م تمنع برودة الطقس مئات المواطنين من قبيلة المناصير بشمال السودان، من مواصلة اعتصامهم الذي امتد لأكثر من ثلاثة أسابيع احتجاجا على تأخر تعويضاتهم بسبب إنشاء سد مروي للتوليد الكهربائي ونزع كثير من أراضيهم ومساكنهم. وفشلت الحكومة حتى الآن في إقناع المحتجين بفض اعتصامهم رغم تلويحها بكثير من الإجراءات السياسية وغيرها. وبينما يصر المحتجون على مواصلة اعتصامهم إلى حين وضع حد حقيقي لمعاناتهم، اشترط الرئيس عمر البشير -بحسب عضو البرلمان محمد أحمد سليمان البرجوب- لحل الأزمة حلا عادلا أن يفض الاعتصام أولا، مما دفع المحتجين إلى مقابلة ذلك بالرفض القاطع والاستعداد لمواجهة الحكومة. وتعود أزمة المعتصمين إلى نزع الحكومة أراضيهم ومساكنهم لأجل تشييد سد مروي في شمال السودان على أمل تعويضهم بعد تهجيرهم إلى مواقع أخرى، قبل أن تفشل الحكومة في الوفاء بما التزمت به. ورغم عدم وضوح الرؤية عن رغبة الحكومة في إيجاد معالجة حقيقية للمشكلة أو وجود بارقة أمل تلوح في الأفق، يبدو أن المعتصمين أصبحوا أكثر تصميما على مواصلة اعتصامهم وتحمل كافة الظروف في سبيل موقفهم. تدهور صحي وفي جانب آخر لم يجد مواطنو مدينة الدامر عاصمة ولاية نهر النيل شمال السودان غير الشكوى من إمكانية تدهور الوضع الصحي بالمنطقة بسبب ضعف الرعاية الصحية للمعتصمين وغيرهم، داعين الحكومة إلى إيجاد حل عاجل للمشكلة. ومع اعتراف الحكومة بحقوق المعتصمين، فإن بعض مسؤوليها يرون أن هناك إملاءات من جهات -لم يسموها- تسعى لتسييس القضية، كما صرح بذلك والي نهر النيل. فقد اعتبر الوالي الفريق الهادي عبد الله الاعتصام أمرا مبررا "لوجود قضية تستوجب الحل من الحكومة"، رافضا تسييس الملف الذي رأى أنه حقوق واجبة السداد "رغم وجود جهات تمارس إملاءاتها على المواطنين". وأكد عبد الله للصحفيين حاجة الملف إلى تضافر الجهود بين المركز وحكومة الولاية، مشيرا إلى وجود ضعف في الرعاية الصحية "لأنها تحتاج إلي مجهود كبير لتغيير أوضاع المستشفيات في مدن شندي وعطبرة والدامر وأبو حمد". وفي المقابل تعتقد قوى المعارضة بأن الأمر في طريقه "لأن يصبح شرارة لتغيير شامل في البلاد"، معتبرة أن الأزمة "تؤكد غياب الحكم الراشد وغياب المساءلة والعدل في مؤسسات الدولة المختلفة". قضية عادلة وقال عضو قوى التحالف الوطني المعارض كمال عمر عبد السلام إن للمحتجين قضية عادلة باعتراف الحكومة نفسها، مؤكدا دعم قوى المعارضة لكافة حقوق المحتجين المعتصمين. وأوضح أن المعارضة تعمل لتشكيل وفد من قيادتها لزيارة المعتصمين والوقوف معهم في محنتهم والعمل معهم لتصعيد قضيتهم، معتبرا القضية جزءا من قضايا السودان المحورية "التي تمثل أس الأزمة العامة". غير أن الناطق الرسمي باسم المعتصمين اللواء عثمان خليفة أكد عدم توصل الطرفين إلى أي شيء يمكن أن يرفع بموجبه الاعتصام، مطالبا بتشكيل مفوضية قومية مستقلة -لا تتبع حكومة الولاية- لمعالجة المشكلة. ورأى في حديثه للجزيرة نت ضرورة الإيفاء بثلاثة مطالب تشمل توطين المهجرين وتعويض المتضررين ومعالجة كافة الاستحقاقات الأخرى واجبة السداد، مؤكدا عدم قبول أي حلول يمكن أن تؤخر قيام المفوضية القومية. وأشار خليفة إلى وجود فروق كبيرة بين مطالب المتضررين وما يراه المسؤولون الحكوميون، معتبرا أن حكومة الولاية غير قادرة على إنجاز ما يوكل إليها من مهام بشأن المتضررين.