أعلنت الحكومة السودانية أنها شرعت في تنفيذ توجيه أصدره الرئيس عمر البشير بإطلاق سفن محملة ببترول جنوب السودان، إبداء لحسن النية وانتظارا لتوقيع الاتفاق الإطاري حول النفط بين الدولتين، فيما اتهم رئيس وفد السودان في مفاوضات أدبس أبابا جنوب السودان بمحاولة خنق السودان بعد قرارها غلق آبار البترول. وأعلن وفد الخرطوم لمفاوضات أديس أبابا، التي انتهت السبت على أمل أن تبدأ في 10 فبراير/شباط المقبل، أن هناك جهات لم يسمها "كانت تقف وراء وقف إنتاج البترول وعدم ضخه عبر خطوط النقل الجنوبية" ولا تريد للطرفين الوصول إلى حل بينهما. وقال رئيس الوفد إدريس محمد عبد القادر في مؤتمر صحفي عقب عودته للخرطوم إن حكومة الجنوب كانت تسعى من خلال قراراتها الأخيرة الخاصة بغلق آبار البترول إلى خنق السودان، مشيرا إلى أنه لا سبيل غير التفاوض لحل كل القضايا العالقة بين البلدين. وأضاف أن الجنوب أدخل نفسه في مكان ضيق للغاية، وأعلن أن الوساطة الأفريقية طلبت إحضار كل طرف لمستنداته الخاصة بإثبات مطالباته منذ انفصال الجنوب. وكان جنوب السودان قد قال الاثنين الماضي إنه بدأ وقف إنتاج النفط واتهم السودان باحتجاز كميات من الخام قيمتها 815 مليون دولار، وذلك في تصعيد لنزاع مرير بشأن إيرادات النفط بين خصمي الحرب الأهلية السابقين. من جهته اعتبر عضو الوفد مطرف صديق أن القرار الرئاسي "خطوة إيجابية"، وعلى الجنوب العودة إلى رشده باستمرار ضخ البترول وفق رسوم معينة لم يحددها، ودعا إلى إيقاف ما أسماه ب"القرار الأحادي". كما طالب بإيقاف ما سماه "لعبة الهاوية" التي تنتهجها جوبا ضد الخرطوم. قرار البشير جاء بادرة حسن نية لتخفيف التوتر مع الجنوب دعم المتمردين في السياق، جدد عضو الوفد الزبير محمد الحسن اتهام دولة الجنوب بمحاولة إسقاط نظام الحكم في السودان "عبر دعم المتمردين في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور"، مشيرا إلى أن الجنوبيين "من خلال التفاوض أكدوا أنهم يدعمون المتمردين وسنكشف ذلك لاحقا". وهدد الزبير الجنوبيين بأنهم "إذا أرادوا خنق السودان فسيخنقونهم أولا"، مشيرا إلى أن الجنوبيين لا يريدون الحل "لأنهم يضعون شروطا تعجيزية لوضع حد للخلافات بين الدولتين. وقال إن دولة الجنوب طلبت ضرورة اعتراف السودان بجنوبية منطقة أبيي وتنازله عن خمس مناطق في الحدود بين الدولتين للجنوب بجانب التنازل عن كل حقوق السودان في شركة سوابت للبترول، وهي الشركة التي تساهم في كل امتيازات حقول البترول. يذكر أن المشكلة تكمن في تقاسم عائدات النفط بين جنوب السودان الذي يملك الجزء الأكبر من الاحتياطي النفطي وبين السودان الذي يسيطر على البنية الأساسية اللازمة لتصدير النفط، وهي أزمة تعكر صفو العلاقات بين البلدين منذ انفصال جنوب السودان في يوليو/تموز الماضي. وكانت حكومة جنوب السودان قد أمرت منذ أسبوع بوقف كل الإنتاج النفطي احتجاجا على سحب جزء من نفطها أثناء نقله عبر الأراضي السودانية. وترى جوبا أن هذا السحب يشكل "عملا من أعمال قرصنة الدولة على ممتلكات أثناء مرورها وانتهاكا خطيرا للقانون الدولي"، لكن الخرطوم تقول إن الجنوب يرفض التوصل إلى اتفاق، وظل يصدر إنتاجه النفطي طيلة الأشهر الماضية دون دفع أي رسوم.