بعد وصول رئيس حركة التحرير والعدالة التجاني السيسي لدارفور عقب تعيينه رئيسا للسلطة الانتقالية في الإقليم -تنفيذا لاتفاق الدوحة- يرافقه نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء القطري أحمد بن عبد الله آل محمود، لم يُخف كثير من المراقبين تفاؤلهم بإمكانية نجاح الاتفاق رغم عدم شموله لكافة الفصائل المسلحة في الإقليم. وعلى الرغم من عدم قبول تلك الفصائل -وبينها حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان- للاتفاق بين التحرير والعدالة والحكومة السودانية -على الأقل في الوقت الراهن- ووصفها له بغير الشامل، فإن ما أبدته الدوحة من اهتمام واستعداد للمساهمة ماليا في إنجاح المشروع دفع كثيرا من الجهات لإبداء تفاؤلها بالنجاح ولو بحذر شديد. ويبدو أن إصرار آل محمود وقبله التجاني السيسي على المضي في الاتفاق إلى نهايته المرجوة سيكون ربما الإجابة الشافية على تخوف الحركات الرافضة والمتحفظين من قادة الإقليم في الأحزاب السودانية الأخرى. فرئيس حركة التحرير والعدالة أعلن استعداده لتجاوز ومقاومة أي عقبات تقف أمام تنفيذ الاتفاق، محذرا من أن عدم الالتزام به سيؤدي إلى غرق المركب بالجميع. الوحدة أولا وقال السيسي -في لقاء جماهيري بعاصمة ولاية شمال دارفور الفاشر- إن التنمية لن تأتي إلى دارفور إلا إذا توحد أبناؤها، مشيرا إلى أن مشروعه الأول سيكون حربا وجهادا ضد النعرات القبلية. بينما أشار آل محمود إلى اختلاف اتفاق السلام الحالي عن الاتفاقات السابقة "بوجود آلية ستتابع ثمرات ذلك"، منبها إلى وجود جهات لم يسمها قال إنها كانت تسعى لعرقلة السلام في دارفور. غير أن مستشار رئيس الجمهورية للسلام السابق آدم الطاهر حمدون أكد تأييد الجميع لأي اتفاق طالما سعى لتحقيق السلام في دارفور، مشيرا إلى أنها محاولة جادة لجمع مطلوبات الإقليم. لكنه رأى أن السلام الشامل لا يأتي باتفاقية الدوحة وحدها -رغم الرعاية القطرية وصرفها لكثير من مبالغ للتعمير- "لأنه لم يستوعب كافة فصائل التمرد"، مشبها الاتفاق باتفاقية أبوجا -الموقعة عام 2006 بين الخرطوم وحركة تحرير السودان/فصيل منى أركو مناوي- التي وصفها بالأحادية. شمول الأطراف ورهن حمدون -في تعليقه للجزيرة نت- نجاح المسعى بالعمل على استيعاب كافة قوى التمرد بدارفور وعدم الاستجابة لدعاوى استبعاد فصيل من الفصائل المسلحة، معتبرا أن وجود أي مجموعة مسلحة في دارفور -مهما كانت- سيساهم في تدهور الأمن ومن ثم عدم إحلال السلام. أما عضو آلية المجتمع المدني والشعبي بدارفور إدريس يوسف فأبدى كثيرا من التفاؤل بنجاح اتفاق الدوحة وبالرعاية والمتابعة القطرية لتنفيذ الاتفاق، مشيرا إلى قوة من أسماهم الضامنين الحقيقيين كالاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والجامعة العربية. ولم يستبعد أن تقود المتابعة القطرية الدقيقة إلى نتائج إيجابية "إلا إذا حدث جديد"، اربطا نجاح الاتفاق الكامل في تحقيق السلام بلمسه جذور المشكلة بدارفور التي أجملها في التنمية الحقيقية على الأرض. رفض الحرب وقال يوسف للجزيرة نت إن اجتهاد المجتمع الدولي "ربما حمل ما تبقى من المتمردين للتوقيع على الاتفاق واللحاق بركب السلام"، مشيرا إلى الرفض المحلي للحرب في الإقليم. غير أن مقرر هيئة المحامين في دارفور الصادق علي حسن اعتبر أن عدم التحاق بعض الفصائل المسلحة بالاتفاق وحصره فقط في التحرير والعدالة سيشكل أولى خطوات التحدي التي يمكن أن تقف أمام المجهود القطري والدولي المصاحب له. ورأى حسن أن الدعم المادي لا يفيد وحده في تثبيت السلام، داعيا الوسيط القطري للاجتهاد أكثر بغية إقناع الأطراف الأخرى بقبول الوثيقة. وقال إن موقف الحكومة من التفاوض مع الحركات الأخرى ربما يقود هو الآخر إلى عدم نجاح العملية برمتها، راهنا اكتمال النجاح بقدرة الوسيط القطري على جمع من تبقى من الرافضين بشأن الاتفاق.