مرت الذكري التاسعة والعشرون لثورة 6 ابريل التي اطاحت بنظام جعفر نميري الذي حكم البلاد لمدة 16 عاما، وكان من أعتى الأنظمة العسكرية في المنطقة العربية والافريقية، مرت مرور الكرام في العاصمة السودانية الخرطوم وغيرها من كبريات المدن. فليس هنالك من مظاهر احتفال اوتذكر،. بل ان معظم صحف الخرطوم الصادرة يوم الذكرى تجنبت الحديث عنها ومن تحدثت عنها فعلت ذلك علي استحياء. هذا فضلا عن أن المعلومات المتوفرة في الشبكة العنكبوتية عن هذه الثورة شحيحة جدا بالمقارنة مع الاحداث السياسية التي مرت بالسودان في تاريخه الحديث. الاكثر من ذلك فان عددا كبيرا من جيل اليوم لا يعرف الكثير عن هذه الثورة او حتي انها قامت بالفعل! فطالب الهندسة بجامعة النيلين اسامة محمد عثمان يقول انه لا يعرف شيئا عن هذه الثورة. وقال "للتغيير الالكترونية" انه سمع بان السودانيين قاموا بثورة في شهر ابريل ولكن لا اعلم عنها شئيا " لم يخبرني احد او بالاحري لم اجد وثائق او ندوات او سياسيين يتحدثون عن هذه الثورة التي يقولون عنها انها عظيمة". وتشاركه الرأي الطالبة امتثال ابراهيم (22 عاما) عندما اكدت انها لم تسمع بانتفاضة ابريل اصلا ولا حتي في وسائل الاعلام " سمعت بثورة اكتوبر التي قيل انها اطاحت بحكومة ابراهيم عبود ولكنني لم اسمع شئيا عن ابريل مع ان احد اصدقائي اخبرني ان الشاعر محجوب شريف قد مجدها بعدة قصائد.. والغريب في الامر انني احفظ الكثير من قصائد محجوب شريف الثورية ولكنني لا اعرف فيما كتبها". وللمفارقة فان الشاعر محجوب شريف قد توفي قبل ايام ثلاثة أيام من ذكري انتفاضة أبريل ابريل , وخرجت جماهير كبيرة في جنازته حتي ان السلطات الامنية خشيت من ان تتحول مناسبة التشييع الي ما يشبه المظاهرات الشعبية خاصة وان بعض عنصر الشباب المشاركين في التشييع قد بدأوا هتافا ينادي باسقاط الحكومة. وشهدت العاصمة الخرطوم وغيرها من كبريات المدن السودانية في سبتمبر الماضي احتجاجات شعبية هي الاضخم منذ عقود احتجاجا علي قرارات حكومية بزيادة اسعار المحروقات. وتوقع كثير من المحلليين والمتابعين ان تتحول هذه الاحتجاجات الي ثورة شعبية علي غرار ما حدث في بعض الدول العربية والتي اصحبت تسمي "دول الربيع العربي". ولكن شئيا من هذا لم يحدث بعد ان هدأت الاحتجاجات قبل ان تكمل اسبوعا واحدا. ويشكك المحلل السياسي والاستاذ بالجامعات الامريكية عبد الله علي ابراهيم في امكانية قيام ثورة شعبية في السودان مثلما ماحدث في اكتوبر او ابريل او حتي علي شاكلة ثورات الربيع العربي. وقال ان الظروف السياسية والامنية في السودان لا تسمح بقيام ثورة شعبية" هنالك حركات مسلحة تحمل السلاح في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق وهي تضعف من فرص العمل السلمي ولا يمكن لها ان تنسق مع اي جهود لحركة سلمية.. كما ان القوي السياسية التي تقود مثل هذه الثورات غير متفقة علي فكرة واحدة". ويقول مسئولون كبار في حكومة عمر البشير التي جاءت للحكم عبر انقلاب عسكري في العام 1989 ان فكرة ان يثور الشعب السوداني ضدهم غير واردة , وان رياح ثورات الربيع العربي لن تمر بالخرطوم لانها قد مرت بالفعل قبل عقود. اما ابراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر السوداني الذي كان رئيسا للمجلس الاربعيني لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم حين اندلعت انتفاضة أبريل فيري ان الشعب السوداني بامكانه ان يثور مرة اخري ضد "جلاديه". ويري الشيخ الذي يرفض دعوة للحوار قدمتها له الحكومة السودانية في يوم ذكري انتفاضة ابريل بالذات ان الظروف مهيأة الان اكثر من اي وقت مضي للثورة " هنالك كبت شديد من قبل الحكومة للحريات.. هنالك ضائقة اقتصادية غير مسبوقة.. هنالك سخط عام من الشعب السوداني علي حكومته". ويضيف ان الظروف الحالية هي نفس الظروف السابقة ان لم تكن اسوأ منها.