باعتبارها احد الدلائل على الاهتمام المتزايد بالعلاقات الصينية - الأفريقية التى عركتها الأيام، أعلنت بكين عن زيارة رفيعة المستوى لهذه القارة الآخذة فى النهوض وذلك لحضور قمة الاتحاد الافريقي التى تعقد باديس ابابا فى 29-30 يناير الحالى . وخلال زيارته الودية لاثيوبيا، سيلقى كبير المستشارين السياسيين الصينيين جيا تشينغ لين خطابا فى الجلسة الافتتاحية للقمة السنوية للاتحاد الأفريقى ويحضر مراسم افتتاح المقر الرئيسى الجديد للاتحاد الأفريقى. ان مجمع مبانى المقر الرئيسى للاتحاد الأفريقى، الذى تم بناؤه بمساعدة صينية، لا يعد فقط علامة فارقة جديدة فى أديس أبابا وإنما أيضا أحدث علامة فارقة فى الصداقة الطويلة بين الصين وأفريقيا. وبالرغم من الوضع العالمى الآخذ فى التغير والأزمات المالية الحالية، إلا ان العلاقات الصينية - الأفريقية ظلت قوية لأن كلا من الجانبين يعتبر الآخر مهما لتنميته وازدهاره. ويكمن المؤشر الجيد على الأهمية التى توليها الصين وأفريقيا لكل منهما الأخرى فى ازدهار تعاونهما الاقتصادى والتجارى الذى يعد بمثابة دعامة أساسية وقوة محركة رئيسية وراء علاقاتهما الثنائية ككل. خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2011، بلغ حجم التجارة بين الصين والبلدان الأفريقية 122.2 مليار دولار أمريكى، ليمثل زيادة نسبتها 30 فى المائة على أساس سنوى. ومن ناحية أخرى، سجلت الاستثمارات المباشرة غير المالية للصين فى القارة زيادة نسبتها 87 فى المائة لتصل إلى 1.08 مليار دولار. وتنعكس الاعتمادية المتبادلة المتزايدة بين الصين وأفريقيا فى حاجة كل منهما للآخر كسوق لا يمكن الاستغناء عنه. فالمنتجات والتكنولوجيا الصينية تلبى احتياجات التنمية فى أفريقيا، فيما ترحب السوق الصينية بالمنتجات الأفريقية. وعلاوة على هذا، تتيح التنمية السريعة للصين، وهى اكبر دولة نامية فى العالم، خبرة قيمة لأفريقيا، وهى قارة بها اكبر عدد من الدول النامية. والأهم من ذلك هو ان الصين لا تسهل فقط تنمية أفريقيا، وإنما تسهم أيضا فى تدعيم قدرة أفريقيا على التنمية من خلال مساعدة البلدان فى القارة على بناء مختلف منشآت البنية التحتية الضرورية. ويعد التعاون الاقتصادى والتجارى المزدهر نقطة ارتباط عميقة ارساها الدعم والثقة المتبادلين واحترام الجانبين الدائم للمصالح الجوهرية للآخر. وكمثال على هذا الارتباط القوى، تلتزم معظم الدول الأفريقية ال 54 بسياسة صين واحدة. وعلى الجانب الصينى، رتبت بكين عددا كبيرا من الزيارات رفيعة المستوى إلى أفريقيا. فقد قام الرئيس الصينى هو جين تاو بزيارة أفريقيا أربع مرات منذ توليه مهام منصبه فى عام 2003، وهو اكبر من عدد مجموع الزيارات التى قام بها الرئيس الأمريكى السابق جورج دبليو بوش والرئيس الأمريكى الحالى باراك أوباما. ومنذ عام 1991، اصبحت أول زيارة خارجية يقوم بها وزير الخارجية الصينى كل عام لأفريقيا. وفى هذا العام، كانت أيضا أول زيارة قام بها وزير الخارجية الصينى يانغ جيه تشى فى الفترة من 2 إلى 7 يناير لدول أفريقية وهى كوت ديفوار والنيجر وناميبيا. ولكن بعض وسائل الإعلام والنقاد قالوا إن مشاركة الصين مع أفريقيا ليست سوى من اجل الموارد. حتى ان البعض وصف وجود الصين فى أفريقيا بالاستعمار الجديد متجاهلين حقيقة ان العلاقات الثنائية متبادلة المنفعة وان بكين تولى اهتماما متساويا لجميع الشركاء الأفارقة بغض النظر عما اذا كانوا اغنياء أم فقراء فى الموارد الطبيعية. وتعد زيارة جيا لاثيوبيا مثالا آخر على هذا لأن اثيوبيا ليست غنية بالموارد. وكما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ليو وى مين منذ أسبوع، فان تعاون الصين فى مجال الطاقة مع أفريقيا ينبغى تقييمه بصورة عادلة وموضوعية لأن يلتزم تماما بالممارسات الدولية وقواعد السوق ويعزز بفاعلية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلدان الأفريقية ويحقق منافع جوهرية للشعوب الأفريقية. ولفت ليو إلى أن الصين تلتزم بتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع أفريقيا على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة. وأضاف أن التعاون في مجال الطاقة مع أفريقيا ليس المحتوى الوحيد للتعاون الصينى - الأفريقى وليس نقطة البداية لسياسة الصين تجاه القارة السمراء. ولاشك في أن الأفعال أكثر تعبيرا من الأقوال. وفي دول مثل أنغولا ونيجيريا واثيوبيا والسودان، تعمل الصين جاهدة لتقديم مساعدات التنمية الضرورية للغاية باستخدام مواردها المادية والفكرية الخاصة. ولم تنجح الصين فقط في اتمام مشروعات حيوية عديدة في مجال البنية التحتية لدول أفريقية، وإنما دربت أيضا عشرات الآلاف من العمال المهرة لهذه الدول لتقوية التنمية الشاملة بها. وفضلا عن هذا، فإن حداثة أفريقيا ومستقبل الاقتصاد الصيني أمران متلازمان إذ تعزز الحداثة في أفريقيا مجالي التصنيع والتشييد في الصين، فيما توفر مشاركة الصين دعما للحداثة السريعة في أفريقيا. ن ف