«تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    المريخ يكسب تجربة البوليس بثلاثية و يتعاقد مع الملغاشي نيكولاس    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    ((سانت لوبوبو وذكريات التمهيدي يامريخاب))    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صندوق النقد الدولي : السودان مواجه بعجز في الموازنة وسعر صرف متدهور
نشر في سودانيات يوم 16 - 04 - 2014


شمبال ولويس
د.أنور شمبال
حاولت إبان تسلمه مهامه في الخرطوم في أكتوبر من العام الماضي، أن أجرى معه حواراً صحفياً بمعاونة المستشار الاقتصادي بالصندوق د. أمين صالح، إلا أنه اعتذر في حينها لكن وعدني خيرا، ثم التقيت به مصادفة مرتين بالمركز الإقليمى لتدريب وتنمية المجتمع المدني، ودار خلالهما نقاش مستفيضاً، وأعدت له طلب المقابلة فوعدني وأوفى وكان هذا الحديث الصحفي الأول له مع (اليوم التالي). إنه الشاب الجنوب أفريقي، المتحمس لمعرفة اللغة العربية، لويس إرسموس الممثل المقيم لإدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي بالسودان، والذي كان أكثر وضوحاً في الإجابة على أسئلتنا، فعندما سألته عن البرنامج الاقتصادي الإصلاحي رقم (14) المنفذ في السودان حاول تجاوزه بلغة دبلوماسية محنكة، وعندما أعدته إليه مرة أخرى قال إن البرنامج وافقت عليه الحكومة إلا أنها رفضت الإفصاح عن تفاصيله لعامة الناس، ولا نبعدكم عن تفاصيل ما جرى وهيا معاً نقرأ السطور القادمة وما وراءها:
* بدءاً من هو لويس؟
- اسمي لويس إرسموس، من جنوب أفريقيا، جئت السودان ممثلا مقيما لصندوق النقد الدولي منتصف أكتوبر 2013م، عملت بالصندوق (16) سنة، وكنت أعمل في مكتب المدير التنفيذي، حينما توترت علاقات الصندوق بالسودان، واعتباره دولة غير متعاونة، وأنه غير مؤهل للاستفادة من موارد الصندوق، بجانب قرار إلزامه بالانسحاب الإجباري، وكانت مرحلة عصيبة من علاقة الصندوق بالسودان، وكانت فترة غنية لي للإلمام بالشأن السوداني، وبعدها انضممت إلى فريق الاقتصاديين الفني بصندوق النقد الدولي، وعملت لمدة ثماني سنوات بالإدارة الأفريقية، وكنت مسؤولاً عن ملفات عدد من الدول منها زيمبابوي، إثيوبيا، ليبيريا، وغانا، وجميع هذه الدول علاقاتها مهزوزة مع الصندوق، وهي فترة مهمة جداً لي فأثناء عملي بمجموعة ليبيريا في الفترة من(2006-2008م)، وهي الفترة التي أعفيت فيها ليبريا عن ديونها الخارجية، وكان وضعها مع صندوق النقد الدولي معقدا كحال السودان الآن، كانت لديها ديون مثقلة لدى الصندوق، ولم يمولها الصندوق، واستطاعت أن تتجاوز كل ذلك في ثلاث سنوات إذ تمكنت الحكومة الليبيرية من تنفيذ البرامج الاقتصادية التي أهلتها للاستفادة من خدمات الصندوق.. وأخيرا وقبل أن آتي الخرطوم كممثل مقيم، عملت في الإدارة المالية بالصندوق، وكنت مسؤولاً عن ملف متأخرات ديون السودان على الصندوق، وكنت عضواً في الفريق الاقتصادي الفني لمجموعة السودان، ومهمتنا تتركز في مساعدة السودان، في برنامجه للإصلاح الاقتصادي وإطفاء ديونه الخارجية، وهذه المهام جعلت لي الماما جيدا بالاقتصاد السوداني ومشاكله.
* ذكرت أنك عملت بالإدارة المالية المعنية بمعالجة الديون، لماذا لم يستفد السودان من مبادرة الدول المثقلة بالديون والمعروفة اختصاراً ب(الهيبكس)؟
- ليستفيد السودان من المبادرة يجب أولاً: أن يكون السودان في علاقة جيدة تسمح بالاقتراض من صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ولا يتم ذلك إلا بمعالجة ديونه مع الصندوق والبنك الدوليين وهي مبالغ كبيرة. ثانيا: يجب على السودان اعتماد برنامج إصلاح اقتصادي بمساعدة الصندوق والبنك الدولي، حيث أن للسودان سجلا جيدا في ذلك عندما نفذ برنامج إصلاح اقتصادي منذ (96/1997م)، وحقق نتائج ايجابية لكن توسعت الفجوة في (2011، و2013م)، بالتالي فالسودان في حاجة إلى تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي آخر، لتحقيق مؤشرات اقتصادية جيدة، وقد توصل فريق الصندوق الفني إلى اتفاق مع حكومة السودان حول برنامج إصلاح اقتصادي رقم (14)، وسياسات عامة، بدأ تنفيذه مع بداية العام الحالي 2014م، فإذا تمكنت الحكومة من تنفيذ البرنامج، يمكن تحسن مؤشرات الأداء. ثالثاً: يجب على السودان إعداد استراتيجية مرحلية للحد من الفقر، معتمدة من صندوق النقد والبنك الدولي، وقد تم إنجاز ذلك. رابعاً: لابد من أن تتوافق أو تتماشى مؤشرات الاقتصاد الكلي مع مؤشرات (الهيبكس)، في ما يتعلق بالدخل القومي، وحجم الصادرات، حيث أن للمبادرة مؤشرات محددة تصل إليها الدولة المستفيدة، ومؤشرات السودان دون ذلك. خامساً: وهي النقطة المهمة أن تكون للسودان علاقة جيدة مع دول نادي باريس الدائنة، وأخذ موافقة مبدئية منها بالإجماع، ونصحنا الحكومة مراراً لتحسين علاقاتها معهم، وهي عملية لا زالت مستمرة.
* ما الذي يمنع السودان الاقتراض من الصندوق؟
- السبب الجوهري هو عدم سداد متأخرات ديونه على الصندوق، والتي ترجع إلى العام 1984م، وهي مبالغ كبيرة وليست ضئيلة، وقانون صندوق النقد الدولي ينص على عدم إقراض الدول التي لم تسدد ديونها، ولكن حالة السودان معقدة جداً، لأن الديون قديمة جداً، وهو نموذج أشبه بنموذج ليبيريا، والتي اقترضت في ذات الزمن، لكنها تمكنت من تجاوز هذه المرحلة، وإطفاء الدين يتم فقط عندما تكون هناك إعادة جدولة لتلك الديون والتزام بسدادها، وعلى السودان معالجة تلك الديون.
* وما جدوى البرامج التي يقدمها الصندوق للسودان إذا لم يكن من بينها الاقتراض منه؟
- هذا سؤال جيد، وأنا سعيد بطرحه ولكن قبل الاجابة عنه دعني أشرح لك أنه حتى إذا لم يقترض السودان من الصندوق، لكن ظل الصندوق منذ 1997م يقدم عونا فنيا كبيرا أسهم في تحسين الأداء الاقتصادي، وهناك لجنة بهذا الخصوص تزور السودان دورياً، وقدمت النصح لبنك السودان المركزي بخصوص دعم وتقوية السياسة النقدية، سياسة سعر الصرف، وإحصاءات ميزان المدفوعات، وقدمت النصح لوزارة المالية لتقوية عمل الموازنة، والتقارير المتعلقة بها، وللجهاز المركزي للإحصاء في الحسابات القومية خاصة دراسات الدخل القومي، حساب التضخم، وغيرها. وللإجابة عن سؤالك، أولاً: برامج الإصلاح الاقتصادي هي برامج خاصة بحكومة السودان، وليست برامج يفرضها الصندوق أو يمليها على الحكومة، ويقتصر دور الصندوق في الدعم الفني لتنفيذ السياسات الاقتصادية التي اعتمدتها، ولا يلزم الحكومة بتنفيذ ما يطرحة من مقترحات، فالسياسات هي سياسات الحكومة، والصندوق يساعدها فنياً وفق البرامج المتفق حولها. وحتى البرنامج الاقتصادي الإصلاحي رقم (14) الأخير والذي تم الاتفاق عليه في فبراير الماضي بين فريق الصندوق الفني وحكومة السودان، والمقرر أن ينفذ في العام الجاري 2014م، هو برنامج وضعته الحكومة والصندوق يساعدها فنيا في تنفيذه. ثانياً: متابعة تنفيذ هذه السياسات الاقتصادية التي اعتمدتها الحكومة، من صندوق النقد الدولي لتأكيد أن هذه السياسات متجانسة وتتماشى مع البرنامج الإسعافي الاقتصادي الثلاثي الذي وضعته الحكومة عام 2011م.
* قبل الخوض في تفاصيل أعمق، نريد شرحاً للبرنامج رقم (14) هذا؟
- يمكن أن نجيب عن هذا السؤال في النهاية...
- ثالثاً: السودان تعرض لصدمة اقتصادية عندما انفصل جنوب السودان، وفقدانه موارد نفطية، وإيرادات نقل النفط عبر الأنبوب الناقل، والاعتماد على إيرادات غير نفطية، مما اثر على إيرادات الحكومة، وعلى ميزان المدفوعات، مما أحدث بالفعل فجوة كبيرة في سعر الصرف، بين المصارف، والسوق الموازي (الأسود) في 2012م، وبسبب هذه الصدمة ارتفعت معدلات التضخم، بنهاية أغسطس 2012م، إلى (50%)، فالهدف من هذه السياسات والبرنامج المنفذ هو إعادة الاستقرار الاقتصادي للاقتصاد الكلي، ماذا نقصد بذلك؟ نقصد بذلك خفض معدلات التضخم إلى رقم أحادي، رفع معدلات النمو، وخفض العجز في ميزان المدفوعات، وتحسين بقية المؤشرات الاقتصادية. رابعا: من مهام برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي للعام 2014م أيضاً تقوية شبكة الضمان الاجتماعي، وأن تضع الحكومة استراتيجية الحد من الفقر، موضع التنفيذ، ومعالجة مشكلة الفقر. خامسا: توجيه الاقتصاد نحو القطاع غير البترولي، لاعتبار أن اقتصاد السودان قبل الانفصال كان معتمداً على الإيرادات النفطية، وهذا يحتم على الحكومة وضع سياسات وخطط تحرك به قطاعات الإنتاج المختلفة، كالقطاع الزراعي، والصناعي، والخدمي. سادساً: تحديث سجل أداء مطرد للاقتصاد السوداني كأحد مطلوبات اعفاء الديون، وفي هذا الصدد يقوم الصندوق بمراقبة ومتابعة تنفيذ السياسات المصاحبة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي 2014م.
* سؤالي ما زال قائماً؛ بدون تقديم تمويل ما جدوى وجودكم؟
- إذا تمعنت النظر في الفترة من 1997م حتى 2010م، وهي الفترة التي نفذت فيها الحكومة برامج إصلاحية محددة، بالتعاون مع الصندوق، كان الأداء الاقتصادي جيد جداً، جاءت بمكاسب كبيرة للسودان، وهي برامج لم تكن ممولة من الصندوق، فقط لأنها نفذت تحت مراقبته. وقد انخفضت معدلات التضخم إلى رقم أحادي، وانخفض العجز في الميزان الجاري، وزالت الشقة بين سعر الصرف في البنوك، والسوق الموازي (الأسود)، وكان هناك استقرار نسبي في سعر الصرف. وإذا نظرت إلى ما قبل هذا التاريخ التي يتعاون فيها الصندوق مع السودان، كان الاقتصاد السوداني شبه منهار، فقد ارتفع معدل التضخم بنهاية 1996م فوق (140%) وهو ارتفاع كبير جدا، وتدهور سعر الصرف مع وجود فوارق كبيرة بين سعره بالبنوك والسوق الموازي (الأسود)، تشبه ما يحدث الآن من اضطراب.
* ما نوع البرامج الإصلاحية التي نفذت في تلك الفترة، إن لم نقل إن دخول البترول هو الذي أحدث التحسن؟
- أولاً: في تلك الفترة كان هناك عجز في الموازنة، ولم تكن هناك إيرادات كافية تغطي الموازنة، وأن الحكومة كانت تقترض من البنك المركزي، ولذلك كانت هنالك عملات كثيرة متداولة في السوق، فالبرامج استهدفت خفض عجز الموازنة، والذي يعني خفض الإنفاق. ثانياً: خفض النمو النقدي أي تحجم ضخ النقود من البنك المركزي، أو تقليل عرض النقود. ثالثاً: تحقيق مرونة أكبر في التعامل مع سعر الصرف، بمعنى أن الحكومة تترك سعر الصرف يتحرك تدريجياً، بحيث يتلاشى الفرق بين السعر الرسمي والسعر بالسوق الموازي. والآن عادت معدلات التضخم إلى الارتفاع للتجاوز (40%)، وفجوة أسعار الصرف بين البنوك والسوق الموازي، تجاوزت نسبة (100%)، نمو نقدي متسع، وعجز في الموازنة، وسعر صرف غير مستقر.
* هل بالإمكان إعادة تطبيق ذات البرامج الإصلاحية، على وضعنا الحالي لتعطينا ذات النتائج؟
- بالتأكيد لا تعطي نفس النتائج، صحيح أن الاستقرار الاقتصادي مهم جداً للنمو الاقتصادي والذي يحتاج لفترة اقلها ثلاث سنوات، لكنه ليس كافياً وحده ولابد أن تصاحب تلك البرامج سياسات أخرى لتطوير الأداء الاقتصادي، كسياسات خاصة بالقطاع الزراعي من تمويل، وتخزين، وتسويق، وما إلى ذلك، وسياسات تساعد القطاع الخاص، ليساهم في النمو الاقتصادي، فإذا نظرت للخارطة الاستثمارية للقطاع الخاص نجد أن السودان ما زال تعرضه بعض العقبات المعيقة للاستثمار، وهذه جميعها إصلاحات لابد أن تضعها الحكومة في الاعتبار، حتى تستفيد البلد من الاستقرار الاقتصادي.
* نعود إلى سؤالنا المؤجل: ما هو البرنامج الاقتصادي الإصلاحي رقم (14)؟
- غير متاح لى الإفصاح عن البرنامج رقم (14) بالتفصيل، كما تعلم فإن الحكومة وافقت عليه لكن لم توافق على تمليك معلومات تفصيلية حوله لعامة الناس بعد، ولذلك أكتفي بما أعلنته الحكومة في موقع البنك المركزي الالكتروني، وما تم نشره على لسان مسؤولي المالية بوسائل الإعلام المختلفة.. فالبرنامج يستهدف: خفض عجز الموازنة إلى (1.4%) من الناتج القومي الإجمالي، هذا في جانب السياسة المالية كما ورد في موازنة العام الجاري 2014م. وكذلك تحجيم معدل عرض النقود (خفض النمو النقدي)، وخفض معدلات التضخم. وتحرير سعر الصرف. وقد أفصحت السياسات النقدية للبنك المركزي للعام الجاري عن ذلك، وهي موجودة بموقع صندوق النقد الدولي الإلكتروني.. هذه أهم الخطوط التي يمكن لي الإفصاح عنها، لأن الحكومة غير راغبة في نشر المعلومات عنه لعامة الناس.
* كيف يتم تحرير سعر الصرف مع الانخفاض الكبير لقيمة العملة الوطنية؟
- بعض الناس يتخوفون من تحرير سعر الصرف، ويفضلون إبقاء نظام السعر المتعدد للصرف لاعتقادهم أنه يرفع معدلات التضخم، وهذا غير صحيح، ومن أجل ذلك هناك ثلاث نقاط لابد من توضيحها: أولا: أثبتت التجربة العالمية أن سعر الصرف المتعدد لم يكن هو الحل المثالي، لأنه يؤدى إلى ظهور بعض السلع خاصة المستوردة، أو يؤدي إلى التضخم، وكلاهما آثارهما سالبة على الاقتصاد. ثانيا: نحن نعتقد أن الأثر التضخمي الناتج من سعر صرف متعدد، وانخفاض قيمة العملة الوطنية، هو الأعلى من التضخم أو انخفاض القيمة، عند تحرير سعر الصرف. ثالثاً: السعر المتعدد له جوانب كثيرة سلبية، نذكر منها أنها بوابة للفساد حيث تتوفر للبعض مقدرة الحصول على العملة من المصارف، بسعرها المنخفض، وإعادة بيعها في السوق السوداء، وبذلك يظهر أثرياء طفيليون من غير أن يبذلوا أدنى مجهود، ولقد شاهدت نماذج كهذه بدولة زمبابوي، وجنوب أفريقيا. من الصعوبه اجتثاث مثل الظواهر حال تمكنها لأنها تؤسس نظام حماية لنفسها، وحماية النشاط الذي تمارسه، ويحرصون على بقاء سعر الصرف المتعدد بشتى السبل، وبالتالي يعرضون إيرادات الحكومة لخسائر فادحة بفقدانها مبالغ طائلة جراء هذه الممارسات، لأن السلع المستوردة يتم تقييمها بسعر مختلف من سعر السوق، بالتالي تفقد الحكومة إيرادات كبيرة كان يمكن استخدامها في المرافق الخدمية كالمدارس والصحة وغيرها.
* لماذا لم يقدم الصندوق مثل هذه المقترحات في سنوات استقرار سعر الصرق (2002-2010م)؟
- بالتأكيد أوصى الصندوق الحكومة بتحرير سعر الصرف في فترة استقرار سعر الصرف المذكورة، إذا تتبعت تقارير الصندوق منذ العام 1997م حتى الآن تجد هذه التوصية، وعليك أن ترجع إلى موقع الصندوق الإلكتروني، وفي كل لقاءات الصندوق مع بنك السودان المركزي يذكره بأهمية تحرير سعر الصرف، ولكن في هذه الفترة كانت تدفقات النقد الأجنبي كبيرة نسبة لدخول استثمارات أجنبية وفضلت الحكومة نظام سعر الصرف المتعدد، باعتبار أنها ليست في حاجة إلى تحرير سعر الصرف.
* كيف تمكنت جنوب أفريقيا من تحرير سعر الصرف، وكما قلت وضعها مشابه للسودان؟
- هناك عدد من الدول الأفريقية، وليست جنوب أفريقيا وحدها حررت سعر الصرف، ولا تتدخل فيه الحكومة صعوداً وهبوطاً، وفي جنوب أفريقيا تتدخل الحكومة فقط عندما تكون هناك صدمة اقتصادية مؤقتة كشح في الإنتاج الزراعي، أو انهيار في بعض المواسم، لمعالجة الخلل الذي أحدثه مؤقتاً.
* هنالك (13) برنامج إصلاح اقصادي قبل البرنامج رقم (14) قدمها الصندوق ما محصلتها؟
- دعني الخص لك: عندما تنظر إلى علاقات التعاون في كل البرامج المشتركة مع الحكومة، لا نقول إنها لم تحقق النجاح، بل قد ساهمت في تحقيق نجاحات كبيرة وقد كان لها أثر قوي جدا، وليس صحيحاً أن توصف بأنها لا أثر لها على الاقتصاد السوداني، ولا أدعي أن الاستقرار الذي حدث منذ (1997- 2011م) هو نتاج تلك البرامج لوحدها، ولكنها ساهمت مع برامج أخرى لتحقيق ذلك. كما يعد تنفيذ هذه البرامج من المتطلبات الأساسية للحصول على إعفاء الديون.
* السودان أكمل شروط الإعفاء من ديونه البالغة (42) مليار دولار ولم يعف؟
- كما ذكرت هنالك متطلبات لإعفاء الديون، والسودان لم يحقق المطالب الأربعة في وقت واحد، في عام 1997م حقق الاستقرار الاقتصادي، لكنه لم تكن لديه استراتيجية للحد من الفقر، والآن هناك استراتيجية للحد من الفقر، ولا يوجد استقرار اقتصادي، كما أنه لم يجد موافقة جماعية من دول نادي باريس الدائنة.
* كم تبلغ نسبة أصل الدين من جملة ديون السودان؟
- ثلث المبلغ.
* كيف يعالج الدين بعد انفصال الجنوب؟
- حكومتا البلدين اتفقتا على أن يتحمل السودان كل الدين وهو ما يسمى بالخيار الصفري، بشرط مساعدة حكومة جنوب السودان للاتصال بالدائنين لإعفاء الدين، في مدة سنتين تنتهي سبتمبر 2014م، وبعدها يمكن تمديد الفترة أو تقسيم الدين على الدولتين، وتقسيم الأصول وهو عمل مضنٍ جداً.
* لدي سؤال اداري فني: هل من مسؤولية الحكومة توفير مكاتب للصندوق كما هو الحال معكم في مباني بنك السودان المركزي؟
- لا، الحكومة ليست ملزمة، وعرف صندوق النقد الدولي توفير مكاتب لموظفية في أي دولة بها مكتب، حيث أن الدول التي عملت بها كإثيوبيا، زيمباقوي، وغانا، ليبيريا كلها فيها مكاتب خاصة مؤجره من الصندوق بحر ماله، فيما هناك دول كآرمينيا، وإيران، وباكستان، والسودان وفرت حكوماتها مكاتب للصندوق، ولكن لم تكن الحكومات ملزمة بتوفير مكتب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.