قال منصور ضو، الذي كان من أقرب المقربين من العقيد الليبي الراحل معمر القذافي إن "القائد" كان في الأسابيع الأخيرة في سرت، حيث بقي حتى مقتله في 20 أكتوبر/تشرين الأول "محبطًا وقلقًا" يفضّل "الموت في ليبيا" على المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية. وقال القائد السابق لجهاز الأمن الداخلي المسجون في مصراتة (215 كلم إلى شرق طرابلس) إن "مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية جعلت القذافي وأولاده يقررون البقاء في ليبيا". وأضاف أن "القذافي قال أفضّل الموت في ليبيا على المحاكمة من قبل (مدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس) مورينو أوكامبو". وقال إن سيف الإسلام وشقيقه المعتصم "كانا يريدان من القذافي أن يبقى، وخصوصًا سيف (...) بينما مارس رئيس المخابرات عبد الله السنوسي ضغوطا عليهم ليرحلوا" ولكن بدون جدوى. في 19 أغسطس/آب, وصلت قوات المجلس الوطني الانتقالي إلى أبواب طرابلس، مما اضطر معمّر القذافي إلى الهرب إلى سرت مسقط رأسه حيث يتمتع بشعبية. وقد دخل الثوار في 23 من الشهر نفسه إلى مقره في باب العزيزية. وقال ضو أيضًا إن "القذافي كان يعلم أن الأمر انتهى (...) منذ أن طردت قواته من مصراتة" أحد معاقل الثوار، في 25 أبريل/نيسان، وأصبح منذ ذلك الوقت "أكثر عصبية". وأضاف أن القذافي "كان أيضًا تحت الضغط لأن أصدقاءه تخلوا عنه من (رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو) برلوسكوني إلى (الرئيس الفرنسي نيكولا) ساركوزي و(رئيس الوزراء التركي رجب طيب) أردوغان وتوني بلير (رئيس الوزراء البريطاني السابق)". ورأى أن "هذا الأمر ولّد لديه شعورًا كبيرًا بالإحباط لأنه كان يعتبرهم أصدقاء مقربين". " القذافي كان يقرأ كتبًا، ويسجل الكثير من الملاحظات، ويخلد إلى القيلولة, والمعتصم هو الذي كان يقود المقاتلين فالقذافي لم يقاتل أبدًا كان رجلاً مسنًّا " منصور ضو القذافي بسرت وأوضح ضو أن القذافي أقام أولاً في فندق في سرت, لكن مع وصول قوات المجلس الوطني الانتقالي إلى ضواحي المدينة في منتصف سبتمبر/أيلول، اضطر إلى تغيير مقر إقامته بشكل شبه يومي لأسباب أمنية. وبدأت المؤن تتراجع، والقذائف تتساقط، والمعارك تتكثف وتُدمّر المدينة, وقُطع التيار الكهربائي ومياه الشرب، وأصبحت المواد الغذائية نادرة. وقال ضو، الذي كان مسؤولاً عن أمن القذافي، إنه أصبح رجلاً "محبطًا وقلقًا جدًا". وأضاف أن "رؤيته في هذه الحالة لم تكن أمرًا اعتياديًا", وأن المعتصم -الذي قتل- هو الذي كان يدير المعركة في سرت، ولم يأت سيف الإسلام إطلاقًا إلى المدينة. وأوضح أن سيف الإسلام "بقي منذ 27 أغسطس/آب في بني وليد" المدينة الأخرى، التي تعدّ من معاقل القذافي، وسقطت قبل مدينة سرت. وقال "لم أره منذ ذلك الوقت". وأكد ضو أن المقاتلين المحترفين كانوا يسقطون الواحد تلو الآخر تحت وابل نيران الموالين للمجلس الوطني الانتقالي، مع أن متطوعين من سرت غير مدربين كانوا يأتون لمساندتهم. وقال إن "القذافي كان يقرأ كتبًا، ويسجل الكثير من الملاحظات، ويخلد إلى القيلولة, والمعتصم هو الذي كان يقود المقاتلين, فالقذافي لم يقاتل أبدًا, كان رجلاً مسنًّا". الانتقال إلى الجنوب وفي 19 أكتوبر/تشرين الأول، أصبح الوضع ميؤوسًا منه. فالحي رقم 2 في سرت، آخر ملجأ للقذافي طوّقه وقصفه مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي وحلف شمال الأطلسي (الناتو). وقرر القذافي عندئذ الانتقال إلى الجنوب إلى وادي الجرف (...). وقال منصور ضو إن هذا القرار "كان خطأ فادحًا". وأضاف "كانت فكرة المعتصم, كانت هناك 45 آلية وبين 160 و180 رجلاً، بعضهم جرحى. كان من المقرر أن يبدأ الرحيل عند الساعة 3:30 من صباح 20 أكتوبر/تشرين الأول لكنه تأخر ثلاث أو أربع ساعات لأن متطوعي المعتصم لم يكونوا منظمين". وقد تحركت القافلة وانطلقت بعد الفجر، وتمكنت قوات الناتو من رصدها والإغارة عليها, ثم جاء مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي ليستكملوا العملية بقتل الأحياء أو أسرهم. وقد أصيب القذافي بجروح، وعثر عليه مختبئًا في أنبوب للصرف الصحي تحت الطريق، الذي تم اعتراض موكبه الأخير فيه. وقد أسره مقاتلو مصراتة، الذين سعوا إلى الانتقام منه، فقد تعرّض للضرب المبرح والشتم والإهانة. وبعد ساعتين، قتل برصاصة في الرأس، وأخرى في الصدر، حسب ما قاله ضو. يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرة توقيف للقذافي ونجله سيف الإسلام والمدير السابق للمخابرات العسكرية الليبية عبد الله السنوسي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.