة لم يكن يعلم بأي سبب قاده أليها، وقال لي الرجل أن هناك أناس من جماعة نميري قالوا له أن عبالخالق محجوب سوف يعترف ويعتذر بعد ذلك قد يطلق سراحه وبناءا على هذا فأنهم سمحوا له بالذهاب لحلق ذقنه وأتاحوا له فرصة أن يلبس ملابس أخرى ليظهر بمظهر جميل وبملابس نظيفة. وبالتالي يخرجون الأمر كأن عبدالخالق محجوب يريد أن يعتذر. ولما جاء إلى المحكمة وبدأ يتكلم بشجاعة نادرة وهاجم النظام المايوي هجوما شديدا وكانت الكاميرات التقطت حديثه. والقاضي كان عسكري وهو رئيس المحكمة وقد أبدى انزعاجا واضحا وانزعج لحديث عبدالخالق المرتب والقوي. وقد قال لي هذا الصحفي أنه يشعر بقشعريرة كلما يتذكر تلك اللحظات وفشل في أن يواصل حديثه معي وسكت لفترة طويلة جدا وفشل مرة أخرى في أكمال حديثه معي. المهم بالنسبة لي شخصيا وبالصورة التي رواها لي هذا الرجل والشجاعة النادرة عن هؤلاء الأشخاص وفي تلك اللحظة شعرت بأهمية حديث هذا الشخص وقد لا يكون هناك أي شخص يدري بأهمية تسجيل لحظة القاء القبض عليهم وحتى تسفيرهم إلى الخرطوم.
تنبع أهمية هذه الشهادة في أنها صادرة من شخص حضر لحظة تسفيرهم إلى الخرطوم ووقائع شاهدها داخل الطائرة ولحظة وصولهم إلى القيادة العامة في حضور جعفر نميري والانفعالات والتوترات التي حدثت..
كيف تصف ماسمعته من الرجل؟
أستطيع أن أقول أن ما قاله لي الرجل عبارة عن لوحة ... لوحة بطولية مشرفة جدا ومن واجبي أرى أنه لا بد من تسليط الضوء على هذه اللوحة الهامة. أقول قولي هذا بعيدا عن ارائي في الشيوعيين وعن مواقفهم.
أقول هذا الحديث وأنا قابلت المعز عبدالخالق محجوب وارجو أن تنقل له هذا الحديث ولأسرته ولأسر فاروق حمدالله وبابكر النور لانهم ربما لديهم مايودون معرفته لان هذا تأريخ , ربما تكون لديهم معلومات من اطراف اخرى لكن لان هذا الصحافي كان في الطائرة وسمع بعض الحديث منهم وسمع حديث عبدالخالق مباشرة هذه من جانبي اعتقد أنها مسألة مهمة. ربما تكون هذه الاسرة قد سمعت معلومات مختلفة لكن تنبع اهمية رواية هذا الصحافي لانه ذهب خصيصا لتغطية هذه المحاكمات . وقال لي أن عبدالخالق محجوب عندما عرف أنه من اليمن الجنوبي تحدث اليه.
أنا أعرف الكثير من الشيوعيين وأتذكر جيدا عندما التقيت في العام 2003 في لندن بالاستاذة فاطمة احمد ابراهيم عند تدشين كتاب السياسة والحكم ورغم مراراتها ومواقفها الحادة ضدنا الا أنني أثمن عاليا كل نضالاتها. هذه شهادة يتوجب علي أن أوصلها حسب ما سمعتها من راويها. وكان لا بد لي أن أبرز للعالم مثل هذه المواقف البطولية للسودانيين صرف النظر عن اختلافهم أو اتفاقهم.
كان في مقدوري سماع هذا الحديث ومن ثم أن أصمت , لكنها شهادة للتأريخ لابد لي أن أتحدث عنها وهذه رسالة مني لأسر هؤلاء الشهداء ليعرفوا بعض مما علمت به وهذه اشياء تهم ابناء وبنات أخوه واخوات وأسر هؤلاء الناس الذين قتلهم نميري. اعتقد هذه سانحه طيبه وهذه معلومات صادرة عن شخص غير شيوعي وغير سوداني حضر وسمع ويمكن أن يفيدهم هذا ماقصدته أنا.
أريد أن اذيب حركة الجمود الحادثه مثل هؤلاء شيوعيين والخ.. هذه اشياء متجذرة لاتفيد أحد وأريد أن اخلص منها أو تخفيف حدتها ناس الحكومة مزودنها كتير ولن أهتم لما سيقولونه..
الجماعه سيتهمونك بالشيوعيه؟
دعهم يقولون مايودون قوله يجب علي ذكر الحقائق..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.