انتعشت عمليات انتاج الذهب بمناطق التنقيب التقليدية في صحارى شمال السودان مجدداً بعد إنقطاع طويل للانتاج الغزير الذى عرفت به العديد من الأودية أشهرها "قبقبة، والعشار" في صحراء الشمالية ونهر النيل. ويرجع المنقبون التقليديون عودة الحياة مجدداً لمناطق التنقيب وزيادة الانتاج لإبتكار وسائل جديدة تساعد في عمليات التنقيب التقليدية، وتنتشر هذه الأيام بمناطق التعدين بولايتى شمال السودان انواع متعددة من ماكينات لغسل التربة التي يعتقد احتوائها على معدن الذهب. ولم تسهم الحكومة السودانية - التي أعلنت الشهر الماضي، رفع إنتاجها من الذهب الى (70) طناً خلال العام الحالي، بدلاً عن (34) طناً منتجة خلال العام 2013م – في عملية تطوير آليات التنقيب التقليدي بالبلاد. ويسهم التعدين التقليدي ب(90%) من انتاج الذهب في السودان، بحسب وزارة المعادن السودانية، التي قالت انها تعتزم تقنين وتنظيم عمليات التعدين الأهلي من خلال قانون الثروة المعدنية للعام 2014م المنتظر إجازته من الجهات المختصة حتى يساهم في ميزانية الدولة. وتنشط هذه الأيام عمليات تجارية واسعة لبيع وشراء مصافى مصنعة محلياً ( غرابيل) ، تتفاوت أحجامها وسعاتها ويفضلها المنقبون على غيرها من الوسائل التقليدية في عمليات غسل التربة وتنسيبها. ويكلف أصغر حجم من هذه المصفاة حوالى (5500) جنيه سوداني، وهذا الحجم من المصفاة يتم العمل به يدويا بحيث تضاف إليه التربة عن طريق العمّال، أما الحجم الأكبر من المصفاة تضاف اليه التربة عن طريق آليات رافعة وتبلغ تكلفته حوالى (70) ألف جنيه. ويقدر عاملون متوسط انتاج المصفاة الصغيرة من(4-5) جرامات من الذهب في اليوم، فيما ينتج الحجم الأكبر (40 الى 50) جرام ذهب في اليوم، ويبلغ سعر الجرام بمناطق التعدين (350) جنيه، بحسب متعاملون في شراء الذهب بمنطقة أبوحمد شمالى السودان تحدثوا ل(الطريق). ويقول عاملون في مناطق التنقيب بالولاية الشمالية، ان ابتكار هذه المصافي سهل كثيرا من عمليات التنقيب، بحيث تعتمد على التربة المستخرجة من الآبار او التربة التي تمت لها عمليات غسل يدوية عن طريق أحواض المياه المنتشرة. لكن بعض العاملين يشتكون من تكاليفها الباهظة، وحاجتها الى آليات مساعدة من سيارات ولودرات كبيرة تسهل من العمل والتنقل في الصحراء. وتكلفة الأحجام الصغيرة من هذه الغسالات مناسبة لكن نسبة انتاجها ضعيفة لاسيما وانها تحتاج لأكثر من أربعة عاملين يتناوبون على رفع التربة الى المصفاة. ويقول عبد الرحمن ابراهيم، وهو صاحب محل لتصنيع هذه المصافي بسوق منطقة الباوقة شمالى السودان، ان ابتكار هذا النوع من المصافي أنعش حركة التنقيب التقليدية عن الذهب بالمنطقة بعد حالة ركود تام أصاب عمليات التنقيب. ويوضح ابراهيم، بأن محلات صناعية بالمنطقة أجرت تعديلات على مصفاة صغيرة أمريكية الصنع، وأصبحت تصنع محليا بالحديد، ويقول ان محله أضاف مادة الفايبر في صناعتها ليسهل من عملية حركتها وتنقلها، ويقول ان هذه الصناعة تشهد اقبالاً كبيرا وسط المنقبين هذه الأيام. وتشتكي الحكومة السودانية من عمليات تهريب واسعة للذهب المنتج في السودان، وقال البرلمان السوداني، الاسبوع الماضي، ان (50%) من انتاج شركة تركية تعمل في منطقة دلقو، بالولاية الشمالية، يتم تهريبه الى خارج السودان منذ العام 2012م، تاريح بداية الشركة عملها بالمنطقة. ويشتكى وزير المعادن السوداني، محمد صادق الكاروري، من عمليات تهريب الذهب وعدم تصفيته في مصفاة الخرطوم وعدم تُمكن الدولة من الإستفادة من عائداته. ولم تنشر الحكومية السودانية، إحصائيات رسميّة تحدد فيها عدد المنقبيين التقليديين عن الذهب، وان بدأ الأمر أكثر صعوبة في تحديد العدد، لكن ظاهرة التعدين الأهلي هذه انتشرت في كل ولايات السودان، ابتداءاً من الولايات الشمالية الى أقاصى دارفور غربي السودان، والجنوب في ولاية النيل الازرق، وولايات شرق السودان، بينما تتحدث احصائيات حكومات ولائية عن ملايين المنقبين.