في اللقاء التلفزيوني لرئيس الجمهورية الذي حظى بمتابعة واسعة من الامة السودانية، امس الاول، وجد والي جنوب دارفور السابق عبد الحميد موسى كاشا حظه الوافر من حديث السيد رئيس الجمهورية، على خلفية اعتذاره عن منصب والي شرق دارفور، والاحداث الدامية التي تلت ذلك في نيالا حاضرة ولايته السابقة. وكان رئيس الجمهورية في ذلك اللقاء حمل والي جنوب دارفور السابق عبد الحميد موسى كاشا وجماعته، مسؤولية الاحداث التي اجتاحت مدينة نيالا، وقال ان كاشا لم يكن الاول في الاسماء التي رفعت الي المكتب القيادي «فهو كان الرابع بين خمسة مرشحين رفعت اسماؤهم، من بينهم وزير المالية الحالي علي محمود الذي كان يتصدر القائمة، كما انه لم يرشح بناء على سند قبلي » . وقال رئيس الجمهورية ان كاشا حين استلم حكومة جنوب دارفور «كنس كل ما له علاقة بالوالي السابق علي محمود وتوسع في تعيين الدستوريين وعين «70» منهم وهؤلاء الذين يخشون على وظائفهم هم من كانوا وراء الاحداث الاخيرة والآن المشكلة انتهت تماما». ويقول استاذ العلوم السياسية والدراسات الاستراتيجية بالجامعات السودانية وعضو المكتب السياسي بحزب الامة القومي الدكتور حسن امام ل»الصحافة» ان تحميل الرئيس البشير لوالي جنوب دارفور السابق عبد الحميد موسى كاشا وطاقم حكومته السبعيني مسؤولية احداث الشغب التي اجتاحت مدينة نيالا، والتي تسببت في سقوط وفيات واصابات، فضلا عن تدمير بنية المدينة التحتية التي تحتاجها الولاية ككل، يدلل على توفر معلومات وافية لرئيس الجمهورية، بخاصة بعد ان اعتذر كاشا ورفض منصب والي الولاية الشرقية، وقبل اعتذاره من قبل رئاسة الجمهورية. وقال امام ان سجل كاشا من حيث الممارسة السياسية في ولاية جنوب دارفور متقلب الاطوار، ويحتوى من السلبيات والايجابيات ما يحتوي، مبينا ان سلبياته تتمثل في توسعته الهيكل الدستوري للولاية لاكثر من سبعين منصبا، وقام بجمع حاشية من حوله، اسند لبعضها مناصب في المحليات في وحول نيالا، مما اغضب كثيرين من ابناء الولاية، موضحا ان المركز كان غير راض عن توسعة الهيكل الدستوري في الولاية. وقال امام ان تلك التوسعة ادت الى افقار الولاية ماديا وجعلت فترة كاشا لا تشهد تحقيق انجازات خدمية تذكر، مشيرا الي ان حديث الرئيس في هذا الاطار جاء متأخرا بعض الشئ. وعن ايجابيات كاشا اشار الدكتور محمد امام انها تتمثل في ان الرجل حقق شيئا من الامن والاستقرار في مدينة نيالا، كما استطاع ان يخلق علاقة طيبة مع النازحين ، واحدث تفاعلا الي حد ما مع الشباب اضافة الى انه كسب شرعية انتخابية، اختلفنا اواتفقنا حولها، وذلك على ضوء نتائج انتخابات ابريل «2010». واشار امام الى ان الرجل تم انتخابه في الولاية بغض النظر عن الشد والجذب الذي دار في كواليس حزب المؤتمر الوطني حول قائمة المرشحين التي رفعت الي المكتب القيادي، واكد ان التجاوزات التي ارتكبت في تلك القائمة هى التي جعلت من كاشا وهو الرابع من بين الخمسة المرشحين لان يكون اول من رفعت اسماؤهم. وقال امام « الان يدفع حزب المؤتمر الوطني ثمن ذلك، لكن الثمن الاكبر يدفعه اهل ولاية جنوب دارفور». واوضح امام ان المؤتمر الوطني رشح كاشا بناء على موازنات يعرفها لوحده، وهى ذات التوازنات التي ضغط من خلالها على كاشا، ولكنه لم يستجب لها. وكشف امام ان كاشا حين استلم حكومة جنوب دارفور مارس سياسات مستمدة من المركز ولكنه في الاونة الاخيرة بدأ بممارسة سلطته المخولة بموجب القانون والدستور له، وعندها اصطدم بحاجز القيادات العليا في الحزب، موضحا ان موقف كاشا الاخير اكد بجلاء ان المؤتمر الوطني يعيش حالة من التباين والاضطراب الداخلي. فيما اعتبر القيادي البارز في حزب المؤتمر الشعبي وامين العلاقات السياسية الدكتور امين محمود محمد عثمان في حديثه ل«الصحافة» ان حديث رئيس الجمهورية عن كاشا و تحميل مجموعته وزر الاحداث الاخيرة التي شهدتها مدينة نيالا، يؤكد ان الشقة السياسية مع كاشا قد اتسعت، متوقعا ان يتخذ كاشا وجماعته منحى اخر قد يبتعدوا بموجبه عن اضواء حزب المؤتمر الوطني الحاكم. واوضح امين محمود ان كاشا ظل يعمل وفق توجهات المؤتمر الوطني المركزية وحينما بدأ يستلهم شيئا من الفيدرالية وممارسة الشوري الحقة في ولايته، اجتاحته رياح التغيير، وكشف امين محمود ان بعض القيادات في المؤتمر الوطني تريد ان تجعل من كاشا ضحية لاخطاء سياسية وقعت من المركز ضد عضوية حزبه في ولاية جنوب دارفور، ولكن استعصام كاشا بموقفه الذي اعلنه اخيرا اعاده الي الواجهة، مبينا ان الجماهير الغاضبة التي خرجت في نيالا في الاصل موالية له ولجماعته، وهذا يؤكد ان كاشا له قاعدة جماهيرية كبيرة لايمكن التقليل من شأنها. ودعا محمود والي جنوب دارفور الجديد الى المحافظة علي ما استنه كاشا من علاقات طيبة مع النازحين ومجتمع ولاية جنوب دارفور.