"سبق": 870 مليون جائع بالعالم والمجتمع السعودي في مقدمة المجتمعات الأكثر استهلاكاً ]"سبق" هناك أناسٌ يأكلون حتى التخمة وآخرون ينامون جياعاً، كم من موائد عامرةٍ زاخرة وأخرى خاوية، في الوقت الذي اجتاز فيه جياع العالم ال 870 مليون جائع، يهدر يومياً 1.3 مليار طن من المواد الغذائية في العالم تلقى في حاويات القمامة وعلى قارعة الطرقات، نتيجة لسلوك وعادات وتقاليد خاطئة تُتبع في غياب واضح لحملات التوعية للحفاظ على هذه النعمة، بحسب ما نوهت إليه صحيفة "سبق" السعودية. وقامت الصحيفة بتسليط الضوء من خلال تحقيقها، على العادات الغذائية الخاطئة وما ينتج عنها من هدر كميات هائلة من الأطعمة المختلفة في المملكة العربية السعودية. ووفقاً للإحصاءات الأخيرة مازالت السعودية في مقدمة الدول الأكثر استهلاكاً للأغذية في المنطقة بنسبة 60% ويعتبر الخليج العربي من أكثر المناطق استهلاكاً بنسبة 3.1% سنوياً وهدراً للمواد الغذائية، مع توقع أن يصل معدل الاستهلاك إلى 49.1 مليون طن متري من المواد الغذائية، ويشكل الغذاء ما نسبته 35% من النفايات المنزلية، ونحو 13 مليون طن من المواد الغذائية وبقايا الأطعمة يتم التخلص منها في مكبات النفايات بالسعودية، فيما بلغت عدد الوجبات الغذائية التي تهدر بشكل يومي في المنطقة الشرقية لوحدها 4 ملايين وجبة غذائية. وقد أجمع غالبية من التقت بهم الصحيفة السعودية أن العادات والتقاليد التي تحكم الأسر السعودية من ناحية الضيافة والكرم هي أحد الأسباب الرئيسة التي تساهم في هدر كميات الطعام. حيث أشار المهندس "عمر الغنام" إلى أن العرب معروفون بكرم الضيافة الذي يأخذ أشكالاً متعددة للترحيب بالضيف فالولائم والذبائح والشراب أول ما يتم تقديمه وبكميات كبيرة، تُهدر نصفها أو أكثر بمجرد مغادرة الضيف وخصوصاً أن هناك أنواعاً من الأطعمة تتلف مع مرور الوقت. وقالت المعلمة "بيان عبدالله": إن المائدة السعودية لابد أن تكون مليئة بكافة الأنواع والأصناف من الأطعمة، وأنا كربة أسرة لا أستطيع أن أقلل من كميات الطعام الذي أعده في العزائم لأنه يرتبط بالعادات والتقاليد التي تُربط دائماً بين زيادة الطعام والكرم. ويقول "فهد حامدي": إن ما يميز العرس السعودي هو كثرة الطعام وذبح "المفاطيح" التي ترهق جيب الخاطب نتيجة لعادات ورثناها من آبائنا حيث تتحول موائد الأفراح إلى ساحة للتنافس على "المفاطيح" ومن يولم أكثر يصبح عرسه فاخراً أكثر، مع العلم أن تلك الولائم تهدر نصفها في نهاية العرس. هذا وتحدث الخبير الاقتصادي فضل البوعينين للصحيفة "سبق" قائلاً إن الفرد السعودي يستهلك من الطعام ما يفوق حاجته بكثير، ما يؤدي إلى هدر أكثر من 50% منه، وإن نسبة الهدر المرتبطة بالمناسبات العامة تتجاوز ال 70% ترمى دون استهلاك (مخلفات مناسبات )، وهذه النسب المرتفعة من الهدر تتسبب في استنزاف ميزانية الفرد التي ترهقه فوق طاقته في الوقت الذي من الممكن أن نوفر منها لو رشدنا في استهلاك الطعام، مبيناً أنه لو استطاع الفرد السعودي تخفيض نسبة استهلاكه اليومي من الطعام 30% لساهم في دور كبير في انخفاض أسعار المواد الغذائية والطعام ما لا يقل عن 15% أما فيما يتعلق بالأطعمة ذات الصلاحية المحدودة وسريعة التلف مثل (الفواكه والخضار كالطماطم ) لو خفض المواطن مشترياته بحدود حاجته اليومية منها بنسبة 50% لخُفضت أسعارها بالمثل وذلك نتيجة كثرة العرض وقلة الطلب. واعتبر "البوعينين" زيادة الاستهلاك من الأمور المؤثرة سلباً على الاقتصاد العام، كون الاقتصاد يعتمد وبشكل أساسي على الادخار وليس الاستهلاك لذلك نجد أن الأسر السعودية لا تتمتع بثقافة كفاءة الادخار وأصبح التوجه إلى البنوك والقروض وغيرها من الأمور لسد حاجاته، وعلى سبيل المثال (تعتمد غالبية الأسر محدودة الدخل على طلبات من محال الوجبات السريعة والتي لا يقل سعر الوجبة فيها عن 100 ريال تخيل لو طلبت الأسرة طلباً واحداً يومياً لكان معدل مصروفها يصل إلى 3000 ريال سعودي يمكن الاستعاضة عنه بثلثي المبلغ وشراء أطعمة وحاجيات الأسرة ويكون بذلك حصلت على كمية من الطعام الكافي وبسعر أوفر وقلصت كمية الهدر، وحول نسبة إنفاق الموظف أو الفرد من راتبه الشهري على الأطعمة قال: "البوعينين" إن هناك بندين أساسيين في الرواتب يتم فيها الاستهلاك وهي الشقة والطعام، ولكن هناك نقطة مهمة يجب ملاحظتها وهي انخفاض نسبة إنفاق الأسرة السعودية على التعليم إلى أبعد الحدود حيث لا يعيرونه جانباً كبيراً كما يعيرون جانب الطعام والصرف الذي يذهب غالبيته للهدر ( إطعام العقول خير من إطعام البطون).