المصدر: البيان - الخرطوم - طارق عثمان موجةٌ كثيفة من ردود الأفعال أثارتها نية الحكومة السودانية رفع الدعم الحكومي عن المحروقات والقمح، ففيما نشط حزب المؤتمر الوطني الحاكم بزعامة الرئيس عمر البشير في حشد التأييد للقرارات وإيجاد التبريرات والدفوعات قبل إصدار قرارات رفع الدعم، وجدتها المعارضة فرصة للتنفيس عما بداخلها بعد أن فشلت في إقناع الشارع بالخروج لإسقاط النظام، بينما حذر خبراء الاقتصاد من مغبة رفع الدعم جملة واحدة وانعكاساته السالبة علي حياة الناس. مؤكّدين أنّ «رفع الدعم عن المحروقات والخبز يعني مزيداً من التدهور والتضخّم والركود للاقتصاد السوداني». وبدأ حزب المؤتمر الوطني الحاكم في تهيئة الرأي العام السوداني للقرارات، بإجراء مشاورات مكثّفة مع شركائه في الحكم من أحزاب ما يعرف بأحزاب حكومة القاعدة العريضة حيث انتزع تأييد سبعة منها على الإجراءات الاقتصادية، وقال مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع إنّ «المشاورات لا تزال جارية بشأن وضع المعالجات الإصلاحية للاقتصاد». وعزا رئيس حزب الامة السوداني الصادق المهدي تدهور الأوضاع الاقتصادية والعجز المالي في البلاد للحرب المشتعلة بعدد من ولايات البلاد وقطع العلاقة مع دولة جنوب السودان، فضلاً عن الإنفاق على دولة مترهّلة ومسرفة إلى جانب توتّر العلاقة مع الأسرة الدولية، مضيفاً أنّ «قرار رفع الدعم عن المحروقات والخبز يعني تحميل المواطن أخطاء السياسات الحكومية». وأبان تقرير أعدته اللجنة الاقتصادية في حزب الأمة القومي، أنّ غول الفقر التهم 46.5 في المئة من سكان البلاد ووصل حد الفقر إلى 114 جنيهاً للفرد شهرياً، مشيراً إلى أنّ «التفاوت التنموي أدى للهجرة من الأرياف إلى المدن، ما سبّب إفقارا للمناطق الريفية والحضرية على حد سواء». موضحاً أنّ «حوالي 13 مليون شخص في شمال السودان يعانون الحرمان الغذائي إلى جانب تفشي البطالة التي بلغت 20 في المئة من جملة السكان، لافتاً إلى ان أكبر الأدوات التي أضرّت بالاقتصاد السوداني في عهد حكومة البشير يتمثّل في انعدام التخطيط والانفراد بالرأي والقرار دون مشاركة أهل الدراية والتمييز، فضلا عن تفصيل البرامج والسياسات الاقتصادية لتحقيق مصالح مجموعات محدّدة». هوة دون قرار وأشار التقرير إلى أنّ «البرنامج الثلاثي الذي أقرّته الحكومة لمعالجة الأزمة الاقتصادية الخانقة بعد انفصال الجنوب وذهاب عائدات النفط إلى الدولة الوليدة فقد أهم معالمه المتمثّلة في ولاية وزارة المالية على المال العام وخفض الإنفاق الحكومي إضافة إلى العمل في إنتاج ثمان سلع وهي « القطن، القمح، السكر، الثروة الحيوانية، الصمغ العربي، زيت الطعام، البترول، الذهب». وأوضح حزب الأمة في تقريره أنّ «رفع الدعم عن المحروقات والخبز هوة لا قرار لها حيث إنّ مبلغ الدعم متحرّك يتغير بسعر الصرف نتيجة انخفاض العملة الوطنية وارتفاع أسعار السلع المستوردة»، محذّراً من أنّ «مضي الحكومة في الزيادات للتخلي من الدعم ستنتج عنه اثار اقتصادية واجتماعية وسياسية تنسف الاستقرار الاقتصادي والسياسي بالبلاد». ويرى زعيم حزب الامة الصادق المهدي أنّ «المخرج الوحيد من الكارثة الاقتصادية التي تمر بها البلاد يتمثل في اقامة نظام جديد يوقف الحروب ويحقق السلام ويخلق توأمة مع دولة الجنوب واشراك الجميع في العملية السياسية بعد الاتفاق على تشكيل حكومة قومية رشيقة واسعة التمثيل وارجاع الحكم للأقاليم الست وارجاع مؤسسات الضبط والرقابة والمؤسسية».