تقرير/ عماد الدين محمد الخرطوم فى 23/8/سونا نلتقي آخى المسلم في العشر الأواخر من رمضان ونحن نتذكّر ذلك الفرح الذي عم قلوبنا بلقاء هذا الشهر ، واليوم نقف على خواتيم العشرة الأخيرة ، وهو ماضٍ بصفحاتنا ، راحل بأعمالنا ، إن المتأمّل في هذا الشهر يجد دون تروٍّ أن هناك حكمة عظيمة من وراء شرعيته ، لقد جعله الله تعالى على قسمين ، عشرون من أيامه جعلها الله تعالى فرصة لأخذ مزيد من الطاعة ، وترقى بنا خلال هذه العشرين في فضائل الأعمال التي جاءت في لحاف البشائر على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم جعل الله تعالى هناك فرصة مضاعفة من فاته شيء من الفضل ، جعل الله تعالى هذه العشر الأخيرة بمثابة مسك الختام للوداع ، واختصها الله تعالى بليلة القدر ، تلك الليلة التي تعدل ثلاث وثمانين سنة وبضعة أشهر . فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ، ما لا يجتهد في غيرها حيث جاء عن السيدة عائشة انه كان يعتكف فيها ويتحرى ليلة القدر خلالها . وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره ) وقولها( وشد مئزره ) كناية عن الاستعداد للعبادة والاجتهاد فيها زيادة على المعتاد ، ومعناه التشمير في العبادات .وقيل هو كناية عن اعتزال النساء وترك الجماع . ومما يدل على فضيلة العشر من الأحاديث ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر حرصا على اغتنام هذه الليالي المباركة بما هي جديرة به من العبادة فإنها فرصة العمر وغنيمة لمن وفقه الله عز وجل فلا ينبغي للمسلم العاقل أن يفوّت هذه الفرصة الثمينة على نفسه وأهله فما هي إلا ليال معدودة ربما يُدرك الإنسان فيها نفحة من نفحات المولى فتكون سعادتهم في الدنيا والآخرة . فما كان الصيام وقاية للقلب من مغبة الصوارف الشهوانية من فضول الطعام و الشراب و النكاح فكذلك الاعتكاف ينطوي على سر عظيم وهو حماية العبد من أثار فضول الصحبة وفضول الكلام وفضول النوم وغير ذلك من الصوارف التي تفرق أمر القلب وتفسدُ اجتماعه على طاعة الله . ليلة القدر ، أفضل ليلة في السنة ، لقوله تعالي: (إنا أنزلناه في ليلة القدر o وما أدراك ما ليلة القدر o ليلة القدر خير من ألف شهر).أي العمل فيها ، من الصلاة والتلاوة ، والذكر ، خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر . أخرج البخاري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من صام رمضان إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه وسميت بليلة القدر لعظم قدرها وشرفها . استحباب طلبها ويستحب طلبها في الوتر ، من العشر الأواخر من رمضان ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في طلبها في العشرة الأواخر وفى الحديث الصحيح (أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوَّلَ منْ رَمَضَانَ ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ... ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ، فَدَنَوْا منْهُ، فَقَالَ: إِنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الْأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هَذهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ، ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لِي: إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ ) فهي أعظم ليلة في السنة على الإطلاق وكفاها بذلك منزلة، والشهر القمري غالبا ثلاثون يوما، فهذه الليلة إذن خير من ثلاثين ألف ليلة، ، تصوروا أن لكم فيها بقراءة كل حرف من القرآن الكريم أكثر ثلاثين ألف حسنة، فيجب على المسلم لتحصيل أجر ليلة القدر كاملا قيام الليلة كلها من صلاة العشاء حتى طلوع الفجر، فقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ؛ أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ) أي أحياه كله، ولكن من قام جزءا منها كان له من الأجر بمقدار ما قام.واحرص أخي أن تشجع أهلك على قيامها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، حتى لا يفوتهم هذا الخير العظيم ، وأفضل السبل لإحيائها القيام، لأنه يجمع بين الصلاة بقيامها وركوعها وسجودها وبين قراءة القرآن فيها وبين الدعاء والذكر، فإن تعب فلينوع في إحيائها من قراءة للقرآن وذكر وتسبيح واستغفار وصلاة ولكن خير الكلام ما قل ودل، ثم يأتي في الفضل جوامع الكلم من الأدعية المأثورة في القرآن والسنة، ومن أهمها (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، وادع لنفسك ولوالديك ولأمواتك وأرحامك ولمشايخك ولأخوانك ولأصحاب الحقوق عليك وللمؤمنين والمؤمنات ولمن شئت، ولا تنس أن تدعو الله عز وجل أن يعز الإسلام والمسلمين، وأن يفرج عنهم، وأن ينصر المجاهدين، فما أحوجنا بعد العمل إلى الدعاء.